أجمع عدد من مديرى صناديق رأسمال المخاطر والاستثمار أن الفترة الماضية شهدت تقييمات مرتفعة للشركات الناشئة، خاصة أن السوق المصرية لم يكن متشعبًا خلال العامين الماضيين بالحلول والخدمات المقدمة، منها الأمر الذى أدى إلى ارتفاع معدل الطلب على ضخ استثمارات بملايين الدولارات بها وأدى إلى ارتفاع تقييمها.
وقالوا إن الربع الأول من 2023 سيشهد عمليات مراجعة شاملة لتقييمات الكيانات الناشئة من قبل المستثمرين علاوة على تراجع فى قيم تمويلات الكيان الواحد مقابل زيادة فى عدد الجولات التمويلية.
وأكد خالد إسماعيل، الشريك المؤسس لصندوق هيم انجلز لرأسمال المخاطر، أن حجم التمويلات الممنوحة للكيانات الناشئة تختلف حسب رؤية كل مستثمر لخطط ونماذج أعمالها، مطالبا مساهمى صناديق رأسمال المخاطر ضرورة مراجعة التقييمات وحجم الاستثمارات المخطط ضخها فى هذه الكيانات.
وقال «إسماعيل» إن المستثمرين هم المنوط بهم تحديد أوجه صرف حصيلة تمويلات الشركات الناشئة وفى بعض الأحيان تحديد نماذج عمل الكيانات سواء التوسع دون تحقيق ربحية أو تحقيق ربحية دون التوسع.
وأضاف أن أحد القطاعات التى تستهلك تمويلات بشكل أكبر هو قطاع التجارة الإلكترونية مع سعيه الدائم نحو استقطاب عملاء جدد وشراء وتخزين كميات كبيرة من المواد والسلع وتخزينها تمهيدا لبيعها، معتبرًا أن ولاء العملاء للشركة من أهم عوامل تحقيق الربحية.
وأوضح محمد عكاشة، الرئيس التنفيذى لصندوق ديسربتيك لراسمال المخاطر، إن جزءا كبيرا من التقييمات لا يمت بصلة لنماذج أعمال الشركات الناشئة أو قيمتها السوقية، ولكنها تعتمد بشكل كبير على ارتفاع معدل الطلب على الاستثمار بها.
وتابع «عكاشة» أن هناك طرقا عدة لتقييم الشركات ماليا أولهما تقييم إحدى الشركات الدولية التى تم طرحها بالبورصة وتقدم نفس الخدمة او القيمة المضافة التى توفرها نظيراتها المصرية، مشيرا إلى ان الشركات يتم تقييمها وفقا لاداءها المستقبلى وليس الحالى .
وأضاف أن طرق التقييم والمقارنة بالأسواق الدولية لا تنطبق على الشركات المصرية نظرا لأن السوق المحلية تتمتع بظروف اقتصادية مختلفة عن باقى دول العالم خاصة مع عدم إستقرار سعر صرف العملة الاجنبية مقابل الجنيه، الامر الذى يؤدى إلى تقييمات غير دقيقة للكيانات المصرية .
وأكد أن السوق تشهد حاليا تصحيح لعمليات التقييم مع زيادة أعداد الشركات الناشئة المصرية خلال آخر عاميين ، منوها أن الفترة المقبلة – على حد وصفه ستشهد سقوط ضحايا فى هذا الإطار.
ولفت إلى أن عددا كبيرا من الشركات ستضغط نفقاتها التشغيلية خلال الفترة المقبلة و إعادة هيكلة أولوياتها بدقة، الأمر الذى من شأنه أن يسهم فى نموها على المدى المتوسط ويجعلها تحقق النمو المرجو و المحافظة على قيمتها الفعلية.
وفى سياق متصل، قال طارق القاضى ، المؤسس لصندوق إليكس إنجلز للاستثمار الملائكى ، أن الفترة السابقة للأزمة الإقتصادية العالمية شهدت تقييمات مبالغ فيها للشركات الناشئة إلا أن الوضع سرعان ما اتجه نحو تدقيق أكبر من قبل المستثمرين فى نماذج اعمال الكيانات الراغبة فى الحصول على تمويل.
