توقّع خبراء سوق المال انخفاض حِدة التراجعات التي سجلتها البورصة المصرية في الجلستين الماضيتين، متأثرة بتداعيات أزمة انهيار بنك “سيليكون فالي”، مرجِّحين عودة المستثمرين الأجانب للشراء مرة أخرى، في ظل توقعات ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه خلال الفترة المقبلة، مع بدء إجراءات طرح شركتي “وطنية” و”صافي”.
«EGX70» يعوض جزءًا من خسائره ويرتفع بـنسبة 1.6%
وأنهي المؤشر الرئيسي “EGX30” تعاملات جلسة اليوم الثلاثاء منخفضًا بنسبة 0.49%، ليغلق على مستوى 15362.25 نقطة، بينما صعد كل من “EGX70″ بنحو 1.62% إلى 2794.07 نقطة، و”EGX100” بحوالى 1.26% إلى 4127.28 نقطة.
وجاءت قيم التداولات على الأسهم، اليوم، منخفضة للنصف تقريبًا، مقارنة بقيمتها أمس الأول، لتسجل 1.2 مليار جنيه، وخسر رأس المال السوقي نحو مليار جنيه، ليغلق عند تريليون جنيه، وجرى التعامل على أسهم 193 شركة مقيدة، ارتفع منها 90، بينما انخفضت أسعار 38، واستقرت 65 عند مستويات الاثنين.
واستمر الاتجاه البيعي مسيطرًا على تعاملات المستثمرين الأجانب، بصافي قيمة 148.56 مليون جنيه، بينما فضّل المصريون والعرب الشراء بنحو 128.26 و20.3 مليون على الترتيب.
وقال أحمد أبو حسين، العضو المنتدب لشركة كايرو كابيتال لتداول الأوراق المالية، إن مؤشرات السوق شهدت تباينًا كبيرًا اليوم، ما بين الصعود لمحاولة تعويض خسائر أمس، والهبوط مجددًا، ولم تسِر الجلسة على وتيرة واحدة، خاصة سهم البنك التجاري الدولي الذي يؤثر بشكل مباشر على المؤشر الرئيسي.
وأرجع هذا التباين والتراجع الذي شهدته قيم التداولات إلي الأقاويل المنتشرة في السوق، الخاصة بإعادة تحريك سعر الصرف ورفع معدلات أسعار الفائدة مرة أخرى، إلى جانب أخبار وتطورات الأحداث الكبيرة التي تشهدها السوق العالمية، وآخِرها أزمة “سيليكون فالي”.
وفسّر أبو حسين الاتجاه البيعي للأجانب بأنه نتيجة التخوف وعدم وضوح الرؤية بالنسبة لهم أو بسبب تعويض مراكز خارجيًّا مع الأزمة الكبيرة الناتجة عن إفلاس بنك “سيليكون فالي”، موضحًا أن الأحداث العالمية دائمًا ما تؤثر على قراراتهم الاستثمارية.
وأشار إلى أن مؤشر الشركات الصغيرة والمتوسطة استطاع امتصاص وتخطي الصدمة، وعاد للصعود مرة أخرى ولكن ليس بالقوة نفسها، موضحًا أن بيئة “EGX70” تتسم بتواجد الأفراد والذين يغلب عليهم الطبيعة المضاربية بصورة أكبر.
وتابع أن السوق تتسم بالضبابية وعدم وضوح الرؤية، مستدركًا أن الوضع الحالي لن يتطور لآثار مشابهة للأزمة العالمية في 2008.
وأوضح أن البورصة الأمريكية اليوم لم تشهد انهيارًا كبيرًا كما كان متوقعًا، بل على العكس تمكنت من التماسك بعض الشيء، مشيرًا إلى أن قرار البنك الفيدرالي بتعويض ودائع الأفراد في “سيليكون فالي” سيعمل على الحد من الأزمة نوعًا ما.
جدير بالذكر أنه تم إصدار بيان مشترك، مطلع الأسبوع الحالي، من قِبل كل من وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت إل يلين، ورئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، ورئيس مجلس إدارة المؤسسة الأمريكية للتأمين على الودائع الفيدرالية مارتن غروينبيرغ، جاء فيه أن المودِعين سيتمكنون من الوصول إلى جميع أموالهم، ولن يتحمل دافعو الضرائب أية خسائر مرتبطة بالقرار المتعلق ببنك “سيليكون فالي”.
وتوقّع أبو حسين أن تقل حدة الموجة البيعية القوية المسيطرة علي اتجاه الأجانب في السوق المصرية، مضيفًا أن الأسعار بدأت تكون مُغرية بصورة كبيرة مرة أخرى، مرجحًا أن تتجه البورصة للتماسك والصعود مرة أخرى، حتى وإن لم يكن صعودًا قويًّا.
من جانبه، قال عادل عبد الفتاح، رئيس شركة ثمار للسمسرة، إن البورصة شهدت بداية استقرار، خلال جلسة اليوم الثلاثاء، بعد التصحيحات العنيفة التي شهدتها على مدى يومين.
وأوضح أن السوق كانت بحاجة للتصحيح بعد الصعود الذي شهدته خلال الأشهر الماضية، وكانت أزمة البنوك الأمريكية الأخيرة السبب الذي ساعد في حدوث ذلك.
وأضاف أن حركة المؤشر الرئيسي العرضية، أمس، تُعدّ طبيعية، إذ إن الأزمة الأخيرة في القطاع البنكي الأمريكي نتج عنها انتقال الذعر للعاملين في القطاع نفسه بين مختلف البورصات، لذا لم يتمكن سهم البنك التجاري الدولي من التعافي بسرعة، ما أثّر على “EGX30” ليغلق في المنطقة الحمراء.
وفسّر عودة المؤشر السبعيني للصعود مرة أخرى غدًا وتعافيه من الأزمة لعدم وجود معامل ارتباط ظاهر لأسهمه بأزمة بنك “سيليكون فالي”، مفسرًا ذلك بأن الميول البيعية للأجانب ناجمة عن وجود توقعات على تحريك سعر الدولار أمام الجنيه، للاستفادة من فروق أسعار العملة.
وأشار عبد الفتاح إلى أن قيم التداولات المنخفضة تُعدّ مؤشرًا جيدًا على تراجع حدة الاتجاه البيعي.
وتوقّع أن تشهد البورصة بعد غدٍ استقرارًا عرضيًّا مائلًا للصعود البسيط، مضيفًا أن هناك عاملين مهمّين سيكون لهما تأثير كبير على جاذبية السوق، ومصداقيتها، وحركة المؤشرات، وعودتها للارتفاع مرة أخرى الفترة المقبلة، وهما تحريك سعر الدولار أمام الجنيه، وأيضًا الجدية في الطروحات، خاصة بدء إجراءات طرح شركتي “صافي” و”وطنية”.
يُذكر أن الحكومة أعلنت، الأسبوع الماضي، بدء إجراءات طرح شركتي “وطنية” و”صافي”، الأربعاء 15 مارس.
ورجّح عبد الفتاح أنه في حال حدوث تحريك لسعر الدولار أمام الجنيه- والذي تتوقع بعض المؤسسات وصوله إلى 10- 15%- ستشهد السوق دخولًا قويًّا للأجانب مرة أخرى.