يبدو أن السوق المصرية ستكون على موعد مع خدمات إنترنت فائقة السرعة، بعد إعلان شركة سبيس إكس المملوكة للملياردير الأمريكى إيلون ماسك عبر موقعها الإلكترونى عن إتاحة خدمات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية فى مصر، والمعروفة باسم «ستار لينك» خلال 2023 بعد الحصول على الموافقات اللازمة من الجهات المعنية.
وتعتمد خدمات «ستار لينك» على تشغيل أكثر من ألفى قمر صناعى، بهدف توفير خدمات الإنترنت عبر العالم، خاصة إلى المناطق النائية والفقيرة بسرعات تصل إلى 50 ميجابايت فى الثانية، وباشتراك يبلغ 99 دولارًا شهريًا.
وتباينت آراء عدد من خبراء ورؤساء شركات الاتصالات حول جدوى دخول مشغل جديد لخدمات الإنترنت للسوق المصرية، ففى حين رأى البعض أن السوق المحلية متشعبة، ويصعب على أى مشغل جديد تحقيق ربح خلالها عبر طرح خدمات جديدة مضافة وأسعار باقات تنافسية، فى ظل وجود أكثر من شركة مصرية تقوم بأداء الدور المنوط بتقديم الخدمة وفقًا للتراخيص الممنوحة لها من قبل جهاز تنظيم الاتصالات.
وقالوا إنه من الأفضل عدم منح تراخيص لشركات جديدة وإتاحة نطاق ترددى أوسع للشركات المحلية، من أجل تغطية أكبر مساحة من المناطق النائية التى يصعب الوصول إليها باستخدام تكنولوجيا الإنترنت الفضائى.
بينما أكد الفريق الآخر أن دخول مشغل جديد للسوق المصرية بحجم شركة سبيس إكس يعد شهادة ثقة قوية على قدرة السوق على جذب استثمارات أجنبية جديدة، قد تغير خريطة المنافسة بالكامل فى سوق خدمات الإنترنت، وتعزيز خطط الدولة نحو تحقيق رؤية مصر 2030 فى التحول الرقمى والشمول المالى.
بدوي: منح ترخيص للشركة الوافدة مرهون بإنشاء داتا سنتر لبيانات المستخدمين
أكد الدكتور عمرو بدوى، الرئيس السابق لجهاز تنظيم الاتصالات، أن فكرة دخول لاعب جديد فى تقديم خدمات الإنترنت الفضائى لمصر مرهون بالضوابط التشريعية والقانونية المنظمة للعملن وعلى رأسها توافر مركز داتا سنتر للشركة الجديدة محليًا لاعتبارات أمنية، وضمان السيطرة على كل قاعدة بيانات المستخدمين.
وأضح “بدوي” أن التكنولوجيا تشهد تطورًا سريعًا يومًا تلو الآخر، معتبرًا أن دخول سبيس إكس للسوق سيسهم فى زيادة حدة المنافسة بين الشركات المحلية، خاصة أن الشركة الأمريكية تعتمد على إطلاق أقمار صناعية فى مدارات بالقرب من كوكب الأرض، ما ينعكس على تقديم خدمة إنترنت فائقة السرعة وبسعر تنافسى.
مصدر بالقطاع: السوق تتسم بهوامش ربحية ضعيفة.. والفكرة تشبه خدمات الإنترنت الهوائى
وأكد مصدر مسئول فى قطاع الاتصالات رفض ذكر اسمه، أن السوق المصرية تتسم بهوامش ربحية ضعيفة للغاية فى تقديم خدمات الإنترنت الأرضى، ما يصعب مهمة دخول مشغل جديد، خاصة أن تكلفة الخدمة أقل من سعر تقديمها للعميل.
ورأى أن نشاط تقديم خدمات الإنترنت فى مصر مسألة معقدة، ويخضع لعدة اعتبارات، على رأسها تكاليف تشغيل الخدمة نفسها ونشر كابلات الألياف الضوئية، وهما عنصران يفوقان العائدات المتوقعة، مؤكدًا أن خدمات ستار لينك تشبه إلى حد كبير خدمات الإنترنت الأرضى الهوائى fixed wireless التى تمنح فعليًا للمستخدمين سعرا تنافسيا للخدمة مقارنة بخدمات الإنترنت الثابت.
العلايلي: الكيانات المحلية بحاجة لحوافز وتقدم خدمات قيمة مضافة للمستهلكين
بينما أكد هشام العلايلى، الرئيس السابق لجهاز تنظيم الاتصالات، أن الشركات المصرية العاملة فى نشاط تقديم خدمات الإنترنت الفضائى تقدم هذه الخدمة بشكل كافٍ، لكنها بحاجة إلى حوافز خاصة أنها تمتلك خبرة تمتد لسنوات طويلة، كما تمتلك أيضًا الدولة القمر الصناعى “طيبة 1” فى هذا الصدد.
