توقّع اقتصاديون حدوث انهيار اقتصادي في روسيا ينافس أو حتى يتفوق على حجم ركود عام 1998 الذي أعقب التخلف عن سداد ديونها، رغم أن التداعيات المالية قد تكون أقل من ذلك الحين. وبعد أيام من أمر الرئيس فلاديمير بوتين بدخول القوات إلى أوكرانيا، بدأ الاقتصاديون نشر توقعاتهم للاقتصاد الروسي، الذي يحتل المرتبة الـ11 بين أكبر اقتصادات في العالم، رغم تحذيرهم من أن التوقعات غامضة وخاضعة للمراجعة.
وقال الاقتصاديون في “جيه بي مورجان تشيس” للعملاء في تقرير، الجمعة، إنهم يتوقعون انكماشًا بنسبة 7% للناتج المحلي الإجمالي لروسيا خلال 2022، تمامًا كما توقّع “جولدمان ساكس”.
وتتوقع “بلومبرج إيكونوميكس” انخفاضًا بنسبة 9% تقريبًا، مقارنة بانكماش الاقتصاد الروسي بنسبة 5.3% في عام 1998، وسط أزمة الديون.
يترنح الاقتصاد الروسي بعد أن فرضت الحكومات الأجنبية عقوبات على التجارة والتمويل والسفر، وجمّدت احتياطيات بنكها المركزي، وعزلت العديد من بنوكها عن نظام “سويفت” لتسوية المدفوعات الدولية.
سعت روسيا إلى عزل اقتصادها وأسواقها بفرض ضوابط على رأس المال ومضاعفة أسعار الفائدة وإجراءات طارئة أخرى، وكل تلك العوامل تضر النمو.
انهيار اقتصادي في روسيا
قال الاقتصاديون في “جيه بي مورجان” بقيادة بروس كاسمان، في تقريرهم: “العقوبات تقوِّض الركيزتين اللتين تعززان الاستقرار- احتياطيات العملة الأجنبية” الحصينة “للبنك المركزي، وفائض الحساب الجاري لروسيا.. العقوبات ستؤثر على الاقتصاد الروسي، الذي يبدو الآن متجهًا إلى ركود عميق”.
ومع ذلك قال المستثمرون إن التداعيات البشرية والجيوسياسية للغزو الروسي أكبر مما شهدناه في عام 1998، إلا أن تراجع الروبل على المدى القصير أثبت أنها أصغر حجمًا، ولدى روسيا حتى الآن قدرة أكبر على تجنب التخلف عن سداد ديونها، خاصة إذا استمرت الدول الأخرى في مقاومة فرض عقوبات على صادراتها من الطاقة.
قال تيم غراف، رئيس إستراتيجية الاقتصاد الكلي لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في “ستيت ستريت غلوبال ماركتس”: “إن الأمر أكثر إثارة للقلق على المدى الطويل”.
“كلما طالت فترة فرض العقوبات، وخاصة إذا تم توسيعها لتشمل صادرات الغاز والنفط، زاد احتمال أن تصبح روسيا سوقًا رأسمالية منبوذة على مدار سنوات قادمة”.
قال جراف: “ضعف العملة الذي نراه الآن سيكون حتمًا تضخميًّا، خاصة إذا ظل الاقتصاد معزولًا عن بقية العالم .. ليس من الصعب تصور سيناريوهات متطرفة مماثلة لفترة ما بعد 1998 في هذه الحالة”.
توفر عائدات النفط والغاز دعمًا بالعملة الصعبة لروسيا؛ لأن بيع الطاقة ونقلها أفلت من العقوبات، حيث تخشى الولايات المتحدة وحكومات أخرى أن تؤدي هذه القيود إلى إلحاق الضرر باقتصاداتها بشكل أكبر.
كانت روسيا تحقق فائضًا شهريًّا في الحساب الجاري بنحو 20 مليار دولار في بداية العام. تعتقد “بلومبرج إيكونوميكس” أن حظر صادرات النفط والغاز سيعني أن الاقتصاد قد ينكمش بنحو 14% خلال 2022.