توقع خبراء البترول والنقل البحرى ارتفاع حركة النفط ومشتقاته العابرة لقناة السويس بعد دخول قرار حظر الاتحاد الأوروبى للوقود الروسى حيز التنفيذ فى 5 ديسمبر المقبل، فى ظل ظهور سوق موازية للنفط بدولتى الهند والصين، خاصة أن عبور الشحنات عبر أوروبا وقناة السويس هى المسارات الوحيدة الممكنة للخام الروسى إلى آسيا.
قال الدكتور رمضان أبو العلا، أستاذ هندسة البترول والخبير البترولى، إن قرار الاتحاد الأوروبى بوقف شراء النفط من روسيا نهائيًّا، هو تصريح سياسى بامتياز -على حد وصفه- لأن حقيقة الأمر أن روسيا أهم مصدر لإمدادات الطاقة لدول الاتحاد الأوروبى، إذ تستورد أوروبا نحو 5 ملايين برميل يوميا من الموانئ الروسية.
وأوضح «أبو العلا» أن أوروبا اتجهت الى السوق الموازية بآسيا للحصول على النفط الروسى، إذ تقوم دولتى الصين والهند باستيراد البترول الروسى، وإعادة بيعها مرة أخرى إلى دول الاتحاد الأوروبى.
وأوضح «أبو العلا» أن ما يتم هو أن النفط الروسى بدلا من أن يصل إلى أوروبا بشكل مباشر يتوجه إلى أوروبا من خلال الصين، وبالتالى يعبر قناة السويس، مما ينعكس على الحمولات العابرة من البترول ومشتقاته، متوقعًا ارتفاع أسعار البترول بنسبة قليلة خاصة فى ظل انخفاض النمو الاقتصادى والتضخم.
وقال «أبو العلا» إن الفترة المقبلة ستشهد تراجع استهلاك النفط، وبالتالى ستقل الأسعار على المدى القريب، ويحدث توازن فى السوق.
اتفق مع كلامه اسلام الجزار، مراقب عمليات بإحدى شركات الاستشارات البحرية ببورسعيد، مشيرًا إلى أن الهند ستعمل حاليا على استيراد النفط الروسى لتوريدها إلى أوروبا وأمريكا، ومن ثم استفادة هيئة قناة السويس عبر زيادة عدد الناقلات من المجرى.
سجلت حركة حمولة السفن الصافية من البترول الخام ومنتجاته بقناة السويس خلال الربع الأول من العام المالى 2022/ 2023 نحو 1451 ناقلة بزيادة بلغت %13.6 مقارنة بنفس الفترة خلال العام المالى 2021/ 2022، والذى سجل عبور 1277 ناقلة بترول.
كما سجلت حمولات البترول ومشتقاته العابرة بالقناة خلال الربع الأول من العام المالى 2023 نحو 89 مليون طن بزيادة كبيرة، بلغت %67 مقارنة بمثيله من العام المالى 2022 والذى سجلت حمولات بلغت 53 مليون طن.
وأرجع مصدر مطلع الارتفاع فى حركة النفط بقناة السويس إلى تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، واتجاه أوروبا إلى تخزين الوقود قبل دخول الشتاء وقبيل تنفيذ قرارات حظر النفط الروسى بشكل شبه كامل، مما أدى إلى ارتفاع متوسط عبور حمولات ناقلات البترول إلى 977 ألفا طن يوميا حاليا.
وأوضح أن روسيا استبقت قرارات الحظر منذ بداية الحرب فى فبراير الماضى، وتمكنت من تحويل غالبية صادرات النفط المنتجة لأوروبا إلى الأسواق الآسيوية خاصة الصين والهند، التى تشهد انتعاشا قويا فى الصناعات البتروكيماويات والتى تعيد تصديرها إلى أوروبا وأمريكا.
وأوضح أن تأثير الحظر الأوروبى للبترول الروسى سيكون تأثير طفيف، خاصة وأن البترول الروسى يشهد رواجا فى بقية دول العالم بسبب تراجع أسعاره مقارنة بنظيره الخليجى.
وفى ذات السياق أكد تقرير لشركة كلاركسون للأبحاث، أن الطلب ارتفع على ناقلات النفط الخام منذ بدء الحرب الروسية فى فبراير؛ لأن الاتحاد الأوروبى استبدل جزئيّا الواردات من روسيا من وجهات بعيدة، للامتثال لحظر 5 ديسمبر، من الخليج الأمريكى وأمريكا اللاتينية وغرب إفريقيا والشرق الأوسط، وشرق آسيا لاسيما الصين والهند.
وقال التقرير إنه مع دخول حظر النفط والوقود الذى يفرضه الاتحاد الأوروبى حيز التنفيذ، ستتجه روسيا إلى عملاء جدد فى آسيا وإفريقيا ويحتاج الاتحاد الأوروبى نفسه إلى الحصول على وقوده من أماكن مثل الشرق الأوسط والولايات المتحدة.
ومن ناحيته، قال المهندس وائل قدور، عضو مجلس إدارة هيئة قناة السويس الأسبق، أن روسيا تجنبت قرار الحظر الأوروبى للنفط من خلال الاعتماد على دول وسيطة، إذ تقوم بتوصيل نفطها إلى دول أوروبا وأمريكا ، مؤكدا أن هيئة قناة السويس السويس مستفيدة من الأزمة الحالية فى كافة الاتجاهات.
وأوضح قدور أن الدول الوسيطة هى أكبر مستوردى النفط حاليًّا وهما الصين والهند، ومن خلالهما يتم نقل النفط الروسى إلى أوروبا والساحل الشرقى الأمريكى مرورا بقناة السويس، مشيرا إلى أن حركة تجارة النفط ومشتقاته بقناة السويس منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية فى زيادة مستمرة، متوقعًا تخطى حمولة المليون طن يوميا.
وأكد أن هناك ناقلات بترول روسية تصل إلى البحر المتوسط ويتم نقل النفط بواسطة سفن أخرى إلى أوروبا، مما يؤدى إلى اختفاء الأسواق التقليدية، وظهور سوق أخرى موازية ودول وسيطة.
ومن ناحيته، قال المهندس مصطفى إبراهيم، استشارى استراتيجيات سلاسل الإمداد بشركةimpact insights ، أن إعلان الاتحاد الأوروبى والمملكة المتحدة بحظر استيراد النفط الروسى يمثل إجراء عكسيًّا بعد الحرب على أوكرانيا .
وأضاف أن الصين والهند ودول شرق أسيا تعد حليفًا اقتصاديًّا لوجستيًّا لروسيا، وذلك من خلال تقديم رحلات نقل أرخص الحمولات الضخمة من النفط، مشيرا إلى أن ذلك سيتم من خلال عبور قناة السويس كمرحلة بيع وسيطة للأسواق الأوروبية بشكل غير مباشر.
وأوضح أنه بغض النظر عن الصراع الروسى الأوروبى فإن الحرب الروسية الأوكرانية تسببت فى تغيير مسارات تجارة النفط الخام وبالنسبة لقناة السويس، متوقعًا أن تكون هى المستفيد الأكبر لسببين الأول تقليص الواردات البترولية من روسيا، وبالتالى زادت حركة النقل النفطى من دول مجلس التعاون الخليجى إلى أوروبا عبر قناة السويس، ومن المتوقع زيادتها بعد الحظر الروسى، وبالتالى متوقع زيادة الحصيلة الخليجية.