تـــرام الإسكندرية.. عينان فى وجه المدينة شاهدتان على تاريخها

تـــرام الإسكندرية.. عينان فى وجه المدينة شاهدتان على تاريخها

تـــرام الإسكندرية.. عينان فى وجه المدينة شاهدتان على تاريخها
جريدة المال

المال - خاص

10:10 ص, الثلاثاء, 28 يونيو 16

مواطنون: الإهمال يهدد وجوده.. ومخاوف من زيادات جديدة بأسعار التذاكر

هبة حامد

بلونيْه الأزرق والأصفر يمرُّ ترام الإسكندرية على قضبانها يوميًّا، والتى تبدأ من محطة رأس التين للمنشية «الترام الأصفر»، ومن محطة الرمل إلى فيكتوريا «الترام الأزرق»، الذى يعدُّ الخط الأطول، ليمر خلالها الترامان على المناطق التى ما زالت تحتفظ برائحة المدينة القديمة، سواء الملامح التى حُفرت على الطراز المعمارى للفيلات والقصور المنتشرة على جانبى الترام، أو الملامح الطبقية للمدينة، والتى يمثلها الترام الأزرق فى المناطق الراقية، والترام الأصفر الذى يمر بالمناطق الشعبية مثل الورديان والرصافة، ليصبح الترامان وكأنهما عينان فى وجه مدينة الإسكندرية شاهدان على تاريخها منذ إنشاء خطَّيْهما قبل أكثر من 150 عامًا .

لم تكن الحكومة المصرية تعلم عندما منحت التاجر الإنجليزى السير إدوارد سان جون فيرمان عام 1860 امتيازًا بإنشاء خط سكك حديدية يصل الإسكندرية بمحطة الرمل وقتها- أن ملامح الترام ستتحول إلى أن تصل للشكل الذى أصبحت عليه الآن، فبعد تولِّى الخديو إسماعيل الحكم بدأ الاهتمام بملامح المدينة ليتحول الترام من عربات تجرُّها الخيول إلى عربات تَستخدم القاطرة البخارية عام 1863 .

“المال” قامت بجولة داخل ترام الإسكندرية؛ لرصد الوضع الحالى، والتعرف على آراء المواطنين ومدى تقبُّلهم للوضع الحالى وتقييمهم لأداء عمل الترام الأزرق الذى يعمل على خط محطة الرمل– كليوباترا، حيث تستغرق الرحلة ساعة و40 دقيقة، التقت فيها “المال” عددًا من المواطنين الذين أكدوا أن الترام بحاجة ماسة لإجراء عمليات التطوير التى تحسِّن من السرعة والجودة، وكذلك الشكل العام .

حوائط بيضاء تتداخل بها خطوط لأقلام اختلفت ألوانها، وربما اختلف مَن تركوها، لكنهم اتفقوا فى النتائج، لتجبر الترام على الخروج من الشكل التاريخى الذى صُمِّم به لتقتحم جدرانه التشوهات وتتحول إلى سجل يوثِّق أسماء الركاب وذويهم، بل تاريخ ركوبهم أيضًا بألوان مختلفة .

كراسٍ متقابلة لم ينلها من التطوير شىء، تختلف وجوهُ مَن يجلسون عليها، إلا أنهم يتفقون فى أن الترام هو الوسيلة الوحيدة فى الإسكندرية التى توفر “المتعة” بسبب المرور على المناطق التى لم تطَلْها تشوهات المبانى التى أصابت المدينة، فضلًا عن مرونة أسعاره وتناسبه مع الحالة المادية للركاب .

يقول مصطفى أحمد، موظف، إن استخدام الترام يعدُّ الأنسب، خاصة فى فصل الصيف الذى تشهد فيه أغلب الطرق شللًا فى الحركة المرورية بالطرق الرئيسية، مثل طرق أبو قير والكورنيش، معتبرًا أن الترام على الرغم من بطء حركته فإنه يكون أقل توترًا من بطء الحركة المرورية بوسائل المواصلات الأخرى التى تشهد حركة جنونية بسبب السائقين الذين يعملون عليها .

