أكد خبراء أن إطلاق التكنولوجيا في قطاع التأمين لا يعني الاستغناء عن العنصر البشري، فالأخير هو الأهم في أي منظومة، بل من خلال الحد من تعامل المواجهة، بينما تسعى الشركات في المجال بهذه الطريقة، من أجل الحفاظ على تنافسيتها، مع ابتكار منتجات وخدمات جديدة باستخدامها.
وأشاروا إلى أن قطاع التأمين أصبح يصدر الوثائق إلكترونيا عن بعد، في حين أن دفع الأقساط من خلال أجهزة الصراف الآلي، والاستعلام عن الموضوع عن طريق الاتصال الهاتفي، ولم يعد يكلف سوى ضغطة زر، بل لا يزال هناك المزيد من التطورات التي يحتاجها القطاع.
خطوات ملموسة على أرض الواقع
قال محمود دهشان، خبير إدارة المشروعات المعتمد من المعهد الأمريكي لإدارة المشروعات ورئيس قطاع تكنولوجيا المعلومات بشركة جي آي جي لتأمينات الحياة، إن سوق التأمين يسير بسرعة في ركاب التكنولوجيا الحديثة، خاصة في ظل توجه الدولة نحو التحول الرقمي والشمول المالي، وأشار إلى جهود الهيئة العامة للرقابة المالية والاتحاد المصري للتأمين في هذه الخطوات التي تواكب التنمية، مع اللوائح والاتفاقيات التي تتخذ الرقمنة كأساس لها.
وأوضح أن الوضع التكنولوجي في الشركات المصرية حاليا مرض إلى حد ما، حيث اتخذت العديد من المؤسسات خطوات ملموسة على أرض الواقع لا تنكرها العين، لكن القطاع يحتاج إلى سرعة أكبر في الانغماس في الوسائل الإلكترونية لتشغيل الأمور وتهيئة سوق التأمين، حتى يتمكن القطاع من الاستفادة من “الاتجاهات التكنولوجية الجديدة”، بحيث يمكن لعدد أكبر من العملاء استيعاب، وبالتالي، حجم أكبر من الأرباح.
وأشار إلى أن التوجه التكنولوجي يزود الجهات التأمينية بالبيانات والتحليلات، مما يسهم في اتخاذ القرارات الصحيحة لإصدار الوثائق اللازمة لكل فئة عمليا، وتجنب حالات الغش، فضلا عن مواجهة المخاطر بشكل هادف، مع وضع المنتجات في منظورها السوقي الصحيح.
وأضاف أن أسواق التطور التكنولوجي تحقق مكاسب للعميل والشركات على حد سواء، ما يريده العميل لإنجاز عمله بسرعة، مع ملاءمة المنتج التأميني له، ومن مصلحة المؤسسات تقديم الخدمة بأقل عنصر بشري، إضافة إلى المكسب المستحق للدولة نتيجة لذلك.
وأضاف أنه من خلال تطوير القطاع تقنيا، تتوفر بيانات تأمينية تحد من محاولات التحايل والاحتيال التي يقع ضحيتها الكثير من العملاء، وبالتالي فإن دعم الإصدارات الإلكترونية بشكل أوسع يعمل على دفع الطريق إلى الأمام، وكذلك طرق التحصيل وفتح متابعة التعويضات، وقد وفرت الهيئة العامة للرقابة المالية مؤخرا اللوائح والضوابط الخاصة بذلك، مما ينشر الاطمئنان في قلوب الإمدادات عليهم.
وذكر أن تطور قطاع التأمين تقنيا سيحقق له المزيد من الازدهار في الأداء وارتفاع حصته السوقية، مما ينعكس إيجابا على شركاته، وفي المقابل ستسهل الوسائل الحديثة تعامل الجمهور مع الجهات العاملة في النشاط، مما يقلل من العزوف الذي يظهر لدى بعض العملاء بسبب تعقيدات الإجراءات فقط.
سيجلب المزيد من العملاء الجدد
وقال وائل ثروت، خبير التكنولوجيا، إن العمل عن بعد في التعامل مع الجمهور لا يمكن أن يتم بطريقة مقبولة دون الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة، ولكن في كثير من الأحيان لا يمكن إنجاز الأمور إلا شخصيا بكلمة واحدة، من العميل أو الموظفين على حد سواء.
إلا أن هناك تجارب ناجحة في إصدار الوثائق إلكترونيا وتسليمها للعميل عن طريق البريد الإلكتروني، وكذلك في عمليات إثبات القيود وتسويات الدفع بطريقة آلية، فضلا عن غيرها من الممارسات، لكن المخاوف من استخدام هذه الوسائل تنبع من خوف شركات التأمين من تعرض بياناتها للقرصنة الرقمية، الأمر الذي يضر بمؤسسات القطاع كثيرا وهذا ما يترتب عليه من عواقب غير مرغوب فيها، فعزوف شركات التأمين عن التغلغل في الاعتماد على الأنظمة الرقمية في العمل لا ينبع من إرادة أصلية منها، بل جاء حرصا على بيانات العملاء من عبث الملاحقين.