وألمح إلى أن خدمات الإنترنت الفضائى ربما يكون له دور كبير، خاصة مع زيادة معدلات النمو العمرانى الذى تشهده الدولة المصرية مؤخرًا فى إطار المضى قدمًا نحو تحقيق رؤية مصر 2030.
الليثي: اللاعب الجديد قد يغير شكل المنافسة.. والتجربة ليست حديثة العهد
وقال الدكتور حمدى الليثى، الرئيس التنفيذى لشركة ليناتل لحلول شبكات الاتصالات، إن فكرة دخول لاعب جديد فى مجال إنترنت الأقمار الصناعية سيغير من ملامح هذه السوق، خاصة أن عدد الشركات العاملة بها محدود، الأمر الذى سيزيد من حدة المنافسة بين جميع اللاعبين.
وأوضح أن فكرة توصيل الإنترنت عن طريق الأقمار الصناعية مرهونة بعوامل مختلفة، وفى مقدمتها الحصول على الموافقات القانونية والأمنية، موضحًا أن دخول شركة جديدة غير مصرية فى هذا المجال لها أبعاد أمنية، ويجب دراسة تاريخها وسوابق الخبرة قبل منحها الترخيص.
وتابع “الليثي” قائلًا: التوسع فى تقديم خدمات الانترنت بالأقمار الصناعية لن يغنى عن الإنترنت الثابت، نظرًا لارتفاع تكاليفها التشغيلية، متوقعًا أن تبدأ سبيس إكس نشاطها فى مصر خلال عام 2030.
ولفت إلى خدمات الإنترنت الفضائى تساعد فى تغطية المناطق النائية التى يصعب الوصول إليها، مثل مواقع استكشاف حقول البترول، إلا أن دخول مشغل أجنبى جديد يستلزم ضرورة وجود اتفاقات دولية ينظم عمله تجنبًا لأى انتهاكات أو تجاوزات أمنية، موضحًا أن هذه التجربة ليست حديثة العهد، فمصر تمتلك القمر الصناعى طيبة 1 الذى يساعد فى تقديم هذه الخدمة.
الغمرى: نسعى للحصول على النطاق الترددى ka-band لتغطية مساحات أوسع
وأضاف الدكتور محمد الغمرى، رئيس مجلس إدارة شركة “إيجيبت سات” لحلول الاتصالات، أن السوق المصرية تعمل بها خمس شركات تقدم خدمة الإنترنت الفضائى بكفاءة عالية، على الحيز الترددى ku-band المرخص به من قبل جهاز تنظيم الاتصالات، إلا أن الشركات تسعى للحصول على النطاق ka-band بما يتيح لها تغطية مساحات أكبر على مستوى الجمهورية بشكل أفضل.
وفى سياق متصل، توقع هشام عبد السلام، الرئيس التنفيذى لشركةmain telecom لنظم الاتصالات، أن تعمل الشركة الجديدة على إتاحة خدمات قيمة مضافة بجودة عالية وسرعة كبيرة وأسعار تنافسية، إضافة إلى التعاون مع الشركات المصرية.
واستطرد «عبدالسلام» قائلًا: يسعى إيلون ماسك إلى طرح منتج جديد للسوق المصرية وخدمات إنترنت فائقة السعرية، من أجل الاستحواذ على أكبر حصة سوقية، متوقعًا أن تعزز خدمة ستار لينك من نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتسهم فى زيادة قدراتها التنافسية.
وأشارت الدكتورة هادية الحناوى، أستاذ متفرغ فى هندسة الإلكترونيات والاتصالات فى كلية الهندسة جامعة عين شمس، إلى أن مصر تعد سوقًا واعدة تستوعب دخول مشغل جديد للساحة، متوقعة أن تدعم خدمات ستار لينك خطط الدولة المصرية بشأن التوسع فى عمليات التعلم أونلاين لما توفره من سرعات إنترنت غير مسبوقة.
وقالت «الحناوى» إن خدمات الإنترنت الفضائى عمومًا تتميز بانخفاض تكاليف تشغيلها، ما يفتح الباب لتحقيق معدلات نمو قوية وهوامش أرباح جيدة، مقارنة بخدمات الإنترنت الأرضى.
يذكر أن الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات منح رخصة تقديم خدمات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية لـ5 شركات محلية هى ألكان، وإيجيبت سات، وموبى سيرف، والموجات الأفريقية، ونايل فاليو، مقابل الحصول على نسبة تصل إلى %13 من عائدات هذه الشركات.