اخرون كتبوا ما يشبه المنشور لا الموضوع الصحفي وهو ما يبدو أمرا طبيعيا في ظل غياب العديد من العناصر اللازمة للتعامل جديا مع الموضوع من الناحية المهنية فلا المعلومات متوافرة بالقدر الكافي، ولا الإلمام بالجوانب الفنية والمالية والقانونية والتنظيمية موجوداً من الأساس في عدد كبير من الحالات. والأهم من ذلك غياب المنطق والمنهج العلمي في التفكير .
وبعيدا عن ــ الكلام الكبير ــ الذي قد لا يحظي بإعجاب الكثيرين، فانه قد يكون من الملائم أن نبدي عدة ملاحظات ربما تساعدنا في قبول أو رفض الاتفاق عند توافر المعلومات .
أولا: إن عنصر الوقت بالغ الأهمية عند اتخاذ قرارات «البيزنيس» المختلفة، ومن ثم فإن اتخاذ الشركة المصرية للاتصالات ــ بموافقة الحكومة طبعا ــ قرارا بإنشاء شبكة محمول ثالثة أو رابعة أو خامسة من عدمه يتعلق بصفة أساسية بتوقيت القرار ومن ثم فلا يجوز مثلا أن نتهم وزير الاتصالات بالتراجع عن موقفه ــ قبل أكثر من عام ــ بشأن إنشاء شبكة ثالثة للمحمول بهدف تعظيم قيمة المصرية للاتصالات عند طرح أسهمها في البورصة، فلا الظروف هي الظروف، ولا قيمة الجنيه أمام الدولار ظلت علي حالها، ولا بقيت الأسواق والقوة الشرائية وسعر الخصم ــ وغيرها من العوامل التي تدخل في اتخاذ قرار الاستثمار من عدمه ــ علي نفس الحال .
لاحظ أن طرح اسهم المصرية للاتصالات نفسه لم يتم نظرا لعدم ملاءمة التوقيت لاتخاذ القرار .
ثانيا: إن منع الاحتكار يتوقف بصفة أساسية علي تواجد هيئات تنظيمية رقابية «Regulatory Body» تستهدف حماية المستهلكين وتنظيم السوق بما يخدم مصالحهم، وحماية الشركات أيضا ــ من بعضها البعض ــ من الممارسات التنافسية الضارة، وذلك مع الاعتراف بأنه كلما زاد عدد اللاعبين في السوق، كلما كان ذلك في صالح المستهلك .
ثالثا: إن التفاوض بين الشركات المختلفة للتوصل إلي اتفاقات تحقق مصالح لأطراف المفاوضات المختلفة، هو أمر مشروع بل ومحمود في عالم الأعمال، بشرط ألا يتم هذا التوافق علي حساب المستهلك.. ومن أجل ذلك خُلقت الجهات التنظيمية والرقابية كما ذكرنا من قبل .
رابعا: هناك نقطة مبدئية ينبغي أن تكون محسومة من البداية.. وهي: هل ينبغي أن تخضع شركات المرافق ــ التي تستعد الحكومة منذ فترة لطرح شرائح منها في البورصة ــ للادارة وفقا للمعايير الاقتصادية أم لمعايير أخري؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك فلماذا تم اتخاذ قرار انفتاحها علي الجمهور من الأساس؟ هذا بفرض أن المفاوضات القائمة تتعارض مع أهداف أخري للحكومة سياسية واجتماعية .
ويبقي أن نترقب الاعلان عن تفاصيل الاتفاق ــ في حالة اتمامه ــ خلال الأسابيع القليلة القادمة للحكم الموضوعي واصدار الأحكام إمّا بالتأييد أو بالشجب والانكار .
أقر وأعترف أن الزميلة والصديقة العزيزة لميس الحديدي قد انفردت بنشر خبر صفقة مفاوضات الشبكة الثالثة للمحمول، وذلك علي صفحات جريدة العالم اليوم الأسبوعي، يوم الاثنين الموافق 21 أبريل الماضي، عسي أن يخفف ذلك من غضبها المشروع من بعض الزملاء الذين أغفلوا عن عمد الإشارة إلي مصدر الخبر عند تناولهم للموضوع .