قال خبراء سوق المال ومديرو شركات إدارة الأصول إن البورصة المصرية تتطلع إلى قيام المؤسسات والهيئات بدور أكبر لمساعدة السوق على اجتياز فترة التعثر التى تواجهها، فى ظل هيمنة المستثمرين الأفراد على التعاملات لفترة طويلة.
وشهدت البورصة خلال عام 2021 هيمنة من فئة الأفراد على التعاملات وتحركات مضاربية، قابلها هدوء قوى فى ضخ الاستثمارات المؤسسية، وهو ما ترتب عليه تحقيق الأفراد مشتريات 2.6 مليار جنيه، قابلها مبيعات مؤسسية بنفس القيمة، وذلك على الأسهم المقيدة، شاملة الصفقات خلال أول 9 أشهر من العام الحالى.
وشهدت الفترة الأخيرة اجتماعا بين دكتور محمد فريد رئيس البورصة، والدكتور شريف فاروق رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للبريد لبحث سبل وفرص التعاون المشترك بين البريد المصرى والبورصة المصرية، وعرض خطة عمل وإستراتيجية شركة البريد للاستثمار والشركات التابعة لها وبحث فرص استثمار البريد المصرى فى البورصة، وكيفية زيادتها والاستفادة منها بالإضافة إلى إمكانية الترويج لصناديق الاستثمار عبر مكاتب البريد المنتشرة فى جميع أنحاء الجمهورية.
ودعا «فريد» خلال الاجتماع قيادات البريد إلى بحث كيفية الاستفادة من سوق الأوراق المالية كمنصة تساعدهم على توفير التمويل لشركاتهم التابعة أو المشتركة من خلال القيد والطرح، فضلا عن العمل على برامج لرفع مستويات ووعى ومعرفة المدخرين من خلال البريد المصرى وتعريفهم بأساسيات الاستثمار والادخار التراكمى طويل الأجل من خلال سوق الأوراق المالية، عبر تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية، كما تم الاتفاق على استكمال التشاور لاتخاذ ما هو مناسب للطرفين خلال الفترة المقبلة.
واستعرض رئيس البورصة، خلال الاجتماع تطورات سوق الأوراق المالية خلال الفترة الماضية، مشيرا إلى الدور الذى تلعبه السوق كمنصة تساعد الكيانات الاقتصادية العاملة بمختلف القطاعات على الوصول للتمويل اللازم للنمو والتوسع، وكذلك منصة مهمة للادخار والاستثمار التراكمى طويل الأجل.
وأكد خبراء قطاع إدارة الأصول بسوق المال، أن السوق بحاجة إلى استثمارات المؤسسات لتحسين أوضاعها، وأنه إضافة إلى استثمارات البريد تحتاج إلى ضخ استثمارات من جميع الهيئات، والمؤسسات لدعمها.
فى الوقت نفسه يرى مديرو إدارة الأصول أن السوق تواجه بعض التحديات العامة والتى تساهم فى عزوف المؤسسات عن ضخ استثمارات جديدة بالسوق، وأبرزها عدم التمثيل الحقيقى للبورصة للنهضة التى حدثت للاقتصاد، والحاجة إلى تشريعات تسمح لشركات تعمل فى مجالات غير مالية بإنشاء صناديق استثمار.
أزيموت مصر: البورصة بحاجة إلى استثمارات مؤسسات قوية
من جانبه، قال أحمد أبو السعد الرئيس التنفيذى لشركة أزيموت مصر لإدارة الأصول، والذى حضر اجتماع البورصة والبريد إن السوق بحاجة إلى استثمارات مؤسسات قوية تستهدف تحقيق عوائد مميزة للنهوض بالسوق.
ولفت إلى أن البورصة بحاجة إلى استثمارات جميع الشركات التى من ضمن أغراضها الاستثمار، مثل شركات التأمين، والأوقاف، والمعاشات.
وأشار إلى أن الحركة الاستثمارية لهذه المؤسسات يجب أن تكون من خلال محافظ استثمارية تديرها صناديق استثمار محترفة، وليس حصص فى شركات.
وكشف أن «أزيموت» تستهدف الوصول بحجم أصولها المُدارة إلى 12 مليار جنيه العام المقبل، من خلال اقتناص صناديق ومحافظ استثمارية جديدة، مقارنة مع 9.5 مليار حاليًّا.
يشار إلى أن «أزيموت العالمية» ومقرها ميلانو، استحوذت على %99.9 من شركة «رسملة مصر» فى 2019 فى صفقة قيمتها 212 مليون جنيه، ليتحول اسم الأخيرة إلى «أزيموت مصر» لإدارة الأصول.
الأهلى لإدارة الاستثمارات: قطاعات البورصة واعدة وجاذبة للاستثمار
وقال عادل كامل، رئيس شركة الأهلى لإدارة الاستثمارات المالية، إن جميع القطاعات فى البورصة المصرية واعدة وجاذبة للاستثمار من المؤسسات، فى ظل تراجع أسعار أسهم الشركات المدرجة، وعدم تمثيلها للقيم العادلة، إلا أن السوق – لاتزال – لا تمثل الطفرة التى شهدها الاقتصاد خلال الأعوام الماضية.