وأوضح أن شركات التأمين تتجه الآن نحو التغلب على هذه المشاكل من خلال نشر الثقافة الإلكترونية بين عملائها، وتقليل الأوقات الحتمية لتواجدها في المؤسسات، فضلا عن تغطية نظام التشغيل الرقمي للمؤسسات بحماية قوية تحمي من هجمات قرصنة المعلومات.
وأشار إلى أن وعي المواطنين بالوعي بالاحتيال الذي قد يتعرضون له، يشجع القطاع على الاعتماد على التكنولوجيا، مع الحد بشكل كبير من الاحتيال والاحتيال، حيث أن العميل هو أساس تلك العملية من خلال هاتفه الذكي الذي يحتوي على شريحته وكلمة المرور الخاصة به، وبالتالي يقل عدد ضحايا الاحتيال.
وذكر أن محاولة تغيير البيانات أو إصدار مستندات إلكترونية أصبحت صعبة للغاية، بالإضافة إلى أن هذه الوثائق أثبتت فعاليتها في مواجهة محاولات التزوير، وتمت الموافقة عليها من قبل المحاكم المصرية.
وأعرب عن أمله في تفعيل تجارب بعض شركات التأمين العالمية في السوق المصري والتي تبنت استخدام التكنولوجيا في جميع فروعها واهتماماتها مما جعلها تصل إلى فئة أكبر من العملاء لم يستطع الآخرون الوصول إليها، بالإضافة إلى أن هذه المؤسسات قد خففت العملاء عن العديد من الأعباء التي لم تكن متوفرة إلا بطرق إلكترونية حديثة تتعامل مع الأرقام والبيانات.
وذكر أن استخدام التكنولوجيا في هذا المجال سيجلب بالتأكيد المزيد من العملاء الجدد لعملائها، ناهيك عن الحفاظ على الشركة المؤمن عليهم بالفعل، والذين سيراجعون أنفسهم كثيرا عندما لا يجدون ما يلبي احتياجاتهم ويشبع جوعهم للتطوير.
والجراف التالي يبين صافي استثمارات شركات التأمين بمصر في العام المالي 2022/2023، بعد تقرير لـ”الرقابة المالية” الأخير:
إنشاء تطبيقات للهواتف الذكية
وقال الدكتور محمد جودة، رئيس قسم التأمين والعلوم الإكتوارية بكلية التجارة جامعة القاهرة، إن التطور التكنولوجي أصبح ضرورة حتمية للشركات العاملة في المجال لتكون قادرة على الاستمرار، في حين أن مؤسسات القطاع التي ستتغاضى عن هذه النقطة تمر بمرحلة خطيرة لا تحسن من نتائجها.
وأشار جودة إلى أهمية دور التكنولوجيا الحديثة في سوق التأمين الحالي، فهي على حد تعبيره الأكاديمي «سلعة تباع ولا تشترى»، لا بد من استلهام أحدث الأساليب في تسويقها وفتح شهية العملاء لها من خلال جهاز التسويق للشركات أو الوسطاء على حد سواء.
وأضاف أن تسهيل الإجراءات على المتعاملين يعد وسيلة جديدة للترويج للقطاع بين عدد غير محدود من المعارف والأصدقاء والأهل والجيران، وكل ذلك لن يكون ممكنا دون “طفرة إدارية”، تقوم على استخدام الأدوات الإلكترونية في جميع المؤسسات والجهات ذات الصلة بالقطاع.
وأضاف أنه إذا شعر العميل بالجدية في تسهيله إجرائيا، فسيكون أفضل سفير لشركات التأمين، لأنه سيروج للقطاع، بسبب سهولة الخطوات التي يمكن إنجازها كلها من خلال هاتفه الذكي، لافتا إلى أن تطور القطاع تقنيا يخلق سوقا تأمينيا بين طبقات المواطنين لا يعيرونه اهتماما.
وأشار إلى أن “الهندسة المالية” لها دور بارز في النهوض بالمجال بطرق أكثر إبداعا، وأعطى مثالا على برامج الهواتف الذكية للنقل وكيفية الحصول على وسيلة بمجرد فتح شاشة الجوال، حيث يجب أن تسبق “الصناعة المالية” عوامل مهمة تساهم في نجاحها، بما في ذلك بلا شك مجال التأمين.
واقترح إنشاء تطبيقات للهواتف الذكية من شأنها تسهيل ربط العملاء بالشركات، وكذلك إنشاء مستندات جديدة تتمحور حول احتياجات كل طبقة وما يناسبها، ولا يمكن أن يتم ذلك إلا من خلال أساس إلكتروني قوي يصل إلى البيانات الخاصة بكل سوق على حدة، حتى تتمكن المؤسسات والوسطاء من جذب عدد أكبر من شركات التأمين.
وأشاد بدور الاتحاد المصري للتأمين والهيئة العامة للرقابة المالية في حرصهما الدائم على تثبيت خطى الكيانات التي انخرطت في التنمية، فضلا عن تشجيعهما للمؤسسات الساعية، وكذلك حث جميع الشركات العاملة في القطاع على تبني الرقمنة المالية والوسائل التكنولوجية الحديثة للتواجد في السوق.