تصاعد أزمات الممرات المائية فى العالم.. لماذا يهدد ترامب بالسيطرة على قناة «بنما»

كرر ترامب اتهاماته السابقة بأن بنما قد منحت السيطرة على القناة للصين

تصاعد أزمات الممرات المائية فى العالم.. لماذا يهدد ترامب بالسيطرة على قناة «بنما»
عبد الحميد الطحاوي

عبد الحميد الطحاوي

3:28 م, الثلاثاء, 28 يناير 25

أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جدلًا عالميًا بعد تصريحه بنيته “استعادة” السيطرة على قناة بنما، التي تُعد ثاني أكثر الممرات البحرية ازدحامًا في العالم بعد قناة السويس.. هذا الإعلان المفاجئ أثار مخاوف من احتمال تدخل عسكري أمريكي في الدولة الواقعة بأمريكا الوسطى، حيث زعم ترامب أن بنما قد أخلّت بتعهدها بالحياد الذي تم الاتفاق عليه عند تسليم القناة عام 1999، وادعى دون أدلة أن الصين تسيطر على الممر المائي الحيوي.

وتدير قناة بنما حاليًا هيئة قناة بنما، وهي وكالة مستقلة تخضع لإشراف الحكومة البنمية، هذا الممر المائي الصناعي البالغ طوله 82 كيلومترًا يربط بين المحيطين الأطلسي والهادئ، ويوفر مسارًا بحريًا يوفر آلاف الأميال وأسابيع من السفر، و أكثر من ثلثي البضائع التي تمر عبر القناة تأتي من الولايات المتحدة أو متجهة إليها، والقناة التي استكملتها الولايات المتحدة في أوائل القرن العشرين بعد محاولة فرنسية فاشلة، كلفت حياة أكثر من 25 ألف عامل، وفقا لوكالة “رويترز”.

وبعد ضغوط من الحركات المناهضة للاستعمار، وقعت الولايات المتحدة معاهدات عام 1977 منحت بنما السيادة الكاملة على القناة وضمنت حيادها الدائم، ولكن بين عامي 2023 و2024، أدى الجفاف الشديد الناتج عن تغير المناخ إلى انخفاض مستويات البحيرات المغذية للقناة، مما اضطر الإدارة إلى تقييد حركة المرور وفرض قيود على السفن، مما رفع التكاليف وأطال أوقات الانتظار، ورغم رفع هذه القيود أواخر العام الماضي، لم تعُد حركة المرور إلى طبيعتها بالكامل حيث يواصل العديد من الشاحنين استخدام مسارات بديلة.

الصين في قلب الأزمة


في خطابه الافتتاحي، كرر “ترامب” اتهاماته السابقة بأن بنما قد منحت السيطرة على القناة للصين، وادعى وجود قوات صينية متمركزة هناك دون تقديم أدلة. هذه المزاعم قوبلت بالنفي من حكومتي بنما والصين، وتدير شركة CK Hutchison Holdings، ومقرها هونج كونج، الموانئ في مدخلي القناة بالمحيط الأطلسي والهادئ لأكثر من عقدين، وهي شركة مدرجة في البورصة وليست مرتبطة ماليًا بالحكومة الصينية، رغم خضوع الشركات في هونج كونج للإشراف الحكومي.

كما أن شركات دولية أخرى تعمل في الموانئ المحيطة بالقناة، بما في ذلك شركة SSA Marine الأمريكية وشركة Evergreen Group التايوانية، مما يعكس الطبيعة التنافسية لإدارة هذه المرافق، ورغم ذلك، تعزز النفوذ الاقتصادي الصيني في أمريكا اللاتينية أثار مخاوف في واشنطن من تحول المنطقة الغنية بالموارد نحو المصالح الصينية على حساب الولايات المتحدة.

نزاع الرسوم الجمركية


وانتقد ترامب مرارًا الرسوم التي تفرضها بنما على السفن لعبور القناة، ووصفها بأنها “مبالغ فيها وغير عادلة” بالنسبة للبضائع الأمريكية وحتى البحرية الأمريكية، و أظهرت التقارير السنوية لقناة بنما أن إيرادات الرسوم زادت بنسبة 26% تقريبًا بين 2020 و2023 لتصل إلى 3.35 مليار دولار، مع زيادة رسوم المياه والمزادات على الممرات، حيث بلغت في بعض الحالات 4 ملايين دولار لكل سفينة. تؤكد السلطات البنمية أن الرسوم تُقيم بشفافية وبما يتماشى مع الطلب العالمي.

تداعيات التصعيد
تهديدات ترامب أثرت بالفعل على التصنيف الائتماني لبنما، حيث خفض بنك الاستثمار الأمريكي جيه بي مورجان توصيته بشأن سندات البلاد بسبب التوترات حول القناة، التي تُعد مصدر دخل رئيسي للاقتصاد الوطني، ومن المتوقع أن يزور وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بنما في أواخر يناير وأوائل فبراير، وهي أول زيارة خارجية له في منصبه الجديد.

ويتوقع أن تركز الزيارة أيضًا على قضايا الهجرة، حيث اتخذ الرئيس البنمي خوسيه راؤول مولينو، الذي تولى منصبه العام الماضي، موقفًا أكثر تشددًا من سلفه، من خلال الموافقة على رحلات ترحيل ممولة من الولايات المتحدة وتركيب أسلاك شائكة في ممر دارين غاب، وهو طريق خطير يعبره المهاجرون سيرًا على الأقدام للوصول إلى الحدود الأمريكية.