تواجه دول الخليج تحديات جديدة في تنفيذ رؤاها الاستراتيجية بخصوص التحول الاقتصادي وسط الظلال التي يلقيها تفشي مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19)، و في عام 2020، لكن الاقتصاد الرقمي ضخ حيوية غير مسبوقة في المنطقة.
وقال الخبراء إن التعاون بين دول الخليج والصين واعد في مجالات تطوير الاقتصاد الرقمي والتقنيات الجديدة، حيث تسعى تلك الدول إلى إيجاد سبل لمواجهة التحديات الجديدة.
تحديات التحول الاقتصادي
وأطلقت بعض دول الخليج رؤى طويلة الأجل للتنمية الاقتصادية بين عامي 2016 و2017 لتقليل اعتمادها التقليدي على عائدات النفط وتحقيق التنويع الاقتصادي.
وأعلنت المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، عن رؤية 2030 في أبريل 2016، والتي تضمنت بناء مدينة ذكية تسمى نيوم، بالإضافة إلى إنشاء مركز لوجستي دولي ومركز ابتكار دولي.
وأصدرت الإمارات العربية المتحدة رؤية 2030 في نوفمبر 2017 التي تضمنت 10 أهدافا أساسية مثل الصحة العامة والاستثمار في البنية الأساسية والتنمية المستدامة في الأطعمة.
وفي مواجهة ارتفاع معدلات البطالة، اتخذت بعض دول الخليج تدابير لخلق المزيد من فرص العمل وتعزيز التدريب على المهارات المهنية وتقليل عدد العمالة الوافدة.
تراجع الموارد المالية
ومع ذلك، قال تسو تشي تشيانغ، الباحث المشارك في معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة شانغهاي للدراسات الدولية، إن التحديات المزدوجة لمرض (كوفيد-19) وانخفاض عائدات النفط قد ألقت بظلال ثقيلة على الموارد المالية لدول الخليج منذ بداية هذا العام.
وتراجعت المداخيل المتاحة للإنفاق، واستمر العجز المالي والدين العام في الارتفاع كحصة من الناتج المحلي الإجمالي، كما تقلصت صناديق الثروة السيادية واحتياطيات النقد الأجنبي بشكل كبير في دول الخليج.
وبحسب تقديرات معهد التمويل الدولي، قد تنكمش أصول صناديق الثروة السيادية لدول الخليج بنحو 296 مليار دولار بنهاية العام الجاري.
وأثرت مرض (كوفيد-19) بشدة على قطاعات السياحة والفنادق والطيران والخدمات اللوجستية في دول الخليج، ما أعاق تنفيذ خطط التحول الاقتصادي الخاصة بها.
وحاول العديد من دول الخليج توسيع مصادر الدخل مع محاولة خفض النفقات. وعلى سبيل المثال، تم تأجيل أو تعليق العديد من مشروعات النفط والغاز في الكويت هذا العام.
وفي السعودية، تم تعليق بعض المشروعات الكبرى، وأعيد توزيع الأموال التي تم توفيرها على الرعاية الطبية ومساعدة الشركات.
ومنذ يونيو، توقف دفع بدل غلاء المعيشة للمدنيين الحكوميين والعسكريين ورفع معدل ضريبة القيمة المضافة إلى 15 بالمئة منذ يوليو في المملكة.
التحول الاقتصادي يستفيد من قوة دافعة جديدة
وعلى الجانب المشرق، أظهر الاقتصاد الرقمي إمكانات كبيرة وسط تفشي (كوفيد-19) في دول الخليج، حيث يلجأ المزيد من الناس إلى التسوق عبر الإنترنت أو الترفيه لأنهم يقللون من الأنشطة الخارجية.
وأفادت صحيفة (عرب نيوز) اليومية السعودية نقلا عن الإحصاءات الصادرة عن وزارة التجارة والاستثمار السعودية، أن إجمالي حجم التسوق عبر الإنترنت في السعودية قفز بنسبة 400 بالمئة من فبراير إلى أبريل.
وارتفعت نسبة المستهلكين الذين اشتروا السلع الاستهلاكية عبر الإنترنت في المملكة من 6 بالمئة إلى 55 بالمئة في حوالي خمسة أشهر خلال المرض، وفقا للإحصاءات.
