تعد قلعة قايتباى إحدى الوجهات السياحية الأكثر جاذبية فى الثغر، فهى بمثابة صورة ذهنية لكل من يخطر بباله كلمة «الأسكندرية»، ولكن كان يشوبها الكثير من المعوقات لجذب مُرتاديها بالشكل الذى يليق بتاريخها العريق، أبرزها الصخرة الأم التى تحمل القلعة والكائنة أعلى جزيرة فاروس، والتى أصابها بفعل الزمن الكثير من الفجوات والنتوءات والتجاويف التى تغرقها بمياه البحر من ناحية الشمال المُطل على الميناء الشرقى.
ووصل الأمر إلى مطالبات أثريو الإسكندرية بضرورة النظر لتلك الصخرة التى تُهدد بغرق القلعة فعلياً بمرور السنوات وبفعل العوامل الجوية، ودعوا لضرورة ترميمها من خلال مشروع أثرى عاجل، إلى أن تحولت تلك المطالبات لمشروع كبير لحماية القلعة على أرض الواقع.
أبرز ملامح مشروع حماية قلعة قايتباي
قال مصدر مسئول بوزارة الآثار لـ «المال»، فضل عدم ذكر اسمه، إن أعمال الحماية تشهد عمل ممشى بالمياه حول القلعة من الخلف داخل البحر كحاجز للأمواج، يبلغ طوله 550 متراً ويمتد لحين ملاقاة الصخرة الأم التى تحمل القلعة من الجهة المقابلة، ليكون الشكل النهائى مقارباً لحمام سباحة، وذلك تفادياً لتعرض القلعة للأمواج المتلاطمة وحمايتها من التآكل الذى يهدد بناءها.
وأكد المصدر أن مشروع الحماية الذى لاحقه التطوير بالمنطقة المحيطة ينتظره مواطنو الثغر بشدة؛ فهو يستهدف تحقيق الحماية المستقبلية للقلعة من أى تأثيرات طبيعية جراء العوامل الجوية التى تسببت فى إحداث «تكهوفات» بالصخرة الأم أسفل القلعة، مؤكداً أن المشروع مُماثل لمشروع حواجز الأمواج لحماية شواطئ الأسكندرية الذى يُجرى حالياً.
وقالت المهندسة عزة عبد الحميد مدير عام إدارة غرب الدلتا لحماية الشواطئ بالأسكندرية، إن مشروع الحماية البحرية الجارى بقلعة قايتباى والمنطقة المحيطة بها يستهدف حمايتها من الأمواج والنحر فى الصخرة الرئيسية المقام عليها القلعة.
وأكدت أن التطوير يستهدف أيضاً جذب وتنشيط الإستثمارات السياحية، من خلال إنشاء حائط أمواج بطول 520 مترا، بإستخدام أوزان مختلفة تتراوح بين 3 أطنان – 20 طنا، وإنشاء مرسى بحرى بطول 100 متر، ومشاية خرسانية بطول 120 مترا، ولسان حجرى بطول 30 مترا، وتغذية بالرمال غرب القلعة، حتى منسوب 2 متر.
وعلى صعيد متصل، أنهت الإدارة المركزية للموارد المائية والرى بالأسكندرية مشروع حماية وتطوير منطقة قلعة قايتباى بنسبة تنفيذ %80 من الأعمال الخاصة بإنشاء سلسلة من الحواجز المائية لحمايتها «بالمرحلة الأولى منها»، والتى أسُندت إلى شركة هارونكو للإنشاء والتعمير، بقيمة 267 مليون جنيه، بالمناقصة العامة التى حملت رقم 17 لسنة 2017/ 2018، للحفاظ على القلعة.
وكان المهندس على كمال رئيس الهيئة المصرية العامة لحماية الشواطئ الأسبق صرح، بأن قلعة قايتباى من المناطق الحرجة التى تحتاج إلى أعمال الحماية وفقًا لمكانتها التاريخية، لافتًا إلى وجود تقارير علمية تكشف وصول المياه أسفل القلعة فى الجانب الشمالى والشرقى منها، مؤكدًا أن أمواج البحر تمكنت من سحب الرمال من أسفل القلعة بفعل التيارات البحرية، وهو ما عرضها للخطر، ومن ثم فإن الهيئة إستهدفت تنفيذ أعمال الحماية للحفاظ على القلعة.
وعلمت «المال» أن وزارة السياحة والآثار تدرس حالياً خطة تطوير شاملة بالتزامن مع إنتهاء أعمال الحماية وخفض منسوب المياه الجوفية وكذلك فى أعقاب الإنتهاء من مشروع حاجز الأمواج ورفع كفاءة المنطقة المحيطة، بتكلفة مبدئية قُدرت بثلاثة ملايين جنيه، لإضاءة قلعة قايتباى بشكل كامل وتركيب أنظمة عرض بتقنيات الهولوجرام ثلاثية الأبعاد، بالتعاون مع الشركة المصرية للصوت والضوء.
و قال محمد متولى، مدير عام منطقة آثار الأسكندرية، إن المشروع يستهدف إقامة عروض مسائية للصوت والضوء يُسرد من خلاله تاريخ القلعة والسلطان المملوكى قايتباى الذى شيدها، وذلك فى ظل إضاءة القلعة بشكل كامل، بالتعاون مع محافظة الإسكندرية، حيث أوضح أن الإضاءة بهذا الشكل تتم للمرة الأولى فى تاريخها.
كان محافظ الإسكندرية وقع مؤخراً بروتوكول تعاون مع وزارة الموارد المائية والرى ممثلة فى الهيئة العامة لحماية الشواطئ، للتنسيق والتعاون فى أعمال حماية شواطئ الأسكندرية وأى مشاريع إستثمارية تختص بأعمال الحماية والإنشاءات وعمل ألسنة داخل البحر ليتم إستغلالها سياحيا بمعرفة المحافظة.
تجدر الإشارة إلى أن الهيئة المصرية لحماية الشواطئ نفذت العديد من المشروعات الكبرى لحماية شواطئ الأسكندرية والتى بلغت تكلفتها الإجمالية نحو 969 مليون جنيه، وضمت مشروع حماية المنطقة أمام الكلية البحرية، بتكلفة بـ67 مليون جنيه، ومشروع حواجز الأمواج بدءاً من بئر مسعود وحتى المحروسة بطول 1600 متر لحماية 2كم من الشواطئ بتكلفة 200 مليون جنيه، فضلاً عن مشروع استكمال سلسلة حواجز غاطسة لحماية الكورنيش أمام فندق المحروسة بتكلفة 335 مليون جنيه، وكذلك مشروع حماية قلعة قايتباى الذى يتم تنفيذه لحماية القلعة بتكلفة 267 مليون جنيه.