تتبنى وزارة السياحة والآثار خطة طموحة فيما يخص مشروعات التحول الرقمي، وذلك بهدف تطويع التقنيات الحديثة لتطوير وتنمية القطاع السياحى والبنية التكنولوجية الخاصة به، من خلال ميكنة كافة الخدمات السياحية، وربط وتغطية المواقع الأثرية والمتاحف بخدمة الإنترنت، بالإضافة إلى التأهيل الرقمى وقواعد البيانات.
وقال الدكتور خالد شريف، مساعد وزير السياحة والآثار للتحول الرقمي، إن الوزارة لديها خطة كبرى للرقمنة فى إطار تنفيذ استراتيجية تطوير السياحة المصرية، والتى ترتكز على 4 محاور أبرزها الانتقال إلى العاصمة الإدارية الجديدة، وما يصاحبها من تطبيقات ميكنة المستندات، ودورة العمل نفسها.
استراتيجية رباعية ومبادرة رئاسية
وأضاف شريف فى حوار موسع مع «المال»، أن المحور الثانى يتعلق برفع كفاءة خدمات الإنترنت داخل الفنادق المصرية، والتى تمت بناء على استطلاعات آراء السائحين من خلال شركات مصرية وعالمية، والتى خلصت إلى أن خدمات الإنترنت واحدة من عوامل جذب المقصد السياحي، خاصة أن وضع الخدمة فى مصر لم يكن بالقدر المقبول خلال الفترة الماضية – على حدَّ وصفه.
وأشار إلى أن هذه المبادرة الرئاسية تم ترجمتها إلى بروتوكول تعاون بين وزارتى السياحة والآثار والاتصالات، بالتعاون مع إدارة الإشارة فى القوات المسلحة لتنفيذ مشروع طموح فى مصر لرفع كفاءة الإنترنت فى الفنادق 4 أو 5 نجوم، مقدرًا إجمالى عدد المنشآت الفندقية فى المقصد المصرى بنحو 1200 فندق، من بينها 400 تقريبا من فئة 4 و5 نجوم على مستوى الجمهورية.
وألمح إلى أنه تم تقسيم المشروع إلى عدة مراحل شملت الأولى منها مدينة القاهرة الكبرى، وتضم 54 فندقا فى القاهرة والجيزة، بالإضافة إلى 100 فندق آخر فى مدينة شرم الشيخ من فئات 4 و5 و3 نجوم تزامنا مع انعقاد قمة المناخ، لافتًا إلى أنه تم الانتهاء من أعمال رفع كفاءة الخدمة فى هذه الفنادق باستخدام أحدث التقنيات، على رأسها كابلات الألياف الضوئية، والتى تم توصيلها بواسطة الشركة المصرية للاتصالات.
ونوه إلى قرار وزير السياحة والآثار الصادر فى مارس 2022 بشأن إلزام الفنادق فى مصر بضرورة ألا يقل الحد الأدنى لسرعة خدمات الإنترنت بها عن 4 ميجابت فى الثانية الواحدة يتم احتسابها وفق معايير عالمية، مبينا أن احتساب سرعة الإنترنت من فندق لآخر يخضع لمعادلات تختلف حسب عدد النجوم على أن يتم تغطية الأماكن العامة وقاعات الحفلات.
وفى سياق متصل، قال شريف إن الشق الثانى من المشروع هو تطوير وتحديث الشبكة الداخلية للفندق ذاته، وذلك لمنع حدوث أى اختناقات فى نقل سرعات الإنترنت، لافتا إلى أنه تم تشكيل لجنة تضم ممثلين عن جهاز تنظيم الاتصالات ووزارة السياحة والآثار، وتم وضع مواصفات للشبكات الداخلية بالفنادق من كابلات وغيرها، بالإضافة إلى تدريب مفتشى إدارة الفنادق داخل الوزارة على قياس ومراجعة خدمات الإنترنت.
وتابع قائلا: وضعت قمة المناخ المفشتين فى اختبار صعب، ونجحوا فعليا فى الخروج بملاحظات على خدمات الإنترنت داخل فنادق شرم الشيخ، والمتابعة على تحسينها، مؤكدا أن الوزارة أصبح لديها فريق مفتشين على الفنادق يجيد التعامل الفنى مع خدمات الإنترنت.
وأشار إلى أن العنصر الثالث من المشروع يتمثل فى التعاقد مع إحدى مقدمى خدمات الإنترنت المرخص لهم من قبل جهاز تنظيم الاتصالات، لافتًا إلى أن «السياحة والآثار» اتفقت مع وزارة الاتصالات والجهاز على رفع سعات الإنترنت مؤقتا داخل فنادق شرم الشيخ التى تجاوزت نسبة الأشغال بها %70 وضمها للمرحلة الأولى من المشروع بسبب قمة COP 27.
