توجه لافت من شركات التمويل العقارى لاستغلال المحافظ فى إصدار سندات التوريق

«بداية» كانت الشرارة.. و«الأولى» تنهى خطواتها

توجه لافت من شركات التمويل العقارى لاستغلال المحافظ فى إصدار سندات التوريق
سارة لطفي

سارة لطفي

6:13 ص, الأربعاء, 29 يونيو 22

◗❙ حسانين: الأمر ليس بالغريب.. والهدف تعزيز الملاءة وتمويل المزيد من الوحدات

◗❙ عمارة: السوق عانت من وجود فجوة مؤخرًا بسبب ارتفاعات الأسعار والتكاليف

فى ظل زيادة حدة المخاطر بجميع القطاعات، خاصة القطاع العقاري، تسعى شركات التمويل العقارى لتقليل المخاطر التمويلية، من خلال تبنى أدوات مالية جديدة غير مصرفية تتميز بوجود عنصر مخاطرة منخفض، إذ طفت على السطح فى الفترة الأخيرة ظاهرة لافتة فى توجه عدة شركات تمويل عقارى لإصدار سندات توريق، بهدف تعزيز الملاءة المالية.

واستهلت شركة «بداية» للتمويل العقارى عملية إصدار سندات التوريق، إذ كان الإصدار الأول بقيمة 651.2 مليون جنيه، ضمن برنامج بقيمة 3 مليارات جنيه، ويعد هو الأول من نوعه لشركة تمويل عقارى فى السوق المصرية، وفقاً لبيان أصدرته المجموعة المالية هيرميس التى تولت إدارة الطرح.

وتنوعت آراء المحللين بين ما إذا كانت سندات التوريق أفضل آلية غير مصرفية تمويلية، فى ظل الأوضاع الحالية، أم أن جميع الأدوات تحقق الغرض المرجو منها، وتتوقف فقط عملية الاختيار بينهم على ظروف الشركة وحجم مشروعاتها وطبيعة نشاطها.

بداية، قال ياسر عمارة، رئيس مجلس إدارة شركة إيجل للاستشارات المالية، إن هناك تحديات جمة واجهت القطاع العقارى فى الفترة الأخيرة، أدت لزعزعة حركة نمو وتطور القطاع، وأثرت بالسلب على المطورين لتنفيذ تعهداتهم.

وتابع، أن تلك التحديات تمخضت عن ضعف الطلب، إثر تراجع القوة الشرائية، إضافة إلى الارتفاع الكبير فى الأسعار.

وكان البنك الفيدرالى الأمريكى رفع سعر الفائدة فى آخر اجتماع له بمعدل 75 نقطة أساس، لتحجيم التضخم، ليجبر الأسواق الناشئة على انتهاج نفس سياساته الانكماشية.

وأضاف «عمارة»، أن السوق العقارية عانت وجود فجوة تمويلية طيلة الحقبة الأخيرة، لعدم استقرار الأسعار، مع وجود فروق صارخة بين الأسعار التى تم البيع بها، وتكلفة الإنشاء.

وفى ضوء ذلك، عقدت الهيئة العامة للرقابة المالية اجتماعًا لتنشيط التمويل العقاري، وتناول الاجتماع سبل استخدام الأدوات المالية غير المصرفية كحلول عاجلة لتنشيط قطاع التمويل العقاري، عبر تحويل محافظ المطورين العقاريين إلى محافظ مالية، بما يمكنه من تلبية احتياجاتهم التمويلية والطلب المتزايد على القطاع فى مصر.

واستعرض البدائل المتنوعة من أدوات التمويل غير المصرفية المتاحة لتحويل الأصول العقارية إلى مالية، من خلال استخدام آلية سندات التوريق التى بلغ حجم إصدارها العام الماضى 19 مليار جنيه، احتل نشاط التمويل العقارى نحو %34 من حجم إصداراتها.

ولفت «عمارة» إلى أن نشاط إصدار سندات التوريق لم يكن بالوسيلة المستحدثة، ولكن تم انتهاجه فى الفترة الأخيرة بشكل كبير لوجود تسهيلات تدعم إصداره، إضافة إلى ضعف السيولة النقدية، والركود العالمي.

ويعرف التوريق بأنه عملية يقوم فيها المصدر بتصميم مجموعة من الأدوات المالية القابلة للتسويق، ويتم ذلك إما عن طريق دمج وإما جمع أصول مالية متعددة فى مجموعة واحدة، وفقًا لتعريف مركز دعم واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء.

