تدفع تركيا البنوك التجارية لخفض أسعار الفائدة على القروض الممنوحة للشركات بعد أن تحرك البنك المركزي، يوم الخميس، لتحفيز الاقتصاد عبر خفض مفاجئ لأسعار الفائدة.
التصدي لإشارات تباطؤ الاقتصاد
أصدر “المركزي التركي”، اليوم السبت، قواعد ستجبر البنوك على تقريب معدل الفائدة على القروض التجارية من سعر الفائدة القياسي بتركيا، في محاولة لمواجهة الإشارات التي توضح أن الاقتصاد البالغ حجمه 800 مليار دولار قد يتباطأ.
يأتي إصدار اللوائح في أعقاب قرار البنك المركزي التركي بخفض سعر الفائدة إلى 13%، رغم ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوى في 24 عاماً عند 80%.
يتمثل الهدف المنشود في الحفاظ على تدفق نقدي أرخص نسبياً للشركات، وخلق فرص عمل مع استعداد تركيا للانتخابات في عام 2023.
يتعين على البنوك أيضاً شراء المزيد من السندات الحكومية المقومة بالليرة للتعديل، وهو مطلب قد يؤدي إلى ارتفاع في أسواق السندات التركية على غرار ما حدث عقب إجراءات مماثلة في يونيو.
معاقبة البنوك
قال “المركزي التركي” إن اللوائح ستعزز ما يسمى بآلية التحويل، أو قدرته للتأثير على تكلفة الأموال التي تقرضها البنوك لعملائها.
لكن الجزء الأكبر من التغييرات يهدف إلى خفض تكلفة القروض لعملاء الشركات.
سيُطلب من البنوك التي تتقاضى الكثير من الأموال، أو تقرض بشدة أن تودع كمية أكبر من الأصول بالليرة في البنك المركزي.
سيُطلب من البنوك التي تطلب معدلات فائدة تتراوح بين 22.85% و29.4% على القروض التجارية الجديدة شراء سندات بالعملة المحلية، ما يعادل 20% من الائتمان الجديد لدى السلطة النقدية.
وحتى بالنسبة لأسعار الفائدة الأعلى، ترتفع تلك النسبة إلى 90%.
تنطبق اللوائح الجديدة على القروض التي سيتم تمديدها حتى نهاية العام، وسيظل نطاق المعدل مرتبطاً بسعر الفائدة الرسمي.
لماذا الآن؟
حدث تباين حاد بين سعر الفائدة الرسمي بتركيا وتكلفة القروض في القطاع المصرفي خلال الأشهر الأخيرة.
وتتقاضى البنوك حالياً أكثر من ضعف سعر الفائدة لدى البنك المركزي، والذي ظل ثابتاً عند 14% منذ ديسمبر 2021 وحتى تخفيضه الخميس الماضي.
ارتفع متوسط سعر الفائدة على القروض التجارية بالعملة التركية إلى 30% في يوليو، وهو أعلى معدل في أربع سنوات.
في حين أنه انخفض قليلاً وسط شكاوى من الشركات حول مواجهة أزمة مالية، إلا أنه لا يزال عند 27 % اعتباراً من 12 أغسطس، وفقاً لبيانات رسمية.
ظلت عملية تعزيز الاقتصاد من خلال توفير الائتمان هي السياسة التي طالما فضلتها إدارات الرئيس رجب طيب أردوغان.
بعد محاولة الانقلاب عام 2016، وطرحت الحكومة التركية صندوق ضمان الائتمان، والذي يمكن للشركات من خلاله الحصول على القروض بدعم من الدولة التركية.
البنوك التجارية مجبرة على خفض الفائدة
أدى هذا النهج في النهاية إلى حدوث نتائج عكسية، حيث تسببت وفرة الائتمان في زيادة سخونة الاقتصاد، وساهمت في انهيار الليرة خلال أغسطس 2018.
في الآونة الأخيرة، وبفضل السياسة النقدية الفضفاضة للغاية، المتمثلة في خفض أسعار الفائدة، والتي يفضلها الرئيس، تقدم الاقتصاد التركي، حيث خرج من الوباء واستمر في التوسع محققاً أحد أسرع معدلات النمو في مجموعة العشرين.
لكن البنك المركزي حذّر الأسبوع الجاري من “فقدان بعض الزخم في النشاط الاقتصادي” خلال بداية الربع الثالث.
مشاكل العملة
يُعرّض الاستئناف المفاجئ للتيسير النقدي الليرة للخطر، لتصبح إحدى العملات الأسوأ من حيث الأداء في العالم منذ بداية 2022.
وتراجعت العملة بنسبة 1% مقابل الدولار الأميركي بعد قرار خفض سعر الفائدة، لتصل إلى أدنى مستوى لها منذ 20 ديسمبر قبل أن تقلص الخسائر.
يتابع مسؤولو السياسة النقدية في تركيا عزم “أردوغان” لخفض تكاليف الاقتراض قدر الإمكان قبل الانتخابات المقررة في يونيو 2023.
لكن زيادات الأسعار تبرز كتهديد رئيسي لشعبية الزعيم التركي، وبالكاد تقدم اللوائح الجديدة حجة مقنعة مفادها أن “المركزي التركي” يعتبر التضخم على رأس أولوياته.
مخاوف تسارع نمو الاقتصاد
قال تيم آش، محلل الأسواق الناشئة في “بلو باي أسيت مانجمنت” ( BlueBay Asset Management)، إن إجبار البنوك على الإقراض بأسعار فائدة منخفضة يزيد من المخاوف بحدوث تسارع نمو الاقتصاد، ولن يفعل شيئاً لمعالجة التضخم فحسب، بل سيزيد الأمر سوءاً.
قام البنك المركزي التركي مؤخراً بتعديل توقعاته الخاصة بالتضخم لعام 2022 إلى أعلى بنحو 18 نقطة مئوية، ويتوقع حالياً أن يصل التضخم في نهاية العام إلى 60%، أي 12 ضعفاً للمستهدف الرسمي، ومن المتوقع أن يبلغ الذروة عند نحو 85% في غضون أشهر.