وعن بدء تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع رفع كفاءة خدمات الإنترنت، قال إن هذه المرحلة تضم نحو 170 فندقا من فئة 4 و5 نجوم موزعة على مدن البحر الأحمر، وبالأخص فى الغردقة ومرسى علم والأقصر وأسوان والأسوان، بالإضافة إلى باقى مدن محافظة جنوب سيناء، مشيرًا إلى أن النسبة الأكبر من هذه الفنادق تقع فى البحر الأحمر.
الفنادق العائمة
وذكر أن المرحلة ذاتها تستهدف أيضًا رفع سرعة الخدمة فى أكثر من 150 فندقًا عائمًا بين مدينتى الأقصر وأسوان، وذلك بعد قيام جهاز تنظيم الاتصالات بإجراء مسح مع مقدمى الخدمة لتغطية المسافة الواقعة بين الأقصر وأسوان، والرحلات النيلية الطويلة من القاهرة للأقصر، وصدرت تقارير بالمناطق التى تحتاج شبكات تقوية، وقامت جميع الشركات فعليا برفع كفاءة التغطية، والتى تعتمد على شبكات الاتصالات المحمولة.
وتابع: تم كذلك وضع مواصفات للشبكات الداخلية داخل هذه النوعية من الفنادق، بحيث يتم توزيع خدمات الإنترنت داخليا عبر شبكات الواى فاي، مشيرًا إلى أنه من المتوقع الانتهاء من تنفيذ المرحلة الثانية، والتى بدأت فى نوفمبر الماضى خلال مارس 2023.
وقال مساعد وزير السياحة والآثار للتحول الرقمي، إن المرحلة الثالثة من المشروع ستضم فنادق مدن رأس البر والسويس والإسماعيلية وبورسعيد، علاوة على فنادق الـ 3 نجوم، متوقعًا أن يتم رفع كفاءة خدمات الإنترنت بنهاية العام المالى الجارى 2022/2023 فى 700 فندق ثابت و200 عائم.
وأكد أن المصرية للاتصالات تحملت الجزء الأكبر من استثمارات أعمال التنفيذ ضمن المشروع القومى لرفع سرعات الإنترنت فى مصر، فى الوقت ذاته تعمل الفنادق على تطوير بنيتها الداخلية، وتتعاقد مع الشركة للحصول على الخدمة.
المتاحف والمواقع الآثرية
على صعيد آخر، نوه بأن الوزارة تعكف أيضًا على تنفيذ مشروع آخر يتمثل فى تزويد المواقع الأثرية المتاحة لزيارة الجمهور بخدمات الإنترنت، مشيرًا إلى أن «السياحة والآثار» بدأت فعليًّا بـ 4 مواقع كمرحلة استرشادية هى المتحف المصرى بالتحرير، ومنطقة الأهرامات، ومنطقة سقارة، ووادى الملوك بالأقصر، وذلك للوقوف على حجم التحديات التكنولوجية، والمدة الزمنية، وحجم الاستثمارات المتوقعة للتنفيذ، فعلى سبيل المثال يمثل المتحف المصرى بالتحرير تحديًّا كونه مبنى أثريًّا مقارنة بأى متحف آخر إلا أنه يجب الانتهاء من ذلك خلال عامين- على حد قوله.
وأضاف أن المتحف القومى للحضارة المصرية أصبح حاليًّا أول موقع أثرى متوافر به خدمات إنترنت الواى فاي، لافتًا إلى أن المرحلة الأولى من المشروع السابق تستهدف تغطية 40 موقعًا أثريًّا ترتفع إلى 160 موقعًا تباعًا طبقًا لبروتوكول التعاون الموقع مع وزارة الاتصالات.
ولفت شريف إلى أن حجم الموازنة التقديرية لمشروعات التحول الرقمى فى وزارة السياحة والآثار خلال العام المالى الحالى تتراوح قيمتها بين مليار و1.5 مليار جنيه، وتعتمد المخصصات المالية المرصودة لكل مشروع حسب أهميته، مع الآخذ بعين الاعتبار بأن تمويل هذه المشروعات يتم من خلال الوزارة نفسها وجهات مانحة وشركات عالمية.
