حزمة مقترحات ومبادرات لتنشيط التمويل العقارى باعتباره الحل السحرى لدفع القطاع

فى فترة ذهبية للغاية لإجراء تيسيرات على تلك الآلية الهامة

حزمة مقترحات ومبادرات لتنشيط التمويل العقارى باعتباره الحل السحرى لدفع القطاع
سارة لطفي

سارة لطفي

6:34 ص, الأربعاء, 15 يونيو 22

◗❙ الرقابة المالية تستهدف مضاعفة المحفظة لتبلغ 16 مليار جنيه بحلول 2026

◗❙ عبدالحميد: بعض العملاء لا يملكون المعرفة الكاملة بقانونية الأوراق الخاصة بالوحدات

◗❙ حمدى: يحل %80 من الأزمة

تحديات كثيرة تواجه شركات التطوير العقارى بالسوق المحلية، وكلها تراهن على التمويل العقارى لحل أو تخفيف تبعات تلك الأعباء، ومن هذه التحديات الحرب الروسية الأوكرانية، وزيادات فى أسعار مواد البناء، مع تراجع قيمة الجنيه المصرى أمام الدولار الأمريكي، ورفع سعر الفائدة من قبل البنك المركزي، مع ركود حركة المبيعات.

لطالما كان التمويل العقارى الحل الأمثل لتأزم القطاع، ودفع المبيعات للأمام، وتمويل الفئات المختلفة من المستثمرين والأفراد، ناشد العديد من المطورين والعاملين بالجهات الحكومية والخاصة بضرورة تذليل صعوبات التمويل، والاعتماد عليه كوسيلة مهمة فى مجابهة كل التحديات.

ووفقًا للتقرير الأخير للهيئة العامة للرقابة المالية، بلغ حجم التمويل السنوى الممنوح 8.1 مليار جنيه خلال عام 2021 مقارنة بـ 1.5 مليار جنيه خلال عام 2017.

وتستعرض «المال» فى التقرير التالي، اقتراحات وحلول بعض المطورين لتفعيل آلية التمويل العقاري، وتسهيل إمكانية تمويل الأفراد، وتقليل عدد الضمانات الموضوعة، لانتشال القطاع من مسار الاتجاه الانحداري.

وتحسن نشاط التمويل العقارى فى الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ، إذ تضاعف إجمالى قيمة التمويل الممنوح -منذ بداية النشاط- خلال الأربع سنوات الماضية، لتصل إلى 9.24 مليار جنيه بنهاية عام 2021، مقارنة بـ 5.8 مليار جنيه فى نهاية عام 2017، بمعدل زيادة بلغ %192.9 بحسب تقرير الهيئة العامة للرقابة المالية.

بداية، قال آسر حمدي، الرئيس التنفيذى بقطاع الفنادق بشركة عامر جروب، إن التمويل العقارى فى الوقت الحالى يُعَدّ أحد أهم الآليات التى تخفِّض من حدة الركود فى السوق التى اجتاحت السوق العقارية فى الفترة الأخيرة، والتى تمخضت عن الحرب الروسية الأوكرانية، ورفع سعر الفائدة من قبل البنك المركزى المصري، بالإضافة إلى المشكلة المحتومة منذ نهاية العام الماضى ألا وهى ارتفاع أسعار مواد البناء وأزمة سلاسل التوريد، إذ يُسهم فى حلها بنسبة %80.

وتابع أن السبب الرئيسى فى سيطرة حالة الركود هو مخاوف الأفراد، وهيمنة حالة من عدم اليقين داخل نفوس المستثمرين، مما أسهم بدوره فى تراجع القوة الشرائية لهم لحين اتضاح الرؤية والتخلص من المشهد الغباري.

أما عن باقى الآليات الواجب اتخاذها بجانب التمويل العقاري، فتتمثل فى تبنى آلية معينة لتسعير الأراضى من قبل الحكومة، لامتلاكها ما يعادل %99.9 من الأراضي، وذلك من خلال قيام هيئة حكومية على غرار المركز المصرى لبحوث البناء، بعمل دراسات للسوق، وتحديد سعر محدد للمتر الواحد فى المناطق والمدن المختلفة، بالإضافة إلى مد آجال الأقساط، للتسهيل على المستثمرين والأفراد.

