رجح الاتحاد الأوروبى أنه لن يخضع لطلبات الرئيس دونالد ترامب بتخفيف القواعد على سلامة الطعام لاستيراد المزيد من المنتجات الزراعية الأمريكية، لاسيما اللحوم، والتى هدد بأنه قد يفرض –حال رفضها- رسوما جمركية على السيارات القادمة من دول الاتحاد اعتبارا من هذا العام.
وكان العام الماضى قد شهد مقتل أكثر من 5 ملايين خنزير فى الصين بسبب فيروس إنفلونزا الخنازير الإفريقية، وانتشار فيروس كورونا الجديد فى مدينة يوهان بإقليم هوبى فى الصين أيضا والذى لم يتمكن الأطباء من العثور على علاج له حتى الآن، كما تم التخلص من أكثر من 18 ألف دجاجة هناك بسبب إنفلونزا الطيور.
ويرى «سونى بيردو» وزير الزراعة الأمريكية أن الاتحاد الأوروبى عليه أن يعدل القواعد المتشددة على الواردات الغذائية الأمريكية، لاسيما دول الاتحاد التى تصدر منتجات زراعية وغذائية بقيمة 12 مليار دولار سنويا للولايات المتحدة.
وأكد يوهان بجيركيم، المختص بالشئون التجارية فى مركز السياسة الأوروبية، أنه لن يقبل تخفيف معايير سلامة الغذاء المطبقة على اللحوم بصفة خاصة، خوفا من تكرار أزمة وباء جنون البقر BSE الذى انتشر فى مزارع الأبقار الأوروبية خلال التسعينيات، وتسبب فى خسائر فادحة لها ومقتل ملايين الأبقار، خاصة مع انتشار أوبئة إنفلونزا الخنازير والطيور وفيروس كورونا الذى تطور وبات يصيب البشر وليس الحيوانات فقط.
وذكرت وكالة رويترز أن مفاوضات الاتحاد الأوروبى مع الرئيس دونالد ترامب ربما ستصل إلى طريق مسدود، لا سيما أن العديد من الساسة الأوروبيين لايشعرون نحوه بإعجاب أو تعاطف، بعد أن وصف الرئيس الأمريكى موقف الاتحاد بأنه أسوأ من الصين وأنه يستعد لشن حرب تجارية أخرى مع أوروبا ما لم تذعن لمطالبه التجارية مما يجعل المحادثات بينهما صعبة للغاية.
ويحظر الاتحاد الأوروبى استيراد اللحوم المعالجة بهرمون النمو أو الدواجن المغسولة بحامض البيراسيتيك والتى يصفها الأوروبيون بالدواجن «المعاملة بالكلور» وهذه المعالجة والغسيل من الممارسات المعتادة فى المزارع والسلخانات الأمريكية.
ولكن الإدارة الأمريكية أكدت أن خضراوات السلاطات الأوروبية التى تصدرها يتم غسلها بالكلور وأن القواعد الأوروبية المتشددة على المنتجات الغذائية المستوردة مجرد غطاء لسياسة الحمائية التى تمارسها لمصلحة لمزارع الأوروبية، بينما ترى المفوضية الأوروبية فى بروكسيل أن غسيل الدواجن بالمحاليل المضادة للميكروبات يضر بالمعايير الصحية.
وأعلنت الهيئة الأوروبية لسلامة الغذاء EFSA أن محاليل غسيل الدواجن المتعددة ليست هى المخاطر الوحيدة من الواردات الأمريكية وهناك أيضا الممارسات الصحية السليمة التى يتعين اتباعها أثناء عمليات ذبح وتنظيف وتعبئة الدواجن.
وقال البروفيسور إيريك ميلستون أستاذ سياسة العلوم بجامعة ساسيكس البريطانية أن مرض جنون البقر الذى انتقل من الحيوانات للبشر وجاء بسبب تغذية الأبقار على بقايا حيوانات المزارع أدى إلى حظر عالمى على استيراد اللحوم البريطانى وقتل ملايين الأبقار ومع ظهور فضائح أخرى مثل استخدام الديوكسين فى أغذية الحيوانات فى بلجيكا مما ساعد على إنشاء هيئة EFSA عام 2002 وفرض معايير متشددة على سلامة الغذاء.
ورغم أن دراسة الهيئة الأوروبية لسلامة الغذاء على اللحوم المعالجة بهرمون النمو لم تتوصل إلى أنها ضارة بالصحة إلا أنها أكدت عدم وجود بيانات كافية للبرهنة على سلامتها لصحة الإنسان ولذلك يجب اتخاذ المحاذير الكافية قبل السماح بتناولها وفقا لقانون سلامة الطعام بالاتحاد الأوروبى كما جاء فى تقرير أصدره هذا العام ميوت شيمبف خبير الأغذية بالرابطة الأوروبية لأصدقاء الأرض FEE.
وأصبحت هيئات سلامة الغذاء فى أوروبا جزء من سياسة حماية المستهلك والوقاية من الأمراض ولم تعد تصدر تقارير لوزراء الزراعة أو المفاوضين التجاريين المعنيين أيضا بالسلامة الصحية فى المزارع وسلامة صناعة المنتجات الغذائية.
ووضع المشرعون المسئولون عن القوانين الأوروبية فى عام 2003 قواعد متشددة أيضا بخصوص المحاصيل المعدلة وراثيا GMC والتى تحتم وضع هذه الحروف على ورغم أن ملايين الأطنان منها يتم تصديرها لأوروبا إلا أنها تستخدم لتغذية الحيوانات فقط ومحظور بيعها للمستهلكين فى دول الاتحاد الأوروبى بينما لا تنص القواعد الأمريكية على وضع هذه الحروف على أى منتجات غذائية ولذلك تعتقد اللوبيات الزراعية الأمريكية أن معاملة الاتحاد الأوروبى غير عادلة عندما يضعها على منتجاتها.
ولكن هوسوك لى ماكاياما مدير مركز ECIPE الأوروبى يرى أن الولايات المتحدة الأمريكية أيضا تحظر استيراد بعض المنتجات الأوروبية ومنها الأجبان المصنوعة من لبن غير مبستر ولذلك استبعدت العديد من أنواع الجبن الفرنسى وحظرت أيضا استيراد شيكولاتة كيندر إيج الموجودة فى عبوات بلاستيك تشبه البيض بزعم أنها تضر بالبيئة.
ويأتى أيضا تشدد الاتحاد الأوروبى تجاه المنتجات الزراعية الأمريكية وسط انتشار وباء فيروس كورونا الجديد الذى ظهر فى مدينة يوهان الصينية منذ 30 ديسمبر الماضى وتسبب فى وفاة حوالى 1500 شخصا وإصابة أكثر من 60 ألف حالة حتى الآن ومازالت الأعداد تزداد يوما بعد يوم ولا يعرف أحد متى ستتوقف مما جعل معظم دول العالم تعلق رحلاتها الجوية للصين وتفرض الحجر الصحى على جميع القادمين من الصين والدول الأخرى التى ظهرت فيها ومنها الفلبين وكندا.