ارتفعت حصيلة الضحايا في تفجيرات سريلانكا إلى 290 قتيلاً، وإصابة 500 آخرين، حسبما أفادت آخر الإحصاءات بشأن التفجيرات الثماني التي استهدفت فنادق فاخرة، وكنائس خلال المراسم الدينية للاحتفال بعيد الفصح عند المسيحيين (عيد القيامة عند مسيحيي الشرق).
واعتقلت الشرطة 24 شخصًا عقب التفجيرات، لكن الحكومة لم تلق بمسؤولية الهجمات على أية جهة بعد.
وأعلنت السلطات فرض حظر التجول في كافة أنحاء البلاد.
وأفادت تقارير بأن شبكات التواصل الاجتماعي مقيدة مؤقتًا، بهدف وقف انتشار المعلومات الخاطئة، وتطبيقات المراسلة الشهيرة مثل واتساب وفيسبوك غير متاحة لكثيرين.
وفي وقت متأخر من الأحد، أعلن سلاح الجو السريلانكي العثور على عبوة ناسفة وتفكيكها، بالقرب من المطار الرئيسي في البلاد، في العاصمة كولومبو.
وقال المتحدث، غيهان سينيفيراتني، لوسائل الإعلام المحلية إنه تم اكتشاف أنبوب بلاستيكي، “يبلغ طوله 1.8 متر يحتوي على متفجرات”.
بداية التفجيرات
جاءت التقارير الأولى عن التفجيرات، في الساعة 08:45 صباحًا بالتوقيت المحلي (03:15 صباح الأحد بتوقيت غرينتش) وأفادت بوقوع ستة انفجارات في غضون فترة زمنية صغيرة.
واستُهدفت ثلاث كنائس في مدينتي نغومبو وباتيكالوا ومنطقة كوتشيكادي في كولومبو، خلال صلوات عيد الفصح، وضربت التفجيرات فنادق “شانغري لا” وكينغزبيري و سينامون غراند، في العاصمة كولومبو.
وبدأت الشرطة في مطاردة مرتكبي الهجمات، أُبلغ عن انفجارين آخرين، وقع أحدهما بالقرب من حديقة الحيوان في حي دهيوالا، ووقع الآخر بالقرب من حي ديماتاغودا في كولومبو خلال مداهمة للشرطة، ما أسفر عن مقتل ثلاثة ضباط.
ورجحت الحكومة أن تكون تفجيرات انتحارية استخدمت في بعض المواقع، التي تعرضت للهجمات.
سريلانكا وميانمار: لماذا يتجدد العنف بين البوذيين والمسلمين؟
في مؤتمر صحفي مساء الأحد، علق رئيس الوزراء، رانيل ويكريميسينغي، على شائعات بأن المسؤولين قد تلقوا معلومات مسبقة عن الهجمات.
وقال: “يجب أن نبحث في سبب عدم اتخاذ الاحتياطات الكافية. لم يتم إبلاغي أنا ولا الوزراء بأية معلومات”.
وأضاف: “الأولوية الآن هي القبض على المهاجمين”.
ودعا المسؤولون الحكوميون المواطنين إلى التزام الهدوء، أثناء إجراء التحقيقات.
وقالت الخطوط الجوية السريلانكية إن المواطنين لا يزالون قادرين على السفر، إلى مطار باندارانايكي الدولي، على الرغم من حظر التجول.
وطُلب من المسافرين إبراز بطاقة الصعود إلى الطائرة وهوياتهم، عند نقاط التفتيش، والوصول قبل أربع ساعات من الموعد المقرر لإقلاع الرحلات.
من الضحايا؟
يعتقد أن الغالبية العظمى من القتلى سريلانكيون، من بينهم عشرات المسيحيين، الذين لقوا حتفهم أثناء صلوات العيد بالكنائس.
وأعلنت وزارة الشؤون الخارجية في سيريلانكا أنها تعتقد أن من بين القتلى 36 من الرعايا الأجانب، ولا يزال معظمهم مجهولي الهوية في مشرحة كولومبو.
