عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء ، اجتماعاً، مساء اليوم، مع رؤساء اللجان النوعية بمجلس النواب، بحضور المستشار علاء فؤاد، وزير شئون المجالس النيابية، وزعيم الأغلبية البرلمانية، الأمين العام لحزب “مستقبل وطن”.
واستهل رئيس الوزراء الاجتماع، بالترحيب برؤساء اللجان النوعية , وقدم لهم التهنئة بمناسبة بدء الفصل التشريعي الثاني، ودور الانعقاد الأول لمجلس النواب.
وأكد على الدور المهم للبرلمان في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الدولة المصرية؛ سواء في دوره التشريعي المهم للغاية لإنجاز القوانين والتشريعات التي تحقق مصلحة الوطن، ودوره الرقابي والإرشادي للحكومة وكافة الأجهزة والمؤسسات التنفيذية في الدولة، كما نص الدستور على ذلك.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي على حرصه الشديد على عقد هذا الاجتماع، مشددا على أنه لن يكون الأخير، وسيكون بداية لسلسلة من اللقاءات الدورية الفترة المقبلة؛ بغرض التشاور والتواصل الدائم بين الحكومة والبرلمان.
وأعرب عن ترحيبه كذلك بلقاء أعضاء مجلس النواب ليس فقط رؤساء اللجان النوعية خلال الفترات القادمة لمناقشة القضايا الجوهرية التي تهم الرأي العام والمواطن المصري، مشيرا لحضور أعضاء هيئة لجنتي الإدارة المحلية والإسكان بمجلس النواب الاجتماع الذي عقد أمس الاثنين؛ لمناقشة قضية مهمة تتمثل في الاشتراطات البنائيـة والتخطيطية الجديدة، والتي سيتم تفعيلها خلال المرحلة المقبلة، بعد توقف البناء بموجب قرار للحكومة، وكان من المهم طرح الأبعاد الجديدة للقضية أمام أعضاء اللجنتين، للاستماع لآرائهم حولها.
وأكد رئيس الوزراء حرصه على الاستماع إلى كافة الآراء التي يمكن الاستفادة منها في أي قضية تمس مصلحة المواطنين بشكل مباشر، , وقال أنه تقليد يتبعه منذ أن كان وزيرا للإسكان، واستمر عليه بعد تولي منصبه كرئيس للوزراء، وحريص على استمرار هذا النهج المرحلة المقبلة، و لاسيما أنهم كحكومة وبرلمان نستهدف في نهاية الأمر الصالح العام ومصلحة المواطن المصري، ويعملون من أجل ذلك بكل اجتهاد.
وقال أن أي خلاف في الرأي لا يسبب أي مشكلات؛ فهذه هي سمة العمل السياسيّ وهي الاختلاف والتباين في بعض الآراء، ولكن في نهاية الحال الجميع متفقون على تحقيق الصالح العام.
وقال مدبولي: “نحن كحكومة، ومنذ اللحظة التي قمنا خلالها بصياغة برنامج الحكومة، الذي شرفت بإلقائه أمام مجلس النواب أثناء الدورة التشريعية السابقة، أؤكد أن كل شغلنا الشاغل هو متابعة عملية تنفيذ هذا البرنامج، ومثل أي مكان بالعالم، من الطبيعي وجود نجاحات وتحديات قد تعيق تحقيق الأهداف المرجوة”.
وتابع رئيس الوزراء، ، أنه في هذا الإطار يجب الإشارة إلى أن الحكومة قامت باستحداث منظومة إلكترونية للمتابعة الدقيقة والتقييم، وهي التي تعد التقارير التي يتم عرضها على مجلس النواب كل 6 أشهر حول معدلات إنجاز الحكومة لبرنامجها، وبمنتهى الشفافية، حجم ما نجحنا في تنفيذه، والمشكلات التي واجهتنا.
وقال: شرفت بوجودي عندما تم استدعائي من مجلس النواب لألقي بيانا حول انجازات الفترة السابقة، وأشار خلاله إلى أن الحكومة صادفت تحديا لم تعهده البشرية، يتمثل في أزمة جائحة “كورونا”؛ حيث كانت الحكومة تمضي في اتجاه تنفيذ برنامجها بشكل جيد، وكانت معدلات الإنجاز تسير بشكل جيد للغاية، وتشهد النتائج والأرقام المحققة في الكثير من الملفات على ذلك.
وتابع مدبولي أنه مع ظهور الجائحة منذ مارس الماضي، بدا أن العالم كله يتعامل مع شيء غير واضح المعالم، ولا يوجد معايير ثابتة لطريقة التعامل معه، فكل دولة تمضي في المسار الذي تراه مناسبا لظروفها من وجهة نظرها.
