دعاء حسني
ترصد “المال”، عبر هذا التقرير الإمبراطورية التي أسسها الحاج محمود العربي، الذي حياه الرئيس عبدالفتاح السيسي، أمس، خلال المؤتمر الذي عقده ببني سويف على خلفية افتتاحه عددًا من المشروعات التنموية في المحافظة أمس.
ويرأس محمود العربي، رئيس مجلس إدارة مجموعة العربي، التي تعد إحدى كبرى الشركات الصناعية المتخصصة في إنتاج واستيراد الأجهزة المنزلية والأدوات الكهربائية في مصر والشرق الأوسط.
وأعلن المهندس إبراهيم العربي، نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة العربى، أمس الأحد، عن سعي المجموعة إلى أن تكون منتجاتها صناعة مصرية بنسبة 100%، عبر تحقيق الاكتفاء الذاتي في عملية التصنيع وتقليص الاستيراد من مدخلات الإنتاج.
ووجه الرئيس عبدالفتاح السيسي، التحية إلى محمود العربى رئيس مجلس إدارة مجموعات شركات العربي عقب كلمة نجله المهندس إبراهيم العربي نائب رئيس مجلس إدارة الشركة قائلاً: “أرجو أن تبلغ تحياتي واحترامي الشديد للحج محمود العربى وسلملي عليه كثير وبلغه تحياتي واحترامي الشديد له.. هذا الرجل عظيم ربنا يديله الصحة إن شاء الله”.
ونوه إبراهيم العربي، إلى أن المجموعة بدأت منذ عامين خطتها لتعميق الصناعات المغذية في مجال الأجهزة المنزلية والكهربائية، وعقدت العديد من المؤتمرات للموردين الأجانب تحت شعار “نحو صناعات مغذية في مصر”، وكانت أولى ثمارها إنشاء مصنع متخصص لتصنيع مواتير الغسالات.
يتابع العربي: إن المجموعة تسعى حالياً لتصنيع الأجزاء الاستراتيجية بالتعاون مع وزارة الصناعة وهيئة التنمية الصناعية، مشيرا إلى أن تعميق التصنيع المحلي للصناعات المغذية ستجعلنا نتحول من مستوردين للخامات والمكونات والأجزاء الاستراتيجية إلى مصدرين لها إلى جميع دول المنطقة وغيرها، كما ستتاح تلك المكونات للبيع في السوق المحلية لجميع الشركات العاملة في نفس المجال؟
وقال: إننا في مجموعة العربي بدأنا مشوارنا الاقتصادي عام 1964 برأسمال لا يتجاوز بضعة آلاف و بـ4 عاملين فقط، واليوم ارتفعت أسرة العاملين لأكثر من 25 ألف عامل.
كيف تحول من الصفر لأرباح تتجاوز 10 مليارات جنيه؟
ولد الحاج محمود العربي، عام 1932م في أسرة ريفية فقيرة بقرية “أبو رقبة” بمركز “أشمون” في محافظة المنوفية، توفي والده وهو في سن صغيرة، انتقل بعدها إلى القاهرة، ليعمل بائعًا في محل صغير لبيع الأدوات المكتبية وعمره لم يتجاوز العاشرة، وفى عام 1954 التحق بالخدمة العسكرية لمدة ثلاث سنوات، وفقاً لما ورد في كتاب أطلقه منذ عامين يروي مشوار عمله بعنوان “سر حياتي”.
وبدأ العربي التجارة في سن صغيرة جدًا بالتعاون مع أخيه الأكبر، الذي كان يعمل بالقاهرة، وعن تلك الفترة يقول العربي: “كنت أوفر مبلغ 30 أو 40 قرشًا سنويًا أعطيها لأخي لكي يأتي لي ببضاعة من القاهرة قبل عيد الفطر، وكانت هذه البضاعة عبارة عن ألعاب نارية وبالونات، وكنت أفترشها على “المصطبة” أمام منزلنا لأبيعها لأقراني وأكسب فيها حوالي 15 قرشًا، وبعد ذلك أعطى كل ما جمعته لأخي ليأتي لي ببضاعة مشابهة في عيد الأضحى، وبقيت على هذا المنوال حتى بلغت العاشرة، حيث أشار أخي على والدي أن أسافر إلى القاهرة للعمل بمصنع روائح وعطور، وكان ذلك في عام 1942م، وعملت به لمدة شهر واحد وتركته لأني لا أحب الأماكن المغلقة والعمل الروتيني”.
بعد ذلك انتقل العربي للعمل بمحل بحي الحسين براتب 120 قرشًا شهريًا، واستمر في المحل حتى 1949 ووصل راتبه إلى 320 قرشًا، بعدها فضل العمل في “محل جملة” بدلًا من المحل “القطاعي” لتنمية خبرته بالتجارة، وكان أول راتب يتقاضاه في المحل الجديد 4 جنيهات، وعمل فيه لمدة 15 عامًا، ارتفع خلالها راتبه إلى 27 جنيهًا، وكان مبلغًا كبيرًا آنذاك، حيث تمكن من دفع تكاليف الزواج.
