أوضح عدد من خبراء النقل واللوجستيات أن منظومة وسائل النقل التى تجرى الاستعدادات لتنفيذها فى مدينة الإسكندرية، من تطوير شبكة ترام الرمل، وإنشاء مترو الأنفاق على عدة مراحل، فضلًا أن إطلاق مشروع النقل الجماعى، ستكون وسيلة للقضاء على بعض وسائل المواصلات العشوائية الأخرى التى تفتقد لبعض المتطلبات، سواء فى عوامل الأمان أو مستوى الخدمة.
وأكد خبراء النقل أن ترام الرمل وغيره يعد من ضمن عدة وسائل نقل صديقة للبيئة، فضلًا عن أنها خطوة حضارية، إذ تعمل على تقليل الانبعاثات من غاز ثانى أكسيد الكربون، وتقلل مستويات التلوث البيئى فى مدينة مكتظة بالسكان.
ولفت خبراء النقل إلى أن تسعير ثمن تذكرة الخدمة يحتاج إلى دراسة تفصيلية، ولا سيما أن المواطن لن يتحمل تكلفة الإنشاء، وأن تسعيرة الاستخدام ستكون لتغطية مصروفات التشغيل والصيانة فقط.
فى البداية اعتبر الدكتور أحمد سلطان، خبير النقل البحرى واللوجستيات، أن مشروعات نقل الركاب التى يجرى الإعداد لتنفيذها فى محافظة الإسكندرية، والتى تشمل مترو الأنفاق، وتطوير ترام الرمل، هى من المشروعات المطلوبة بصورة ملحة فى القطاع.
سلطان: دخول الخطوط الحديثة للمدن أفضل ابتكار للقضاء على العشوائية
وأشار «سلطان» إلى أن بعض تلك المشروعات تأخر كثيرًا، لافتًا إلى أن وزارة النقل تحاول أن تدرك ما فات فى السنوات السابقة، معتبرًا أن مشروع مترو الأنفاق الذى من المخطط أن يتم الشروع فى تنفيذه قريبًا، من شأنه تحقيق نقلة حضارية كبيرة لابتكارات النقل للركاب فى الإسكندرية.
ولفت خبير النقل البحرى واللوجستيات، إلى أن المشروعات تساهم فى تقليل الاعتماد على وسائل النقل غير المنظم، فضلًا عن كونها ستعمل على توفير الكثير من الجهد الضائع للمواطنين، إضافة إلى أنها ستخدم شريحة كبيرة من المواطنين لمختلف مستويات الدخل المادى.
وأشار سلطان، أيضًا إلى أن تنفيذ هذه المشروعات اليوم يكون أفضل من غدًا من حيث تكلفة الإنشائية، ومن توفير احتياجات المواطن، وكذلك العمل على وضع حلول لخدمة الركاب، خاصة مع ظهور وسائل نقل ركاب عشوائية منها «التوك توك» و«السرفيس»، وتعد غير حضارية لواحدة من أقدم المدن فى البحر المتوسط.
وأكد خبير النقل واللوجستيات، أنه لا توجد مدينة كبيرة لا يوجد بها شبكة مترو أنفاق، خاصة أن مشكلة التكدس تتفاقم بالإسكندرية.
وأشار سلطان إلى أن تطوير شبكة ترام الرمل التى من المقرر أن يتم تنفيذها بجانب مترو الأنفاق تُعد بمثابة تنفيذ منظومة النقل متعدد الوسائط الذى يقوم على ضرورة تكامل وسائل النقل مع إنشاء مترو الأنفاق.
ولفت إلى أن ترام الرمل وغيره يعد من ضمن عدة وسائل نقل صديقة للبيئة، يمكن تسميتها بوسائل النقل الخضراء، فضلاً عن أنها تعمل على تقليل الانبعاثات من غاز ثانى أكسيد الكربون، وتقلل مستويات التلوث البيئى فى مدينة مكتظة بالسكان، وتقليل الاعتماد على السولار.
وأشار خبير النقل واللوجستيات، إلى أن تلك المشروعات تشكل حلقات مترابطة من منظومة النقل متعدد الوسائط، من الممكن أن يتم استكمالها عبر إنشاء أتوبيس ترددى على بعض الطرق البرية مثل الطريق الدائرى بالإسكندرية، أو كورنيش المدينة، لخفض اعتماد المواطنين على السيارات الخاصة، وتشجيعهم على استخدام النقل الجماعى، وبالتالى تحسين وانسياب الحركة المرورية.
