تواجه شركات التأمين فى منطقة الشرق الأوسط والمنطقة الأفروآسيوية استمرار تشدد أسواق إعادة التأمين منذ العام الماضى وحتى الآن، فى ظل تكبد شركات إعادة التأمين العالمية تعويضات كبيرة بسبب وباء كورونا المستجد «كوفيد-19» أو متعلقة به، بجانب تعويضات الكوارث الطبيعية وحادث انفجار مرفأ بيروت فى لبنان.
ويتمثل التشدد فى التغطيات المرتبطة بوباء كورونا سواء التأمين الطبى أو تأمين السفر أو تأمينات الحياة، ويؤثر ذلك على شروط وأسعار التغطيات، بينما يمثل ذلك التشدد فرصة للأسواق لضبط إيقاعها وزيادة التركيز فى ضوابط الاكتتاب والتسعير، ووضع القسط العادل لمقابلة الخطر والحد من المضاربات السعرية والمنافسة الضارة.
الشوربجى: عدم توافر إحصائيات دقيقة خاصة بوباء كورونا
وقال سامح الشوربجى رئيس قطاع الشئون الفنية وإعادة التأمين فى شركة «ثروة للتأمين» إن أسواق إعادة التأمين العالمية ومن بينها أسواق إعادة التأمين الأفروآسيوية تواجه العديد من التحديات الصعبة منذ بداية جائحة كورونا المستجد وحتى الآن.
وأضاف أن تلك التحديات تتمثل فى تحمل معيدى التأمين تعويضات كبيرة بسبب كورونا سواء نتيجة للوفيات الناتجة عن الوباء أو بسبب تغطيتهم مخاطر توقف الأعمال خلال فترة الإغلاق فى كثير من الدول، ووجود أحكام قضائية لصالح العملاء بتعويضات من شركات التأمين وإعادة التأمين العالمية.
وأشار إلى أن المعيدين يواجهون تحديات كبيرة فى تغطية وباء كورونا خاصة فى نشاط التأمين الطبى بسبب عدم وجود إحصائيات دقيقة خاصة بالوباء، والتى تحتاجها الشركات فى وضع حساباتها الاكتوارية وتسعير الأخطار وتحديد القسط العادل للخطر.
ولفت إلى أن شركات إعادة التأمين العالمية تكبدت تعويضات كبيرة بسبب حادث انفجار مرفأ بيروت فى لبنان، مما أثر على تجديدات إعادة التأمين فى منطقة الشرق الأوسط ككل وليس السوق المصرية فقط.
وأكد أن تلك العوامل أدت إلى تحول أسواق إعادة التأمين العالمية من أسواق مرنة «Soft Markets» إلى أسواق متشددة «Hard Markets» وذلك انعكس على شركات التأمين المباشر حيث أدى إلى زيادة التركيز على الربح من النشاط وتحقيق فائض اكتتاب.
وأوضح أن شركات التأمين تعاملت مع تشدد معيدى التأمين عبر الاهتمام بالاكتتاب الجيد والتسعير السليم وانتقاء الأخطار ووضع دليل للاكتتاب فى فروع التأمين المختلفة، لافتا إلى أن ذلك التشدد أدى إلى تقليل حدة المضاربات السعرية الضارة وتحسن الأسعار خاصة فى ظل رفع الأسعار من قبل معيدى التأمين حيث يسعى المعيدون إلى تعويض خسائرهم وتحسين النتائج الفنية.
وأشار إلى أن إعادة تأمين تغطية وباء كورونا فى وثائق تأمين السفر أسهل من تغطيته فى وثاق التأمين الطبى، موضحا أنه بالنسبة لتأمينات السفر فإن تسارع عملية الحصول على لقاحات كورونا واشتراط بعض الدول لإجراء اختبارات كورونا قبل السفر قلل احتمالية إصابة العملاء بالفيروس أثناء سفرهم بالخارج، مما يسهل تغطية الوباء فى وثائق تأمينات السفر.
مهنى: المعيدون يسعون للتقدير السليم
من جانبه، قال هانى مهنى مدير عام إعادة التأمين بشركة “وثاق للتأمين التكافلى” إنه من المعتاد أن تتحول أسواق الإعادة من أسواق مرنة “Soft Markets” إلى أسواق متشددة “Hard Markets“ وذلك من فترة لأخرى فيما تتعامل كل شركة تأمين مباشر مع ذلك وفقا لسياستها.
وأضاف “مهنى” أن تحديد السياسة السعرية وضوابط الاكتتاب يختلف من شركة تأمين لأخرى وهى قد اعتدات على التغيرات فى أسواق إعادة التأمين والتى تحدث عادة عقب الأزمات المالية والاقتصادية العالمية، معتبرا أن تلك التحولات تكون مناسبة جيدة لشركات التأمين للتغلب على أى أخطاء أو هفوات فى الاكتتاب.
