تساؤلات حول آليات تطبيق تجريم نشر معلومات واستشارات الأسهم بالسوشيال ميديا

الخبراء رأوا الهدف إيجابيًا ولكن...

تساؤلات حول آليات تطبيق تجريم نشر معلومات واستشارات الأسهم بالسوشيال ميديا
جريدة المال

ايمان القاضي

دينا مجدي

6:55 ص, الأربعاء, 22 ديسمبر 21

«قرارات بأهداف إيجابية وتساؤلات حول سبل التطبيق».. عنوان لخبراء سوق المال الذين استطلعت «المال» آراءهم حول التعديلات المقترحة من قبل الهيئة العامة للرقابة المالية، بشأن حظر وتجريم نشر استشارات حول الأوراق المالية المقيدة فى البورصة.

وأصدرت الرقابة المالية بيانًا فى 5 ديسمبر الحالى، يفيد بموافقة مجلس إدارتها على مقترح تشريعى، بإضافة مادة جديدة فى الباب السادس (العقوبات) بقانون سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992، تتضمن حظر وتجريم نشر توصيات واستشارات مرتبطة بالأوراق المالية المقيدة فى البورصة المصرية على مواقع التواصل الاجتماعى، بهدف ردع الأشخاص الذين يقومون بإصدار ونشر توصيات واستشارات مضللة للتلاعب بصغار المستثمرين وتحقيق نفع شخصى لأنفسهم.

وأوضح خبراء السوق أن هناك تساؤلات حول كيفية تطبيق تلك القرارات والعدالة فى تنفيذها على المخالفين، وأيضًا تساءلوا حول قدرة الجهات الرقابية على كشف تلك المخالفات.

يُذكر أن «المال» كانت قد كشفت فى عددها الصادر 15 ديسمبر الحالي، أن التعديلات المقترحة على قانون سوق المال، تضمنت عقوبات متدرجة لتجريم نشر توصيات واستشارات مرتبطة بالأوراق المالية المقيدة فى البورصة.

وتتضمن المرحلة الأولى غرامة مالية تتراوح من 50 ألفًا ولا تزيد على مليون جنيه، أو عقوبة الحبس أو كليهما، فى حالة الإخلال بالقانون والنشر دون أى أضرار أو منافع شخصية، أما المرحلة الثانية، فتتمثل فى الإخلال بالقانون، ونشر تحليلات واستشارات فنية للأسهم المقيدة، تترتب عليها منفعة شخصية لمصدر تلك النصائح ، وتصل عقوبتها إلى الحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة مالية تتراوح من مليون إلى 10 ملايين جنيه.

أما المرحلة الثالثة فهى الإخلال بالقانون ونشر توصيات وتحليلات يترتب عليها ضرر للسوق، فيتم توقيع عقوبة السجن لمدة تتراوح من 3 إلى 10 سنوات، إضافة إلى غرامة مالية تزيد على 10 ملايين جنيه.

وكان الدكتور محمد عمران، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، أكد فى بيان أن تقارير مراقبة عمليات التداول على الأوراق المالية المقيدة بالبورصة كشفت عن وجود العديد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعى، تتناول ما يخص التعامل على الأوراق المالية المقيدة، وقيام العديد من الأفراد بالإدلاء ببيانات ومعلومات وتقديم استشارات وتوصيات عن الأوراق المالية المقيدة بالبورصة، ونشرها على تلك الصفحات – الافتراضية- بقصد توجيه القرارات الاستثمارية للأفراد لتحقيق نفع شخصى، والإضرار بصغار المستثمرين.

خطوة سليمة نحو تنظيم عملية إصدار التوصيات

من جهته، قال محمد ماهر، عضو الهيئة الاستشارية لسوق المال، رئيس الجمعية المصرية للأوراق المالية، إن قرار الهيئة العامة للرقابة المالية المُقدم لمجلس النواب هو خُطوة سليمة لتنظيم عملية إصدار التوصيات والتحليلات التى تُساعد متخذ القرار، وتسيطر على التلاعبات التى قد تحدث بالسوق، رغم أن السوشال ميديا يصعب السيطرة عليها نسبيًا.

