خبراء : الأدوات الجديدة تعالج انخفاض حماس البنوك فى تمويل الأنشطة «غير المصرفية»

شملتها الإستراتيجية الشاملة لـ«الرقابة المالية» 2022/ 2026

خبراء : الأدوات الجديدة تعالج انخفاض حماس البنوك فى تمويل الأنشطة «غير المصرفية»
أحمد علي

أحمد علي

6:50 ص, الأحد, 17 يوليو 22

◗❙ دعم «المركزى» لـ «SMES» أفاد «متناهى الصغر» وسط صعوبات لـ «الاستهلاكى»

«توقعات إيجابية» بأدوات التمويل البديلة التى شملتها الإستراتيجية الشاملة للخدمات المالية 2022/ 2026، التى تضمنت عدة وسائل متنوعة لتمويل الأنشطة المالية مثل التخصيم والتأجير التمويلى والتمويل الاستهلاكى ونظيره متناهى الصغر.

وقد أطلقت الهيئة العامة للرقابة المالية الإستراتيجية الشاملة للخدمات المالية 2022 – 2026، وطرحتها للنقاش فى مجتمع الأنشطة المالية غير المصرفية بنهاية مايو الماضى، وضمت الإستراتيجية 6 محاور رئيسية وهى تعزيز استخدام التكنولوجيا المالية وتسريع التحول الرقمى وتحقيق الشمول المالى وتعميق مستويات الاستدامة وإدارة المخاطر وبناء نظام فعال للإنذار المبكر وتطوير البنية التشريعية وتعزيز مستويات الثقافة المالية وبناء القدرات وتطوير الأسواق.

وأكد خبراء القطاع المالى غير المصرفى أن توجه «الرقابة المالية» نحو ما يُسمى بالـ «الهندسة المالية» بهدف خلق أدوات تمويلية جديدة من أدوات أخرى قائمة بالفعل، سيحقق مزايا للقطاع عبر توفير سُبل تمويلية متنوعة تُزيد من فرص الأنشطة فى النمو وتعاظم حجم الأعمال.

وأوضحوا أن هناك تفضيلا من جانب البنوك فى تمويل أنشطة بعينها مثل التمويل متناهى الصغر الذى استفاد من قرار البنك المركزى بدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

كان البنك المركزى المصرى أصدر قرارا مطلع 2021 بتعديل البند الأول من مبادرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بزيادة محفظة القروض والتسهيلات المباشرة وغير المباشرة للشركات والمنشآت والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر والممنوحة مباشرة للأشخاص والشركات والمنشآت من خلال الجمعيات الأهلية وشركات التمويل متناهى الصغر من نسبة الـ %20 لتصبح %25 من محفظة التسهيلات الائتمانية للبنك.

وأكد خبراء الأنشطة المالية غير المصرفية، أن دعم البنك المركزى والدولة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، دفع البنوك إلى تفضيل نشاط التمويل متناهى الصغر، مما سمح للنشاط بتحقيق معدلات نمو قوية خلال العام الماضى.

وتوقعوا أن تشهد الفترة المقبلة تأسيس صناديق استثمار متخصصة فى التمويل متناهى الصغر، بجانب شركات إعادة تمويل استهلاكى، فيما تطرق البعض إلى الضوابط التى يجب أن تكون قاسية فيما يتعلق بالخبرة والملاءة المالية لتأسيس تلك الشركات.

وجاءت أبرز الآليات والأدوات الجديدة التى تسعى «الرقابة المالية» لإتاحتها خلال الفترة المقبلة، فيما يلى:

1/ آليات مستهدفة لنشاط التأجير التمويلي

أ/ السماح بتأسيس شركة لإعادة تمويل وتغطية مخاطر الائتمان لشركات التأجير التمويلى.

ب/ تأسيس شركات وساطة لعمليات التأجير التمويلى والتنسيق مع شركات التأمين لإصدار وثائق تأمين متخصصة لشركات النشاط لتغطية مخاطر عدم سداد المستأجرين التمويليين.

ج/ التنسيق مع وزارة التعاون الدولى والبنك المركزى لتوفير مصادر تمويل منخفض التكلفة لشركات التأجير التمويلى.

2/ آليات نشاط التخصيم

أ/ التعامل بنظام التخصيم العكسى بما يسمح للشركات بتمويل شراء ديون عملائها.

ب/ السماح بضمان حقوق الشركات المالية لدى مدينيها عند التعامل مع الجهات الحكومية.

ج/ تشجيع التخصيم متناهى الصغر، ووضع حوافز لشركات التخصيم الأخضر ، والعمل على وجود شركة لإعادة تمويل وتغطية مخاطر الائتمان لشركات التخصيم.

د/ تأسيس شركات وساطة لعمليات التخصيم .

3/ التمويل الاستهلاكي

أ/ تكوين مجمعة تأمينية خاصة بعملاء النشاط واستحداث منتجات تأمينية ضد مخاطر التعثر.

ب/ إنشاء شركات إعادة تمويل استهلاكى وتوسيع نطاق بطاقات المدفوعات التجارية.

