تستعيد صفقات الاندماج والاستحواذ انتعاشها فى عام 2023، بعد انهيار قياسى فى 2022، وفقا لتوقعات نخبة من الرؤساء التنفيذيين وقادة بنوك الاستثمار وشركات الاستشارات المالية وإدارة الأصول.
وبحسب ما نقلته وكالة «بلومبرج»، فإن التوقعات بالعودة القوية للاندماج والاستحواذ مستندة إلى تكهنات بأن موجة رفع أسعار الفائدة قد وصلت إلى ذروتها ما يمكن المستثمرين من تقييم الملكية ومخاطر الديون على نحو أدق، وبما يهيئ الطريق أمام إبرام الصفقات.
وكانت صفقات الاندماج والاستحواذ قد سجلت رقما قياسيا فى 2021 عند نحو 5 تريليونات دولار، لتكسر الرقم المتحقق فى 2007 عند قرابة 4 تريليونات دولار.
لكن فى عام 2022 ومع ارتفاع معدلات التضخم وزيادة تكاليف الاقتراض وعدم اليقين الجيوسياسى، تعرقلت الصفقات وهوى نشاط الاندماجات والاستحواذات العالمية بمقدار الثلث تقريبًا مقارنة بعام 2021 لتسجل قرابة 3.5 تريليون دولار فقط، وفقا لبيانات جمعتها «بلومبرج».
وسيطرت مخاوف السقوط فى هوة الركود على المستثمرين فى 2022 ما دفعهم للإحجام عن الدخول فى صفقات، كما أنها أضرت بفرص إتاحة التمويل اللازم لإبرام الاتفاقيات.
بداية متواضعة ثم انتعاشة
وبحسب نيك فاولار، الرئيس المشارك لأسواق رأس المال فى أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا لدى «لازارد» للاستشارات المالية وإدارة الأصول، من المتوقع أن يشهد النصف الأول من 2023 المزيد من الاندماجات والاستحواذات ذات الأحجام المتدنية على أن يبدأ النشاط فى الانتعاش بشكل ملموس فى الربع الثالث.
وأضاف فاولار أن التغير الأساسى الذى سيعيد تشكيل المشهد كليا هو بلوغ أسعار الفائدة مرحلة الذروة، إذ سيتمكن المشترون عندها من تقدير المخاطر بشكل سليم على صعيد قيمة الأصول والديون على حد سواء.
وعندما يتحقق هذا، وفقا لفاولار، ستعود السيولة إلى أسواق الائتمان بما يسمح لبنوك الاستثمار بالابتعاد عن الأصول ذات المخاطر العالية والحصول على قروض لإبرام صفقات جديدة.
4 تريليونات دولار قيمة صفقات 2023
ويرى جيم لانجستون، المدير المشارك لدى « كليرى جوتليب ستين وهاملتون» للاستشارات، أنه رغم انعدام اليقين التام بخصوص ما سيفعله مجلس الاحتياطى الفيدرالى (المركزى الأمريكي) فى العام المقبل، فإن الصورة ستكون أفضل وسيكون هناك نشاط أكبر مقارنة بالعام الجارى.
وبخصوص قيم الصفقات العام المقبل، قال براين هوفريك، الرئيس الشريك لأعمال الاستحواذات والاندماجات الأمريكية لدى بنك «جولدمان ساكس جروب»، إن العام المقبل سيشهد إبرام صفقات بنحو 4 تريليونات دولار، وهى مستويات قريبة مما تحقق فى العام الجارى، لكن صعودها إلى مستوى 5 أو تراجعها إلى 3 تريليونات دولار يتوقف على مدى توفر مستوى من الاستقرار الذى يتيح إعادة استئناف الكثير من النشاطات المتوقفة حتى الآن.
التكنولوجيا تهيمن
وبخصوص القطاعات التى ستشهد أكبر صفقات استحواذ واندماجات، يرى كيفين برونر الرئيس الشريك لقسم الاندماجات والاستحواذات العالمية لدى «بنك أوف أمريكا» أن قطاع التكنولوجيا سيواصل تصدر النشاط بدعم من تطوير عدد من الاستراتيجيات الرقمية المختلفة فى كل قطاع تقريبا خلال السنوات القليلة الماضية.
ولن يتوقف الأمر عند استحواذ شركات تكنولوجيا على مثيلتها، بل سيمتد إلى تحول شركات استهلاكية إلى شركات تكنولوجيا استهلاكية والشركات الصناعية إلى شركات تكنولوجيا صناعية.
ويسيطر على المشهد برمته حالة من النشاط والاستثمارات المتجهة بكثافة صوب التكنولوجيا.
الطروحات الأولية تنتظر المحفزات
وفيما يتعلق بموعد تعافى الطروحات الأولية، قال كريستوفر هيو من بنك «بى إن بى باريبا»، إنه ينصح مصدرى طروحات الأسهم الأولية بالانتظار لحين توفر الفرصة الملائمة فى ظل انعدام المحفزات الحقيقية الداعمة لإعادة فتح سوق الطروحات الأولية على نطاق واسع.
وأضاف أن موجة الطروحات ستبدأ فى النصف الثانى من عام 2023، وربما تتأخر قليلا إلى 2024 بمشاركة معظم الشركات.
ومن المرجح أن تلجأ الشركات إلى طرق أخرى، منها السندات القابلة للتحويل، لتمويل الديون التى حان موعد سدادها ولتمويل غيرها من الاحتياجات الرأسمالية.
زيادات رأس المال «راكدة»
وعن زيادات رأس المال المتوقعة فى 2023، قال مانلو فالكو من «سيتى جروب» إن دعوات زيادة رأس المال التى تطلبها الشركات من المساهمين لم تتكرر كثيرا خلال 2022، لأسباب ترجع جزئيا إلى أن الكثير من الميزانيات العمومية للشركات قد حصلت بالفعل على زيادات رأسمالية خلال جائحة كوفيد.
ومن المتوقع لذلك أن ينتعش نشاط زيادة رأس المال فى مطلع العام المقبل على أن يتركز فى الشركات التى تعمل فى القطاعات التى تأثرت أرباحها كثيرا جراء التغير فى بيئة أسعار الفائدة.