في خطوة مفاجئة أثارت صدمة في الأوساط الدبلوماسية، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن رغبته في أن تتولى الولايات المتحدة السيطرة على قطاع غزة وإعادة تطويره. هذا التصريح، الذي جاء خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، يعكس الطموحات التوسعية الجديدة لإدارة ترامب خلال ولايته الثانية، والتي يبدو أنها تحولت من شعار “أمريكا أولاً” إلى “أمريكا أكثر”.
ترامب أعرب عن رؤيته لتحويل غزة إلى منطقة منتجع دولي يمكن أن يعيش فيها الجميع في “انسجام”، مشيرًا إلى أن الإمكانات الكامنة في القطاع “لا تُصدق”. ومع ذلك، أطلق تصريحه ردود فعل متباينة، حيث اعتبرها البعض جزءًا من استراتيجية الرئيس الأمريكي المعتادة لأخذ مواقف متطرفة بهدف تحسين موقعه التفاوضي في أي محادثات مستقبلية بشأن مستقبل السلطة الفلسطينية، وفقا لرويترز.
في المقابل، لاقت هذه الفكرة انتقادات شديدة من المدافعين عن حقوق الإنسان، الذين وصفوها بأنها تتضمن مؤشرات على تهجير قسري ينتهك القانون الدولي. كما شكك مراقبون في جدوى هذا المقترح، مشيرين إلى أن سكان غزة، ومعظمهم لاجئون من الأراضي الفلسطينية المحتلة، من غير المرجح أن يوافقوا على مغادرة أراضيهم حتى في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يعانون منها.
الرئيس ترامب، الذي تحدث بأسلوب أقرب إلى لغة المطور العقاري، أشار إلى أن غزة أصبحت “غير قابلة للعيش” بعد صراعات متواصلة استمرت لسنوات بين إسرائيل وحركة حماس.
وأضاف أن هذا المشروع قد يجذب اهتمامًا دوليًا واسعًا ويجمع مختلف الأطراف للعيش والعمل هناك. من جانبه، وصف نتنياهو الفكرة بأنها “خارج الصندوق”، لكنه لم يتطرق إلى الجوانب القانونية المتعلقة بها.
من الناحية التاريخية، تُعتبر غزة أرضًا محتلة وفقًا للأمم المتحدة، حيث انسحبت القوات والمستوطنات الإسرائيلية منها في عام 2005، لكنها ما زالت تخضع لحصار مشدد تفرضه إسرائيل ومصر. ويطالب الفلسطينيون بإقامة دولتهم المستقلة على أراضي الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، وهي أراضٍ احتلتها إسرائيل في حرب 1967.
التصريحات الأمريكية تأتي في وقت يشهد تصاعدًا في التوترات الإقليمية، حيث نظمت مظاهرات قرب البيت الأبيض احتجاجًا على زيارة نتنياهو وعلى تصريحات ترامب، وردد المحتجون هتافات من قبيل: “ترامب وبيبي مكانهما السجن، فلسطين ليست للبيع”.
سياسيًا، تبدو مقترحات ترامب محفوفة بالمخاطر، إذ أظهرت استطلاعات رأي أجرتها وكالة رويترز وإبسوس أن دعم الجمهور الأمريكي لهذه الأفكار محدود للغاية. على سبيل المثال، لم يوافق سوى 16% من المشاركين على فكرة الضغط على الدنمارك لبيع غرينلاند للولايات المتحدة، بينما أيد 21% فقط توسيع الأراضي الأمريكية في النصف الغربي من الكرة الأرضية.
مقترحات ترامب التوسعية، التي شملت أيضًا استعادة السيطرة على قناة بنما وضم كندا كولاية أمريكية، تعكس تغييرات كبيرة في سياساته مقارنة بوعوده الانتخابية التي ركزت على تقليل الانخراط الأمريكي في النزاعات الخارجية وتعزيز الأمن الداخلي. ولكن مع استمرار ردود الفعل الدولية والمحلية السلبية، يبقى من غير الواضح إلى أي مدى قد تكون هذه الخطط قابلة للتنفيذ.