تشهد السوق المصرية توجها لافتا من جانب الحكومة للارتقاء بأوضاع القطاع العقارى باعتباره مساهما رئيسيا فى الناتج المحلى الإجمالى ولذلك تدرس الحكومة إصدار قانون شامل لتنظيم عمل شركات التسويق العقارى، وهو ما رحب به بعض المسوقين لدوره فى تنظيم السوق.
كان مجلس الوزراء وافق على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم أعمال الوكالة التجارية، وبعض أعمال الوساطة التجارية والعقارية، الصادر بالقانون رقم 120 لسنة 1982 وذلك بهدف مواجهة التوسع الحاصل فى نشاط الوساطة العقارية، من خلال استحداث قواعد جديدة، ونصوص تنظم نشاط الوسطاء العقاريين، بما يتفق مع المعايير الدولية التى تستلزمها توصيات مجموعة العمل المالى، مع تأثيم الأفعال المستحدثة بما يحقق الردع.
وحظر مشروع القانون، مزاولة أى عمل من أعمال الوساطة العقارية، إلا لمن يكون اسمه مقيدا فى السجل المنشأ لهذا الغرض، مع معاقبة كل من يمارس مهنة الوساطة العقارية، وكل من يقوم بعمل من أعمالها، أو ينشئ أو يدير منشأة للقيام بأحد هذه الأغراض، دون القيد بالسجل الخاص بذلك، وفقاً لبيان رسمى صادر من رئاسة مجلس الوزراء.
وتحاور «المال» فى السطور التالية عددا من المسوقين العاملين فى القطاع العقارى بالسوق المصرية، لمعرفة آراءهم فى الضوابط الجديدة وتقييمهم للمرحلة الحالية من نشاط التسويق العقارى.
جون سعد: دورها أصبح مهما فى ظل تزايد عدد المطورين وتحكمها فى مستقبل المشروعات
بداية، قال جون سعد خبير الاستثمار العقارى إن السوق شهدت فى الفترة الماضية ظهور مئات الشركات العقارية الجديدة فى ظل الطفرة العمرانية اللافتة، وهو ما عزز دور شركات التسويق العقارى فى ترويج تلك المشروعات، بل وصل الأمر لسيطرة المسوقين فى مستقبل تلك المشروعات.
وأوضح أن الظاهرة السابقة تزيد أهمية تدخل الدولة لتقنين عمل المسوقين العقاريين، ولكن الأهم فى ذلك هو استماع البرلمان والحكومة لرأى المسوقين فى الضوابط الحاكمة لعملهم، مؤكدا أنهم الأجدر لتحديد قانون لتنظيم عملهم، ولذلك هناك مقترح بتشكيل هيئة خاصة بالتسويق العقارى مناط لها منح ترخيص مزاولة المهنة بعد اجتياز دورات تدريبية تأهيلية ودورية للعاملين بالقطاع وأصحاب شركات الوساطة العقارية ومنع مزاولة المهنة بدون ترخيص.
زياد يسرى: تجربة الإمارات ملهمة.. والتدريبات اللازمة «كلمة السر» للقيمة المضافة ومنع الدخلاء
فيما قال زياد يسرى رئيس مجلس إدارة شركة «لوكيشن» للاستثمار العقارى، إن وجود سجل تجارى لكل كيانات التسويق ضرورة حتمية فى ظل تزايد عدد الوسطاء التجاريين فى هذا القطاع المهم، الذى يمثل %20 من الاقتصاد القومى.
ولفت إلى أن الدولة بدأت تنظر لجميع الأذرع العاملة بالسوق العقارية، باعتبارها مكملة لبعضها البعض، فاستهلت بتنظيم نشاط التطوير العقارى، على غرار اشتراطها بعدم الإعلان عن أى مشروع إلا بعد الانتهاء من 30% من حجم الإنشاءات، ثم اتجهت الدولة لنشاط التسويق العقارى، باعتباره الحلقة الوسطى بين المطور العقارى والعملاء، فوضعت أول إستراتجية وهى ضرورة التسجيل التجارى لشركات الوساطة العقارية.
وأكد ضرورة وضع الدولة ضوابط أخرى تتمثل فى وجود رخصة لمزاولة مهنة التسويق العقارى، على غرار دولة الإمارات، فيجب أن يتلقى كل فرد يعمل فى مجال الوساطة العقارية التدريبات اللازمة، وورش عمل مختصة، وذلك لإضفاء قيمة أكبر للتسويق العقارى، وزيادة مصداقية العملاء.