وأضاف حمدي، ضرورة إعادة النظر فى سعر الفائدة المفروض، وفرض معدل فائدة مخصوص لمشروعات التنمية والتعمير، بحيث لا يتخطى نسبة الـ%5 أو %6.

وأرجع حمدى ذلك إلى أن التعمير يُعد هدفًا قوميًّا للدولة، يُساعدها على النمو الاقتصادي، وزيادة معدلات الناتج المحلى الإجمالي، ومن الاحتياجات الضرورية، لذلك من الضرورى وجود تسهيلات لتذليل العقبات أمام القطاع.

وأكد آسر حمدى أن مشكلة التمويل العقارى تتركز فى طلب البنك المركزى المصرى بتوافر ضمانين، أحدهما من قبل العميل، والآخر من قبل المطور، للحصول على وحدة بآلية التمويل، مشيرًا إلى أن ذلك يعد غاية فى الصعوبة، لاسيما فى مصر، التى يعمل معظم المواطنون بها بالمهن الحرة والأعمال الحرفية، وبالتالى لا يمتلكون سجلًا ضريبيًّا أو بطاقة ضريبية.

وطبقًا لتقرير الرقابة المالية، يستحوذ نشاط التمويل العقارى على نسبة %2 فقط من إجمالى حجم التمويل الممنوح من خلال الجهات الخاضعة لرقابة الهيئة، والتى تبلغ 390 مليار جنيه خلال عام 2021، ليمثل أقل نسبة مساهمة مقارنة بالأنشطة المالية غير المصرفية الأخرى، على غرار التأجير التمويلى والتمويل متناهى الصغر.

ولفت حمدى إلى أنه إذا تم تنفيذ آلية التمويل العقاري، وإتاحتها أمام المطورين والأفراد، ينتج عنها تنشيط السوق وحركة المبيعات، وسرعة دوران رأس المال، علاوة على حماية المطور من خطر تذبذبات الأسعار، والأزمات المحتملة، بالإضافة إلى توفير التمويل متوسط الأجل وطويل الأجل لاقتناء العقارات، سواء كانت لأغراض اقتصادية أو لأغراض تمويل المساكن أو ترميمها وصيانتها.

فيما دعا جون سعد خبير الاستثمار العقارى كافة البنوك وشركات التمويل العقارى إلى تقديم تسهيلات للمطورين العقاريين فى هذه الفترة، وتعديل الخطوات والإجراءات الخاصة بالتمويل العقارى لتشمل منح دعم مادى للمساعدة فى إنشاء المشروعات، وذلك للشركات الجادة التى لديها تاريخ سابق من المصداقية، وقاموا بتسليم مشروعات سابقة بالفعل.

وقال سعد إن %99 من المطورين العقاريين لديهم وحدات سكنية تحت التشطيب لا تدخل فى نطاق مبادرة التمويل العقاري، والتى تشترط أن تكون الوحدات كاملة التشطيب.

وأوضح أن دعم البنوك وشركات التمويل العقارى لشركات التطوير فى هذا التوقيت يعتبر شيئًا أساسيًّا يعتمد عليه كل المطورين فى الفترة الحالية نتيجة مشكلة التدفقات النقدية، والتى تعنى أن المبالغ الموجودة فى الشركات والمبيعات لا تكفى لأنشطة البيع والتسويق والتنفيذ وأقساط الأراضى والاستحقاقات المطالب بها الشركات خلال هذه الفترة، وخصوصًا أن معظم شركات التطوير العقارى تقوم ببيع الوحدات على فترات طويلة قد تصل لـ 6 أو 8 سنوات فما فوق، ولا يعتبر ذلك مناسبًا لتسليم هذه الوحدات خلال سنتين أو 3 سنوات طبقًا للجداول الزمنية التى تطلبها الدولة.

ولحل هذه الأزمة فلا بد أن تُقَدِّم شركات وبنوك التمويل العقارى حلولًا لتجاوز هذه الأزمة، إذ يمكن إدخال الوحدات تحت التشطيب فى المبادرة، بأن يتم تعليق مبلغ معين من التمويل حتى ينتهى التشطيب على اختيار العميل، وفقًا لجون سعد.

