على الرغم من الثورة العمرانية التى تعيشها مصر خلال السنوات الأخيرة، إلا أن حجم المتطلبات السنوية فى زيادة، وهو ما قال عنه المعنيون بملف التطوير العقاري، يحتاج إلى ما يقرب من 2 تريليون جنيه سنويا للإيفاء بهذه المتطلبات، ليفتح الباب مجدداً أمام الدعوات المطالبة بضرورة تهيئة المناخ لجذب المستثمرين الأجانب العاملين فى القطاع العقاري، خاصة مع ما تشهده البلاد من استقرار أمنى مقارنة بباقى دول الشرق الأوسط.
وكيل إسكان البرلمان: «التسجيل العقارى وإنفاذ العقود والتراخيص».. أبرز التحديات
فى أغسطس عام 2020، قال مركز معلومات مجلس الوزراء، إن مصر استطاعت على مدار السنوات الخمس الماضية الحفاظ على مكانتها الأولى عربيا فى جذب الاستثمار الأجنبى المباشر فى قطاع العقارات بما يعادل 44.8 مليار دولار، وهو ما اعتبره المطورين غير كاف، وأنه بإمكاننا أن نضاعف هذه الأرقام إذا ما تم القضاء على عدد من المشكلات، يأتى على رأسها، «إنفاذ العقود، والتسجيل سواء للأراضى أو العقارات، وتأخر التراخيص، وسعر الفائدة المرتفع، وتأخر توصيل الكهرباء».
و قال السفير بدر عبد العاطى مساعد وزير الخارجية للشئون الأوروبية، إن وزارة الخارجية تلعب دوراً أساسياً فى عملية الترويج للمشروعات المصرية، بما فيها فرص الاستثمار العقاري، فى كافة المحافل واللقاءات الدولية، مشيرا إلى أن الوزارة دائما ما تعمل على مواجهة الأزمات التى يتعرض لها بعض المستثمرين الأجانب من خلال التواصل مع الجهات المعنية.
وأشار مساعد وزير الخارجية للشئون الأوربية فى تصريحات لـ«المال»، إلى أن الوزارة تتواصل بشكل دائم مع رئاسة مجلس الوزراء ووزات التجارة والصناعة والإستثمار، والهيئة العامة للإستثمار والتى دائما ما تسارع لإزالة العقبات وتسهيل عملية دخول الإستثمارات الأجنبية.
مساعد وزير الخارجية : لا توجد لدينا مشاكل فى عملية الاستثمار ونتواصل دائما مع الوزارات لحل أى خلاف مع المستثمرين
وأضاف عبد العاطى، لا توجد لدينا مشاكل فى عملية الاستثمار، فجميع الأطراف تقوم بدورها وتبذل جهوداً كبيرة وضخمة لإستقطاب الإستثمارات الأجنبية، وهو ما يكون له إنعكاس جيد جدا، ونلمسه خلال التواصل مع المستثمرين.
يشار إلى ان شركة سكاى أبوظبى أعلنت مؤخراً عن خطتها لضخ 15 مليار جنيه لانشاء مشروعات عمرانية متكاملة فى السوق المصرية، بدأتها بضخ 4 مليارات لانشاء مشروع فى العاصمة الادارية الجديدة، فيما أبدت شركة الدار الاماراتية اهتماماً أولياً باختراق السوق المصرية، وهو ما تزامن مع اعداد شركة داماك العقارية أيضاً دراسات اولية للولوج للسوق المصرية.
قال المهندس طارق شكرى وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب، ورئيس غرفة التطوير العقارى باتحاد غرف الصناعات،، إن عدد هناك مشكلات علينا أن نواجها خلال المرحلة المقبلة لتحقيق القدرة على جذب الإستثمارات الأجنبية للدخول للسوق العقارية المصرية، مؤكدا أن حجم الاستثمارات الخليجية الموجود فى مصر ليس بالكبير، مقارنة بعدد الشركات وحجم الاستثمارات الخليجية فى القطاع العقاري.
وأشار وكيل لجنة الإسكان لـ»المال»، إلى وجود ثلاث مشكلات، تقف حائلاً دون دخول المطور العقارى الأجنبى للسوق المصرية، وعلينا أن نسعى للقضاء عليها، خاصة مع ما تشهده العاصمة الإدارية من مشروعات ضخمة وعملاقة باتت حديث العالم أجمع.
وأضاف أن المشكلة الأولى، هى صعوبة اجراءات التسجيل العقاري، وهى الخطوة الأولى والأهم لخلق حالة من الاطمئنان، سواء للمطور الأجنبى أو الخليجي، أو حتى لصناديق الاستثمار، مطالبا بسرعة تنفيذ خطة الدولة الخاصة بإعداد منظومة حصر وإدارة الثروة العقارية، وتخصيص رقم قومى للعقارات.
واستكمل وكيل لجنة الإسكان أن المشكلة الثانية تكمن فى مناخ الإستثمار، فدائما ما يلجأ أصحاب الأموال الأجنبية إلى تقارير أداء الأعمال والتى تقيم كل دول العالم ومن ضمنها مصر، لمعرفة مناخ الاستثمار، وبالطبع على مستوى النشاط العقارى لدينا أزمة كبيرة فى ملف إنفاذ العقود، بعدما وصل ترتيب مصر للمركز الـ166 من بين 190 دولة، وعلينا أن نسعى لمواجهة هذه النقطة لتحسين أوضاع الاستثمار فى مصر.