وأكد سلطان أن بعض هذه المشروعات سيكون لها بعض الإيجابيات، ومنها تقليل الازدحام المرورى والتكدس، وتقديم خدمات متقدمة، فضلاً عن تقليل الانبعاثات الضارة، وتحسين مستوى المعيشة، وكذلك رفع درجات الأمان.
وتابع: هناك بعض السلبيات وستكون فقط خلال فترة الإنشاء، وتتمثل فى صعوبة التنقل؛ لأن المدينة مزدحمة، وينتج عنها تكدسات فى بعض المناطق.
ولفت سلطان إلى أن بعض الأنشطة المكملة لمنظومة النقل من الأكشاك والمنافذ فى المحطات التى سيتم إنشاؤها وغيرها من الأنشطة الاقتصادية، ستخلق فرص عمل تجارية لشباب المدينة.
وأكد خبير النقل واللوجستيات، أهمية أن يكون التشغيل لهذه الوسائل متوازن بمعنى جمع حصيلة من الإيرادات تغطى مصروفات التشغيل والاستخدام، وبما يساهم فى الحفاظ على مستوى الخدمة، حتى لا تنهار مثل ما حدث منظومة السكك الحديدية خلال السنوات الماضية.
من جانبه، أشار مسؤول حكومى سابق، إلى أن قطاع النقل من المشروعات الحساسة جدًّا، ولها دور كبير فى التنمية المجتمعية، لافتًا إلى أن معدلات النمو فى السكان متوقع أن تصل 125 مليون نسمة فى عام 2030، ومن ثم لابد من التوسع وخلق مدن جديدة لاستيعاب الكثافة المتوقعة، مصحوبة بشبكة حديثة من البنية الأساسية لتوفير المعيشة اللائقة.
وأوضح أن المشروعات القومية خاصة الطرق، ومن بعدها النقل السككى المكهرب ساعد فى ربط المناطق الجديدة بعضها، وذلك بالنسبة لمحافظات القاهرة والوجه البحرى، لكن فى الإسكندرية كان لابد من النظر فى حل مشكلة الزحام قبل تفاقمها بشكل كبير.
ولفت إلى أن تنفيذ حزمة المشروعات الجديدة فى الإسكندرية، سواء المترو، أو الترام، أو منظومة النقل الجماعى المطورة، هدفها إعادة البريق الراقى للمدنية، خاصة أن بها الكثير من المؤسسات الكبرى، سواء جامعات، ومؤسسات حكومية، ومن ثم كان لابد من تسريع وتيرة اختيار وسائل نقل على غرار المنفذة القاهرة لانتشالها من أزمة التكدس.
وأشار إلى أن هناك بعض التحديات التى تواجه المشروعات القومية الكبرى والشركات المنفذة لها، منها على سبيل المثال صعوبة اختيار مشغل مناسب والاتفاق معه على آليات تسعير الخدمة المقدمة، لاسيما أن الحكومة دائمًا تراعى البُعد الاجتماعى لشريحة المواطنين التى تعتمد على هذه الوسيلة كمرفق دائم وأساسى فى التنقل.
أما بالنسبة للتحديات التى تواجه الشركات المنفذة، قلة الموارد البشرية، وهذا يتطلب توفير تدريب مستمر العاملين، وتكوين فرق مؤهلة للتعامل مع هذه المشروعات، مشيرة إلى أن هذه المشكلة تم حل جزء كبير منها، وذلك عندما اعتمدت وزارة النقل على الكيانات المحلية على تنفيذ أكثر من مشروع بالتعاون مع تحالفات خارجية للاستفادة منه.
وأضاف، أن التحدى الثانى يتمثل فى التمويل الكبير التى تحتاجها هذه النوعية من المشروعات، فى ظل الظروف الاقتصادية التى يمر بها العالم، مشيرًا إلى أن الكيانات المنفذة فى حاجة إلى صرف مستمر من قيمة العقود، حتى تتمكن من إنهاء الأعمال المتفق عليها فى توقيتها المحدد.
الهيئة القومية للأنفاق، متوقع أن تطلق العمل فى مشروع تحويل خط سكك حديد «أبو قير- الإسكندرية» إلى مترو أنفاق خلال شهر مايو المقبل، وسيتم فى المرحلة الأولى هدم محطات القطار فى شكله الحالى، إضافة إلى إزالة ما يقرب من 16 مبنى تابعًا لوزارة الأوقاف.