وأضاف: “أسوأ ما فى الترام هو بطء حركته، وكذلك توقفه فى غير المحطات المخصَّص الوقوف بها، فبعض السائقين ينتظر إذا أشار إليهم بعض المارة وأبدى رغبته فى الركوب، وهو ما يعطل حركة السير، ويطيل فترة الوصول إلى المحطات “.

وأشار إلى أن أحد أهم مساوئ الترام عدم وجود وقت محدد للوصول إلى المحطات المختلفة، يستطيع الراكب أن يحدد وقته أو يُلزم نفسه به، وإنما قد ينتظر لأكثر من ثلث ساعة دون قدوم الترام .

وتقول منى السيد، ربة منزل، إن الترام أصبح هو وسيلة الانتقال الأرخص سعرًا، مقارنة بوسائل المواصلات الأخرى التى يتحكم بأسعارها السائقون، معتبرة أنه وسيلة “الفقراء” وبعيدة عن اختناق المدينة فى الشوارع الرئيسية .

وعن المساوئ التى تقابلها فى ترام الإسكندرية، تذكر منى أن الترام يسير بحركة بطيئة جدًّا، منتقدة استمرار الوقوف لأوقات طويلة قدّرتها بأنها تزيد على ربع الساعة فى بعض المحطات بسبب مرور السيارات من أمامها وعدم وجود آلية لضبط الحركة .

وأضافت أن هناك الكثير من مساوئ الترام، أبرزها طول المدة، فضلًا عن تهالك بعض العربات وتشوُّه حوائطها، معتبرة أن الترام هو الوسيلة الأهم التى تحتاج لاهتمام من جانب الحكومة، متخوفة من أن تتم زيادة أسعار تذاكر الترام من جديد، إذا اتجهت الحكومة أو المحافظة لإجراء أى تطوير به .

أما آدم السعدنى، طالب جامعى، فيقول إن ترام الإسكندرية، سواء الترام الأصفر أو الأزرق، هو وسيلة الترفيه لأغلب المواطنين يستخدمونه لقضاء وقت أطول، والتعرف على ملامح المدينة عن قرب، خاصة أنه يمر من أكثر مناطق المدينة التى ما زالت تحتفظ بالطراز المعمارى القديم، مثل مناطق زيزينيا وسابا باشا وغيرها، وكذلك المناطق التى تضم القصور والفيلات القديمة .

وأضاف: “الترام وسيلة جيدة للذين يرغبون فى قضاء أوقات أطول أو قتل أوقات الملل، فيستطيعون الجلوس به غير مهتمين بغياب عمليات النظافة عنه أو تشوه حوائطه، أما استخدامه كوسيلة انتقال أساسية للذهاب إلى العمل أو الجامعات والمدارس فهو أمر مستحيل، وذلك نظرًا لطول المدة التى يقضيها الترام للوصول من بداية الخط وحتى آخره “.

وطالب مينا بدير، طالب جامعى، بضرورة الاهتمام بالمشروعات التى مِن شأنها تطوير الترام بشكل حقيقى، قائلًا: “من فترة لأخرى تنشر الصحف عن مشروعات بملايين تهدف إلى تطوير الترام، ولكن دون أن نلمس هذه التصريحات على أرض الواقع، فالترام ما زال يقف دقائق طويلة للخروج من المحطات إذا كان هناك تكدس مرورى، وما زالت الحوائط مشوَّهة والشكل العام للترام، حتى وإن لم يؤثر على حب أهل المدينة له، فإنه يقلل من قيمته تدريجيًّا، خاصة للأجيال القادمة “.

وحتى قيام ثورة يوليو عام 1952 كان سائقو الترام من الإيطاليين، فيما قام مواطنو مدينة مالطة بالعمل كمحصِّلى تذاكر “كُمسارية”، ولم يكن الترام حتى تلك الفترة مقتصرًا على نقل الركاب وأهالى المدينة والإنجليز فحسب، وإنما كانت هناك عربة خاصة به لنقل الموتى مغلَّفة جدرانها الخارجية باللون الأسود .