واعتبر أن تشدد أسواق إعادة التأمين العالمية تكون فرصة لإعادة ترتيب أسواق التأمين وإعادة التأمين العالمية، ويكون تأثير ذلك إيجابيا فى خدمة الأسواق وضبطها خلال فترات تشدد أسواق إعادة التأمين مما قد يقلل من وتيرة المضاربات السعرية أو المنافسة الضارة فى الأسواق.
وأكد أن شركات إعادة التأمين العالمية تسعى لتقليل الخسائر التى بها خلل فى تسعيرها، أو لم يتم تسعيرها بشكل سليم، موضحا أن شركات التأمين لا تخشى التعامل مع الأخطار والتعويضات، ولكنها تخشى الخسائر الناتجة عن خلل فى تسعير التغطيات فتسعى لضبط تسعيرها لتكون الخسارة محسوبة بدقة ومتوقعة ويقابلها سعر مناسب وقسط عادل.
وأعرب عن تفاؤله بتعافى سوق التأمين المصرية من آثار الوباء حيث تمثل ذلك فى تعافى نشاط السياحة والسفر، بجانب المضى فى عملية توفير اللقاحات للمواطنين وهو عامل إيجابى سينعكس على نشاط التأمين.
نوران: وفيات الجائحة كبدت الكيانات الخارجية تعويضات كبيرة
وبدورها، أكدت الدكتورة نوران صاوى نائب مدير عام إعادة التأمين والشئون الاكتوارية بشركة “الدلتا لتأمينات الحياة” أن تشدد أسواق إعادة التأمين وتحولها من أسواق مرنة Soft” Markets “إلى أسواق متشددة “Hard Markets” أدى إلى تعديل معدلات التسعير فى نشاط تأمينات الحياة.
وأضافت أن ذلك التشدد سببه تكبد شركات إعادة التأمين العالمية تعويضات كبيرة بسبب الوفيات التى حصلت عالميا بسبب فيروس كورونا بين عملاء شركات التأمين، فاضطرت شركات الإعادة العالمية لرفع أسعار بعض التغطيات لتعويض خسائرها عالميا، وهو ما انعكس على تعاملها مع شركات التأمين المباشر.
وأوضحت أن شركات تأمينات الحياة أصبحت تواجه تحديات فى الحصول على أسعار تنافسية من شركات إعادة التأمين لتساعدها فى المنافسة على اقتناص العمليات، خاصة فى تأمينات الحياة الجماعية.
وأشار إلى أن شركات إعادة التأمين أكدت على عدة أمور فى ضوابط الاكتتاب بتأمينات الحياة خاصة فيما يتعلق بالكشف الطبى وتوقيع العميل على استبيان يشمل عدة أسئلة منها آخر مرة سافر فيها العميل، وهل خالط أحد مصابى فيروس كورونا، موضحة أن إصابة العميل بفيروس كورونا وتعافيه منه لا يؤثر على تسعير وثيقة تأمين الحياة الخاصة به ما دام قد تعافى بالفعل من الفيروس.
ولفتت إلى أن شركات إعادة التأمين تتعامل بحذر مع وثائق التأمين على الأطقم الطبية نظرا لأنهم الأكثر تعرضا للإصابة أو الوفاة بالفيروس، لذا هناك معدل أسعار خاص بتأمينات الحياة على الأطقم الطبية بسبب ضغوط معيدى التأمين.
وكشفت أن شركات إعادة التأمين أصبحت ترفض إعادة التأمين على وثائق تأمينات الحياة الفردى المؤقت التى مدتها أقل من ثلاث سنوات، إلا أن تكون الوثيقة لأجل تغطية قرض مدته أقل من ثلاث سنوات حيث يتم تغطية مخاطر عدم السداد الناتجة عن الوفاة، مشيرة إلى أن أسباب رفض وثائق تأمينات الحياة الفردى المؤقت غير المرتبطة بقروض والتى مدتها أقل من ثلاث سنوات بسبب تخوف معيدى التأمين من زيادة حالات الغش والتحايل فى تلك الوثائق.
وأضافت أن شركات إعادة التأمين تتشدد فى تسعير عقود تأمينات الحياة الجماعى والتى يتم تجديدها سنويا، بسبب وجود حالات تعويضات نتيجة وفيات متعلقة بوباء كورونا، مما ساهم فى زيادة أسعار تلك العقود استجابة لضغوط شركات إعادة التأمين.
وأوضحت أن عملاء التأمين تقبلوا الزيادات فى تسعير وثائق تأمينات الحياة نظرا لإدراك العميل أن ذلك اتجاه السوق ككل بكافة شركاتها وليس شركة بعينها، وأن ذلك نتيجة لضغوط معيدى التأمين ولتكبد الشركات تعويضات ناتجة عن وباء فيروس كورونا، لافتة إلى أن ذلك التشدد قد يستمر خلال العام المقبل، خاصة فى تجديدات اتفاقيات إعادة التأمين لعام 2022 فى ظل وجود الملايين ممن لم يحصلوا على اللقاح ضد الفيروس حتى الآن.