وأفاد بأن فكرة التسجيل التجارى تساهم فى تسريع وتيرة تنظيم السوق العقارية، حيث تيسر على الدولة عملية الرقابة والمتابعة، بالإضافة إلى زيادة موارد وعوائد الدولة من الضرائب.
وأوضح أن من أهم المشكلات التى تواجه شركات التسويق فى التعامل مع المطورين تتمثل فى ضعف الملاءة المالية للمطور، فضلاً عن تأخره فى تسليم الوحدات فى المواعيد المحددة لها.
كان المهندس طارق شكرى، رئيس غرفة التطوير العقارى، ووكيل لجنة الإسكان بالبرلمان، أوضح أن التعاملات داخل القطاع العقارى تضم 3 فئات هم الدولة وهى صاحبة الولاية على الأراضى وشركات التطوير العقارى وهى صاحبة المشروعات والعملاء أو المستهلكين، لافتًا إلى أن السوق شهد مؤخرا فئة رابعة وهم الوسطاء العقاريين أو السماسرة.
وأكد أن الوسطاء العقاريين لديهم دور مهم لدعم القطاع العقارى لكن ينقصه التنظيم، حيث أصبح يوجد صفحات على وسائل التواصل الاجتماعى تبيع وحدات وتتربح منها دون وجود أى دورات تدريبية لهم أو نشر معلومات دقيقة عن الوحدات المعروضة، بجانب عدم الانضمام للسجلات الرسمية، وكذلك الموقف من سداد الضرائب والالتزامات تجاه الدولة.
وتابع: «أصبح من اللازم وجود بداية لتنظيم قطاع الوسطاء العقارية يخدم الوسطاء والقطاع العقارى، وترد الدخلاء على القطاعات المختلفة».
وأشار إلى أنه المطلوب حاليا من الوسطاء العقاريين والسماسرة وجود سجل تجارى، والتسجيل فى السجل الخاص بالوسطاء العقاريين، والإبلاغ بشكل ثابت عن العقود التى تم التعامل عليها بين البائع والمشترى.
على صعيد متصل، أوضح محمد الدغيدى رئيس مجلس إدارة شركة «ريماكس» المهاجر للتسويق العقارى، أن الضوابط التنظيمية للدولة لنشاط التطوير العقارى جاءت متأخرة، وعلى نطاق ضيق للغاية.
وتابع إن الفكرة أوسع وأشمل من مجرد التسجيل التجارى لشركات الوساطة التجارية، إذ يوجد أنواع أخرى من التنظيم، مثل التنظيم التدريبى والتعليمى، وليس فقط القانونى، وذلك لوضع معايير وقواعد علمية لممارسة المهنة، بحيث يكون هناك حد أدنى من التأهيل والإعداد العلمى.
وأكد ضرورة وجود لوائح تنطيمية، منها لائحة لاحترام متطلبات الوساطة والسلوك المهنى، لائحة لاحترام العقود والنماذج، لائحة لاستصدار التراخيص الخاصة بالنشاط، ولائحة تنظيم قواعد البيانات الخاصة بالوكالات التجارية، ولائحة مختصة للتأمينات، فضلاً عن لائحة لسن قانون للإجراءات الانتقالية، والدولة حاليا بصدد إصداره، وأخيرا لائحة لاتخاذ إجراءات تأديبية فى حالة وجود مخالفات.
وعلى صعيد القطاع العقارى بصفة عامة، ذكر “الدغيدي” أن عملية تنظيم السوق العقارية يجب أن تتم على مراحل متعددة، أولها التنظيم الجغرافى والإدارى، من خلال وجود منظمة تمثل النشاط على المستويين المحلى والدولى، وتخضع للمقاييس العامة والشروط، ويندرج من تحتها مجلس إدارة عقارى فى كل محافظة، ومن ثم مجلس عقارى فى كل مركز.
وقال إن جميع الكيانات العاملة فى السوق يجب أن تكون مؤهلة بشكل كاف، سواء على مستوى قطاع التخطيط أوالتطوير أو البناء والتنفيذ، بالإضافة إلى قطاع الوساطة التجارية، وأخيرا القطاع الإشرافى المتمثل فى الحكومة ورقابة الدولة.
