خبراء: البنوك تدعم توجه الدولة بالتوسع فى الائتمان لصالح الصناعة

ناجى: التركيز على المنتجات التى تمتلك فيها مصر ميزة تنافسية

خبراء: البنوك تدعم توجه الدولة بالتوسع فى الائتمان لصالح الصناعة
جريدة المال

إيمان أشرف

شروق محمود

8:27 ص, الأثنين, 7 نوفمبر 22

قال خبراء مصرفيون إن دعم القطاع المصرفى للأنشطة الصناعية يتواكب مع توجه الدولة نحو التوسع فى الإنتاج المحلى على حساب الواردات، وبما يتماشى مع استراتيجية 100 مليار دولار صادرات.

وأضافوا، فى تصريحات خاصة لـ«المال»، أن البنوك توجه النسبة الأكبر من محفظتها الائتمانية للنشاط الصناعي، لما له من أثر إيجابى على معدلات النمو، والمساهمة فى تشغيل العمالة، وتقليل معدلات البطالة.

وأشاروا إلى أن البنوك تعمل على توفير تسهيلات ائتمانية، ودورها يأتى لاحق لدور الوزارات والهيئات الحكومية، وبمجرد صدور تيسيرات من الجهات المختصة، والتعامل بمستندات رسمية مستوفية للشروط لن يكون لديها مشكلة فى التعامل مع تلك الأنشطة الصناعية بشكل طبيعي.

وتركز الدولة فى الوقت الحالى على النهوض بالقطاع الصناعي، فى ظل العمل على خفض تكلفة الواردات لتقليل الضغط على العملة الأجنبية، وزيادة دعم الصادرات، وبالتالى زيادة معدلات النمو الاقتصادي.

وكان جمال نجم، نائب محافظ البنك المركزي، أكد أن القطاع الصناعى استحوذ على %32 من إجمالى محفظة قروض القطاع المصرفي، مضيفًا أن “المركزي” ضخ 345 مليار جنيه ضمن مبادرة القطاع الصناعى بفائدة %8.

وأضاف أن المبادرة كان مخصصا لها 100 مليار جنيه عند إطلاقها فى 2019 ولكن بحلول يونيو 2020 حققنا هذا المستهدف، وقررنا عدم التوقف والاستمرار فى دعم هذا النشاط الهام.

جاء ذلك خلال كلمته فى المؤتمر الاقتصادي- مصر 2022 الذى اختتم فعَّالياته فى 25 من أكتوبر الماضي.

من جانبه، قال وليد ناجي، نائب رئيس البنك العقارى المصرى العربي، إن القطاع المصرفى ينحصر دوره فى تقديم التمويل للمستثمرين، مضيفًا أن البنوك يحكم عملها عنصرى المخاطرة والربحية، وبالتالى يحاول القطاع باستمرار التعاون مع مستثمرين يمتلكون رؤية واضحة ودراسات جدوى قوية لمشروعاتهم لتحقيق ربحية مرتفعة، وللتحوط ضد المخاطر قدر الإمكان، مشيرًا إلى أن مصرفه يركز فى تمويله على القطاع العقاري، إضافة إلى قطاعات أخرى مختلفة.

وأضاف “ناجي”، أنه لا بد من توافر استراتيجية واضحة للنهوض بالقطاع الصناعى فى مصر لهدفين، الأول خفض الاستيراد وزيادة التصدير، والثانى تقوية الصناعة المحلية والاعتماد على المنتج المحلي، مؤكداً ضرورة العمل على توفير دراسات وتحليلات للقطاعات الصناعية، وتحديد وضع الدولة فى كل صناعة، إضافة إلى تحليل وضع الصناعة بالنسبة للعالم كله، وبناء عليه يتم تحديد مميزات وعيوب كل صناعة، ومن ثم يتم التركيز على القطاعات التى تتميز فيها مصر بتنافسية مرتفعة.

وأضاف أنه ينبغى العمل على تحديد اولويات لدعم القطاع، مع وضع خطة على المدى القصير للعمل على القطاعات الصناعية التى لا تحتاج إلى وقت كبير للنهوض بها، ولكنها تحتاج فقط إلى التركيز عليها لمدة زمنية، وكذلك وضع خطة على المدى الطويل للعمل على القطاعات التى تحتاج إلى وقت ومجهود حتى تؤتى ثمارها.

وشدد نائب رئيس البنك العقارى على ضرورة تشييد مناطق صناعية لجذب المستثمرين الأجانب، مشيدًا بامتلاك مصر عوامل جذب الاستثمار كالموقع الجغرافى المتميز، الطاقة، العمالة الرخيصة، والاستقرار الأمني.