محمد ماهر: تنفيذ التعديلات المقترحة يجب أن يتم عبر أدلة وبراهين حقيقية

وأضاف أن القرارات القائمة فى الوقت الحالى تعطى الهيئة أحقية تحويل مرتكبى التلاعبات للمساءلة واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضدهم، موضحًا أنه لا بد من أن يتم تنفيذ هذه التشريعات من خلال وجود أدلة وبراهين حقيقية وليس بشكلٍ تقديري.

وأكد «ماهر»، أن المستثمر الذى يستند إلى توجيهات رواد مواقع التواصل الاجتماعى والمنتديات الإلكترونية مُخطئ، مضيفًا أن السوق تأثرت بتوجيهات هؤلاء الأفراد غير المتخصصين؛ لذلك لا بد من الهيئة العامة للرقابة المالية أن تشجع الخبراء الماليين والفنيين لدعم المستثمرين بالآراء والتوصيات والبيانات التى تساهم فى القرارات الصائبة، عبر توفير وسائل اتصال سهلة ومتاحة بين المستثمرين والخبراء ردًا على هذه المنتديات الإلكترونية، إذ إن هذا القرار قد يثير مخاوف عند بعض الخبراء المرخصين.

تساؤلات عدة.. والتجربة أفضل سبيل التعلم

من جهته، طرح وائل زيادة، شريك ومدير تنفيذى لشركة زيلا كابيتال، عدة تساؤلات على مشروع قانون تجريم نشر توصيات على مواقع التواصل الاجتماعي، وهى كيف سيتم تطبيق هذا القانون؟ وما الحال إذا ما تمت معاقبة شخص ما بسبب كتابة معلومات على السوشيال ميديا، مع ترك آخر قام بنفس الفعل، ولكن لم يتم اكتشاف منشوره من جانب الجهات الرقابية؟!

وائل زيادة: أفضل سُبل التوعية هى التجربة والخطأ

وتابع: إن باقى التساؤلات تتمثل فى: هل سيحد هذا القانون من إمكانية قيام العاملين فى المجال أو المهتمين به من تبادل الآراء عبر منصات التواصل الاجتماعى؟

وتساءل «زيادة»: هل قرار المنع والتجريم سيترتب عليه توقف الظاهرة أم فقط اختفاء رواد السوشيال ميديا عن أعين الرقابة؟ مضيفًا أنه يجب أن يكون هناك وضوح فى تطبيق القرار فيما هو ممنوع وما هو مسموح؟

وحول حماية صغار المستثمرين، قال «زيادة» إن المتعاملين بسوق المال مسئولون عن قراراتهم الاستثمارية بالبيع والشراء، ولديهم كامل العلم بوجود آليات مثل صناديق الاستثمار، ولكن بعضهم لا يفضل اللجوء إليها، وأفضل سبل التوعية هى التجربة والخطأ.

صعوبة التطبيق فى ظل تعدد المنصات

من جهته، قال عمرو الألفي، رئيس قسم البحوث بشركة برايم المالية القابضة إن قرار الهيئة هدفه الرئيسى نبيل وواضح، ويتمثل فى منع الأشخاص غير المؤهلين من التأثير على تحركات الاسهم فى السوق، بناءً على معلومات إو إشاعات أو توصيات يتم نشرها على منصات التواصل الاجتماعي.

عمرو الألفى: قرار الرقابة المالية «نبيل».. والتطبيق صعب فى ظل تعدد المنصات

وتابع الألفى: ولكن تطبيق هذا القرار صعب جدًا فى ظل تعدد منصات التواصل واختلاف أشكالها وتضمنها المغلق والمفتوح، كما أن بعضها يصعب تعقبه، مضيفًا: لكن إذا وجدت طريقة فعالة لتطبيق القرار سيكون مفيدًا جدًا.