4/ تمويل المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر

أ/ إنشاء صناديق استثمار لتمويل جهات التمويل متناهية الصغر.

ب/ تطوير منتجات تمويل متناهى الصغر للقطاع الزراعي

 من جانبه، قال حازم مغازى، الرئيس التنفيذى لشركة أمان للخدمات المالية، إن جميع الأنشطة المالية غير المصرفية عدا التمويل متناهى الصغر تلاقى صعوبة فى الحصول على التمويل المطلوب لاستكمال عملية النمو.

وأضاف أن قرار البنك المركزى  بإلزام البنوك بتخصيص جزء من محفظته التمويلية لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة ساهم فى تفضيل البنوك التعامل مع شركات قطاع التمويل متناهى الصغر  بدلًا من بذل جهد أكبر فى تمويل حالات منفردة من شركات صغيرة ومتوسطة، إذ باتت البنوك تفضل توجيه الجزء المخصص من محفظتها التمويلية لشركات التمويل متناهى الصغر.

وأوضح أن قطاع التمويل متناهى الصغر استطاع تحقيق معدلات نمو كبيرة بفضل عدم وجود أزمات فى تمويل عملياته، مقابل صعوبات كبيرة لشركات التمويل الاستهلاكى والتخصيم والتأجير التمويلى فى الحصول على التمويل.

وأكد «مغازى» أن صعوبات الحصول على التمويل تدفع شركات تلك الأنشطة إلى اللجوء لآليات مختلفة مثل التوريق رغم تكلفته المرتفعة مقارنة مع التمويل البنكى بجانب المدة الزمنية الطويلة التى تستغرقها عمليات إصدار سندات التوريق.

من جهته، قال الدكتور ياسر عمارة، رئيس مجلس إدارة شركة «إيجل» للاستشارات المالية، إن «الرقابة المالية» تسعى إلى تنفيذ ما يسمى بـ «الهندسة المالية» وهو خلق أدوات مالية جديدة من أدوات قائمة بالفعل.

وأضاف أنه بعد التجربة العملية المباشرة بين الشركات والجهات الممولة، ظهرت بعض المخاطر والمشكلات التى لا تتوافق مع منح التمويل من البنوك ومنها على سبيل المثال شركات خاسرة أو أخرى لم يمر عليها عام من التأسيس.

وأوضح أن طرح منتجات لحل معضلة عدم قدرة بعض الشركات للحصول على التمويل، وذلك عبر دخول أطراف وسيطة تتحمل تلك المخاطر التى من أبرزها ارتفاع التكلفة.

وأكد وجود نوع من الإحجام لدى البنوك عن تمويل الشركات الناشئة وخاصة المرتبطة بقطاع التكنولوجيا، مطالبًا بتخفيف القيود من الجهاز المصرفى على هذا النوع من التمويل خاصة فى ظل وجود قاعدة كبيرة للأنشطة المالية.

وشدد على ضرورة وجود ضمانات قوية خاصة للأطراف الوسيطة -الشركات التى ستطرح المنتجات المالية الجديدة- ومنها وجود ملاءة مالية قوية مرتفعة، بالإضافة إلى هياكل تنظيمية تخضع لشروط قاسية فيما يتعلق بالخبرة، بجانب إمكانية وجود مساهمات من كيانات كبيرة مثل البنوك .

ورجح أن تضع «الرقابة المالية» شروطا ميسرة لتأسيس كيانات جديدة لمنتجات التمويل البديلة بشكل عام، والتمسك بمعايير قوية للخبرة والملاءة المالية، موضحًا أن البنوك ستكون قادرة على توفير تلك الشروط بسهولة.

وتوقع أن يكون هناك إقبال من البنوك لتأسيس كيانات جديدة، مرجعًا ذلك إلى رغبة البنوك فى تحويل محفظة الائتمان من المباشر إلى غير المباشر، فى ظل القواعد والشروط القوية المفروضة من قبل البنك المركزى.

وتابع إن القواعد والشروط المفروضة فى الأنشطة المالية غير المصرفية أيسر من نظيرتها فى القطاع المصرفى، مؤكدًا أن الهيئة تمنح التراخيص والتسهيلات لتمويل الأدوات المالية الجديدة.

وأكد أنه فى حال تفعيل تلك الأدوات بالشكل المناسب مع البيئة المناسبة سيكون هناك إقبال قوى خاصة أن قطاع الخدمات المالية غير المصرفية لم يصل بعد إلى مرحلة الإشباع.

وقال أحمد كمال الدين، العضو المنتدب بشركة «الأولى» للتمويل متناهى الصغر، إن قرار دعم الشركات الصغيرة من خلال تخصيص جزء من محفظة البنوك لدعم نشاط التمويل متناهى الصغر، دفع البنوك إلى الاهتمام بذلك النشاط.

وأضاف أن دعم النشاط جعل متطلبات تمويل شركاته مختلفة عن قواعد تمويل الأنشطة الأخرى مثل التمويل الاستهلاكى، مشيرًا إلى أن البنوك ستستغرق وقتًا أكبر لتفعيل عمليات مع شركات الأنشطة المالية غير المصرفية (التخصيم والتأجير التمويلى والتمويل الاستهلاكي).

