«أبو العزم»: القطاع يسير بخطى حثيثة نحو التطبيقات وتحليل البيانات
«سعيد»: التحليلات التنبؤية لضبط المطالبات والرقمنة ترفع مستوى الإنتاجية
أجمع عدد من مسئولى وخبراء قطاع التأمين على أهمية حلول البيانات والذكاء الاصطناعى بشركات القطاع بالأسواق العالمية، وقدرتها على كبح جماح التعويضات غير الحقيقية، وتقليص حجمها بإدارة الخطر قبل حدوثه، إلا أنهم اعترفوا بتأخر القطاع فى الدخول لهذه البوابة، بسبب العمل على عمل بنية تكنولوجية قوية بالشركات فى الوقت الحالى، تمهيدًا للدخول فيه المرحلة المقبلة على نطاق واسع، والتى ستسهم فى تعظيم قاعدة العملاء، من خلال قدرته على مساعدة الشركات على تصميم منتجات جديدة بسعر أكثر دقة، تلبى احتياجاتهم.
قال مصطفى أبو العزم، القائم بأعمال العضو المنتدب لـ”الجمعية المصرية للتأمين التعاونى”، إن التحول الرقمى كان بداية رحلة تنقل البيانات بين العملاء وشركات التأمين عن بُعد؛ حيث الهواتف المحمولة والتطبيقات التى تتيح للعملاء الدخول على مواقع شركات التأمين أو الرعاية الطبية، عبر منصاتها الإلكترونية والحصول على خدماتها على أعلى مستوى، خاصة منذ بداية تفشى فيروس كورونا.
وأشار “أبو العزم” إلى أن شركات التأمين مندمجة بأنشطتها المختلفة مع كل القطاعات الاقتصادية كالاتصالات والبنوك، لافتا إلى أن الأخير اقتحم الذكاء الاصطناعى عبر استخدام الدردشات الربوتية للرد على أسئلة العملاء، وتلبية خدماتهم، والذى عاد بالإيجاب على التأمين عامة من خلال الأنشطة والمشتركة، خاصة “متناهى الصغر” الذى بدأت صناعته تنطلق بقوة.
وأضاف أن الاتحاد المصرى للتأمين قبل أيام طالب لجنة متناهى الصغر بتقديم مقترحات منتجات تأمين جديدة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ودراسة نماذج توزيع منتجات التأمين متناهى الصغر، والتركيز على التوزيع وإدارة عمليات التحصيل ودفع التعويضات إلكترونيًا، للوصول بسهولة إلى الفئات التى لا تصل إليهم الخدمات التأمينية.
وأكد أن الرقابة المالية طالبت مؤخرًا بتوظيف التكنولوجيا فى التأمين، وذلك من خلال الاضطلاع على تجارب الأسواق الدولية بشأن قواعد تنظيم ورقابة استخدام التكنولوجيا فى مجالات وأنشطة التأمين لتحديد الفرص والتحديات وبناء نظام رقابى مرن يسهم فى تعزيز التحول الرقمى واستخدام تحليل البيانات الكبيرة وتطبيقات الذكاء الإصطناعى فى قطاع التأمين.
ولفت “أبو العزم” إلى أن الذكاء الاصطناعى يقدم المساعدة لشركات التأمين والوسطاء وحاملى الوثائق، من حيث زيادة الكفاءة والفعالية وسرعة وكفاءة وحجم تبادل المعلومات بالدول الخارجية، خاصة أن الذكاء الاصطناعى يمكن أن يوفر حلولًا لمعظم المشكلات التى تواجه القطاع، من ناحية التعويضات أو المقاصة بين الشركات، كما أنه يساعد فى تقييم الخطر بطريقة دقيقة، وكذلك منع وقوع الأضرار والانتهاء من تسوية التعويضات بشكل أسرع
وتابع أن الذكاء الاصطناعى يساعد القائمين على صناعة التأمين على تلبية احتياجات العملاء، ما يحقق مستهدفاتهم من الأقساط التأمينية بشكل كبير، وتعظيم حجم العملاء من ناحية أخرى.
ورأى “أبو العزم” أن جودة وسرعة الخدمة والتنبؤ بالأخطار والعمل على تفاديها، ستكون من ضمن أسس عمل قطاع التأمين، مثل متابعة نشرات الطقس وعمل وثائق تأمين تلبى احتياجات العملاء لتلافى الآثار السلبية للتغير المناخى، الذى بات حقيقة واضحة للجميع، وهو ما سيحققه الذكاء الاصطناعى.