وقال إن الأفضل هو معاقبة من يثبت تلاعبه سواءً عن طريق منصات التواصل الاجتماعى أو غيرها.

كما ذكر أنه يوجد حالات لا يمكن منعها، مثل أن يكون شخص مقيم خارج مصر ويستخدم السوشيال ميديا فى التأثير على تحركات الأسهم على سبيل المثال، كما يوجد خارج مصر «جروبات» مجموعات مغلقة على تطبيقات التواصل مثل «الواتس اب» للتوصية على الأسهم ويتم دخولها باشتراط دفع مبالغ معينة.

وقال إنه من المعلوم للجميع أن درجة الوعى الاستثمارى ليست كبيرة فى السوق المحلية، ولكن مع ذلك كل مستثمر مسئول عن قراراته، وعن درجة المخاطرة التى يتقبلها، وعن المصادر التى يستقى منها التوصيات.

وذكر أنه حتى المحلل المرخص له بالتوصية من هيئة الرقابة المالية قد يصدر توصيات أو توقعات خاطئة أحيانًا، مما يترتب عليه خسارة العميل.

وقال إن التلاعب فى السوق يتم من خلال طريقتين، الأولى خلق تداولات وهمية على الأسهم، والثانية ترويج إشاعات ومعلومات مضللة، وفى تلك الحالات تتم معاقبة المتورطين.

المعايير الفنية تتحكم فى حركة السوق

وفى سياق متصل، قال إبراهيم النمر، رئيس قسم التحليل الفنى بشركة النعيم القابضة للاستثمارات، إن السوق أكبر من توجيهات وبيانات مضللة موجهة من غير المتخصصين بالتحليل المالى والفني، موضحًا أن المتحكم فى السوق هى المعايير الفنية التى تُحدد اتجاهاتها ومدى سرعة التداولات على الأسهم، بجانب المحفزات المُقدمَة من أصحاب الأسهم أو الحكومة.

إبراهيم النمر: السوق أكبر من توجيهات وبيانات مضللة موجهة من غير المختصين

وأضاف «النمر» أن التوجهات غير المدروسة لا تخلق اتجاها لحركة السوق، مشيرًا إلى أن الهيئة العامة للرقابة المالية مطالبة بمراقبة عمليات التداول نفسها لتنقية السوق من التلاعبات، وتقديم المتلاعبين بالأدلة للجهات المسئولة.

نشر الوعى وتسهيل التواصل بين الخبراء والجمهور

وقال محمد فتح الله، العضو المنتدب لشركة بلوم مصر لتداول الأوراق المالية، إن السوق تحتاج لتنظيم عملية إصدار توصيات من جانب الخبراء المتخصصين، بحيث لا يكون الخبير هو متخذ القرار، بل يقتصر دوره على تأهيل المستثمر لعملية صنع القرار بناءً على بحث حقيقي، ودراسة متأنية عن السوق بشكل عام والسهم بشكل خاص للوصول لنتائج صحيحة.

محمد فتح الله: نحتاج لتقنين إصدار التوصيات من الخبراء

وأشار «فتح الله»، إلى أن المجتمع يحتاج لنشر الوعي، خاصة للمستثمرين بجانب التشريعات وسن القوانين، كما يحتاج أيضًا لتسهيل التواصل بين الخبير والجمهور، موضحًا أنه إذَا أصاب توقع غير المختص مرة لا يصيب الثانية، ما يتسبب فى خسائر فادحة للمستثمرين.

وأضاف «فتح الله» أن توجه الهيئة العامة للرقابة المالية نحو تجريم ومنع رواد مواقع التواصل الاجتماعى من إبداء نصائح وتوجيهات للمستثمرين قرار صائب.