توقع مصرفيون وخبراء، أن يتسبب ظهور فيروس كورونا فى مصر والإجراءات الاحترازية التى اتخذتها الحكومة للحد من انتشاره فى ركود نشاط الائتمان خلال الفترة المقبلة، بشكل يتوقف على الفترة التى تنتهى فيها الأزمة.
أشاروا إلى أن البنك المركزى اتخذ العديد من القرارات الإيجابية لإتاحة الفرصة للشركات للاقتراض للحفاظ على أعمالها، بجانب تأجيل الأقساط لمدة 6 أشهر، إلا أن توقف النشاط الاقتصادى تمامًا فى بعض القطاعات وحالة العزلة التى فرضها الفيروس تلقى بظلالها على خطط الشركات لأجل غير مسمى .
قررت لجنة السياسة النقدية فى اجتماع طارئ لها يوم الإثنين الموافق 16 مارس 2020 خفض أسعار الفائدة الأساسية لدى البنك المركزى المصرى بواقع 300 نقطة أساس، ليصبح سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية عند مستوى 9.25 % و%10.25 و%9.75 على التوالى.
أصدر المركزى حزمة إجراءات للتغلب على آثار كورونا من أهمها تأجيل أقساط قروض الأفراد والشركات لمدة 6 أشهر، تشمل القروض الاستهلاكية ، وهى القروض الشخصية والبطاقات الائتمانية والقروض بغرض شراء سيارات للاستخدام الشخصى، القروض العقارية للإسكان الشخصى، وقروض الشركات بمختلف أنواعها.
بدير: توقف النشاط فى بعض القطاعات ينعكس على إيرادات المصارف من الأتعاب والعمولات
أوضح محمد بدير، رئيس بنك عوده مصر، أن تأجيل الأقساط لمدة 6 أشهر يحافظ على فوائد البنوك من التمويلات، لكن تأثيرات كورونا تتعدى ذلك فعدم وجود نشاط اقتصادى يخفض إيرادات البنوك من الأتعاب والعمولات، قائلا: “بالنسبة للبنوك فإن سداد الأقساط مع استمرار دورة العمل الاقتصادى يحقق إيرادات أفضل بكثير من مجرد التأجيل والحصول على الفوائد، لأن استمرار النشاط يرفع الطلب على المنتجات المختلفة وبالتالى زيادة الإيرادات من كافة المصادر”.
ألمح أن البنوك ستبدأ خلال الفترة المقبلة فى البحث عن مصادر وفرص بديلة لمحاولة الحفاظ على معدلات الربحية وعدم تأثرها بالظروف الحالية فى ظل انخفاض الفائدة بشكل كبير على الدين الحكومى وتوقف النشاط الاقتصادى فى العديد من القطاعات .
القاضى: انخفاض متوقع.. يتوقف مداه على توقيت انتهاء الأزمة
قال أشرف القاضى، رئيس مجلس إدارة المصرف المتحد، إن عوده نشاط قطاع الائتمان فى البنوك سيتوقف على المدى الزمنى الذى تستغرقه أزمة كورونا، موضحًا أن الأزمة الحالية أحدثت ما يشبه بـ”توقف الزمن”.
أضاف أن البنك المركزى أصدر قرار تأجيل أقساط قروض العملاء لمدة 6 أشهر، ما يحقق الأثر الإيجابى الضخم بالنسبة للشركات والأفراد الذين تتأثر أعمالهم بالأزمة الحالية، وخفض الفائدة لتنشيط الائتمان، مؤكدًأ أن الوضع الحالى سيؤثر على حركة الاقتصاد فى العالم أجمع .
أضاف أن مصر أعلنت خفض معدلات النمو المتوقع إلى %5.1 بدلا من %6 والعالم قد يحقق نمواً سلبياً خلال العام الجارى، نتيجة تباطوء النشاط الاقتصادى، لذلك فإن نشاط الائتمان فى البنوك المحلية يتوقف على الفترة التى تشهد انحسار الأزمة الحالية حتى تعود الأمور لطبيعتها.