وأوضح «عمارة» أن السبب الرئيسى وراء لجوء عدد من شركات التمويل العقارى لاستصدار سندات توريق، ليس فقط فى ارتفاع أسعار الفائدة بالبنوك المصرفية، وصعوبة الشروط المتاحة بها، ولكن يكمن السبب بشكل أساسى فى سهولة إصدار سندات التوريق والحصول عليها، وتراجع تكلفتها كأداة مالية غير مصرفية، مقارنة بالقروض البنكية، علاوة على السرعة فى تنفيذها، وتراجع درجة مخاطرها.

وحول آلية التمويل من خلال البنوك، بات التعامل مع المؤسسات المصرفية شاقًا للغاية، فى ظل متطلباتها وشروطها المتعددة، ونظرتها لقطاع النشاط العقارى بأكمله كنشاط يتمتع بدرجة عالية من المخاطر.

وأوضح أن الحصص التمويلية المخصصة للقطاع العقارى فى البنوك ضئيلة بالنسبة لحجم المشروعات والشركات الناشئة بالسوق، ما يؤدى لوضع شروط متكلفة فى اختيار الكيانات العقارية.

وأفاد بأن استمرار استصدار سندات التوريق خلال حقبة زمنية طويلة، يعتمد بشكل محورى على نجاح تطبيقها بالسوق العقارية، وصارت الآليات التمويلية غير المصرفية على غرار سندات التوريق والصكوك والتخصيم منافسة للقطاع المصرفى متمثل فى القروض البنكية.

وفيما يتعلق بالصكوك، أكد «عمارة» أن تجربة الصكوك لا نستطيع الحكم عليها بشكل واضح، نتيجة عدم انتشارها بشكل كبير، لارتفاع تكلفتها إلى حد ما بالنسبة لسندات التوريق.

وفى ذات السياق، أوضح عمرو حسانين، رئيس مجلس إدارة شركة ميريس التابعة لوكالة موديز للتصنيف الائتماني، أن توجه شركات التمويل العقارى نحو إصدار سندات التوريق أمر ليس بغريب، فهى لم تخرج عن إطار نشاطها الطبيعى فى تحويل أوراقها المالية لمحافظ مالية، وتعيد إقراضها للأفراد لشراء الوحدات العقارية المتنوعة، بغرض تعزيز ملاءتها المالية وتمويل المزيد من مشروعاتها.

وتابع أن عمل شركات التمويل العقارى ليس فقط فى إقراض الأفراد وتمويل المشروعات، ولكن أيضاً فى عملية التوريق وإعادة الإقراض.

وأشار «حسانين» إلى أن اللجوء لسندات التوريق بات «تريند» عالميًا طبيعيًا، وسيستمر مع تطور وتنامى القطاع العقاري، وزيادة أعداد السكان المدعمة للطلب على العقار.

وساوى «حسانين» بين جميع الأدوات المالية غير المصرفية لتمويل المشروعات المختلفة، قائلًا: «إن كل أداة مالية غير مصرفية على غرار الأسهم والسندات والصكوك وسندات التوريق، تتمتع بمزايا جيدة تمكنها من تدعيم الهيكل التمويلى للمشروع، ولكن ما يفرق أداة عن أخرى، هى طبيعة المشروع، ونوع النشاط، وحجم الشركة المراد تمويل مشروعاتها».

وتابع: على سبيل المثال، الصكوك تكون ملائمة أكثر فى حالة الشركات الكبيرة، ذات الاسم والعلامة المميزة، والقدرة البيعية الواسعة، إضافة إلى وجود وحدات غير مبيعة، بخلاف سندات التوريق التى تتناسب فقط مع تمويل الوحدات المبيعة بالفعل.

ونصح «حسانين» المطورين بالقطاع العقارى بضرورة تنويع مصادر التمويل، لضمان تقليل المخاطر لأقصى درجة ممكنة.

وبلغ حجم سندات التوريق خلال عام 2021 نحو 18.8 مليار جنيه، وفى عام 2020 إلى 24 مليار جنيه، ويعنى ذلك أن حجم إصدارات سندات التوريق فى سوق المال المصرية فى آخر عامين تجاوز 43 مليار جنيه.

وخلال الأيام الماضية، أعلنت المجموعة المالية هيرميس أن قطاع الترويج وتغطية الاكتتاب بالشركة، نجح فى إتمام الإصدار الأول لسندات التوريق الخاصة بشركة «بداية» للتمويل العقارى بقيمة إجمالية 651.2 مليون جنيه، ضمن برنامج إصدار سندات بقيمة 3 مليارات جنيه.