وقالت سهر الدماطي، الخبيرة المصرفية، إن القطاع يكمن دوره فى توفير التسهيلات الائتمانية المختلفة التى يحتاج إليها جميع القطاعات، كالقروض، السلفيات، الاعتمادات المستندية، وتسهيل اجراءات الاستيراد عن طريق تدبير العملة لفتح الاعتمادات من أجل استيراد المواد الرئيسية للإنتاج، إضافة إلى تطبيق البنوك لعقود المشتقات المالية التى أعلن عنها محافظ البنك المركزى مؤخرًا، وذلك للتحوط من التقلبات فى سعر العملة والفائدة.

وأضافت أن هدف الدولة فى هذه الفترة يتجه نحو النهوض بالقاعدة الصناعية، مثل مبادرة %8 فائدة التى تستهدف الوصول إلى 100 مليار دولار صادرات، والتى تحاول الدولة من خلالها دعم الصناعة بفائدة ميسرة لخفض تكلفة التمويل على المنتجيين.

وفى حديث عن مستقبل الصناعات المحلية التى تعتمد فى تصنيعها على مستلزمات الانتاج الوسيطة المستوردة من الخارج، أفادت “الدماطي”، أن البنك المركزى قرر تحرير سعر الصرف لتُحدد قيمته بواسطة قوى العرض والطلب، وبالتالى ليس من المرجح أن يعود البنك المركزى ليثبت سعر صرف العملة المحلية لهذه القطاعات – حتى لو بشكل جزئى – وذلك لأن قرار مرونة سعر الصرف تم بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي، كما أن المركزى أطلق مبادرات فعلية لدعم الصناعة من قبل.

وأوضحت الخبيرة المصرفية، أن احلال المنتج المحلى محل الواردات هو هدف الدولة المصرية فى الوقت الحالي، وذلك لأن مصر تعتمد على الاستيراد بشكل كبير، مما يسبب ضغطًا كبيرًا على العملة المحلية، مضيفه أنه فى الوقت الحالي، خصوصًا بعد قرار البنك المركزى اتباع سياسة سعر صرف مرن بواقع تأثير الأزمة العالمية والحرب فى أكرانيا؛ سيكون لذلك أثر على ارتفاع التكاليف والأسعار، ومن ثم تهتم الدولة بمبادرات دعم القطاع الصناعي، ومنها مبادرة “ابدأ”.

ويذكر أن الهدف الأساسى من تدشين “ابدأ “، هو دعم الصناعة الوطنية من أجل الاعتماد على المنتج المحلى وتقليل الواردات وتوفير فرص عمل، وهى المبادرة التى تم اطلاقها فى إطار تكليف الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال إفطار الأسرة المصرية، لخلق مبادرة محلية تعزز دور القطاع الخاص من خلال تقديم عدة حوافز، كالإعفاءات الضريبية لمدة خمس سنوات، منح أراضٍ بحق الإنتفاع، إضافة إلى تقديم الدعم المالى والفنى للصُناع المتعثرين، للنهوض بالمشروعات الكبرى والمتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، لتحقيق معدلات نمو اقتصادى مرتفعة.

وأشارت سهر الدماطى إلى أن القرار الصادر عن البنك المركزى الخاص بالإلغاء التدريجى للاعتمادات المستندية حتى نهاية شهر ديسمبر المقبل، قرار فى غاية الأهمية، حيث كان هناك عدد كبير من الُصناع يعتمدون فى عمليات الاستيراد الخاصة بهم على مستندات التحصيل وليس الاعتمادات المستندية، وبالتالى فإلغاء الاعتمادات المستندية سينشط عملية الانتاج فى الفترة المقبلة، وسيدفع الشركات التى توقفت عن الانتاج أو قللت من طاقتها الانتاجية أن تستأنف عملها بقوة أكبر، ومن ثم زيادة الانتاج، وانخفاض معدلات البطالة، وبالتالى نمو الناتج القومى على المدى القصير والمتوسط.

وقال محمد عبد المنعم، الخبير المصرفي، إن المبادرة يتم تطبيقها من خلال البنوك، مشيرا إلى أن هناك اهتماما موجها من الدولة للقطاع الخاص، إذ يمثل نسبة كبيرة من الاقتصاد، والمبادرة التى أصدرها البنك المركزى استهدفت دعم الصناعة، وذلك فى ظل ارتفاع معدلات الفائدة لكبح جماح التضخم ما سيؤثر على تكاليف التمويل.

وأضاف “عبد المنعم”، أن البنوك مهتمة بالأنشطة الصناعية بصورة كبيرة، من خلال توجيه النسبة الأكبر من محفظتها الإئتمانية للنشاط الصناعي، والتى تتحدد نسبتها وفقا للسياسة الأئتمانية لكل بنك.