وأوضح “أبو العزم” أن الحلول الرقمية والتقنيات الجديدة حسنت التفاعل بين شركات التأمين على كل من العميل وجانب إعادة التأمين، ما قلل الاحتكاك فى عملية التعويضات للسماح بنهج أكثر سلاسة وأسرع لتسوية مطالبات الكوارث والاخطار بشكل عام.
وطالب “أبو العزم” شركات التأمين بتدارك أهمية اللحاق بالتطورات الرقمية الجديدة التى توفر قدرًا كبيرًا من البيانات لتمكينها من إدارة الخطر بسهولة وسرعة ومرونة أكثر من السابق.
من ناحيته، أكد خالد سعيد، رئيس قطاع تطوير الأعمال والإنتاج والفروع فى شركة طوكيو مارين للممتلكات، أهمية استيراتيجية البيانات لشركات التأمين التى تتطلع للتعامل بفعالية مع المخاطر التى تواجهها والتعويضات المستحقة عليها لعملائها، علاوة على معرفة احتياجاتهم بغرض تلبيتها.
وأشار “سعيد” إلى أهمية كل من البيانات الداخلية والخارجية لإدارة عمليات التعويضات ولمرحلة التخطيط قبل وقوع الحدث الكارثى، وكذلك أثناء الحدث وبعده، والتى تتوافر عن طريق الجهات المعنية بالدول الخارجية كالأقمار الصناعية والأرصاد الجوية والرادارات وغيرها، فى حال التركيز على الكوارث الطبيعة على سبيل المثال.
وأوضح أن العام المقبل فى مصر سيشهد انطلاق 4 أقمار صناعية فى مصر، وهو أحد مصادر البيانات لقدرته على التقاط صور وفيديوهات، وهو ما سيحفز شركات التأمين على عمل منتجات تأمينية مبتكرة وكثيرة على سبيل المثل التغطيات الخاصة بالمدن الجديدة التى يراعى فيها سرعة الرياح ودرجة الحرارة مقارنة بباقى المناطق الأخرى، علاوة على استغلال المنصات الرقمية والتحول الرقمى الذى ييسر سهولة تنقل البيانات.
ورأى “سعيد” أن الذكاء الاصطناعى دخل العديد من القطاعات الاقتصادية كالبنوك والاتصالات، وهو استخدام الآلات المبرمجة أوتوماتيكيًا والمحسنة رقميًا بشكل سريع، لتحقيق أعلى مستويات الإنتاجية، والتأمين ليس بمعزل عن هذه القطاعات بل منخرط معها منذ سنين طويلة، لذلك فإن طرقه باب الصناعة سيعيد رسم خريطتها.
وأوضح أن قطاع التأمين فى مصر على موعد للدخول إلى هذه المرحلة قريبًا، والتى بدأت فعليا بالتحول الرقمى التى من خلاله كرس القطاع جهودا كبيرة عبر الجهتين الرقابية والتنظيمية –الهيئة العامة للرقابة المالية والاتحاد المصرى للتأمين– علاوة على التفكير فى عمل قاعدة بيانات للقطاع، إضافة إلى التوسع فى جمع البيانات الخاصة عن كل نوع تأمين، ودارسة أخطاره كالكوارث الطبيعية، وأبرزها التغير المناخى وتأثيره على الإنسان والزراعة لرغبتها فى التوسع بالنوع الاخير منذ فترة ليست بقليلة.
ورأى “سعيد” أن الذكاء الاصطناعى فى المرحلة المقبلة سيكون من أولويات شركات التأمين، حيث توفير بيانات قوية -كما وكيفا- أمر بالغ الاهمية فى تعامل شركة التأمين مع عمليات التسعير المختلفه، وأيضًا التعويضات وفقًا للمعلومات الواردة عن أية قطاع، وأبرزها النقل الداخلى والبحرى والسيارات على الطرق والتغيرات المناخية.
وتابع أن شركات التأمين تتعامل مع أحداث غير مسبوقة وأخرى عارضة أو ظاهرية بصفتها تتعامل مع الظواهر، وفى السنوات السابقة كانت لديها إدارى تسمى التخطيط والمتابعة، والتى كانت منوطة بعمليات كثيرة، منها الخطط والاستراتيجيات للشركة والتعامل مع البيانات وتحليلها والعمل من خلال نتائجها.