وأضاف: “هناك دول تعثرت، وهناك دولا كان القدر رحيم بها، وأحسب أن مصر، حتى هذه اللحظة، كانت ولا تزال من بين هذه الدول التي خرجت بأقل قدر من الخسائر، وتتابعون جميعا ما يجري في الدول المتقدمة، قبل الدول النامية، والمشكلات الهائلة التي تواجهها في هذا الإطار.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أنه منذ اللحظة الأولى للوباء، وضعت الحكومة نُصب أعينها أن مصر لا تملك ترف الإغلاق، لأن الأمر يتعلق بأرزاق الناس وقوتهم، ووضعت في اعتبارها طبيعة الوظائف الموسمية واليومية في عدد من القطاعات، التي تشكل جزءا كبيرا من طبيعة العمل لدينا، وهي التي يعتمد قطاع كبير من أهالينا عليها، وبالتالي كان من أصعب القرارات هو اتخاذ قرار يحقق التوازن بين الحفاظ على الأرواح وعلى الصحة وفي الوقت نفسه عدم توقف أرزاق المواطنين.
وقال : “هذا فضل وكرم كبير من الله سبحانه وتعالى” أن مصر واحدة من الدول القليلة التي تعد على أصابع اليد، التي استطاعت تحقيق معدل نمو إيجابي.
وتابع رئيس الوزراء: في الوقت الذي تشهد فيه معظم دول العالم تراجعا ونموا سالبا، كانت مصر من بين ثلاث أو أربع دول حققت نموا إيجابيا في ظل جائحة “كورونا”، وكل ذلك يرجع لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي الدائمة للحكومة ومتابعته المستمرة معنا كفريق واحد، وإصراره على إنجاز المشروعات في أسرع وقت، حيث كانت تتردد فيما بيننا دائما مقولة “تحدي التحدي”، وكانت هناك مشروعات يحتاج الأمر لإنهائها مدة زمنية معينة، وكان الرئيس يوجه بإنهائها في نصف هذه المدة، مضيفا أن المتابعة الدؤوبة من الرئيس، وجهد جميع أعضاء الحكومة مكنهم من إنجاز العديد من المشروعات القومية الكبرى خلال الفترة الماضية، بصورة معقولة وجيدة.
وأضاف:” بالتأكيد، لا تزال توجد العديد من التحديات، وأنا ألمس حجم هذه التحديات منذ أن كنت في منصب وزير الإسكان، ومن هذه التحديات على سبيل المثال، ملف الصرف الصحي، ومشاكله، خاصة في الريف المصري ، وظاهرة النمو العشوائي، والحجم الهائل من القرى التي تمددت والعزب والتوابع المنتشرة بشكل غير منظم”.
ولفت إلى أن العديد من أعضاء مجلس النواب في هذا الوقت، كانوا شركاء مع الحكومة في مواجهة هذا التحدي، فكانوا يطلبون توصيل المياه والصرف لهذه القرى.
وفي هذا الصدد، قال رئيس الوزراء أن الحكومة دائما تضع في اعتبارها حجم التمويل الهائل المطلوب من الدولة لتنفيذ هذه الأعمال، والتحدي الخاص بمشروعات الصرف الصحي مجرد مثال، ويمكن أن نقيس ذلك على جميع القطاعات، فظروف مصر وطبيعتها على مدار العقود السابقة لم تكن تسمح بأن تسير بنفس السرعة التي تسير بها وتيرة النمو السكاني، الكبيرة للغاية، ونتيجة لذلك ظهرت العديد من التحديات في القطاعات المختلفة وأهمها ظاهرة البناء العشوائي.
وكذلك التحديات في قطاعات التعليم والصحة، لهذا فإن المشروعات القومية التي أطلقها الرئيس كانت محاولة لإصلاح مشكلات كنا نعلم جميعا حجمها، ومن ضمن هذه المشروعات، مشروع “تكافل وكرامة”، وتطوير المناطق غير الآمنة وإزالتها واستبدالها بمناطق بديلة على مستوى جيد من الخدمات المقدمة لأهالينا، إلى جانب اقتحام ملفات البنية الأساسية مثل: الكهرباء والغاز، والمياه والصرف والاتصالات والطرق، وكذا المشروعات القومية الكبرى في قطاعات الزراعة واستصلاح الأراضي.
وأضاف أن الحكومة تعمل على زيادة الرقعة الزراعية لمصر بمقدار 2 مليون فدان، ومن أجل ذلك تعمل على إنشاء محطات معالجة للمياه، وشبكات ري وترع وخطوط ناقلة للمياه، وذلك في سبيل تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي من السلع والمحاصيل الاستراتيجية وهو جزء من الأمن القومي للدولة.
وتابع: بالرغم من كل الأزمات التي مررنا بها وجائحة “كورونا”، الحمد لله معدلات البطالة والتضخم تتناقص؛ وشهدنا نوعا من الثبات في الأسعار، وبالرغم من الإصلاحات الاقتصادية الصعبة التي اتخذتها الحكومة، ومن بينها إجراءات تحرير أسعار الوقود، استطعنا اجتياز كل هذه التحديات.