ومن بين القتلى الأجانب:
خمسة بريطانيين على الأقل، بينهم اثنان يحملون الجنسية الأمريكية بالإضافة لجنسيتيهما البريطانية، وثلاثة مواطنين دنماركيين، وآخر برتغالي وثلاثة مواطنين هنود، وفقاً لمسؤولين سريلانكيين.
مهندسان تركيان، وفقاً لوكالة أنباء الأناضول التركية، وشخص واحد من هولندا.
ردود الفعل الدولية
أعرب زعماء العالم عن صدمتهم، وتعازيهم إلى سريلانكا في هذه التفجيرات الدموية.
أطفأت أنوار العديد من المعالم الدولية البارزة، أو أضيئت بألوان علم سريلانكا، بما في ذلك برج إيفل في فرنسا، مساء الأحد تضامنا مع سريلانكا.
وأدان البابا فرانسيس، بابا روما في خطابه التقليدي في الفاتيكان، الهجمات ووصفها بالـ “العنف الوحشي” الذي استهدف المسيحيين، الذين يحتفلون بعيد الفصح.
وقال متحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إنه “يشعر بالغضب” إزاء الهجمات، وأعرب عن أمله في” أن يتم تقديم الجناة إلى العدالة سريعا”.
وعبرت رئيسة وزراء بريطانيا، تيريزا ماي، في تغريدة على موقع تويتر عن تعازيها، قائلة إن “أعمال العنف ضد الكنائس والفنادق في سريلانكا مروعة حقًا”.
وأعرب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في تغريدة على موقع تويتر عن “تعازيه القلبية” في “الهجمات الإرهابية”.
كان رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي قد أدان التفجيرات، و عبر عن تضامن بلاده مع سريلانكا في هذه المحنة وتعازيه لعائلات الضحايا، مشددًا على أنه “ليس ثمة مكان لمثل هذه البربرية في منطقتنا”.
أما رئيسة وزراء نيوزيلندا، استهدفت هجمات مسجدا للمسلمين ما أسفر عن مقتل 50 شخصًا الشهر الماضي، فقد وصفت تفجيرات سريلانكا بأنها “مدمرة”.
وقالت جاسيندا أرديرن: “بشكل جماعي، علينا أن نجد الإرادة والحلول لإنهاء هذا العنف”.
تاريخ سريلانكا الحديث
تعد هجمات الأحد هي الأعنف في سريلانكا، منذ انتهاء الحرب الأهلية في هذا البلد عام 2009.
وانتهت الحرب الأهلية بهزيمة جبهة نمور التاميل، التي قاتلت لمدة 26 عامًا، من أجل وطن مستقل للأقلية التاميلية، ويُعتقد أن الحرب أسفرت عن مقتل ما بين 70 و80 ألف شخص.
ومنذ ذلك الحين، شهدت سريلانكا أعمال عنف متفرقة، وفي مارس الماضي، أعلنت السلطات حالة الطواريء، بعدما هاجم أفراد من الأغلبية السنهالية البوذية مساجد وممتلكات للمسلمين.
الأديان في سريلانكا
يعد مذهب ثيرافادا البوذي أكبر الديانات في سريلانكا (ثيرافادا هو أقدم المذاهب البوذية)، ويشكل معتنقوه 70.2٪ من السكان، وفقًا لآخر الإحصاءات.
ويعد هذا المذهب البوذي دين الأغلبية السنهالية في سريلانكا، وتمنح تعاليمه مكانة أساسية بين قوانين البلاد، وهي معروفة وواضحة في الدستور.
ويشكل الهندوس 12.6 ٪ والمسلمون 9.7 ٪ من السكان.
وسريلانكا موطن لـ 1.5 مليون مسيحي، وفقًا لتعداد عام 2012، غالبيتهم العظمى من الرومان الكاثوليك.