«جوجل» تجمد برنامج ترخيص الملكية الفكرية عبر الملاذات الضريبية

لتستفيد من إعفاءات “ترامب” وتتفق مع القواعد الدولية

«جوجل» تجمد برنامج ترخيص الملكية الفكرية عبر الملاذات الضريبية
خالد بدر الدين

خالد بدر الدين

9:25 ص, الأثنين, 6 يناير 20

أعلنت شركة جوجل التابعة لمجموعة “ألفابيت” الأمريكية للتكنولوجيا والإنترنت أنها أوقفت اعتبارا من العام الحالى برنامج ترخيص الملكية الفكرية المعروف باسم “السندويتش الإيرلندى الهولندى المزدوج” والذى يسمح بتأجيل دفع الضرائب إلى الحكومة الأمريكية على أرباحها التى تحققها شركاتها العاملة فى دول أوروبا وتحولها إلى الملاذات الضريبية.

وارتفعت القيمة السوقية لشركة “جوجل” صاحبة أكبر محرك بحثى فى العالم لأكثر من 900 مليار دولار مع انتعاش أسعار أسهمها بحوالى 50 % بفضل هيمنة محركات البحث والإعلانات الديجيتال على مستوى العالم وتوسعها فى أنشطة مبتكرة مثل الذكاء الصناعى و السيارات ذاتية القيادة التى تتجه إليها معظم الشركات العالمية.

وأكد متحدث رسمى بشركة “جوجل” أنها ستتوقف عن استخدام برنامج ترخيص الملكية الفكرية لتتفق الشركة الأمريكية مع القواعد الدولية ومع التغيرات التى طبقها الرئيس دونالد ترامب عام 2017 على القواعد الضريبية والتى منحها إعفاءات على أرباحها الأجنبية.   

وكانت “جوجل” الإيرلندية القابضة غير المحدودة التابعة للشركة الأم فى جزيرة برمودا تصدر تراخيص الملكية الفكرية لوحدات جوجل العاملة فى أوروبا مقابل تكاليف ضخمة لتقلل أرباحها فى دول أوروبا وبالتالى تقلص الضرائب التى يتعين عليها سدادها هناك.

وذكرت وكالة رويترز أن “جوجل” حولت فى عام 2018 نحو 21.8 مليار يورو (24.5 مليار دولار) من إيراداتها من شركتها الهولندية القابضة إلى بنوك فى جزيرة برمودا ارتفاعا من 19.9 مليار يورو عام 2017 و لكنها لم تكشف عن تحويلاتها عن العام الماضى الذى سيكون آخر مرة  تحول فيها إيراداتها خارج الولايات المتحدة.

وجاء فى تقرير لغرفة التجارة الهولندية أن إيرادات “جوجل” و التكاليف التى دفعتها على أنشطة الترخيص لشركتها فى برمودا للعمل بها فى هولندا سيتم الفصل بينهما اعتبارا من العام الحالى وفقا لقرار الشركة الأمريكية التى أكدت أنها تسدد جميع الضرائب المفروضة عليها ولكنها تؤجلها فقط مثلها مثل العديد من الشركات متعددة الجنسيات التى تستخدم إستراتيجيات تقليص الضرائب الدولية إلى الحد الأدنى (سياسات التجنب الضريبى).

وقال متحدث رسمى من “جوجل” إنه يتم حاليا تبسيط هيكل أنشطة الشركة فى السوق المحلية وفى الدول الأجنبية التى تعمل فيها وسيتم مستقبلا ترخيص أنشطة حقوق ملكيتها الفكرية من الولايات المتحدة وليس من برمودا وسيتم دفع ضرائبها السنوية وضرائب الدخل تبعا لسعر الضريبة العالمى لها والبالغ 23 % وأن 80 % من هذه الضرائب مستحقة للحكومة الأمريكية.

وتسمح قوانين الضرائب الأمريكية و الهولندية والإيرلندية منذ أكثر من عشر سنوات للعديد من الشركات العالمية ومنها “جوجل” أن تسدد ضرائب بنسبة أقل من %10 على أرباحها خارج السوق الأمريكية و بنسبة 23 % على أرباحها فى أسواق ما وراء البحار.

واعتادت الشركة التابعة لجوجل فى هولندا أن تحول إيراداتها من الأنشطة التى تكسبها خارج الولايات المتحدة إلى شركتها القابضة فى إيرلندا والتى تحولها بدورها لشركة جوجل الإيرلندية القابضة غير المحدودة فى “برمودا” حيث لا تدفع الشركات أى ضرائب على الدخل لحكومة هذه الجزيرة.