وفي عام 1963م سعى العربي للاستقلال بنفسه في التجارة، لكن لم يكن لديه ما يبدأ به، ففكر هو وزميل له بنفس العمل، أن يتشاركا مع شخص ثري، على أن تكون مساهمته هو وصاحبه بمجهودهما، بينما يسهم الطرف الثاني بأمواله، وكان رأس مال المشروع 5 آلاف جنيه، وهكذا أصبح لديه أول محل بمنطقة “الموسكي” بالقاهرة، والذي مازال محتفظًا به حتى الآن.
بعد أن بدأ العربي عمله الجديد بثلاثة أيام فقط مرض صاحبه وشريكه لمدة عامين، أدار خلالها المحل بمفرده ونمت تجارته بسرعة كبيرة، فحقق محله أرباحًا تفوق أرباح 10 محلات مجتمعة، واشتهر العربي بأمانته وهي سر نجاحه منقطع النظير.
واستمرت الشراكة عامين، ولكن تخللها خلاف حول إخراج الشريك الثالث المريض، وهو ما اعترض عليه العربي، وفي النهاية فضت الشركة، وكان المحل من نصيب الشريكين الآخرين، واشتري العربي وشريكه محلًا آخر، وعاد الشركاء القدامى ليعرضوا عليه محلهم مرة أخرى، وبذلك أصبح يمتلك محلين بدلًا منذ محل واحد ومعه أبناء شريكه المريض، ثم جاء بإخوته جميعًا ليعملوا معه، بعد أن توسعت تجارته، ونجحت الشركة وحولها إلى “شركة مساهمة”.
كانت تجارة العربي تقوم أساسًا على الأدوات المكتبية والمدرسية، ولكن الحكومة قررت في الستينيات صرف المستلزمات المدرسية للتلاميذ بالمجان، وهو ما يعني أن تجارة العربي لم يعد لها وجود، فاستعاض عنها بتجارة الأجهزة الكهربية، خاصة أجهزة التليفزيون والراديو والكاسيت.
وحول العربي تجارته بالكامل إلى الأجهزة الكهربائية في منتصف السبعينيات مع انطلاق سياسة “الانفتاح الاقتصادي”، وفكر في الحصول على توكيل لإحدى الشركات العالمية، لكن وجود الأدوات المكتبية في محلاته كان يقف حائلًا دون ذلك، إلى أن تعرف على أحد اليابانيين الدارسين “بالجامعة الأمريكية” بالقاهرة، وكان دائم التردد على محلاته، وكان هذا الشخص الياباني يعمل لدى شركة “توشيبا” اليابانية، فكتب تقريرًا لشركته، أكد فيه أن العربي هو أصلح من يمثل توشيبا في مصر، فوافقت الشركة على منحه التوكيل.
وفي عام 1975م زار العربي اليابان، ورأى مصانع الشركة التي حصل على توكيلها، وطلب من المسئولين فيها إنشاء مصنع لتصنيع الأجهزة الكهربائية في مصر وهو ما تم فعلًا، على أن يكون المكون المحلي من الإنتاج 40% رفعت لاحقًا إلى 60% ثم 65% حتى وصلت إلى 95%، ومع تطور الإنتاج أنشأ شركة “توشيبا العربي” عام 1978م.
وتتجاوز مبيعات المجموعة 10 مليارات جنيه خلال 2016، وفقاً لآخر الأرقام المعلنة من قبلها.
وفي عام 1980 كان قد انتخب محمود العربي عضوًا بمجلس إدارة “غرفة القاهرة”، واختير أمينًا للصندوق، ثم انتخبت رئيسًا “لاتحاد الغرف التجارية” عام 1995م، وظل رئيسًا لها علي مدار 12 عامًا، واتجه للسياسة لفترة قصيرة عندما أصبح نائبًا في مجلس الشعب “البرلمان” عن دائرتي السيدة زينب وقصر النيل في تجربة وحيدة رفض تكرارها عقب ذلك.
ممتلكاته حاليًا
تمتلك المجموعة قرابة 12 شركة، هي العربى للتجارة والصناعة، والعربى للصناعات الهندسية، والعربى لصناعة التبريد والتكييف، والعربى لتكنولوجيا الإضاءة، والعربى للصناعات المنزلية، والعربى للمنشآت الذكية، والعربي القابضة للاستثمارات المالية، ومستشفى مركز العربي الطبي، والمحلات العمومية للموسيقي، والعربي الدولية التى يبلغ حصتها بها 51%، بالإضافة إلى مساهمة مع كل من الصين واليابان وهونج كونج، وتوشيبا العربي للصناعات المرئية وحصتها بها 49%، وتوشيبا العربي لتسويق الأجهزة المنزليه 49%، وفقاً للموقع الرسمي لها.
كما تملك مجمعين صناعيين في كل من مدينتي بنها وقويسنا، يشملان 18 مصنعاً عاملاً على مساحة أكثر من 386 ألف متر مربع، بالإضافة إلى أنها تعد وكيلاً تجارياً لاستيراد العديد من الشركات العالمية.