كشف المهندس وائل قدور، الخبير الملاحي وعضو مجلس إدارة هيئة قناة السويس الأسبق، عن ارتباط وثيق بين نمو التجارة فى الصين، وارتفاع حجم التجارة العابرة بقناة السويس، حيث زادت التجارة الصينية من 500 مليون طن عام 2000 إلى 3400 مليون طن عام 2022.
وتابع أن تلك الزيادة في حجم التجارة الصينية قابلتها زيادة في حجم البضائع المارّة بقناة السويس من 450 مليون طن إلى 1500 مليون طن في الفترة نفسها، مرجعًا تلك الزيادة إلى اختصار قناة السويس المسافة بنحو 47%، مقارنة بطريق رأس الرجاء الصالح.
جاء ذلك خلال تنظيم الصالون البحري، وبالتنسيق مع مركز “المخا “للدراسات الإستراتيجية اليمني ومؤسسة الحوار للدراسات الإنسانية ندوة تحت عنوان “طريق الحرير والتجارة الدولية عبر البحر الأحمر.. التحديات والمقاربات”، السبت الماضي.
وأوضح قدور أنه بفضل فائضها التجاري الهائل على مدى السنوات القليلة الماضية احتلّت الصين المرتبة الأولى للصادرات، والمرتبة الثانية بين أكبر المستوردين في العالم، على الرغم من سياساتها الصارمة، فإن البلاد مفتوحة إلى حد ما للتجارة الخارجية، والتي مثّلت 37% من ناتجها المحلي الإجمالي في عام 2022، وفقًا للبنك الدولي.
وطالب قدور قناة السويس واقتصادية القناة بالتكامل مع مبادرة “الحزام والطريق” وأن تصبح مركزًا للتصنيع واللوجستيات وأنشطة القيمة المضافة، وإعادة توزيع تجارة الصين لكل من أوروبا وأفريقيا، مما يمثل رافدًا اقتصاديًّا مهمًّا لمصر.
وتابع أن الصين ظلت أكبر تاجر للبضائع في جميع أنحاء العالم، للسنة السادسة على التوالي، حيث تشمل صادرات الصين الرئيسية الهواتف (7.7%)، وآلات معالجة البيانات الأوتوماتيكية (5.2%)، والدوائر الإلكترونية المتكاملة (4.3%)، وأشباه الموصلات (1.8%).
من ناحية أخرى تستورد الدولة بشكل أساسي الدوائر الإلكترونية المتكاملة (15.3%)، وزيوت البترول (13.5%)، وخامات الحديد (4.7%)، وغاز البترول (3.3%)، والذهب (2.8%).
وأكد قدور أن تجارة الصين ارتفعت مع رابطة دول جنوب شرق آسيا والاتحاد الأوربي والولايات المتحدة وروسيا على التوالى بنسب 15% و5.69% و3.7% و4.2%، وارتفعت تجارة الصين مع الدول الواقعة على طول “الحزام والطريق” بنسبة 19.4% على أساس سنوى، وشكلت 329% من إجمالي التجارة الخارجية للصين.
من ناحيتها طالبت الدكتورة مرفت التلاوي، الوزيرة السابقة، بضرورة فرض السلام باليمن، خاصة بعد استمرار هروب السفن إلى طريق رأس الرجاء الصالح، بعيدًا عن البحر الأحمر وقناة السويس، والتي تثير التخوفات من التحول إلى نقاط ضعف بالمنطقة.
وقالت التلاوي إن قناة السويس تواجه منافسة حقيقية مع طرق بديلة؛ أهمها طريق بحر الشمال الروسي، الذي ينقل البضائع من شرق العالم إلى غربه، موضحة أن ذلك المشروع انطلق عام 1993، وحاليًّا تم بناء سفن نووية مقاومة للثلج لفتح ممرات لعبور السفن مستغلّين التغيرات المناخية، مما يتطلب أن تضع الدولة تلك التداعيات أمامها عند التخطيط للمستقبل.
وأكدت أن مبادرة طريق الحرير لا بد أن يخطط لها بشكل جاد والاستفادة منها لمروره بالعديد من الموانئ والممرات الملاحية، مطالبة الدولة بالاستفادة من تلك المبادرة، ووضع خطط طويلة ومتوسطة الأجل، باعتبار الصين لاعبًا أساسيًّا في الاقتصاد العالمي.
من ناحيته قال علي المعمري، عضو لجنة النفط والتنمية بمجلس النواب اليمني، إن الجماعات الصومالية بعد أن كانت خطرًا في عمليات القرصنة، أصبح الحوثي خطرًا جديدًا أكبر يهدد الملاحة، مشيرًا إلى أن البحر الأحمر يعد جزءًا أصيلًا من مسار طريق الحرير، لافتًا إلى أنه لا يمكن بقاء باب المندب والبحر الأحمر فارغين من التجارة بسبب تداعيات القرصنة من جانب، وتهديد السفن، من جانب آخر، من قِبل جماعة الحوثي.
وخلال الندوة، قال الدكتور محمد علي، مستشار وزير النقل السابق وعميد كلية النقل الدولي واللوجستيات الأسبق، إن الصين رصدت نحو 26 تريليون دولار حتى عام 2030 لتنفيذ مشروعات البنية للطريق الحرير، ونتيجة التقلبات التي تعرّض لها الاقتصاد الصيني مؤخرًا، خاصة “كوفيد- 19″، تراجعت الاستثمارات بنسبة 40%.
وقال إن محاولة إحياء طريق الحرير القديم بدأ، منذ مطلع التسعينات، والصين نجحت في بناء جسر بري مع دول أوروبا، وذلك بوصول القطار الصيني المحمل بالبضائع إلى إنجلترا عام 2017 مارًّا بعدة دول، ولذلك الصين تضع مبادرة طويلة الأجل منذ 2013 حتى 2049 من خلال رؤية واسعة لإنهاء نظام القطب الواحد والهيمنة الأمريكية.
وقال إن الصين تعتمد على 59% من واردات الطاقة، لذلك تسعى إلى تنوع مصادر الطاقة، وتأمين إمدادت الطاقة من خلال مبادرة “الحزام والطريق”، موضحًا أنه كلما تقدم الاقتصاد الصيني، انعكس على انتعاش حركة التجارة المارّة بقناة السويس، خاصة أن 50% من طاقة الصين قادمة من الشرق الأوسط.
وكشفت المستشارة عزيزة حلمي، خبير التمويل الإنمائي وأحد أعضاء لجنة طريق الحرير، برئاسة الدكتور عصام شرف، أن هناك توجهًا جادًّا داخل اللجنة لجعل “القاهرة“ المركز الإقليمي لمبادرة “الحزام والطريق”، ولا سيما أن هناك تواصلًا مستمرًّا مع السفارة الصينية.
وأوضحت أن مفهوم المبادرة لا يتوقف على المسارات الملاحية فحسب، وإنما هي طريق للعلاقات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية بين دول العالم.