أكد عدد من خبراء التأمين على تفاؤلهم بشأن تحقق الشمول التأمينى فى الأسواق الناشئة، نظرا للوتيرة الهائلة للابتكارات وإمكانات القطاع للتعلم منها، مع ضرورة التعاون بين جميع أطراف السوق من أجل تحقيق النجاح، وضرورة بناء شراكات بين القطاعين العام والخاص لتثقيف شرائح العملاء غير المستفيدين من خدمات التأمين حول فوائد ومخاطر منتجات التأمين.
وأشاروا إلى احتياج المجتمع إلى تغيير عقليته وطريقته فى التفكير، إذ لا يمكن ببساطة تقليص حجم المنتجات التقليدية، ويجب الاهتمام بفهم حقيقة العملاء، وابتكار المنتجات المناسبة لهم، مع التحرك نحو خدمات ذات قيمة مضافة، وأن تتحول شركات التأمين من مجرد دافع للتعويضات إلى شريك لتمكين العملاء.
لافتين إلى أن هناك عددا من الإجراءات التى تقع على عاتق هيئة الرقابة المالية، لتوعية شركات التأمين بأهمية الشمول التأمين، ومواكبة التطورات العالمية فى ذلك الشأن.
القوى البشرية.. أهم عناصر العملية التأمينية
وقال أحمد إبراهيم، خبير التأمين الاستشارى، إن العصر الحالى فى التأمين يشهد تفجرا معرفيا وتقدما علميا وتطورا تقنيا سريعا متلاحقا فى جميع ميادين الحياة المختلفة، ينعكس على نوعية ومستوى الحياة التى يعيشها الإنسان، لذا فإن هذا العصر يتطلب من كل فرد أن يلم بقدر مناسب من المعرفة والمهارات وأساليب التفكير، ويمتلك قدرات علمية متنوعة لفهم ما يدور حوله ومواجهة المشكلات التى تعترض حياته اليومية.
وأضاف أن التطور الكبير للعلم والتعقد فى المجتمع والبيئة يحتّم الحصول على أساسيات العلم وأنواع المهارات والمعرفة فى التعامل واستثمار واكتساب الأسلوب العلمى فى التفكير، خاصة أن البشرية تعيش عصر عالمية التفكير والعلم والمعرفة والأزمات والإنجازات والحقوق والواجبات والطموحات والقيم الإنسانية، ما يتطلب توعية الأجيال بكيفية تعلمها وتفكيرها وعملها، حتى تستطيع القوى البشرية أن تتحمل المسؤولية تجاه ما يواجهها من مشكلات ومتغيرات وأزمات، بغرض التكيف والاستمرار بالحياة.
وأوضح أن القوى البشرية تُعد من أهم مصادر الثروة فى أى دولة، بغض النظر عن درجة التطور الحضارى، كما تعد العامل الأساسى فى عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية لأى مجتمع، التى تتأثر بحجم ونمو وتوزيع وتركيب السكان فى المجتمع، والتعليم ومشاركة المرأة فى العمل، وتوافر فرص العمل بهدف انخراط القوى العاملة الوطنية فى القطاعين الحكومى والخاص وتحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة للبلد.
الثقافة التأمينية والشمول المالى
وقال محمد الغطريفى، وسيط تأمين، إن ضرورة نشر الثقافة التأمينية بوسائل التواصل الاجتماعى غدت محتّمة، وإضافة إلى بث رسائل التوعية حول القطاع عبر الواتساب، والاهتمام بالنشر باستمرار فى الصحف والمجلات المحلية وبرامج التواصل الاجتماعى حول خدمات التأمين وفعالياتها، واستحداث أفلام قصيرة ورسوم متحركة للجمهور، وإرسال رسائل نصية للعملاء، لإثرائهم بالمعلومات والقوانين الواجب اتباعها بصبغة توعوية متضمنة لحقوقهم وكيفية التعامل معها.
وألمح إلى ضرورة تعريف المنتسبين للقطاع بشروحات مفصلة وواضحة بالمنافع المتمثلة فيه، مع الترويج للمواقع الإلكترونية للشركات، وبيان فوائد التأمين وأهميته عبرها، مع وضع برامج دورية لتفعيل أخبار وفعاليات محركات البحث الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعى، إضافة إلى ضرورة توزيع ملاحق خاصة بالتعاون مع الصحف المحلية والمؤسسات ذات العلاقة حول فعاليات قطاع التأمين على مؤسسات القطاعين الخاص والعام.