عبدالمنعم: قطاع الأغذية الأقل تأثرًا بـ”كوفيد – 19”
قال محمد عبدالمنعم، الخبير المصرفى، إن تأجيل الأقساط للشركات والأفراد يجعل حدود استخدام المحافظ الائتمانية فى البنوك عند نفس المستوى فى ظل عدم وجود سداد طوال 6 أشهر المقبلة، كما أنها توفر للبنوك نسبة الفائدة المستحقة خلال هذه الفترة، ما يقلل التأثير على أرباح البنوك لا سيما أن 70 إلى %80 من أرباحها تأتى من الفوائد.
أشار إلى أن الجانب الأكثر تأثرًا بسبب تأجيل أقساط القروض هو بند الأتعاب والعمولات، فاستمرار العميل فى السداد يجعل دورة العمل مستمرة، وبالتالى يحتاج العميل عمليات مصرفية مختلفة بجانب الحصول على القرض ما يزيد من الدخل عبر الأتعاب والعمولات، متوقعًا ظهور التأثير فى مؤشرات البنوك خلال الربع الثانى من العام الجارى .
أضاف أن الفترة الحالية تشهد ضعفًا شديدًا فى الطلب على الائتمان، لا سيما أن أزمة كورونا لا تزال فى بدايتها وبالتالى فإن المؤسسات ومن بينها الشركات والبنوك تعيد ترتيب أمورها الداخلية لمعرفة حجم التأثر والتجهيز للمرحلة المقبلة.
أوضح أن السياحة من أكثر القطاعات المتضررة، بينما الأغذية الأقل تأثرًا، لا سيما أن الطلب يزداد على السلع الغذائية فى هذه الأوقات وبالتالى فالدورة التشغيلية للشركات العاملة فى هذا المجال مستمرة ونسبة حصولها على الائتمان مرتفعة .
فيما يتعلق بمبادرة السياحة أكد عبدالمنعم أن البنوك الحكومية لها الدور الأكبر فى دعم هذا القطاع استغلالا لمبادرة البنك المركزى، التى أتاحها بفائدة ميسرة تصل إلى %8 لدعم المنشآت السياحية والفندقية .
عن النظرة المستقبلية لقطاعات الائتمان فى البنوك، لفت عبدالمنعم إلى أن الأمر يتوقف على حركة فيروس كورونا، وهل ينحسر مع حلول شهر أبريل ودخول فصل الربيع أم يستمر لفترة أطول، موضحًا أنه بمجرد انحسار موجة انتشار الفيروس ستعود الحركة الاقتصادية فى جميع أنحاء العالم لطبيعتها حتى وإن استغرقت وقتًا.
على مستوى نشاط الاعتمادات المستندية وخطابات الضمان، أشار إلى أنها من القطاعات التى تأثرت بسبب توقف حركة الاستيراد تمامًا فى بعض القطاعات لاسيما التى تعتبر غير أساسية مثل السيارات والأدوات الترفيهية بسبب إغلاق بعض الدول تمامًا، بينما قطاعات مثل الأغذية مازال الطلب عليها مستمرًا.
عبدالعال: آثار الأزمة تمتد 6 أشهر
توقع محمد عبدالعال الخبير المصرفى وعضو مجلس إدارة بنك قناة السويس، أن يكون الطلب على نشاط الائتمان ضعيفا للغاية طوال فترة 6 أشهر المقبلة، بسبب العامل النفسى والحذر من الظروف الحالية، رغم قرارات البنك المركزى بتشجيع القروض منخفضة التكلفة للقطاعات الحيوية فى الدولة.
أوضح أن البنك المركزى والجهاز المصرفى نجحا فى تجهيز البنية القوية لتقليل آثار كورونا من بينها خفض سعر الفائدة، وتأجيل الأقساط، وتوفير أموال ضخمة بفائدة ميسرة للقطاعات الحيوية والأكثر تأثرًا بكورونا، لكن الظروف الحالية متوقع أن تحد من فاعلية هذه القرارات.
أضاف أن فرض حظر التجوال وظروف العزلة التى يمر بها العالم للحفاظ على صحة السكان وتأثيرها على العديد من الأنشطة يدفع الشركات للحذر والترقب طوال الفترة الماضية وبالتالى انخفاض نشاط الائتمان بشكل كبير.