جاء قرار الخارجية المصرية باستدعاء بالقاهرة كرد سريع على البيان الصادر عن الخارجية القطرية، مساء الجمعة ليزيد تدهور العلاقات الثنائية بين مصر وقطر ، لاسيما أن البيان أعرب عن قلق السلطات القطرية من تزايد أعداد ضحايا قمع المظاهرات، وسقوط عدد كبير من القتلى فى كل أرجاء مصر، مؤكداً أن الحوار بين كل المكونات السياسية هو الحل الوحيد للأزمة السياسية الحالية.
وتوالت ردود الفعل جراء استدعاء السفير القطرى، حيث أكد عدد من الخبراء السياسيين، أن التصعيد الذى تمارسه السلطات القطرية تجاه مصر نشأ بالأساس نتيجة رغبة قطر فى التأكيد على أن ما حدث فى مصر فى 30 يونيو انقلاب عسكرى وليس ثورة.
وأعرب الخبراء عن رفضهم الممارسات القطرية والتى تعد تدخلاً سافراً فى الشأن الداخلى المصرى، متهمين الدوحة بالسعى إلى تحقيق الأهداف الأمريكية والأوروبية بالمنطقة بصفة عامة، ومصر بصفة خاصة.
وأكد المحللون أن قطر تسعى إلى زعامة الوطن العربى عبر استخدام ورقة الإسلام السياسى لزعزعة استقرار الدول العربية.
العلاقات بين مصر وقطر من سيئ لأسوأ
فى البداية يؤكد الدكتور سعيد اللاوندى، خبير فى العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن العلاقات الثنائية بين مصر وقطر تسير من سيئ لأسوأ، لاسيما بعد التصريح الذى أدلى به السفير نبيل فهمى، وزير الخارجية المصرى، بأن القاهرة لن تتهاون فى الرد على أى إساءة لمصر، لافتاً إلى أن المقارنة بين تركيا وقطر ليست دقيقة، لأن الأخيرة لها الهوية العربية نفسها، لكن هناك حدوداً للصبر حتى مع الدول ذات الهوية المشتركة.
ويرى اللاوندى أن تدهور العلاقات المصرية القطرية نابع بالأساس من رفض الحكومة القطرية الاعتراف بقرار حكومة الدكتور حازم الببلاوى، رئيس مجلس الوزراء، بأن جماعة الإخوان إرهابية إلى جانب رفض السلطات القطرية الطلب المقدم من الجامعة العربية بتسليم كل من الدكتور يوسف القرضاوى، رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، وعاصم عبدالماجد، عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية.
وشدد خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية أن ما تقوم به قطر يعد ممارسات عدوانية تقف وراءه قوى مناهضة للثورة الشعبية التى قام بها المصريون فى 30 يونيو لإقالة حكم الإخوان.
وتابع اللاوندى: إن قطر تعبر بالأساس عن موقف عدد من القوى الأوروبية والأمريكية والغربية، شأنها فى ذلك شأن تركيا، والتى تروج بأن ما حدث فى 30 يونيو هو انقلاب عسكرى وليس ثورة.
واستنكر اللاوندى تدخل دولة بحجم قطر فى الشأن الداخلى المصرى، لاسيما أنها دولة صغيرة تسعى بما تمتلك من أموال إلى انتزاع مكانة بين الدول العربية.
وقال اللاوندى إن السلطات المصرية تأخرت فى اتخاذ موقف صريح إزاء تدخل قطر فى الشأن المصرى فى ظل قيام عدد من القوى الإقليمية بمساع كبيرة فى محاولة لإصلاح العلاقات بينهما.
وأشار اللاوندى إلى أن قطر تسير على سيناريو تركيا نفسه، متوقعاً سحب السفير المصرى من قطر وطرد السفير القطرى خلال الأيام القليلة المقبلة.
العلاقات بين مصر وقطر تتدهور بشكل كبير
من جهته، قال الدكتور عماد جاد، نائب رئيس الحزب المصرى الديمقراطى للشئون الخارجية، إن العلاقات بين قطر ومصر بدأت تتدهور بشكل كبير بعد البيان الأخير الصادر عن الخارجية القطرية.
وأكد جاد أن تدهور العلاقات جاء بعد تبنى قطر بشكل واضح الجرائم والعمليات الإرهابية التى تقوم بها جماعة الإخوان فى مصر، مشيراً إلى أن استمرار قطر فى سياستها المعادية للشأن الداخلى المصرى، أدى إلى استدعاء مصر السفير القطرى بالقاهرة فى أولى الخطوات الحقيقية والتى تعكس بالفعل تدهور العلاقات.
وأكد جاد أن استدعاء السفير القطرى هو المستوى الأول من التصعيد، ففى حال عدم الاستجابة للرسائل المصرية سيتم سحب السفير المصرى، ثم طرد السفير القطرى، وأخيراً تخفيض العلاقات الدبلوماسية ثم قطعها.
وتوقع جاد أنه فى حال عدم الاستجابة للرسائل التى وجهتها الخارجية المصرية إلى السفير القطرى بالقاهرة سيستمر تدهور العلاقات.
وكشف أن قطر تمثل رأس حربة لسياسات أمريكية وأوروبية تسعى إلى تحقيق مصالحها بالمنطقة، لاسيما أن الدوحة ليست لها أى مصلحة حقيقية ومكاسب على أرض الواقع من تدخلها فى الشأن المصرى.
مزيد من التدهور فى العلاقات بين مصر وقطر
من جانبه قال السفير حسين هريدى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن استمرار سلوك الحكومة القطرية بعد البيان المؤسف الصادر عن الخارجية القطرية ينذر بمزيد من التدهور فى العلاقات مستقبلاً.
وأعرب هريدى عن أمله فى أن تصل رسالة استدعاء السفير القطرى بالقاهرة للحكومة القطرية حتى لا تتدهور العلاقات الثنائية المصرية – القطرية.
وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق أن قطر تعمل لحسابها الخاص وليس لصالح السياسية الأمريكية والأوروبية، كما يزعم البعض، حيث إن قطر تسعى إلى زعامة الوطن العربى عبر استخدام ورقة الإسلام السياسى كورقة ضغط ومساومة لدول الربيع العربى.
وتابع هريدى: يمكن تتبع ذلك عبر تحليل الموقف القطرى بالنسبة للأوضاع التى تشهدها سوريا وليبيا وتونس إلى جانب دعم جماعة الإخوان المسلمين فى تلك البلاد لاسيما مصر.
واختتم هريدى تصريحاته قائلاً إن السياسة الخارجية القطرية خلال الفترة الراهنة أدت إلى تفجر العالم العربى.