
غير المنتظمة الناتجة عن عدم قدرة الأفراد والشركات على سداد الائتمان
الذين حصلوا عليه من البنوك خلال الفترة الماضية، خاصةً مع ضعف قدرتهم على
مواصلة أعمالهم وانخفاض ساعات العمل سواء فى البنوك أو فى الشركات بشكل
عام، وذلك فى ظل عدم استقرار الأوضاع الأمنية والسياسية واستمرار سريان
قرار حظر التجوال.
وأشار المصرفيون إلى أن الظروف الأمنية
الراهنة ستقلل من امكانية الحفاظ على تدفقاتهم النقدية عند معدلاتها
الطبيعية، لافتين إلى أن البنوك ستقود بدراسة حالات العملاء بشكل فردى قبل
اتخاذ قرار إدراجهم فى قائمة غير المنتظمين، خاصةً أن ارتفاع معدلات القروض
غير المنتظمة يأتى نتيجة أحداث خارجة على إرادة هؤلاء العملاء.
وأوضحوا
أن البنوك فى هذه الحالة ستمنح العملاء الملتزمين مهلة جديدة لسداد القروض
تختلف وفقاً لكل عميل، فى حين أنها ستلجأ إلى إجراءات التقاضى عند التأكد
من عدم جدية العميل فى سداد مستحقات البنك.
ولفتوا إلى أن ارتفاع
نسبة القروض غير المنتظمة يرجع إلى الظروف التى أثرت سلباً على الاقتصاد،
مؤكدين قوة الجهاز المصرفى وقدرته على تجاوز الفترة الراهنة.
من
جانبه قال سيد القصير، رئيس بنك التنمية الصناعية والعمال المصرى، إن عدم
استقرار الأوضاع الأمنية سيؤثر على التدفقات النقدية للعملاء بشكل عام،
نظراً لأن الظروف التى يعيشها الاقتصاد تعتبر خارجة على إرادة العملاء.
ولفت
إلى أن البنوك تتخذ عدداً من الإجراءات لمواجهة ذلك منها أن تقوم بجدولة
القروض أو وضع برامج جديدة للتحصيل تسهل على العملاء سداد القروض، مشيراً
إلى أن البنوك ساندت رجال الأعمال خلال الفترة الماضية.
وقال محمد
بدرة، الخبير المصرفى، إن استمرار اضطراب الأوضاع الأمنية سيؤدى إلى ارتفاع
القروض غير المنتظمة لإجمالى الائتمان الذى منحته البنوك لعملائها فى
الفترة الماضية.
وارجع بدرة ذلك إلى الظروف الاستثنائية الحالية
وأثرت بدورها على قدرة الأفراد والشركات لسداد أقساط القروض التى حصلوا
عليها من البنوك، حيث ارتفعت مخاطر نقل البضائع وإمكانية مواصلة المراكز
التجارية لحركة البيع والشراء، بالإضافة إلى انخفاض ساعات العمل فى الشركات
والبنوك، الأمر الذى أثر على التدفقات النقدية لتلك الشركات والأفراد
العاملين بها.
وأوضح أن البنوك تراعى تلك الظروف التى يعانيها
الاقتصاد ولا تتعجل فى اتخاذ قرار إدراج العميل غير القادر على السداد فى
قائمة غير المنتظمين، وإنما تقوم بدراسة كل عميل بشكل منفصل ولكل نشاط على
حدة، بما يدفعها لمنح العميل مهلة زمنية جديدة للسداد، فى حين تتخذ
اجراءاتها القانونية مع المتعنتين فى السداد.
وأكد بدرة أن ارتفاع نسبة القروض غير المنتظمة يعكس طبيعة الفترة الراهنة وما تعانيه من اضطرابات، ولا يشير إلى ضعف أداء البنوك.
وفيما
يتعلق بإمكانية قيام البنك المركزى بإصدار تعليمات للبنوك لتحديد نوعية
القروض التى تحتاج لمد مهلة سدادها، بالإضافة إلى الفترة الزمنية اللازمة
لذلك، قال بدرة إن «المركزى» يترك للبنوك حرية اتخاذ تلك القرارات، إلا
أنها تلتزم بضرورة الحصول على موافقة «المركزى» على تأجيل فترة السداد أو
منح هؤلاء العملاء تسهيلات فى السداد.
وتوقع بدرة أن يتسبب ارتفاع
القروض غير المنتظمة الخاصة بالشركات فى زيادة إجمالى الائتمان غير
المنتظم، فى حين أن نظيرتها من التجزئة المصرفية قد لا ترتفع بشكل كبير
نظراً لأن عملاء الأفراد يعتمدون على رواتبهم الدائمة.