يذكر أن اجمالى القروض الممنوحة من البنوك للعملاء من القطاع الصناعي– بخلاف البنك المركزى المصرى – بالعملة المحلية، كانت قد ارتفعت بحوالى 57.43 مليار جنيه خلال عام، حيث ارتفعت من 433.422 مليار جنيه فى يونيو 2021، إلى 490.852 مليار جنيه فى يونيو 2022.

وأوضح “عبد المنعم” أن تفضيل البنوك التعامل مع الأنشطة الصناعية، يرجع إلى احتوائه لكيانات ومعدات مهمة للاقتصاد وكذلك خطوط إنتاجية، لذا تعطى أماناً للبنوك للتمويل، إضافة إلى أثرها على النمو الاقتصادي، والمساهمة فى تشغيل العمالة، وتقليل معدلات البطالة، ومن ثم مضاعفة معدلات نمو الاقتصاد.

وأشار الخبير المصرفى إلى أن قيمة المبادرة المقدر بحوالى 345 مليار دولار، انعكست بالفعل على السوق، لافتا إلى أن أغلبية الشركات كانت قد حصلت على تسهيلات ائتمانية، وتم تطبيق المبادرة وسعر العائد الجديد عليها، فاستطاعت التحكم فى التكاليف الخاصة بها، مما منحها ميزة نسبية فى الإنتاج.

وكانت حصيلة القروض المقدمة من البنوك للعملاء من القطاع الصناعى – بخلاف البنك المركزى – بالعملة الأجنبية قد ارتفعت بحوالى 18.231 مليار جنيه خلال عام، حيث زادت من 112.088 مليار جنيه فى يونيو 2021، إلى 130.319 مليار فى يونيو 2022.

وأوضح الخبير المصرفى أن المبادرة تعزز التعاون أكثر وتدفع الشركات المؤجلة لخطتها التوسعية أن تبدأ، وذلك فى ضوء تكلفة التمويل التى أصبحت منخفضة.

وتابع “عبد المنعم” أنه كلما تم تطبيق الشمول المالي، استطاعت البنوك الوصول لكل فئات المجتمع، مشيرا إلى ضرورة تركيز البنوك على قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، خصوصا التى تقدر مبيعاتهم بأقل من 50 مليون جنيه، ما يمنحها ميزة نسبية أعلى فى دعم الأشخاص الجدد لتشجيع قطاع الصناعة.

وفى حديث عن المشكلات التى تواجهها البنوك فى التعامل مع الأنشطة الصناعية، أوضح “عبد المنعم” أن الرئيس سبق أن تحدث عنها، وبالتحديد مشكلة استخراج التراخيص، مشيرًا إلى أن البنك لا يستطيع التعامل مع شركة إلا فى حالة استيفاءها للشروط والتراخيص اللازمة للنشاط.

وأوضح أن العمل فى قطاع غير رسمى يمكن أن يعطل البنوك فيما يخص الأنشطة الصناعية، كما أن القطاع غير الرسمى يمثل نسبة كبيرة، والصناعة دون تراخيص ومستندات لازمة، تتسبب فى عدم قدرة صاحب المشروع على التصدير أو فتح أسواق جديدة، ما يشكل عائقا أكبر بكثير من العوائق التمويلية المتعلقة بالبنوك.

وأوضح أن دور البنوك لاحق لدور الوزارات والهيئات الحكومية، وبمجرد صدور تيسيرات من الجهات المختصة، والتعامل بمستندات رسمية مستوفية للشروط لن يكون للبنوك مشكلة فى التعامل مع تلك الأنشطة الصناعية بشكل طبيعي.

ومن وجهة نظر “عبد المنعم” فيما يتعلق باطلاق حلول تسهيلية لتعاون البنوك أكثر مع الأنشطة الصناعية، أوضح أنه يجب تعزيز انتشار مراكز أعمالها لعمل وحدات أعمال خاصة بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، لتتسلم طلبات العملاء، ودراستها بصورة أسرع، حتى لا يكون الأمر مركزيا، فيتسبب فى إطالة فترة التمويل من البنوك، مؤكدًا أنه كلما كان هناك مراكز أعمال منتشرة فى المحافظات وأماكن مختلفة مثلما انتهجت العديد من البنوك الآن تلك الآلية، سرع ذلك من عملية التمويل والوصول لكل الفئات فى المجتمع.

عبدالمنعم: المنظومة غير الرسمية تعطل دعم القطاع

سهر الدماطى: قرار إلغاء الاعتمادات المستندية يدعم زيادة الإنتاج ومعدلات النمو