وتتميز إستراتيجيات الضرائب الدولية بأنها قانونية وتسمح للشركات متعددة الجنسيات ومنها “جوجل” بتجنب ضرائب الدخل الأمريكية المرتفعة و الضرائب الأوروبية التى تفرضها على معظم الإيرادات والتى تمثل نسبة ضخمة من أرباحها من أنشطتها “الأوفرسيز” أو فيما وراء البحار.

واضطرت أيرلندا فى عام 2014 تحت ضغوط من الاتحاد الأوروبى والإدارة الأمريكية إلى تنفيذ برنامج تدريجى ينهى المميزات الضريبية التى تحظى بها “جوجل” اعتبارا من عام 2020.

واستطاعت إدارة الرئيس دونالد ترامب بفضل قانون خفض الضرائب وتحسين الوظائف الذى بدأ العمل به منذ يناير 2018  أن تنهى الأسباب التى تجعل الشركات الأمريكية تكتنز أرباحها الأجنبية فى جزر الملاذات الضريبة مثل “برمودا” لأنها تمنح حاليا الأرباح التى تحققها الشركات الأمريكية وتسدد ضرائبها فى الخارج إعفاء ضريبيا كاملا عند عودتها للولايات المتحدة.

ومن المتوقع أن تتوقف هذا العام شركة جوجل الإيرلندية القابضة غير المحدودة التابعة لجوجل فى برمودا عن منح تراخيص للملكية الفكرية أو الاحتفاظ بسندات أو ديون للشركة الأمريكية والوحدات التابعة لها ولكنها ستواصل أنشطة الاستثمار فى الأسهم.

وسجلت جوجل- التى يهيمن محرك بحثها على العالم، وكذلك نظامها أندرويد للموبايلات – إيرادات من الإعلانات ارتفاعا بأكثر من %17 خلال الربع الثالث من العام الماضى لتتجاوز 33.9 مليار دولار مقارنة مع 29 مليار دولار بنفس الربع من عام  2018  ومن المقرر أن يتم الإعلان عن إيرادات الربع الأخير من العام الماضى خلال الشهر الحالى.

وأعلن ساندر بيشاى المدير التنفيذى لـ “جوجل” أن نمو إيرادات الإعلانات جاء من البحث على الموبايلات و يوتيوب والحوسبة السحابية وتحديد المواقع على الخرائط و”جى ميل” و”بلاى ستور” للألعاب الإلكترونية والتسوق الإلكترونى لتصل إلى 97 مليار دولار خلال الشهور التسعة الأولى من عام 2019.

وكانت أرباح “جوجل” هوت بحوالى %29 خلال الربع الأول من العام الماضى لتنزل إلى 6.7 مليار دولار ولكن الإيرادات زادت %17 إلى  36.3 مليار دولار فى ذلك الربع بسبب غرامة ثقيلة فرضها الاتحاد الأوروبى فى نهاية مارس الماضى بلغت 1.7 مليار دولار لمخالفتها قوانين الاحتكار.

وقام أيضا جهاز حماية المنافسة فى فرنسا فى شهر ديسمبر الماضى بتغريم “جوجل” 150 مليون يورو (167 مليون دولار) بسبب إساءة استغلال مركزها القوى إزاء شركات إعلانية وأنها تطبق قواعد تفتقر إلى الشفافية.

وتعد هذه الغرامة هى الأولى لجهاز المنافسة الفرنسى على شركة التكنولوجيا الأمريكية فى عدد من الخلافات مع السلطات الفرنسية، وتأتى بينما تواجه “جوجل” تحقيقات متزايدة فى ممارساتها على ضفتى الأطلنطى.

واستغرقت تحقيقات الجهاز أربع سنوات وأعقبت تقديم شكوى من شركة “جيبميديا”  الفرنسية التى تدير مواقع للتوقعات الجوية وبيانات الشركات والأدلة وقالت إن الشركة الأمريكية علقت حساب إعلانات جوجل الخاص بها دون إخطار مسبق مما جعل جهاز المنافسة يؤكد أنها بتغييرها شروط وقواعد الاستخدام كيفما تشاء أساءت استغلال مركزها المهيمن فى السوق. وقالت إيسابيل دوسيلفا، رئيسة جهاز المنافسة الفرنسى، إن طريقة تطبيق القواعد تعطى “جوجل” قوة الحياة والموت على بعض الشركات الصغيرة التى يتوقف بقاؤها على مثل هذه الخدمة، ولاسيما أن الحصة السوقية لجوجل تبلغ حوالى %90 من نشاط البحث على الإنترنت.