وأشار إلى
أنه فيما يخص الأصول التى آلت ملكيتها للبنوك من تسويات لمديونيات متعثرة،
فإن «المركزى» قد لا يلجأ إلى إصدار قرار بمد الفترة الزمنية الخاصة ببيعها
والتى تصل لـ5 سنوات، نظراً لأن البنك المركزى يتعامل مع كل حالة بمفردها،
موضحاً أن «المركزى» شريك رئيسى للبنوك، كما أنه يدرس الوضع باستمرار
ويطبق الإجراءات اللازمة لحماية الجهاز المصرفى.
ورجح على الحصرى،
المدير العام السابق لقطاع المديونيات المتعثرة فى بنك «المصرف المتحد»، أن
ترتفع القروض غير المنتظمة خلال الفترة المقبلة، نظراً لاستمرار
الاضطرابات الأمنية وتأثر الموارد المالية للشركات والأفراد التى نتجت عن
عدم انتظام حركة العمل واستيراد البضائع ونقلها، بما سيؤثر سلباً على سداد
قروض رأس المال العامل التى تحصل عليها الشركات لفترة قصيرة لمواصلة
أعمالها.
وأشار إلى أن تلك الأحداث ستؤثر بشكل غير مباشر على سداد
القروض متوسطة الأجل، لافتاً إلى أن اضطراب الأوضاع ينتج عنه ما يعرف
بمخاطر السيادة والتى تعتبر من أصعب المخاطر التى من الممكن أن تواجه
البنوك نظراً لأنها تجعلها غير قادرة على توقع مستجدات الفترة المقبلة،
وتأثيرها وكيفية معالجة المشكلات التى قد تنجم عنها، خاصةً أن جميع الأمور
فى يد السلطة والحكومة.
ولفت إلى أن الأوضاع الراهنة سترفع عدد
العملاء غير المنتظمين فى السداد، موضحاً إنها قد تؤثر سلباً على معدلات
السيولة لدى البنوك التى كانت تتوقع الحصول عليها من سداد تلك القروض.
وأشار
الحصرى إلى إن تلك المسئولية تقع على كاهل مديرى الخزانة الذين يقومون
بمواءمة مصادر الأموال والسيولة بآجال استحقاق القروض حتى لا يعانى البنك
عجزاً فى السيولة، موضحاً إنه فى حال حدوث ذلك فإن البنوك تلجأ إلى
الاقتراض من البنك المركزى باعتبار إنه المقرض الأخير.
وأكد أهمية
أن تتكاتف كل الأطراف التى تتمثل فى الحكومة والبنوك والعملاء للحد من
زيادة قيمة القروض غير المنتظمة، حيث يجب على الحكومة الإيعاز إلى البنك
المركزى بإصدار تعليمات للبنوك بمنح غير المنتظمين مهلة إضافية لسداد أقساط
القروض، كما حدث فى قطاع السياحة.
وفيما يتعلق بتعامل البنوك لخفض
قيمة القروض غير المنتظمة، قال الحصرى إنها يجب أن تلتزم بتطبيق معايير
«المركزى» ومحاولة عدم الوقوع فى أزمة سيولة، وأن توازن بين مواردها التى
كانت تتوقع الحصول عليها من سداد القروض أو تسوية مديونيات متعثرة
وإلتزاماتها تجاه عملائها.
وأكد ضرورة أن يتجه العملاء إلى تقليل
حجم المخاطر الناتجة عن العمليات التشغيلية، بالإضافة إلى التفاوض مع البنك
لسداد مستحقاته، حتى يضمن مساندة البنك له فى الفترات التالية.
واتفق
مع الآراء السابقة حسام ناصر، النائب السابق لرئيس مجلس إدارة بنك التنمية
الصناعية والعمال المصرى والمسئول عن المديونيات المتعثرة، متوقعاً ارتفاع
نسبة القروض غير المنتظمة فى الفترات المقبلة، نظراً لأن الأحداث السياسية
تؤثر سلباً على أداء الأنشطة الاقتصادية.
وتوقع أن تعانى شركات
القطاع الخاص من زيادة فى نسبة القروض غير المنتظمة مقابل نظيرتها التى
تتميز بثبات دخلها الشهرى، مشيراً إلى إن عدم استقرار الأوضاع الراهنة قد
يؤدى إلى تراجع مستهدفات البنوك من تحصيل القروض المتعثرة.
ولفت
النائب السابق لرئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية والعمال المصرى
والمسئول عن المديونيات المتعثرة إلى أن البنوك تقوم بدراسة العملاء لتقوم
بتأجيل السداد لبعضهم فى حين تلجأ لاجراءات التقاضى للبعض الآخر الذين ليست
لديهم النية فى سداد مستحقات البنوك.
