فجرت التصريحات التى أطلقتها «البترول» مؤخرًا بشأن طرح مزايدة جديدة للتكرير لحساب الغير، جدلا واسعا بين عدد من مسئولى وخبراء القطاع، وانتقدت غالبية الآراء طرح مزايدة لاستغلال معمل متهالك ومتواضع العوائد على غرار معمل النصر للبترول، مؤكدين أن تلك المزايدة لن تلقى أى إقبال من قبل الشركات، نظرا لعدم قدرة المعمل المطروح على تغطية تكاليف تكرير وتحقيق عوائد للشركة الفائزة.
بداية انتقد المهندس مدحت يوسف، الاستشارى البترولى، الرئيس الاسبق لشركتى موبكو وميدور تلك المزايدة ، مؤكدا أنها ستبوء بالفشل على غرار ما تم طرحه سابقا من معامل متهالكة لم تقبل عليها اى شركة.
وأوضح أن معامل التكرير على شكلها وطبيعتها الحالية لا تحقق أى ارباح بل تتكبد خسائر فى كل برميل خام طبقا لاسعارها العالمية، موضحا انه لن تقبل أى شركة على تكرير زيت خام ليحصل على منتجات قيمتها تنخفض عن قيمة الزيت الخام المكرر نفسه.
وأكد أن جميع معامل التكرير الموزعة على مستوى الجمهورية تتكبد خسائر ضخمة فيما عدا «ميدور» الذى تتسم طبيعته وتركيبه بمعدلات كفاءة وتكرير مرتفعة، مضيفا أن سعر برميل الخام يبلغ نحو 103 دولارات، وفى حال تم تكريره داخل معمل النصر سيخرج منتجات تنخفض قيمتها عن 95 دولارًا، بسبب التهام المازوت ما يتراوح بين 55 و%57 من إنتاجية معمل النصر، فضلا عن عدم إنتاجه للبنزين.
وقال يوسف ان سعر طن المازوت العالمى يبلغ نحو 630 دولارًا مقابل 730 دولارًا سعر طن الخام بدرجة «30 API »، وبذلك ينخفض قيمة إنتاج المعمل الاجمالية عن قيمة مدخلاته «الزيت الخام» الامر الذى يعنى عزوف الشركات عن إقتحام تلك التجربة.
وأضاف أن الشركات قد تقبل على تلك المزايدة فى حالة واحدة فقط، وهى أن تشترط على «البترول» حصولها على توليفة منتجات تحقق لها عائدًا يغطى مصروفات التكرير بالمعامل.
ولفت الى أن معمل «ميدور» هو الوحيد الذى يمتلك القدرات الفنية والتكريرية لاستغلاله بعملية التكرير لحساب الغير، موضحا انه سبق وتم استغلاله تلك العملية لصالح عدة شركات منها «بى بى» و«بوت» السويسرية و«سوكار» و«ترافيجورا» و«فيتول»، وغيرها وكان يتم الحصول على فئة 8 دولارات، مقابل تكرير برميل الخام الواحد.
وأضاف ان ميدور لم ينفذ تلك التجربة بعد ذلك، حيث إن العروض التى تقدمت لاستغلال طاقته التكريرية الفائقة كانت لا تتعدى 6.5 دولار أى اقل من مستوى الـ8 دولارات التى تمثل الحد المسموح والمجدى للتكرير لحساب الغير، متوقعا أن العرض الذى سيتقدم لمعمل النصر لن يتعدى 2 دولار للبرميل، نظرا لقدمه وتهالكه وارتفاع إنتاجه من المازوت الثقيل.
وطالب الحكومة ممثلة فى وزارة البترول بتعديل آلية التعامل مع معامل وشركات التكرير العامة بحيث يتم بيع الخام لها بالاسعارالعالمية وشراء المنتجات بالاسعار العالمية أيضا على عكس الآلية المتبعة حاليا من توريد الزيت الخام لها وتكريره بنظام «المقاولة» على أن تمنح كل شركة او معمل عمولة على كل طن يتم تكريره، الامر الذى لا يظهر حقيقة تلك الشركات من حيث المكسب أو الخسارة.
وأوضح أن الاجدى من تلك المزايدة هى اتخاذ قرار جرىء وعاجل بتخفيض طاقة المعامل الاجمالية الى الحد الذى يسمح للدولة باستيراد منتظم يلائم السيولة وإمكانيات موانئ التصدير الحالية ، الامر الذى يعنى تقليل نزيف الخسائر المستمر من تشغيل معامل متقادمة ومتهالكة لا تحقق عوائد بل تكبد خسائر للاقتصاد.
وطالب بسرعة عقد لقاءات ومفاوضات مباشرة تجمع القطاع وشركة أرامكو السعودية أو «أدموك» الاماراتية للتعاون بهدف إنشاء معمل تكرير ضخم فى مصر على غرار المعمل الذى أنشأته السعودية مؤخرا بطاقة 400 الف برميل يوميا بما يعادل 15 مليون طن سنويا واستثمارات فعلية تبلغ نحو 12 مليار دولار.
وأكد المهندس يسرى حسان، استشارى البترول الدولى أن الدولة لابد أن تقوم بالتفكير خارج الصندوق او بشكل غير تقليدى بمعنى أن تقوم بحصر شركات التكرير الناجحة وطرح حصة منها فى البورصة، الامر الذى سيخلق سيولة لها ضخمة.
وأضاف أن تلك السيولة لابد ان يتم استغلالها لتطوير المعامل القائمة ومحاولة تنفيذ عمليات الاحلال والتجديد لرفع كفائتها والجزء المتبقى يتم من خلاله إنشاء معمل تكرير ضخم بطاقات مرتفعة توفر كامل الاحتياجات المحلية.
من جانبه قال الدكتور حمدى البنبى، وزير البترول الاسبق، إن فكرة استغلال الطاقات الفائضة بمعامل التكريرالمصرية فكرة مجدية بشرط الحصول على حصة من المنتجات المكررة كفئة تكرير بدلا من الفئة المالية.
ولفت الى أن تلك التجربة لا تعد الاولى من نوعها بقطاع البترول حيث سبق وتم طرح معامل للتكرير لحساب الغير، موضحا ان الاتفاق فى تلك الحالة سيكون بين هيئة البترول والشركة العالمية التى ستفوز بالمزايدة وسيتم فى إطار زمنى طويل الاجل.