وأكد شريف أن الوزارة تنفذ كذلك مشروعا لربط المخازن المتحفية بقاعدة البيانات المركزية للقطع الآثرية الموجودة فى المجلس الأعلى للآثار، ومن المرجح توصيل 38 متحفًا قبل نهاية السنة المالية الحالية تم ربط 28 منها حتى الآن، يلى ذلك تحميل بيانات القطع الآثرية على قاعدة البيانات، متابعًا أنه تم تدريب أمناء المتاحف والمخازن على تصويرها باستخدام أحدث الكاميرات فائقة الجودة، بما يساعد على حفظ الآثار المصرية من أعمال السرقة والنهب.
وأشار إلى نجاح الوزارة حتى الآن فى تسجيل نحو 110 آلاف قطعة أثرية متواجدة فى 23 مخزنًا ومتحفًا تمثل %10 تقريبًا من إجمالى عدد القطع الأثرية المستهدف تسجيلها، والتى تتراوح ما بين 2 إلى 3 ملايين قطعة، مرجعًا السبب وراء عدم القدرة على حصر عدد القطع بشكل دقيق إلى عمليات التسجيل المزدوج لها، علاوة على تنفيذ اكتشافات أثرية جديدة طوال الوقت.
وتابع أن الوزارة تعمل حاليًا على تطوير كود موحد للتعرف على القطع الأثرية المنقولة فى صورة مبادرة مصرية بالكامل، خاصة مع تعدد طرق التسجيل، منوهًا بأن الفكرة لاقت استحسانًا كبيرًا من قبل الهيئات الأثرية والعلمية حول العالم.
وأوضح إن توحيد أكواد القطع الأثرية دليل قوى على دور أدوات التكنولوجيا، إذ يتطلب توافر تقنيات متطورة ومعقدة وتتعاون الوزارة فى هذا الصدد مع شركات عالمية كبرى مثل أمازون ومايكروسوفت لتنفيذ ذلك، مؤكدًا أن الوزارة مازالت فى مرحلة تخطيط المشروع، وقد يحتاج الأمر إلى 5 سنوات على أقل تقدير حتى يدخل حيز التنفيذ.
العاملين بالسياحة
وقال شريف إن الوزارة تعمل حاليًا على مشروع لإعداد أول قاعدة بيانات مجمعة وموحدة للعاملين بالقطاع السياحي، مشيرًا إلى أن الهدف منه هو حصر أعداد العاملين بالسياحة بالتنسيق مع وزارة الداخلية والاتحاد المصرى للغرف السياحية.
وأضاف أنه تم التوزيع على 3 دوائر أولها العاملين فى المنشآت السياحية والفندقية المرخصة من وزارة السياحة والآثار، أما الجزء الثانى فهو للعاملين المؤقتين فى تلك المنشآت والدائرة الأخيرة، خاصة بالمتعاملين مع القطاع مثل أصحاب الحناطير والفلوكات وغيرهم.
وأشار إلى أنه حتى الآن تم تسجيل نحو 120 ألف عامل على قاعدة البيانات المركزية من بينهم 797 عاملا أجنبيا، موضحًا أنه تم إتاحة هذه المنظومة لكافة الجهات المرخصة من الوزارة لإدخال بيانات العاملين لديهم بهدف مطابقتها مع البيانات المسجلة فى الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية، فضلاً عن اعتمادهم لدى وزارة الداخلية.
وأكد أن الهدف من المشروع هو الارتقاء بمستوى العاملين فى السياحة، وإتاحة فرص عمل لهم، لافتًا إلى أنه جارٍ العمل أيضًا على ميكنة الخدمات المقدمة من الإدارات المعنية فى الوزارة، والتى تتجاوز عددها الـ 300 خدمة مقدمة ما بين إدارة خاصة المنشآت السياحية والفندقية والغوص وأخرى لشركات السياحة.
ولفت إلى أنه تم الانتهاء من ميكنة نحو 80 من إجمالى 160 خدمة مقدمة للمنشآت السياحية والفندقية، كما تم إتاحة %55 منها على البوابة الرسمية لوزارة السياحة والآثار، متابعًا أن الخدمات المتبقة جارٍ اختبارها، ومن المقرر إتاحتها قريبًا، على أن يتم الانتهاء من المشروع خلال شهر.
وذكر أن هناك مشروعًا آخر خاصًّا بميكنة الخدمات المقدمة والتابعة للإدارة المركزية لشركات السياحة، إذ تتراوح عددها من 140 إلى 150 خدمة، موضحًا أنه بمجرد الانتها من ميكنتها سيتم إتاحتها على الموقع الرسمى للوزارة.