وأوضح أن وجود تمويل خاص بالأنشطة المختلفة كل عن حدة يعد ميزة هامة، مشيرًا إلى أن القطاع بحاجة إلى استثمارات كبيرة لتمويل عملياته المتنوعة.

وأشار «كمال الدين» إلى أن تغير سعر الدولار  وتباعاته على العملة المحلية وقدرة الشركات على تأمين مراكزها، على رأس قائمة المخاطر التى ستواجه ذلك النوع من الشركات الجديدة.

ولفت إلى أن عدم وجود إحجام من البنوك فى تمويل أنشطة التمويل الاستهلاكى والتأجير التمويلى والتخصيم، موضحًا أن قرار البنك المركزى بدعم التمويل متناهى الصغر تسبب فى تفضيل البنوك لذلك النوع من التمويل.

وتوقع تأسيس صناديق استثمار متخصصة فى التمويل متناهى الصغر كأحد الحلول التى تعمل الهيئة العامة للرقابة المالية على إتاحتها، وذلك فى ظل تحقيق القطاع لنتائج جيدة ومعدلات نمو كبيرة.

يُذكر أن الدكتور محمد عمران، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية صرح لـ «المال» مطلع يونيو الماضى، بأن الأخيرة تعتزم التعاون مع المؤسسات المالية الدولية لبحث إتاحة تمويل بأسعار فائدة مميزة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومتناهية الصغر ونشاط التأجير التمويلى.

 وأضاف – فى تصريحات خاصة لـ «المال» – أن «الرقابة المالية» تسعى بالتعاون مع البنك المركزى ووزارة التعاون الدولى، لتعظيم استفادة تلك الأنشطة من التسهيلات الائتمانية التى توفرها المؤسسات الدولية مثل البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية «EBRD »على أن تكون بأسعار فائدة منخفضة. 

وأوضح أن «الرقابة المالية» تعتزم إنشاء مجمعة تأمين لعملاء التمويل الاستهلاكى مثل نظيرتها التى تم تدشينها لعملاء نشاط التمويل متناهى الصغر. 

وتابع «عمران» إن القطاع المصرفى بلغ حجمه فى نهاية 2020 نحو 6.2 تريليون جنيه مقابل 2 تريليون للقطاع المالى غير المصرفى، بينما بلغ حجم شركات الصرافة والهيئة القومية للبريد بنهاية 2020، حوالى 1.2 مليار و270.9 مليار على الترتيب.

يُّذكر أن نتائج نشاط التمويل متناهى الصغر أظهرت نموا قويا فى إجمالى التمويلات الممنوحة فى عام 2021 لتصل إلى 27 مليار جنيه مقارنة مع 7.1 مليار فى 2017، بينما تستهدف الهيئة زيادة حجم التمويلات الممنوحة إلى 50 مليارا فى 2026.

بينما حقق نشاط التمويل الاستهلاكى إجمالى تمويلات فى 2021 بنحو 17 مليار جنيه مقارنة مع 8.4 مليار، فيما تتوقع «الرقابة المالية» أن يصل النشاط لمستوى الـ 50 مليار جنيه بحلول 2026 .

فيما بلغ إجمالى قيمة التمويل العقارى الممنوح -منذ بداية النشاط- خلال الـ 4 أعوام الماضية، حيث وصلت إلى 24.9 مليار جنيه بنهاية عام 2021 مقارنة مع 8.5 مليار جنيه فى 2017 بمعدل زيادة بلغ %192.9.

 كما بلغت التمويلات الممنوحة من قبل شركات التأجير التمويلى حوالى 80 مليار جنيه خلال  عام 2021 مقارنة مع 28.6 مليار فى 2017 بمعدل نمو %180 خلال السنوات الـ 4 الماضية، رغم تداعيات جائحة فيروس كورونا.

أما على صعيد أداء نشاط التخصيم، فقد سجل القطاع نموًا كبيرًا فى الـ 4 أعوام الماضية، إذ أصبح يُمثل %7 من إجمالى حجم الأوراق المخصمة فى عام 2021 مقارنة مع نسبة أقل من %2 فى عام 2017 .

وسجلت قيمة الأوراق المخصمة قفزة هائلة لتصل لـ 20.5 مليار جنيه بنهاية عام 2021 مقارنة فى 8.9 مليار فى 2017 بنمو %129. وكشفت «الرقابة المالية» أن الجهات الخاضعة لرقابتها ساهمت فى إتاحة تمويل غير مصرفى بلغ حوالى 370 مليار جنيه خلال العام الماضى.

◗❙حازم مغازى: نلجأ للتوريق رغم تكلفته المرتفعة

◗❙ ياسر عمارة: دخول أطراف وسيطة «حل جيد» وهناك نوع من الإحجام لدى المصارف

◗❙أحمد كمال الدين: ظهور صناديق متخصصة فى «متناهى الصغر» أبرز النتائج المتوقعة