ورصدت وزارة النقل مبلغًا بقيمة 500 مليون جنيه، لدفع التعويضات اللازمة لأصحاب الأراضى التى سيتم نزع ملكيتها لصالح المشروع، كما قامت خلال الفترة الماضية بإسناد تشغيل 196 أتوبيس نقل جماعى لإحدى الشركات الخاصة لتوفير وسيلة نقل بديلة لخط سكة حديد قطار أبوقير خلال فترة تنفيذ ستصل إلى 4 سنوات.
ويمتد خط سكك حديد «أبو قير- الإسكندرية» الحالى على طول ساحل البحر المتوسط من الشرق إلى الغرب، مرورًا بوسط المدينة، ومساره موازٍ لخط سكك حديد «القاهرة- الإسكندرية» لمسافة 5.7 كم، وتشمل المسافة 3 محطات هى «سيدى جابر، والحضرة، والإسكندرية»، ويبلغ الطول الحالى للخط 21.7 كم، وعدد محطاته 16، ومتوسط المسافة بينها 1450 مترًا.
وتسهم الدولة فقط بنسبة 15% من إجمالى تكلفة مشروع إنشاء خط مترو أنفاق الإسكندرية، البالغة نحو 1.71 مليار دولار.
ويشمل المشروع 3 مراحل، تستغرق 4 سنوات من بداية استلام المواقع، ويبدأ مسار المرحلة الأولى من محطة سكة حديد أبو قير حتى محطة مصر، بطول 21.7 كم، والثانية من محطة مصر حتى الكيلو 21 طريق «الإسكندرية- مطروح» بطول 20.3 كم، والأخيرة من الكيلو 21 طريق «الإسكندرية- مطروح» حتى مدينة برج العرب بطول 30 كم.
وتشير أحدث الإحصائيات إلى أن عدد المستخدمين للخط فى الوقت الحالى يقدر بنحو 50 ألف راكب يوميًّا، وسيصل عدد المحطات فى التصميمات المقرر تنفيذها إلى 16 محطة سطحية، إلى جانب إنشاء ورشة لعمرة الوحدات المتحركة على الخط.
بدوره، أكد الدكتور مجدى صلاح، أستاذ الطرق والنقل، أن المشروعات التى تقوم بتنفيذها وزارة النقل هى مشروعات فى غاية الأهمية للعاصمة الثانية فى مصر، وهو اتجاه صحيح فى مجال النقل الأخضر الذى يعتمد على الطاقة الكهربائية بدلا عن الوقود التقليدى المستخدم.
وأضاف صلاح، إلى أن النقل الكهربائى هو بمثابة استغناء عن الوقود التقليدى، لافتًا إلى أن العديد من دول العالم تهتم بوسائل النقل الجماعى، وهو نقل الأفراد فى رحلات العمل والرحلات الدراسية بأعداد كبيرة.
وأوضح أننا فى حاجة إلى تطوير منظومة النقل الجماعى، بهدف توفير وسائل نقل بسعات كبيرة بدلًا من وسائل المواصلات القائمة حاليا مثل “الميكروباصات”.
وأشار إلى أن أهمية النقل الجماعى، أنها تساعد فى القضاء على مشكلة التكدس المرورى، وحالة الشلل التى تصاب بها بعض المحاور فى أوقات الذروة بكل المدن المصرية.
وشدّد أستاذ الطرق والنقل أيضًا على ضرورة أن تكون مسارات وسائل النقل الجماعى منفصلة عن السيارات الخاصة والملاكى، معتبرًا هذا الأسلوب بالحضارى، والعديد من الدول فى العالم أصبحت تتجه لتنفيذه وفق خطط اقتصادية تضمن استدامتها لفترة كبيرة.
وأشار إلى أنه لا توجد سلبيات لهذه المشروعات، إلا أنها تحتاج إلى تكلفة مرتفعة، لكن العائد منها يكون أفضل من الوضع الحالى، لافتًا إلى أنه فى ظل ارتفاع تكلفة الإنشاء فإن هذا يعنى أن سعر التذكرة يكون مرتفعًا بشكل ما عن الطبقات التى تستخدم تلك الوسيلة.
صلاح: جذب مشغل محترف للإدارة يتطلب توفير حزمة مزايا تساعد على زيادة الإيرادات دون الاعتماد الكلى على التذكرة
وأكد أن مشغل هذه الوسيلة يحتاج لبعض المزايا والحوافز، لضمان زيادة حصيلة الإيرادات، وعدم وضع كافة مصروفات التشغيل على قيمة التذكرة.