وقال رئيس الوزراء أن أحد أهم التحديات التي تواجهنا كدولة في المرحلة الحالية، والجميع يعيها يتمثل في ملف الإصلاح الإداري، مشيرا إلى أن الانتقال إلى العاصمة الإدارية الجديدة الفترة المقبلة جاء كفرصة ذهبية لإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة بما يؤدي إلى تغيير شكل الجهات المركزية والجهات المحلية على مستوى المحافظات، بما يُساهم في النهاية في تحسين مستويات أدائه، إضافة إلى تطوير الخدمات المقدمة للمواطنين.
وقال: “احنا مش بنعزّل من وسط البلد للعاصمة الإدارية.. إحنا بنتطور”، وأكد أن الدولة تعمل بمنتهى الجدية وقطعت شوطا كبيرا في ملف التحول الرقمي، لكننا نواجه في هذا الإطار تحديات كبيرة، وخاصة من الطبيعة البشرية التي ترفض تغيير الأداء بشكل جديد من جانب البعض في الجهاز الإداري.
وقال رئيس الوزراء أن الحكومة لديها إصرار وتصميم على إجراء تغيير في هذه المنظومة الصعبة المتوارثة منذ ما يزيد على 50 عاما، ولذا تتخذ كافة الإجراءات والقرارات التي من شأنها تطوير المنظومة والنهوض بمستواها.
وأشار إلى أنه يتابع مع الوزراء المعنيين جميع التفاصيل المتعلقة بهذه المنظومة وغيرها من الملفات الأشبه بـ “القنابل الموقوتة” التي لم يحاول أحد الاقتراب منها طيلة سنوات عديدة مضت، خاصة أن هذه الملفات تتشابك أبعادها مع العديد من الوزارات والجهات، وهنا يأتي التدخل للتوصل إلى توافق عام بين جميع الجهات المعنية على وضع تصور لهذه الملفات الشائكة.
وضرب مثالا على ذلك بالتشابكات المالية بين عدد من الوزارات، ونجحت الحكومة في التوصل لحل حاسم لهذه التشابكات، كما تم التوصل لحل ملف التأمين والمعاشات، بعد فترات طويلة من النقاشات والجدل خلال السنوات السابقة.
وتطرق مدبولي إلى برنامج الحكومة الذي أكد أنه يتم تحديثه بالتوافق بين أعضاء الحكومة.
وأعلن أن الحكومة شرعت في اتباع نهج جديد يخص الموازنة العامة للدولة يتمثل في تقديم موازنة إطارية للسنوات الثلاث المقبلة، عندما يتم تقديم الموازنة للبرلمان في آخر مارس المقبل طبقا للدستور، مع استمرار تقديم الحكومة للموازنة التفصيلية التي تقدم كل عام لكل سنة مالية جديدة، موضحا أن الموازنة الإطارية تشمل رؤية وأولويات عمل الدولة خلال السنوات الثلاث المقبلة، ويعكس توجهاتها خلال هذه الفترة.
وأشار إلى أن المشروع القومي لتطوير القرى المصرية الذي كلف به الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، يأتي على رأس أولويات الحكومة خلال المرحلتين الحالية والمقبلة، وهذا المشروع يعد تحديا كبيرا أمام الحكومة لكنه لا يتمثل في تمويله.
ولفت إلى حرص الرئيس خلال افتتاح عدد من المشروعات بمحافظة الإسماعيلية اليوم للسؤال عن تمويل المشروعات المختلفة، ولكن التمويل في مشروع تطوير القرى لا يمثل مشكلة أمام الحكومة، لكن الإشكالية هنا في حجمه غير العادي؛ فنحن نتحدث عن تطوير 4500 قرية بخلاف التوابع، فمد شبكات الصرف الصحي وحده قد يتطلب 10 سنوات لتنفيذه، وهناك تكليفا واضحا من الرئيس بضغط معدلات التنفيذ ليتم الانتهاء من تنفيذ المشروع بأكمله خلال 3 سنوات مالية، والتحدي هنا يتمثل في التنسيق مع آلاف من الشركات المنفذة للمشروع.
وقال أن هذا المشروع القومي الضخم فرصة هائلة لتوفير الآلاف من فرص العمل على مستوى المحافظات، كما أن الهدف هو مشاركة الشركات والمقاولين المحليين في هذا المشروع، ولذا فالحكومة تضع نصب أعينها إذا أتمت هذا المشروع خلال الفترة المطلوبة، فستكون قد أسهمت في تغيير وجه مصر.
ولفت إلى أن السنوات الماضية شهدت شكاوى عديدة تقدم بها نواب البرلمان من عدم توافر الصرف الصحي بالقرى وصلت نسبتها في حينها لما يقرب من 90% من إجمالي الشكاوى المقدمة أثناء توليه وزارة الإسكان، مؤكدا أن هذا المشروع سيعمل على القضاء على هذه المشكلة في الدوائر المختلفة على مستوى الجمهورية.
وكرر رئيس الوزراء الشكر لرؤساء اللجان النوعية، وأعرب عن تطلعه لمزيد من التواصل والتشاور بين الحكومة والبرلمان حول مختلف القضايا والملفات التي تهم المواطنين.