سعى المشاركون من الجميعات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني في الأول لإعادة تأهيل السجناء لوضع حلول لمنع عودة المساجين المفرج عنهم إلى السجن مرة أخرى وإدماجهم في المجتمع وبعدهم عن الجريمة، وطرحوا عدة أفكار أبرزها وضع خارطة طريق للسجناء قبل الإفراج عنهم وتأهيلهم وتدريبهم عليها، وإدخال الفن والسينما إلى حياتهم أثناء فترة العقوبة، وتخصيص أماكن للاستضافة بعد خروجهم.
تجربة تونس وإسبانيا
وعرضت الدكتورة نوال مصطفي، رئيس مجلس إدارة مؤسسة رعاية أطفال السجينات، مقترحًا لإعادة تأهيل السجناء أثناء فترة العقوبة بحيث يخرجون للمجتمع أسوياء، ويبتعدون عن الجريمة، وكان من أبرزها مطالبة قطاع السجون بإدخال السينما وعرض أفلام هادفة للنزلاء، مع نشر الثقافة بينهم، وتخصيص زيارات لنقاد السينما والفن لشرح لهم أهمية وجودهم كأشخاص مفيدون داخل المجتمع، وضربت مثالًا بمهرجان قرطاج في تونس بعرض أفلام للسجناء.
وطالبت مصطفى، بخطة وخارطة طريق لتأهيل السجناء، واستشهدت بالتجربة الإسبانية الخاصة بتحويل سنة العقوبة النهائية أو التنفيذية إلى سنة تأهيلية يقضيها السجين خارج السجن، بحيث يتحول إلى موظف صباحًا يذهب للسجن وبالليل يعود لمنزله.
وتابعت: خلال هذه السنة نؤهله للعودة إلى المجتمع، ونوفر له فرصة عمل وندربه على ذلك وبذلك نكون حولناه لشخص مفيد، بعد وضع خارطة طريق له.
سجينات الفقر
واستعرضت خلال المؤتمر الأول لتأهيل السجناء، تجربة جمعية رعاية أطفال السجينات التي بدأت منذ عام 1990، في رعاية أطفال السجينات ومن ثم شملت إعادة ودمج وتأهيل سجينات الفقر المفرج عنهن منذ عام2007، ملقية الضوء على البرامج المتعددة التي تقدمها الجمعية لتدريب ودمج السجينات.
وناشدت بتغيير القوانين الخاصة بما أسمته “سجينات الفقر” أو الغارمات، واستبدالها بعقوبات بديلة بدلًا من سجنهن.
مطالب بتعديلات تشريعية
واقترحت تعديل المادة الخاصة بإيصال الأمانة في القانون المصري، وشطب السابقة الأولى التي تسجن فيها المرأة بسبب إيصال أمانة من صفحتها الجنائية، واستبدال العقوبات السالبة للحرية بالعقوبات البديلة، ووصف ذلك بأنه “أهم إنجاز”.
يذكر أن المؤتمر، عرض تجارب العديد من الدول العربية في مجال الإصلاح وإعادة الدمج المجتمعي على رأسها التجربة المغربية، والتي قدمتها مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، والتجربة الأردنية التي عرضتها المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي.
مراكز استضافة
وطرحت الدكتورة نيرمين البحطيطي، الرئيس التنفيذي لمؤسسة حياة للتنمية والدمج المجتمعي، فكرة عقد شراكات مع جمعية رعاية السجناء، وتحويل مقراتها إلى مراكز استضافة لتأهيل السجناء بعد خروجهم.
وناشدت وزارة الداخلية والرعاية اللاحقة بدراسة الأمر، مؤكدة أن مراكز العنف ضد المرأة ترفض استضافة السجينات ما يجعلهن عرضة مرة أخرى للعودة للجريمة.
وتطرقت إلى القطاع الخاص يرفض تعيين خريجي السجناء حتى بعد تأهيلهم في الوظائف، مطالبة رجال الأعمال بتخصيص أماكن في المصانع للمفرج عنهم.
وأشارت إلى وجود صعوبة في تسجيل مشاريع تأهيل السجناء ومنها استخراج رخص للسيارات المتنقلة، بسبب القانون الذي يمنع صدور تراخيص لهم، مناشدة البرلمان بتعديل تلك التشريعات.
تأهيل السجناء
عقد مؤتمر “نحو تعزيز جهود إعادة التأهيل والدمج الاجتماعي للسجناء المفرج عنهم”، على مدار يومي الثلاثاء والأربعاء 5 و6 نوفمبر 2019 بفندق بيراميزا بالدقي، وذلك بحضور مؤسسسات المجتمع المدني من مصر وتونس وأردن والمغرب، وبرنامج الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة والمخدرات، وممثلي وزارة الداخلية ووزارة التضامن الاجتماعي.
وناقش الإطار القانوني المنظم لجهود إعادة الـتأهيل وإدماج السجناء، وإطار الإدماج في مجال التمكين الاقتصادي.
وعرض تجارب نسائية ملهمة في إطار برنامج التأهيل الاقتصادي لمشروع حياة جديدة بالشراكة مع مؤسسة دروسوس، لإبراز الدور الذي يلعبه تمكين السيدات اقتصاديًا، وحمايتهمن من اللجوء إلى الاستدانة، وبداية حياة جديدة لهن.
وشملت توصيات المؤتمر، التوسع في إنشاء المصانع داخل السجون لتدريب وتأهيل السجناء، وتطوير التشريعات الخاصة بالإفراج الشرطة بعد قضاء المسجون مدة معينة من العقوبة، وأن تشمل برامج الـتأهيل المهارات المعرفية، ودعم الصحة النفسية وبرامج التعليم الأساسي وبرامج التدريب المهني والبرامج الثقافية.
وناشدة رجال الأعمال التعاون مع مؤسسات العمل الأهلي لإعادة ودمج المسجونين السابقين، إلى جانب مطالبة المجتمع الدولي بتقديم الدعم والمساندة إلى المعنيين بإعادة التأهيل والدمج.