"تراست" تفتح ملف التعويضات لضبط إيقاع التأمين

ماهر أبوالفضل ـ الشاذلى جمعة: إذا كان الحكم عنوان الحقيقة، فإن سداد التعويضات عنواناً لصناعة التأمين، على اعتبار أنها قائمة على ترويض خطراً معنوياً، وأن التعويضات تعد المؤشر الحقيقى لقياس مصداقية شركات التأمين عند وقوع المخاطر، وتعكس إدارة هذا الملف، مدى قدرة القائمين عليه فى الإسراع بخطة إصلاحه، ك

"تراست" تفتح ملف التعويضات لضبط إيقاع التأمين
ماهر أبو الفضل

ماهر أبو الفضل

11:15 ص, الأحد, 11 مارس 18

ماهر أبوالفضل ـ الشاذلى جمعة:

إذا كان الحكم عنوان الحقيقة، فإن سداد التعويضات عنواناً لصناعة التأمين، على اعتبار أنها قائمة على ترويض خطراً معنوياً، وأن التعويضات تعد المؤشر الحقيقى لقياس مصداقية شركات التأمين عند وقوع المخاطر، وتعكس إدارة هذا الملف، مدى قدرة القائمين عليه فى الإسراع بخطة إصلاحه، كما تعكس تأثيره المباشر على المدى المتوسط والطويل فى ضبط إيقاع السوق، ودعم معدلات نموه، سواء على مستوى حصيلة الأقساط، أو على مستوى جلب المزيد من العملاء المستهدفين، بجميع أطيافهم وتنوع أطرافهم.

تراست» لوساطة إعادة التأمين، تنبهت إلى خطورة ملف التعويضات، خاصة فى نشاط الممتلكات- لأسباب لها علاقة بآجال تغطياته من جهة، وديناميكية مخاطره، من جهة أخرى، وفى هذا الإطار عقدت ورشة عمل حوارية أكثر منها إلقائية، عنونتها بـ “إدارة التعويضات”، تطرقت خلال 3 جلسات إلى إدارة المخاطر، والتحديات التى تواجه إدارة التعويضات.

حضر الندوة عددًا من رؤساء شركات التأمين والإعادة، بالإضافة إلى رؤساء إدارات الإصدار والتعويضات بسوق التأمين.

قالت رشا عبدالشهيد، مدير عام «تراست» لوساطة إعادة التأمين، إن مجال عمل شركات التأمين يقوم على بيع الوعود، وأخطرها الوعد بسداد التعويض فى حال تحقق الخطر المغطى تأمينيًا، واتخاذ الإجراءات والتدابير الاحترازية التى تحد من مؤشر تحقق الخطر، ليس تنصلا من سداد التعويض، بل لحماية الأصول المؤمن عليها.

وأشارت فى الجلسة الاولى لورشة العمل، إلى أن عميل شركات التأمين، لا يشعر بقيمة وماهية التغطية التأمينية إلا فى حالة تحقق الخطر وحدوث خسارة مؤكدة، واصفة التعويضات بأنها «قلب صناعة التأمين»، وأساس الشراكة مع العميل، وأن نجاح شركة التأمين يعتمد فى المقام الأول على سداد التعويض وعدم التنصل منه، ما دام منصوصا عليه فى التغطية التى تمثل شريعة بين طرفى التعاقد.

وأضافت أن نجاح شركة التأمين لا يعتمد فقط على سداد التعويض، بل على إدارة هذا الملف سواء على مستوى المخاطر التى تغطيها الشركة أو سداد التعويض بأسرع وتيرة، وفقًا للقواعد الفنية والقانونية المتفق عليها، ليس عبر السوق المحلية، بل عن طريق العالم، على اعتبار أن التأمين صناعة عالمية.

وأشارت رشا إلى أن المؤمن عليهم أو العملاء يقومون بنقل جزء أو كل الأخطار التى يتعرضون لها إلى شركة التأمين، لتصبح تلك المخاطر فى حوزة الشركات تتعامل معها بالأساليب الفنية التى تحد من مؤشر تحققها حماية للعميل أولا، بالإضافة إلى سعيها إلى تحقيق أرباح فنية من هذا الخطر، وهو ما يعرف بفائض الاكتتاب التأمينى.

وأضافت أن شركات التأمين تدير المخاطر بالأساليب التى تتفق مع متطلبات جهات الإشراف والرقابة على التأمين التى تستهدف حماية السوق بتنوع أطرافها سواء العملاء أو شركات التأمين نفسها، لافتة إلى أن الجزء الأكبر من عمل شركات التأمين يعتمد على إدارة الخطر، بالإضافة إلى إدارة التعويض المستحق فى حال تحقق الخطر المغطى تأمينيًا.

وكشفت مدير عام «تراست» عن الأسئلة الست التى تضعها شركة التأمين قبل إدارة المخاطر المرتبطة بالعميل، أولها له علاقة بالهدف الذى تسعى له الشركة، والثانى مرتبط بالفرص والتحديات التى تواجهها فى التعامل مع المخاطر، بالإضافة إلى ترتيب الأخطار التى تديرها، وفقا لأولويتها من حيث حجم التأثير؟

ويرتبط السؤال الرابع بخطة إدارة الخطر، بالإضافة إلى مدى نجاح وفاعلية هذه الخطة، وأخيرًا المطلوب تغييره وتعديله أثناء إدارة المخاطر لديناميكية الخطر وصيرورته، ولا تتسم بالجمود؟

وتطرقت إلى المبادئ الفنية للتأمين، وما يرتبط بها من بعض التساؤلات كمستوى تحقيق الخطر، بمعنى هل مؤكد الحدوث أم محتمل؟، وأن التأمين يعتمد على ترويض مخاطر مستقبلية وليست محققة فيما قبل، بشرط التأكد من احتمالية تحققه دون وجود شبهة تعمد أو تخطيط مسبق لتحققه طمعا فى الحصول على التعويضات، خاصة أن صناعة التأمين تعتمد على قاعدة عامة تنضوى على «لا ربحية من التأمين»، بمعنى عدم السعى للتربح من شركات التأمين بتعمد أو التخطيط لتحقيق الخطر.