جدير بالذكر أن هذا الإصدار مضمون بمحفظة تمويل عقارى بقيمة 1.02 مليار جنيه، ويعد هذا الإصدار هو الأول من نوعه لشركة تمويل عقارى فى السوق المصرية.

وقد تم طرح السندات على 8 شرائح، الخمس الأولى يتم توزيعهما وفقًا لعائدات المحفظة، أما الثلاثة الأخيرة فسوف تكون مقسمة على أقساط ثابتة.

وتبلغ قيمة الشريحة الأولى 22.22 مليون جنيه ومدتها 13 شهرا، والثانية بقيمة 22.22 مليون جنيه ومدتها 24 شهرا.

أما الشريحة الثالثة بقيمة 88.9 مليون جنيه ومدتها 3 سنوات، والرابعة بقيمة 226.69 مليون جنيه ومدتها 84 شهرا، والخامسة بقيمة 84.45 مليون جنيه ومدتها 115 شهرا، والسادسة بقيمة 20.67 مليون جنيه ومدتها 12 شهرا، والسابعة بقيمة 102.32 مليون جنيه ومدتها 3 سنوات، والشريحة الثامنة بقيمة 83.71 مليون جنيه ومدتها 84 شهرا.

وقالت مى حمدي، مدير قطاع ترتيب وإصدار الدين بالمجموعة المالية هيرميس، إن الإصدار يعد الأول من نوعه لشركة تمويل عقارى فى السوق المصرية، وشهد إقبالًا كبيرًا من جانب المستثمرين، علمًا بأن فترة استحقاق الإصدار تمتد لعشر سنوات، وهو نجاح آخر بالنظر إلى التحديات الراهنة وحالة عدم وضوح الرؤية التى يشهدها السوق.

ومن الجدير بالذكر، أن شركة «بداية» احتلت المركز الرابع بين شركات التمويل العقارى خلال 2021، والمركز الثالث بالربع الأول من عام 2022، والمراكز الثانى شهر مارس 2022، وذلك وفقًا لتقرير هيئة الرقابة المالية.

فيما قال طارق أبو جندية، الرئيس التنفيذى والعضو المنتدب لشركة «بداية»، إن الصفقة ستستفيد من القدرات التنفيذية والتكامل بين مختلف أنشطة المجموعة المالية هيرميس، وهى الخطوة التى ستسهم فى تحقيق الخطط التوسعية طويلة الأجل، عبر توفير الحلول المالية المستدامة حتى تتمكن من مواصلة تنفيذ الأهداف الاستراتيجية، والتى تتبلور أهم محاورها فى التوسع بقاعدة العملاء فى مجال التمويل العقارى بالسوق.

وقد قامت المجموعة المالية هيرميس بدور المستشار المالى والمدير والمُرتِب والمروج وضامن التغطية الأوحد لصفقة الإصدار، كما قام كل من بنكى الأهلى المصرى والقاهرة بدور ضامن التغطية، ومصرف البركة بدور مدير سجل الاكتتاب.

وقال أيمن عبد الحميد، نائب رئيس مجلس الإدارة، العضو المنتدب لشركة الأولى للتمويل العقارى، إنها أعلنت منذ بداية العام الحالى عن نيتها إصدار سندات توريق، وبالفعل تلقت أكثر من عرض من شركات أوراق مالية لإدارة الطرح، وتم إعداد قائمة مختصرة تضم 3 عروض.

وتابع «عبد الحميد» أنه خلال الأسبوعين المقبلين سيتم اختيار الشركة الفائزة بإدارة الطرح، والتى بدورها ستراجع كل تفاصيل برنامج السندات، إلى جانب تعيين مستشار قانونى له.

وأفاد بأن الشركة تستهدف إصدار سندات توريق بقيمة 1.2 مليار جنيه، كشريحة أولى للبرنامج، وأخرى بنحو 4 مليارات خلال 2022.

وأكد «عبد الحميد» أن «الأولى» تخطط من خلال إصدار سندات التوريق لتحقيق عدة أهداف، منها تقليل تركيزها على العملاء فى تحصيل الإيرادات، بجانب تنويع المصادر التمويلية.

وأشار إلى وجود طفرة حالية فى إصدارات سندات التوريق فى السوق المحلية التى تتزامن مع اهتمام المؤسسات المالية والبنوك بشراء تلك الأداة التمويلية، بما عزز من رغبة الأولى فى إصدارها.