وأشار إلى أهمية تشكيل فرق عمل لقطاع التأمين ومديرى الموارد البشرية بالمؤسسات الخاصة، لبث البرامج التعريفية بخدمات التأمين، فضلا على تعزيز اللقاءات الإعلامية والاستضافات فى الإذاعة والتلفزيون، وتفعيل مشاركات الاتحادات التأمينية فى المهرجانات السياحية والمعارض المحلية والدولية للتعريف بخدماتها وأنظمتها، والتكثيف الإعلامى للندوات والمؤتمرات المحلية والعالمية التى تعقدها أو تكون طرفا فيها، كالمشاركة أو الحضور، وتعريف الجمهور بأوراق العمل المقدمة.
توسيع نطاقات الوصول للجمهور
وأكد الدكتور محمد جودة، رئيس قسم التأمين والعلوم الإكتوارية بكلية التجارة بجامعة القاهرة، إن دراسة سبل الدفع عبر وسائل الاتصال المحمول غدت ضرورية، حيث إن انتشار الهواتف الذكية يفتح قناة أخرى لتوصيل الخدمات المالية للمحتاجين، فتلك التكنولوجيا الجديدة تقلل بشكل كبير من تكلفة المعاملات بالإضافة إلى أن التحويلات المالية أصبحت أكثر سهولة، حيث يتم وصولها بنفس الوقت وأيضا عملت على توسيع نطاق نقاط الوصول، كما أنها تجذب العملاء، مشيرا إلى أن عدة دول قد أظهرت نجاحا باستخدام آلية الدفع عبر الهواتف المحمولة للشمول المالى، ففى الفلبين سجلت أول عملية نجاح لخدمة الدفع عبر الهاتف، فى البلاد النامية عام 2004.
وبيّن أن القطاع يحتاج تنويع مقدمى الخدمات التأمينية، إذ لا بد من اعتماد صناع القرار إستراتيجيات تنظيمية ورقابية مختلفة لإدارة المخاطر، ومن ثم الترخيص لمجموعات واسعة من المؤسسات لتقديم الخدمات التأمينية، لا سيما إستراتيجيات التكيف مع الأنظمة الخاصة بالتأمين متناهى الصغر، مع إصدار تراخيص للمؤسسات العاملة فى مجال الإيداع الصغير للمنظمات غير الحكومية، إضافة إلى تراخيص المؤسسات المالية غير المصرفية.
والجراف التالى يوضح صافى استثمارات قطاع التأمين فى الأعوام المالية منذ 2013/2014 وحتى 2022/2023، وفقا لبيانات “الرقابة المالية”:
وشدد على ضرورة حماية مستهلك التأمين، حيث إن منتجات التأمين ربما كانت معقدة فى فهمها، ما يضع العملاء فى دائرة سلبية، بينما يتعاظم الخلل عندما يكون العملاء لديهم خبرة قليلة فى حين أن الخدمات أكثر تعقيدا، ومن ثم فإن التقدم بالشمول التأمينى يحمل خطر وجود المزيد من العملاء الضعفاء وعديمى الخبرة.
وأوضح أن العديد من العملاء قد يتلّقون الخدمة بشكل جيد ولكن قد تسىء بعض المؤسسات استخدام المعلومات لزيادة أرباحها على حساب العملاء لزيادة استثماراتها، مثلما حدث فى بوليفيا عام 2000، حيث الجمع بين الأمية المالية والممارسات غير الأخلاقية لبعض المؤسسات وبعض الفراغات فى الإطار القانونى، ما أدى إلى وقوع بعض الانتهاكات، ومنعت تلك المؤسسات من العمل.
وأضاف أن فشل حماية المستهلك إنما هى استجابة تنظيمية لفشل السوق، من هنا يجب على التنظيمات والقوانين أن تصحح عملية عدم توازن المعلومات وتشجيع استدامة توسع السوق من خلال تقديم المعلومات للعملاء فى الوقت المناسب قبل وبعد إبرام وثائق التأمين بين المؤسسة والعملاء، حيث يساعدهم ذلك فى معرفة حقوقهم وواجباتهم فى الوقت المناسب.