وأشار إلى أن شركات التطوير العقارى تقوم ببيع شركات وحداتها نصف تشطيب تخوفًا من تغيير العميل للتشطيب، وفى ذلك إهدار للمال والجهد، ولذلك تترك الشركات مرحلة التشطيب للعميل.

وفى ذات السياق، أوضح أيمن عبدالحميد، العضو المنتدب لشركة الأولى للتمويل العقارى، أن قطاع التمويل العقارى شهد نموًا ملحوظًا إبان 2021 نتيجة مبادرات البنك المركزي، وقرار الـ%30 الخاص بشركات التطوير العقارى، مما دعم تسجيل مؤشر قوى بشراء محافظ تمويل عقارية من المطورين لتوفير السيولة اللازمة للقيام بالعملية الإنشائية وتنفيذ نسبة الـ%30.

وأضاف عبدالحميد، أن قطاع شركات التمويل العقارى فقط باستثناء النتائج الخاصة بالبنوك قدَّم تمويلات لأكثر من 500 ألف عميل على مدار 6 سنوات ماضية والخاصة بمبادرات البنك المركزى، وبالمقارنة بالفترة من عام 2004 منذ بدء عمليات التمويل العقارى وحتى عام 2014، سنجد أن الرقم الذى تم تحقيقه خلال آخر 6 سنوات يساوى 15 مرة ضعف ما تم تمويله خلال العشر السنوات.

وتابع، وبالتالى نجد أن هناك 2.5 مليون مواطن تقريبًا استفادوا من مبادرات التمويل العقارى، ومن المتوقع أن تسجل مبادرة الـ3% الجديدة ضعف عدد المستفيدين، وهذا يعنى أنه من خلال مبادرتين فقط خلال العشر سنوات غطينا ما يقرب من %7.5 من سكان مصر.

وأفاد أن المستفيد من قطاع التمويل العقارى يعتبر مسوقًا رئيسيًّا لفكرة التمويل العقارى خاصة، وأن البعض لديه معلومات خاطئة عن إجراءات الحصول على تمويل عقارى.

وناشد عبدالحميد بضرورة زيادة الوعى لدى الأفراد، خاصة أن القانون القديم للتمويل العقارى كان يشترط تسجيل الوحدة لتمويلها، ولكن تغير الوضع فى القانون الجديد الذى تم وضعه عام 2004 وسنجد أن %95 من التمويلات الممنوحة حاليا لوحدات غير مسجلة، ولكنها قابلة للتسجيل.

وأشار إلى أن هناك بعض العملاء لا يملكون المعرفة الكاملة بقانونية الأوراق الخاصة بالوحدات التى يرغبون فى تمويلها، ويطلعوننا على هذه الأوراق للحكم على مدى صحتها وقابليتها للتمويل من عدمه وطمأنة العميل، متوقعًا حدوث طفرة جديدة للقطاع خلال عام 2022.

وأفرز الواقع العملى عن بعض المعوقات التى تواجه جهات التمويل العقارى عند منح التمويل، والتى ترتكز فى الأساس على الإشكاليات المتعلقة بعملية التسجيل والرهن العقارى للوحدات الممولة بنظام التمويل العقاري، بما أدى إلى صعوبة وجود ضمان عقارى يحفز هذه الجهات على منح التمويل على نحو يحتم تذليل أوجه القصور والمعوقات المتعلقة بالضمانات العقارية التى تحصل عليها جهات التمويل العقاري.

وفى ضوء ذلك، قامت الهيئة العامة للرقابة المالية بإجراء بعض التعديلات على بعض أحكام القانون التمويل العقاري، لإنشاء سجل إلكترونى لإشهار اتفاقات التمويل العقارى يسمح لجهات التمويل العقارى بإشهار اتفاقات التمويل المبرمة بينها وبين المستثمرين بهذا السجل لمدة محدودة حتى إتمام إجراءات شهر اتفاق التمويل وقيد الضمان العقارى بالشهر العقاري، مع منح الإشهار بالسجل بعض المميزات التى تستهدف حماية حقوق جهات التمويل فى الفترة التى لم يقيد فيها العقارى الضامن بالشهر العقارى بعد، والتى يأتى على رأسها جعل اتفاق التمويل المشهر بهذا السجل نافذًا فى مواجهة الغير بمجرد إشهاره به ومنحه قوة السند التنفيذي.