وشدد على أهمية وجود إدارة المخاطر لكونها المسئولة عن زيادة الوعى بكيفية التعامل مع المخاطر المختلفة، ومهمتها عمل دليل عن مخاطر كل نشاط، وبالتالى كيفية التعامل معها بطرق الوقاية المختلفة وطرق الحماية والامان ومنها التأمين.
وأوضح أن شركات التأمين لا بد أن تتابع الجهات المعنية فى رصدها، مثل هيئة الأرصاد الجوية لمتابعة مستوى الكوارث الطبيعية المحتمل حدوثها والتصدى لها، عبر تصميم منتجات جديدة تمتص غالبية الأخطار المحتمل حدوثها، والتى لن تتم إلا بجاهزية شركة التأمين ببنية تكنولوجية قوية للغاية.
وضرب “سعيد” مثلًا بالأمطار والسيول الغزيرة عام 2009 بالمملكة العربية السعودية، التى كانت واحدة من كبرى الكوارث الطبيعية بالمملكة، فى نوفمبر من عام 2009 حيث امتلأت بعض الطرق بالمياه، ووصل ارتفاعها إلى متر وأكثر، وغرق العديد من الضحايا داخل سياراتهم.
وبحسب التقديرات السعودية الرسمية فإن حوالى 3000 سيارة تضررت من هذه السيول، إضافة إلى خسائر فى البنية التحتية السعودية، قدرت بملايين الريالات والتى لو تم تتبع التنبؤات الخاصة بالطقس والاستعداد لها لتقلص حجم الخطر بدرجة كبيرة.
من جانبه، قال شريف حسن، مستشار الاتصالات والتسويق لشركات التأمين والوساطة، إن القطاع ما زال يحبو نحو الرقمنة والذكاء الاصطناعى، خاصة أن طبيعته مختلفة عن البنوك والاتصالات التى يتم الانفاق عليها بالملايين.
وأوضح أن هناك عددًا من الشركات المتخصصة فى مصر بدأت تتوسع فى استخدام الذكاء الاصطناعى، أما بالنسبة لشركات التأمين فهو مجال جديد عليها، ولا توجد فيه استثمارات كبيرة لعدم رصد ميزانية له حتى الآن لحداثته إلا فيما يتعلق بالرقمنة.
وأضاف “حسن” أن هناك شركات الذكاء الاصطناعى فى الوقت الحالى تبحث التنسيق مع قطاع التأمين فى ذات المجال، ولكن حتى الآن لم تتخذ خطوات جادة، لافتًا إلى المجهود الكبير الذى يبذله الاتحاد المصرى للتأمين لاقتحام ذلك النشاط علاوة على الرقابة المالية التى أشارت لقرب انخراط القطاع به بعد دراسة تجارب الأسواق بالدول الخارجية.
وأشار إلى أن الذكاء الاصطناعى يعنى استخدام الربوت فى أداء المهمات بدلًا من الإنسان، وكذلك الأجهزة التى تقوم بعمل تحليلات البيانات والصور وكاميرات المراقبة، والتى تم التوسع فيها، خاصة بعد كورونا لمواجهة انتشار الفيروس، وسوف يلجأ إليها التأمين فى المرحلة المقبلة كمسار إجبارى.
وأوضح أن الذكاء الاصطناعى “artificial intelligence” يساعد فى توفير المزيد من البيانات عن العميل وتوجهاته بالنسبة لأى مؤسسة، خاصة التى تقوم بتجميع بيانات عن نوعية معينة من العملاء تستهدفها عن طريق ما يسمى “search engine optimization”، والذى يقوم بتحليل المعلومات والبيانات بعد الحصول عليها، وبالتالى تقديم أفضل وأسرع خدمة للعميل مثلما حدث بقطاعات السياحة واللوجيستيات والرعاية الطبية على وجه الخصوص.
ورأى “حسن” أن دخول التأمين بوابة الذكاء الاصطناعى سيجذب قاعدة عملاء ضخمة للقطاع، علاوة على قدرته على إدارة التعويضات وتوقعها والقدرة على تحجيمها قبل وقوع الخطر، فضلًا عن مساهمته مستقبلًا فى عمل الشركات لمسح على احتياجاتهم، وإنشاء منتجات تأمينية جديدة تلبيها.