ورجح «القاضى» أن تشهد الفترة القادمة إعادة تقييم للشركات من قبل رواد الأعمال والمستثمرين على حد سواء، علاوة على قلة وندرة عدد الجولات التمويلية المتاحة بداية من 2023 مع صعوبة إغلاقها خاصة وأن الجهات التمويلية ستضع ضوابط صارمة لاوجه إنفاق تمويلاتها فى ظل الاوضاع الإقتصادية الصعبة محليا وعالميا ،إضافة إلى الظروف المحيطة بقطاع الكيانات الناشئة و توقف عدد كبير منهم عن مزاولة النشاط.
وشدد على ضرورة وجود آلية حوار متبادلة بين الجهات الاستثمارية أو الجهات الممولة ومؤسسى الشركات، الأمر الذى من شأنه إضافة طابع الحوكمة لإدارة الشركات الناشئة وخلق نماذج اعمال دقيقة تسهم فى تقييمات متوازنة للكيانات.
على صعيد آخر، رأى عز أسامة، محلل استثمار بشبكة الاستثمار الملائكى بالإسكندرية، أن الكيانات الناشئة حاليا تخضع لعوامل العرض والطلب فيما يخص الجانب الإستثمارى ، معتبرا أن منح تقييمات المرتفعة لها يتم فى اوقات صعوبة تأسيسها أو ندرتها.
وتوقع «أسامة» أن تشهد الشهور المقبلة انخفاضا ملحوظا فى تقييمات الناشئة نظرا لتعدد الكيانات التى تقدم نفس الخدمة، إضافة إلى ازمات الركود التضخمى والحرب الروسية الأوكرانية، مشيرا إلى أن الجهات الإستثمارية سواء صناديق رأٍس مال جريء أو مستثمرين ملائكة سيبحثون عن مزيد من الضمانات للمؤسسين قبل ترتيب أى جولات تمويلية وعلى رأسها عمليات الفحص النافى للجهالة لمعرفة المركز المالى للجهة الراغبة فى الحصول على استثمارات مسبقا.
ولفت إلى أن بعض الصناديق بدأ مؤخرا تطبيق فحوصات دقيقة على العديد من الكيانات الناشئة فى اعقاب الازمات المتكررة التى شهدتها.
وألمح لؤى الشواربي، عضو شبكة البحر المتوسط للاستثمار الملائكي، إلى الفترة القادمة ستشهد حذرا من قبل المستثمرين قبل منح التمويلات الضخمة المبنية على التقييمات المرتفعة خاصة وأنهم سيتجهون للتدقيق بشكل اكبر فى الوحدة الإقتصادية للكيان قبل المواقفة على التقييم المقترح ومن ثم تحديد قيمة التمويل المطلوب.
واشار الشواربى إلى أن احد اهم عوامل نجاح الوحدة الإقتصادية للشركات الناشئة يتمثل فى موازنة تكلفة الإستحواذ على عملاء مع عنصر الربحية، وأنه من المرجح ان تبدأ الشركات التأنى فى عملية الإنفاق على إستقطاب العملاء والتأكد من تحقيق عوائد تغطى تكاليف ذلك.
وأكد أن التقييمات الخاصة بالشركات التى لا توجه إنفاقها على العملاء بشكل سليم ستنخفض ،بينما سترتفع تقييمات نظيراتها التى استطاعت الإستحواذ على عميل يدر ربحية لها إلا أنه قد تنخفض بنسبة ضئيلة تتراوح بين %3 إلى %5.
وأضاف ان حجم الإستثمار المباشر للشركة الواحدة سينخفض بداية من العام القادم ، بينما ستشهد ساحة الشركات الناشئة زيادة فى عدد الجولات التمويلية.
عكاشة: جزء كبير منها لا يتناسب مع نماذج أعمالها.. وسنشهد سقوط ضحايا
القاضي: ضرورة خلق آلية للحوار بين المستثمرين «الرواد»
أسامة: تخضع لقانون العرض والطلب.. والمانحون سيبحثون عن ضمانات إضافية
الشواربى: حجم استثمارات الشركة الواحدة سينخفض بداية من العام القادم