وتتضمن استراتيجية الهيئة لعام 2026 عدد ستة محاور لتطوير أداء القطاع المالى غير المصرفي، توفير مصادر وآليات للتمويل، مما يُسهم فى سد الفجوة التمويلية بالاقتصاد، ويدفع بعجلة النمو.

ويسلط المحور السادس المعنى بتطوير الأسواق الضوء على نشاط التمويل العقاري، باعتباره أهم الأدوات التمويلية لنشاط التطوير، لكونه يعزز من قدرة الأفراد والمؤسسات على امتلاك الأصول العقارية.

وتستهدف الهيئة العامة للرقابة المالية مضاعفة محفظة التمويل العقارى من حوالى 8.1 مليار جنيه فى عام 2021 إلى حوالى 16 مليار جنيه بحلول عام 2026، ضمن محور تطوير الأسواق.

واستعرضت الهيئة فى التقرير، أهم المبادرات التى تستهدفها فى سبيل تحقيق تلك المستهدفات، منها إجراء تعديل تشريعى لبعض أحكام قانون التمويل العقارى رقم (148) لسنة 20221، بما يُسهم فى تيسير إجراءات شهر تصرف البيع الخاصة بعقود ملكية الوحدات.

كما عملت الرقابة المالية على وضمان حق ورثة المنتفع فى حالة تمويل حق الانتفاع فى حالة وفاته قبل انتهاء مدة اتفاق التمويل العقاري، مع العمل على اقتراح تشريع لتنظيم عمل شركات التطوير العقارى عند ممارستها لنشاط التمويل المتمثل فى سداد ثمن الوحدات على أقساط، مما سيضاعف من حجم التمويل العقارى الرسمى ووضع طريقة مناسبة للتنسيق فى منح التمويل بين الشركات المرخص لها بممارسة نشاط التمويل والمطورين العقاريين، إذ تعتبر إحدى المعوقات أو المشكلات التى تواجه شركات التمويل العقارى المنافسة الشرسة التى تجدها من شركات التطوير.

وعلى صعيد متصل، أطلق المهندس بشير مصطفى رئيس مجلس إدارة شركة فيرست جروب للتطوير العقارى وعضو جمعية رجال الأعمال المصريين مبادرة جديدة يدعو فيها الشركات والمطورين العقاريين بتبنى أنظمة بيع جديدة تتماشى مع الظروف الاقتصادية والتحديات الراهنة وتلبى احتياجات العملاء فى ظل نقص السيولة.

وقال بشير، إنه لا بد أن يتم تغيير آليات السوق وسياسته والبيع بطريقة مناسبة للكاش فلو، والتى تؤدى فى النهاية إلى تسليم المشروعات فى المواعيد المحددة لها، إذ إن الوضع الحالى للسوق العقارية يقودنا رغمًا عنا إلى بيع الوحدات السكنية بمقدم %10 وأن يكون التسليم للعميل بعد ٥ سنوات، والأقساط على 8 سنوات.

وأشار إلى أن ذلك الوضع يحول شركات التطوير العقارى إلى مؤسسات وجهات مالية مانحة للدعم وهذا ليس دورها على الإطلاق، لذلك يدعو المطورين العقاريين بتبنى هذه المبادرة الخاصة بالبيع بنظام مختلف، وتم البدء فى تنفيذها من 1 يونيو القادم، مؤكدا أنه لا يمكن بيع الوحدة السكنية خلال 10 سنوات، لأن الشركات لن تستطيع التسليم فى الميعاد المحدد.

وأشار إلى أنه عند تنفيذ هذه الآلية الجديدة ولتكن مثلا المقدم فيها %20 وتسليم العميل خلال 3 سنوات والأقساط خلال 5 أو 6 سنوات على أقصى تقدير، هذه الآلية ستتكرر والسوق سيقوم بتقليدها وتنفيذها، مما يجعل السوق فى حالة انضباط وجدية ومصداقية فى تنفيذ المشروعات، ويحقق للعميل الأمان والاطمئنان، كما تُمَكِّن الشركات من التعامل بشكل أسرع، والبدء فى مشروعات جديدة فى أماكن أخرى.