واعتبر رئيس غرفة التطوير العقارى باتحاد الصناعات، أن التراخيص والحصول على خدمة الكهرباء، هى المشكلة الثالثة التى تواجه الاستثمارات الأجنبية، مشيرا إلى أن مصر تراجعت فى مستوى التراخيص بشكل غير مقبول، ففى العام 2018 كانت مصر فى المركز الـ 64 من بين 190 دولة، وفى 2019 أصبحنا فى المركز 66، وفى 2020 وصلنا للمركز 74، متمنيا أن تصل مصر خلال الفترة المقبلة للمراكز العشره الأولى فى سرعة إنها التراخيص، لما فى هذا الأمر من مردود طيب لدى المطور العقاري.
واستطرد: تأخر توصيل التيار الكهرباء للمشروعات مقارنة بباقى دول العالم، غير منطقي، فى ظل وجود مشروعات كهربائية عملاقة، وتحقيق فائض كبير بعد أن كانت مصر تعانى من أزمات انقطاع التيار الكهربائي.
واختتم شكرى قائلاً: كل التشريعات الخاصة بهذه المشكلات تم إنجازها، خلال الفترة السابقة، والأمر يتوقف الآن على جدية الوزارات فى التعاطى مع هذه التشريعات.
من جانبه قال المهندس فتح الله فوزى رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية اللبنانية لرجال الأعمال، إن مصر تتمتع بعوامل هامة لجذب الاستثمارات الأجنبية، خاصة وأنها الدولة الأكثر أمنا فى منطقة الشرق الأوسط، علاوة على النمو الاقتصادى المتسارع الذى تشهدة خلال السنوات الأخيرة.
وأكد فوزي، أن ارتفاع عدد السكان يعد هو الآخر أحد الأسباب الجاذبة للمطورين العقاريين، فهذا يعنى أن هناك طلبا متسارعا على العقارات، مشيرا إلى أن المطور الخليجى هو الأقرب للاستثمار فى مصر خاصة وأن هناك تلاقى فى الثقافات والروابط.
واعتبر رئيس الجمعية المصرية اللبنانية، أن هناك صعوبة فى استهداف الشركات الأوربية، خاصة وأن ثقافة المطور الأوربى مختلفة تماما، لما يتمتع به من تسهيلات فى موطنه، خاصة المتعلقة بعملية الاقتراض، فمن الممكن أن يحصل على قرض من أحد من البنوك، بعد وصول النسبة البنائية إلى %10فقط، علاوة على سعر الفائدة المنخفض، وهى اجراءات غير معمول بها هنا.
وأوضح أن الحديث كثر عن دخول مطورين عقاريين للسوق المصرية، خلال الفترة السابقة، لكن حتى الآن لم نجد شيئا على الأرض، فبعضهم غير جاد، والآخر ربما يصطدم ببعض الاجراءات وطريقة التمويل وسعر الفائدة.
قال محمود جاد، محلل مالى أول قطاع العقارات، بشركة العربى الأفريقى الدولى لتداول الأوراق المالية، إن السوق المصرية مناسبة جدا لمناخ الاستثمار، خاصة وأن مصر تعد هى الدولة الأكثر أمنا فى المنطقة بالكامل خلال السنوات الأخيرة، مشيرا إلى عوامل جذب المستثمرين الأجانب موجودة بالفعل، فى ظل وجود تشريعات جديدة تؤهل من فرص الاستثمار.
وأكد جاد أن الخطوات التى اتخذها البنك المركزى خلال الفترة الماضية سيكون لها بالغ الأثر على عملية استقطاب هذه الاستثمارات خاصة المتعلقة بتخفيض سعر الفائدة، مشيرا إلى أنه وبمجرد إنتهاء وباء كورنا سيشهد القطاع العقارى انفراجة، وستشهد مصر إقبالاً كبيراً من المستثمرين الأجانب، مرجحا أن يكون هناك عدد كبير من المستثمرين قد اضطر لتأجيل مشروعاته فى مصر لحين إنتهاء جائحة كورونا.
لم تمنع المشكلات التى ربما تقف أمام بعض المستثمرين، عددا كبيرا من الشركات التابعة لجنسيات مختلفة، من الدخول إلى السوق المصرية، خاصة الشركة الصينية العملاقة (CSCEC) والتى بدأت أعمالها فى مصر بمشروع مركز المال والأعمال بقلب العاصمة الإدارية الجديدة، وتمكنت أيضا من الاستحواذ على مشروع بالعلمين الجديدة لتنفيذ 5 أبراج بطول 250 مترا، علاوة على وجود شركات خليجية كبيرة تستثمر فى مصر منذ عدة سنوات يأتى على رأسها إعمار، وأرابتك، والفطيم، وداماك، كذلك دخول سكاى أبوظبى للتطوير العقارى – الذراع العقارى لمجموعة دايموند للسوق من خلال مشروعها فى العاصمة الإدارية وبحجم استثمارات 15 مليار جنيه.