أعلنت الرئاسة التونسية الإثنين أنها تلقت كمية من لقاحات كورونا من الإمارات في خطوة لم تعلم بها الحكومة ومؤسسات أخرى معنية، ما أثار جدلا مُتصاعدا في البلاد تخللته مطالبات بإجراء تحقيق في الموضوع.
وصول لقاحات كورونا من الإمارات
وتزامن هذا الجدل مع ارتفاع حصيلة ضحايا (كوفيد-19) في تونس إلى 8001 حالة وفاة، و233 ألفا و277 إصابة مؤكدة في الفترة من مارس 2020 وحتى نهاية فبراير الماضي.
وقالت الرئاسة التونسية في بيان نشرته على صفحتها الرسمية في ((فيسبوك)) اليوم إنها “تلقت 500 تلقيح مضاد لفيروس كورونا بمبادرة من دولة الإمارات العربية المتحدة”.
وتابعت أنه “تم بأمر من رئيس الجمهورية قيس سعيد، تسليم هذه الجرعات إلى الإدارة العامة للصحة العسكرية”.
وأكدت الرئاسة أنه “لم يتم تطعيم أي كان لا من رئاسة الجمهورية ولا من غيرها من الإدارات بهذا التلقيح”، لافتة إلى أن سبب ذلك هو “انتظار مزيد التثبت من نجاعة اللقاح وترتيب أولويات الاستفادة منه”.
وفي حين لم يكشف بيان الرئاسة التونسية عن تاريخ تلقي جرعات هذا التلقيح ونوعه، نفت رئاسة الحكومة التونسية علمها بوصول كمية من لقاح كورونا.
التأكد من فاعلية اللقاح
وقالت الحكومة في بيان وزعته اليوم إنها “ليس لديها علم بوصول كمية من جرعات التلقيح المضاد لمرض كورونا الجديد إلى تونس ولا بمصدرها، ولا بمدى توفرها على الشروط الصحية والقانونية الضرورية، ولا بمآلها”.
وأشارت إلى أن رئيس الحكومة هشام المشيشي، “أمر بفتح تحقيق فوري حول ملابسات دخول التلاقيح إلى تونس وكيفية التصرف فيها وتوزيعها”.
وشددت في نفس الوقت على أن إدارة عملية التلقيح “تبقى من مسؤولية اللجنة الوطنية لمجابهة مرض كورونا الجديد في إطار الإستراتيجية الوطنية، التي تم إرساؤها للغرض والتي حددت الفئات المعنية بالتلقيح بصفة أولوية”.
وقبل ذلك، أكدت الناطقة الرسمية باسم وزارة الصحة التونسية نصاف بن علية، في تصريحات إذاعية بُثت اليوم، أن اللجنة العلمية لمجابهة مرض كورونا الجديد “لا علم لها بوصول هبة من التلاقيح المضادة لهذا المرض إلى رئاسة الجمهورية قادمة من الإمارات”.
كما نفى رئيس لجنة التلقيح عضو اللجنة العلمية لمكافحة مرض كورونا الهاشمي الوزير، في تصريح بثته إذاعة (موزاييك أف ام) التونسية، اليوم، علمه بالتلاقيح التي تلقتها رئاسة الجمهورية من دولة الإمارات.
راشد الغنوشي تربح من اللقاحات
وتردد صدى هذا الجدل، الذي بدأ بتسريبات نشرت في مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين، داخل البرلمان، إذ راجت أنباء مفادها أن رئيس البرلمان راشد الغنوشي، قد استفاد من هذا التلقيح.
لكن مستشاره الإعلامي وسيم الخضراوي اليوم، أكد أن الغنوشي “لم يتلق أي تلقيح ضد مرض كورونا، ولم يصله أي تلقيح من أي جهة رسمية لفائدته أو لفائدة نواب البرلمان”.
وكتب الخضراوي في تدوينة نشرها على صفحته في ((فيسبوك)) “لم يتلق رئيس مجلس نواب الشعب أي تلقيح ضد فيروس كورونا كما أشاعت بعض وسائل الإعلام صباح اليوم، ولم يصله أي تلقيح من أي جهة رسمية لفائدته أو لفائدة السادة النواب”.
إلى ذلك، أعلن رئيس لجنة الصحة بالبرلمان عياشي زمال، اليوم، أنه سيقدم استقالته من مجلس نواب الشعب إذا لم يتم فتح تحقيق عاجل في قضية هبة التلاقيح ضد مرض كورونا، التي تسلمتها تونس من دولة الإمارات.
كشف كافة الملابسات
وقال زمال في تصريح لإذاعة (موزاييك أف أم) إنه شرع منذ صباح اليوم في تنظيم لقاء مع وزير الصحة لفهم تفاصيل هذا الموضوع وكشف كل الملابسات للشعب التونسي.
وأضاف النائب التونسي أن هذه المعلومة المُتعلقة بتلقي تونس هبة تلاقيح من الإمارات تم ترويجها في البرلمان منذ أكثر من شهر.
واعتبر زمال أن “المشكل يكمن في غياب الشفافية وليس في توزيع التلاقيح على القيادات العسكرية أو السياسية”.
بدوره، قال رئيس كتلة الإصلاح النيابية (18 مقعدا برلمانيا) حسونة الناصفي، إن تضارب التصريحات والبيانات الصادرة عن رئاسة الجمهورية حول التلاقيح، التي وصلتها في شكل هدية “يطرح أكثر من نقطة استفهام”.
المطالبة بتوضيحات بخصوص الصفقة
وبالتوازي، دعت منظمة “أنا يقظ” التونسية في بيان وزعته اليوم، رئاسة الجمهورية التونسية إلى تقديم توضيحات بخصوص هذه القضية التي تحولت إلى قضية رأي عام.
وحذرت في نفس الوقت الرئيس قيس سعيد، من “انخراط مؤسسة الرئاسة في ممارسات تخرق مبدأ المساواة بين المواطنين والمواطنات الوارد بالفصل 21 أو الفصل 38 من الدستور، الذي ينص على أحقية كل مواطن في الصحة، بما في ذلك الوقاية والرعاية والعلاج”.
وطالبت في المقابل، وزارة الصحة بـ”نشر استراتيجية التلقيح للعموم وباللغة العربية، حتى يتسنى للمواطنين معرفة ترتيبهم ضمن سلم الأولويات” مُحذّرة في هذا السياق من “غياب الشفافية وتكريس المحسوبية والوساطة في التوزيع غير المنظم للتلقيح”.
ويأتي هذا الجدل المُرجح لأن يتفاعل أكثر فأكثر في قادم الأيام، وسط أزمة سياسية بأبعاد دستورية تسببت فيها خلافات سياسية بين الرئيس قيس سعيد، ورئيس الحكومة، وكذلك أيضا البرلمان برئاسة راشد الغنوشي.
يشار إلى أن هذه المادة نقلا عن وكالة شينخوا الصينية بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة المال.