فجميع دول الخليج لديها أجندات وخطط للتحول الرقمي، وهو التزام سياسي ومالي لخلق اقتصادات قائمة على المعرفة. وسعت دول الخليج الى مواءمة أجندات التحول الرقمي مبادرات التنمية الاقتصادية المحددة.
خطة الـ50 عاما في دبي
وضعت دبي تصورا لخطة تمتد 50 عاما لتأسيس منطقة تجارية افتراضية قادرة على استضافة 10 آلاف شركة. علاوة على ذلك، تسعى خليج البحرين للتكنولوجيا المالية الى تطوير فرص نمو جديدة في قطاع التمويل.
وقال ما شياو لين، الخبير في شؤون الشرق الأوسط في جامعة تشجيانغ للدراسات الدولية، “حاليا، تنفذ السعودية سلسلة من المشروعات التي ستساهم في التحول الرقمي للاقتصاد”.
وأضاف أن دول الخليج لا تزال لديها مساحة واسعة للابتكار.
وتعمل تكنولوجيا تطوير التجارة الإلكترونية والخبرة المكتسبة من الشركات الصينية على خلق قيمة جديدة وزيادة تأثير السوق على دول الخليج.
وتأسست شركة (تشييو) لتكنولوجيا المعلومات المحدودة بمقاطعة تشجيانغ في عام 2012، وهي شركة ناشئة للتجارة الإلكترونية، ولديها حاليا 50 مليون مستخدم في الشرق الأوسط، ويأتي الجزء الأكبر من دول مجلس التعاون الخليجي.
وأصبحت الشركة التي تضم عددا كبيرا من مستخدمي الإنترنت في الإمارات وسلطنة عمان والبحرين وقطر والكويت والسعودية، واحدة من أكبر شركات التجارة الإلكترونية في منطقة الخليج.
ومنذ بداية هذا العام، قامت الشركة بتحسين سلسلة التوريد وجودة المنتجات مع تعزيز الاستثمار في الخدمات اللوجستية المحلية والبنية التحتية للدفع في السعودية.
وفي الوقت نفسه، وسعت دائرة خدمات التشغيل الذاتي بأكثر من 400 كم خلال تفشي المرض، لتغطي 150 مدينة سعودية، مقارنة بأكثر من 60 مدينة في السابق.
تعاون واعد
لقد تعزز تعاون الصين مع دول الخليج في مجالات الاقتصاد الرقمي والتقنيات الجديدة في 2020.
وقال سون ده قانغ، أستاذ العلوم السياسية بمعهد الدراسات الدولية بجامعة فودان، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن التعاون العلمي والتكنولوجي الثنائي يهدف إلى تحديث الحوكمة الوطنية ودفع التنمية الضمنية من خلال الابتكارات التكنولوجية.
وفي 22 أكتوبر، وقعت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي مذكرة تفاهم مع شركة (هواوي)، عملاق التكنولوجيا الصينية، والتي بموجبها ستدعم هواوي المؤسسات الحكومية والمؤسسات البحثية السعودية لتعزيز تجمع المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي.
واستضافت وزارة الاقتصاد الإماراتية والمجلس الصيني لترويج التجارة الدولية المعرض الرقمي الذي تشارك فيه 3000 جهة عارضة في يوليو 2020، وتسلط الضوء على أحدث منتجاتها افتراضيا عبر تقنية الواقع المعزز ثلاثي الأبعاد.
التعاون مع الصين
وقال ما شياو لين، الخبير من جامعة تشجيانغ للدراسات الدولية، إن ثمة فرصا وإمكانات كبيرة لدول الخليج للتعاون مع الصين في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث يتم الاعتراف بإنجازات الشركات الصينية في الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا البيانات الكبيرة تدريجيا من جانب المجتمع الدولي.
وقال باو تشنغ تشانغ، الباحث المشارك في معهد الشرق الأوسط بجامعة شانغهاي للدراسات الدولية “إن تعاون الصين مع دول الخليج في التكنولوجيا الرقمية سيلعب دورا فريدا ومهما في تعزيز الدفع عبر الهاتف المحمول، وتفعيل حيوية الأعمال وإمكانات التنمية، وتحسين النظام البيئي الرقمي للعديد من دول الخليج”.
يشار إلى أن هذه المادة نقلا عن وكالة شينخوا الصينية بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة “المال”.