وأفاد باعتباره متحدثا باسم الجمعية المصرية للتسويق العقارى، أن الجمعية تخطط لإنشاء غرفة للوساطة العقارية بداخل الغرف التجارى، وذلك لوضع المعايير الأخلاقية والمهنية والقواعد السلوكية لمزاولة النشاط.
وفيما يتعلق بالمشكلات التى تواجهها الشركة فى التعامل مع المطورين، أوضح أنها تتمثل فى ظاهرة «الكاش باك» وعدم الالتزام بمواعيد التسليم، فضلاً عن عدم الالتزام بمواصفات المنتج النهائى لدى بعض المطورين العقاريين، وأداء العمولات فى مواعيدها المحددة.
فى السياق ذاته، قال محمد عبدالله رئيس مجلس إدارة شركة كولدويل بانكر- مصر، إنه لاتزال هناك ضوابط أخرى يجب على الدولة إتخاذها، على غرار استخراج تراخيص، وتنظيم عملية الاتصالات من خلال وضع بروتوكول لها بالتعاون مع شركات اتصالات.
وذكر أن من أكثر المشكلات التى تواجه «كولدويل بناكر-مصر» فى التعامل مع المطورين العقاريين فى السوق المصرية، تتمثل فى عدم الالتزام بتسليم الوحدات السكنية فى مواعيدها المحددة، مما يضع الشركة فى مأزق مع العملاء، بالإضافة إلى عدم التزام المطورين بالمساحات المتفق عليها مع العملاء، والتى أصبحت مشكلة رئيسية فى الفترة الأخيرة.
محمد العسال: توقيته مناسب بعد ضوابط نشاط التطوير والتسجيل التجارى يعزز المصداقية
من جانبه، قال محمد العسال العضو المنتدب والرئيس التنفيذى لشركة مصر إيطاليا العقارية، إن الدولة تعمل حاليا على تنظيم وضبط جميع قطاعات السوق العقارية، سواء من ناحية شركات التطوير العقارى، أو شركات الوساطة العقارية.
وأوضح أن وضع التسجيل الضرورى كشرط أساسى لمزاولة المهنة، يضيف مصداقية لدى العملاء، ويدعم الثقة فى مجال الاستثمار العقارى بصفة عامة.
وتابع إن ذلك القانون توقيته مناسبا، لاسيما بعد الضوابط المتعلقة بتنظيم نشاط التطوير العقارى، والمتمثلة فى ضرورة الانتهاء من %30 من إنشاءات المشروع قبل الإعلان عنه.
يشار إلى أن الجمعية المصرية للتسويق العقارى تقدمت مؤخرا بمقترحات وإضافات وتعديلات على قانون الوكالات التجارية والوساطة العقارية وذلك خلال مناقشته فى لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب.
وتضمنت التعديلات إبرام عقد موحد بين شركات الوساطة العقارية والمطورين العقاريين لتحديد واجبات وحقوق الطرفين المالية والفنية، بالإضافة إلى فصل قانون الوكالة التجارية عن قانون التسويق والوساطة العقارية حيث يكون الوزير المختص هو وزير الإسكان.
هاشم القاضى: عقد لقاءات مستمرة مع مسئولى الملف لضمان علاقة متوازنة بين حقوق المطور والمسوق
وأوضح هاشم القاضى، نائب رئيس الجمعية المصرية للتسويق العقارى، أن التعديلات تضمن ألا يقل رأسمال شركات الوساطة العقارية عن 100 ألف جنيه وليس 20 ألفا، كما ورد بمشروع القانون، وأن يتم مزاولة نشاط الوساطة العقارية من خلال مقر مثبت ومشهر للمنشأة.
ولفت إلى أن وسائل الدفع غير النقدى يجب أن تتم من خلال حسابات بنكية لشركات الوساطة ولا يسمح بالتعامل مع حسابات الأفراد، وكلها تعديلات تقوم الجمعية المصرية للتسويق العقارى بوضعها بهدف حفظ حقوق شركات التسويق العقارى والوصول لعلاقة متوازنة فى الحقوق والواجبات بين المطور والمسوق.
وأشار إلى أن مشروع القانون المقدم من الحكومة أحيل للجلسة العامة بمجلس النواب بعد إضافة تعديلات، مؤكدا أن مشروع القانون فى مجمله إيجابى ولكن ينقصه بعض النقاط لتحقيق هذا التوازن.