وأشار إلى أنه تم إطلاق الموقع الإلكترونى الخاص بالمتحف المصرى بالتحرير، بالإضافة إلى البوابة الجديدة للهيئة العامة المصرية للتنشيط السياحي، والتى تهدف إلى التعريف بالمقصد السياحى المصري، وما يتمتع به من مقومات ومنتجات وأنماط سياحية متميزة ومتنوعة، بالإضافة إلى توفير كل ما يحتاج إليه السائح قبل السفر من معلومات عن الأماكن السياحية والمواقع الأثرية والمتاحف المفتوحة للزيارة، ومواعيد عملها، وحالة الطقس، ووسائل المواصلات، والعملات المستخدمة داخل الدولة، حتى يتمكن من الاستعداد الجيد لرحلته.
وتابع أنه تم إطلاق أيضًا الموقع الإلكترونى الرسمى للمتحف القومى للحضارة المصرية كأول منصة حجز للتذاكر الإلكترونية، منوها بأنه جارٍ تطوير الموقع الخاص بمتحف الفن الإسلامي.
تطبيق السائح
وذكر شريف أنه تم الانتهاء من تطبيق السائح، وهو عبارة عن «موبايل أبليكيشن» تنفذه إحدى الشركات، ومن المقرر إطلاقه خلال أيام، والهدف منه هو تعريف السائح بالأنماط، والمنتجات، والمعالم، والفعاليات، والأنشطة السياحية والثقافية والفنية والبيئية والبحرية المختلفة والمتميزة للمقصد السياحى المصري، كما أنه سوف يساعد السائح على تنظيم رحلته داخل مصر قبل السفر إليها للاستمتاع بتجربة سياحية فريدة أثناء قضاء عطلته.
ولفت إلى أن هناك مشروعًا آخر لميكنة منافذ البيع وبوابات الدخول فى المواقع الآثرية والمتحفية، فلدينا 160 موقعًا آثريًّا ومتحفًا، متابعا أن من 45 موقعًا منهم يمثلون %85 من إيرادات الخاصة بالمجلس الأعلى للآثار.
وأردف أن الهدف من المشروع هو ميكنة منافذ بيع التذاكر الموجودة بالمواقع الآثرية والمتحفية، بهدف إثراء تجربة السائح، والاعتماد على التكنولوجيا الحديثة، بالإضافة إلى إحكام الرقابة على إيرادات المجلس الأعلى للآثار.
وأشار إلى أنه تم ميكنة 35 موقعًا آثريًّا ومتحفًا حتى الآن، وتشغيل ماكينات إصدار التذاكر الإلكترونية لدخول تلك المواقع لتحل محل التذاكر الورقية، بما يمكن السائحين من الحصول على تذاكر دخول إلكترونية لهذه المواقع والمتاحف، وسداد قيمتها باستخدام كروت الائتمان المختلفة.
يشار إلى أن هذه الماكينات تشكل جزء من منظومة إلكترونية متكاملة لإصدار تذاكر حديثة تحمل QR code وتستخدم لمرة واحدة فقط عبر البوابات الذكية، والتى تقوم بقراءة التذكرة بسرعة عالية أثناء سير السائح منعًا للتكدس، كما أنها تتيح إحصاء عدد السائحين عند دخول المتحف والخروج منه لأغراض التأمين والمتابعة لما تم بيعه من التذاكر، ما يؤدى لمنع الدخول بتذاكر مزورة.
وشدد مساعد وزير السياحة على أن التحول الرقمى ليس رفاهية، بل أصبح ضرورة حتمية للاستمرار ولتعزيز تنافسية المقاصد السياحية المختلفة.
الواقع الافتراضي
وعن الواقع الافتراضى المعزز، قال إنه جارٍ العمل على ذلك، ويقوم بتنفيذه شركات من القطاع الخاص، مشيرًا إلى أن هناك شركة قامت بتطبيق تجربة افتراضية لاكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، كما قامت الوزارة بإطلاق تطبيق للواقع المعزز بالتعاون مع وزارة الاتصالات.
وكانت وزارة السياحة والآثار ممثلة فى المجلس الأعلى للآثار، أطلقت خلال شهر نوفمبر الماضي، ولأول مرة عرض زيارة افتراضى لمقبرة الملك توت عنخ آمون وقت اكتشافها عام 1922 ولجميع الأثاث والقطع التى كانت تحتويها حينذاك.
وقُدِّمَ هذا العرض الافتراضى بمركز زوار منطقة وادى الملوك بالأقصر، وباستخدام نظارات خاصة من نوع Meta Quest 2 المتطورة، وبالتعاون مع إحدى الشركات المصرية والأجنبية الخاصة.
وأشار إلى أن هناك شركات أخرى لديها العديد من الأفكار فيما يخص الواقع الافتراضى فى معبد الكرنك، وعن الآثار الغارقة، وغيرها من المشروعات.