وأشار إلى أن شركته ستركز العام المقبل على الأصول المدارة لديها، البالغة حاليا 40 مليار جنيه، دون الاتجاه نحو إطلاق منتجات أو صناديق جديدة.
العربى الأفريقي: حجم وعدد صناديق الاستثمار لا يتناسب مع فترة تواجدها
وقال محمد مصطفى، العضو المنتدب لشركة العربى الأفريقى لإدارة الأصول إن استثمارات المؤسسات الممثلة فى صناديق الاستثمار تواجه بعض التحديات على رأسها أن حجم وعدد صناديق الاستثمار لا يتناسب مع فترة وجودها فى السوق المحلية والبالغة 25 عاما، ولا يمكن مقارنته بحجم الصناديق فى الأسواق المالية الناشئة الأخرى.
وقال إنه تم حل بعض مشكلات القطاع من خلال سماح الهيئة العامة للرقابة المالية لمؤسسات مالية بجانب البنوك وشركات التأمين بإصدار صناديق استثمار، بالإضافة إلى السماح لشركات تداول الأوراق المالية لتكون إحدى منصات تلقى الاكتتابات فى صناديق الاستثمار، الأمر الذى سينعكس بالإيجاب على تشجيع العديد من الجهات على إطلاق الصناديق، وكذلك إلى ارتفاع معدلات نمو أحجام الصناديق الاستثمارية.
ولفت إلى أن السوق تتطلع إلى وجود شركات يكون نشاطها الوحيد هو التسويق لصناديق الاستثمار وتلقى الاكتتاب لها وشراء والاسترداد لوثائق الصناديق، وإعادة دراسة القواعد المنظمة لحجم صناديق الدخل الثابت والنقدية للبنوك.
وأكد أن هناك أيضا أهمية كبيرة لتشجيع الشركات الخاصة على القيد بالبورصة و تسريع برنامج الخصخصة بطرح شركات تنتمى لقطاعات جديدة وغير متمثلة بسوق المال، الأمر الذى سينعكس بالإيجاب على إطلاق صناديق أسهم بسياسات استثمارية جديدة أو لصناديق قطاعية أو لصناديق تستهدف شركات برأسمال سوقى محدد، موضحا أن المعالجة الضريبية الجديدة لصناديق الأسهم سوف تجذب المستثمرين الأفراد إليها من جديد.
سيولة جديدة و البريد يجب أن يعود للبورصة
وقالت عصمت ياسين، رئيس تداولات الأفراد فى شركة أسطول لتداول الأوراق المالية إن السوق بحاجة إلى مؤسسات تضخ سيولة فيها مثل البريد، والتأمينات، وجميع النقابات المهنية، سواء من خلال الطرح بالسوق، أو الاستثمار من خلال صناديق الاستثمار.
ويرى محمد حسن العضو المنتدب لشركة بلوم لإدارة الاستثمارات المالية أن السوق بحاجة إلى إعادة جميع المؤسسات النظر فى استثماراتها بالبورصة المصرية.
وقال إن البريد يجب أن يعود إلى نمط الاستثمار فى البورصة الذى كان يتبعه قبل عام 2015 إذ إنه عقب هذه الفترة تخارج من صناديق الاستثمار ووضع أمواله فى محافظ مالية، أسند إدارتها لشركات.
منظومة إجراءات لإصلاح السوق وأموال المؤسسات آخر خطوة
من جانبه، أكد محمد فتح الله، العضو المنتدب لشركة بلوم مصر لتداول الأوراق المالية أن البورصة ليست بحاجة إلى استثمارات الهيئات والمؤسسات فقط، والتى تعد آخر عنصر فى احتياجات السوق، وإنما بحاجة إلى استكمال عدد من الجوانب تتضمن محفزات اقتصادية، وإلغاء الضرائب، وكيفية محاكاة المستثمرين العرب والأجانب لجذبهم للسوق مجددا، ومراجعة القوانين لمواكبة حركة الأسواق العالمية.
وتابع إن السوق أيضا بحاجة إلى طروحات جديدة بجدول زمنى، لأنه حال وجدت المؤسسات بضاعة جاذبة وسوق منظم سيمثل ذلك محفزات جيدة تجذبها للسوق.
جدير بالذكر أن شريف فاروق، رئيس الهيئة القومية للبريد صرح سابقا مرارا بأنه يجرى إعداد شركة البريد للاستثمار وشركاتها التابعة للطرح بالبورصة خلال العام المالى الحالى.
كان وزير المالية دكتور محمد معيط قال إن الحكومة ترمى إلى طرح 5 شركات حكومية بالبورصة قبل نهاية العام المالى الحالى فى يونيو المقبل، عقب طرح ناجح لشركة «إى فاينانس» للاستثمارات المالية والرقمية تم خلاله جمع 5.8 مليار جنيه.
يشار إلى أنه من أبرز الجهات الحكومية التى تستثمر بحصص فى شركات مدرجة بالبورصة المصرية هى وزارة المالية، والتى تساهم بـ%26 فى شركة «موبكو» بعد شرائها حصة شركة أجريوم الكندية (نيوترين حاليا) فى صفقة قيمتها 2.9 مليار جنيه، وذلك فى إطار تسوية نزاع تحكيم دولى.