ويقول أحد محصِّلى التذاكر على خط محطة الرمل- فيكتوريا، فضَّل عدم ذكر اسمه، إن أكثر ما يحتاج إليه الترام هو تقليل الوقت الذى يستغرقه من محطة القيام إلى محطة الوصول، مؤكدًا أن الترام يأخذ أكثر من ساعة ونصف فى بعض الأوقات، فضلًا عن توقفه لأوقات طويلة ببعض المحطات بسبب المزلقانات والباعة الجائلين والتكدس المرورى .

وأضاف: “بعض الأوقات يحدث تكدس شديد داخل العربات، مرجعًا ذلك إلى تباعد الأوقات بين قيام ترام وآخر”، مطالبًا بإلزام الخطوط بأوقات معينة للقيام، وتوفير العوامل التى تسهِّل لها ذلك، مثل إزالة عقبات المزلقانات، وإمداد الترام بالإمكانيات التى تُلزمه بالوصول فى وقت معين للمحطات المختلفة، من خلال إجراء أعمال الصيانة اللازمة، سواء للعربات أو لشبكات الكهرباء.

وسيلة النقل الجماعى الأولى فى إفريقيا

هو أول وسيلة نقل جماعية بمصر وأفريقيا، وأكثرها شعبية، بدأ تشغيله عام 1860، وبهذا يعتبر ترام الإسكندرية أقدم ترام فى أفريقيا .

وعبر تاريخه الطويل، ظلَّ الترام يمثل نزهة ترفيهية لسكان المدينة والسائحين، فالرحلة عبر الترام ذى العربات الصفراء، والمكوَّن من عربتين تأخذك فى قلب المناطق الشعبية بالإسكندرية، ومن أشهر محطاته محطة قصر رأس التين، وهى مُجاورة للقصر الملكى الفخم، ومحطة الرمل، وجامع القائد إبراهيم، ومحطة مصر، والرصافة، والنزهة، وناريمان، والورديان .

أما الترام ذو العربات الزرقاء فيمنحك جولة فى الأحياء الراقية بالمدينة، مثل رشدى وباكوس وصفر وشوتز وزيزنيا وجناكليس، ومعظم هذه الأحياء استمدت أسماءها من أسماء الأجانب من البارونات والباشوات الذين كانوا يقيمون بها .

وتوجد بالترام الأزرق عربة مخصصة للسيدات فقط، وعربة للرجال، وعربة مختلطة، إلا أنه فى معظم الأحيان تجد أن السيدات تقتحم العربات المخصصة للرجال؛ للزحام الشديد فى عربات السيدات .

ويتلاقى الترام الأزرق مع الأصفر فى محطة الرمل، أحد أهم الميادين الرئيسية بالإسكندرية، وهو المكان الذى انطلقت منه أولى رحلات الترام .

ويبدأ ضجيج الترام فى تمام الساعة الرابعة فجرًا، ليستقلَّه العمال فى الذهاب إلى الوِرش والمصانع، ويستمر فى العمل حتى الواحدة بعد منتصف الليل، وسعر التذكرة يبلغ 50 قرشًا، وهناك ترام من عربة واحدة ذات درجة سياحية، وتكلفة تذكرتها جنيه واحد، وهى بلا أبواب، ونوافذها عريضة، بحيث يتمكن الراكب من مشاهدة بانوراما للمدينة .

وحتى قيام ثورة يوليو عام 1952، كان سائقو الترام من الإيطاليين، وكان محصِّلو التذاكر (الكُمسارية) من المالطيين، وكانت تلحق بالترام عربة لنقل الموتى ذات لون أسود وبدون أبواب أو نوافذ، وكانت تُستغَل لنقل الموتى من مختلف الديانات .

جريدة المال

المال - خاص

10:10 ص, الثلاثاء, 28 يونيو 16