ولفتت رشا عبدالشهيد إلى أن التغطية التأمينية مرتبطة بوجود خطر مادى وليس معنويا لإمكانية قياس درجة تحقق الأول دون الثانى، وأن أى خطر لا يمكن قياسه، يتم وضعه فى الاستثناءات، أى لا يمكن تغطيته.

وأشارت إلى ضرورة قياس احتمالات وقوع الخطر اعتمادا على البيانات التاريخية للعميل مثل الحوادث والتعويضات السابقة وغيرها، إضافة إلى ضرورة تحديد الخطر جغرافيا واقتصاديا، ومدة التأمين وترتيبات إعادة تأمينه، مع ضرورة تحسين الخطر بمعرفة أسبابه واتخاذ الإجراءات التى تحد من معدلات تحققه أو امتداده، خاصة إجراءات الوقاية والأمان.

وأوضحت أن المبادئ القانونية للتأمين مرتبطة بحسن النية، مشددة على ضرورة إفصاح العميل عن البيانات الرئيسية فى طلب التأمين، التى قد تؤثر فى التعويض، واصفة تلك البيانات بأنها جزء مهم من وثيقة وعقد التأمين، لافتة إلى أن إخفاء تلك البيانات يؤثر سلبا على أحقية العميل فى الحصول على التعويض.

وشددت فى الوقت ذاته على ضرورة وجود مصلحة مشتركة من التأمين، أى أن العميل يلجأ إلى التأمين لتغطية ما يملكه وليس ما يملكه غيره، ضاربة مثالا على ذلك بعدم معقولية تأمين عميل على حياة شخص آخر، أو التأمين على أصول يملكها غيره.

وانتهت إلى أهمية إعادة التأمين كظهير إستراتيجى لشركات التأمين، على اعتبار أن القناة الرئيسية لتوزيع وتفتيت المخاطر للحد من تركزه وتراكم تأثيراته التى تترجم فى صورة تعويضات.

من جهته، شدد إبراهيم عبدالشهيد، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة «تراست»، على ضرورة تبسيط الصياغات فى وثائق التأمين، خاصة فيما يتعلق بالمفاهيم والشروط والاستثناءات، للحد من أى نزاعات متوقعة بين العميل وشركة التأمين.

وأشار فى كلمته خلال الجلسة الثانية لورشة العمل، إلى أنه فى حال وجود نزاع بين العميل وشركة التأمين يجب على الأخيرة احتواء الأول، قدر الإمكان، وعدم التصعيد من النزاع وصولاً إلى جهة الإشراف والرقابة أو إلى القضاء.

ولفت إلى أن تأثير الخصومة مع العميل، خاصة الملتزمين، لا تقتصر على خسارته فقط، بل خسارة ألف عميل، نتيجة الدعاية السلبية التى يلجأ لها، ما يحرم شركات التأمين من الوصول لعملاء جدد، أو على الأقل صعوبة إقناع آخرين بتغطية مخاطرهم.

وقال إن كفاءة أى شركة تأمين ترتبط بترشيد استخدام الموارد لتحقيق الأهداف التنظيمية، لافتا إلى أن ادعاء البعض بتعارض وثيقة التأمين مع القانون، لا محل له من الإعراب، لأسباب لها علاقة بتوصيف وثيقة التأمين بأنها عقد، وأن العقد شريعة المتعاقدين ما دام تم الاتفاق عليها بإرادة حرية بين طرفيها.

وشدد عبدالشهيد على أن السرعة والدقة والفاعلية فى سداد التعويض مكون رئيسى للتحكم فى التكاليف وإدارة المخاطر، للتوافق مع توقعات المحفظة الاكتتابية، لافتا إلى أن التحدى الرئيسى لإيقاع التعويض سواء على مستوى تسويته أو سداده مرتبط بالقدرة على التحديث وإدارة الخطر نفسه، لا سيما مع وجود عوامل مؤثرة كالمنافسة بين الشركات من جهة وتحسين الخدمات المقدمة للعملاء من جهة أخرى، ومواجهة عمليات التحايل والغش والاهتمام بالبنية التكنولوجية من جهة ثالثة.

وأشار إلى أنه من العبث قصر إدارة التعويضات على القطاع المختص، مشددا على أن إدارة هذا الملف تتشابك فيها جميع الأطراف داخل شركة التأمين سواء العاملون بقطاع الإصدار أو تسوية المطالبات، بالإضافة إلى الجهاز الإنتاجى نفسه، لافتًا إلى أن هذا التشابك من أهم اختصاصات الإدارة العليا لأى شركة تأمين.

وأوضح عبد الشهيد أن نجاح شركة التأمين فى الحد من التعويضات يتطلب التأكد من كفاءة تقارير المعاينة وتطبيق قواعد إدارة المخاطر، مع انتقاء المخاطر من جانب المكتتبين والجهاز الإنتاجى، بالإضافة إلى محاصرة حالات الغش والتحايل والحد من تأثيراتها حال حدوثها لسرعة صرف التعويضات.

وشدد على ضرورة دراسة التشريعات والقواعد القانونية عند التعامل مع ملف التعويضات والتفاوض الجيد حول الاستردادات وتجنب لجوء العميل للقضاء لحل المنازعات المرتبطة بالتعويضات، مع ضرورة التفاوض للوصول لحلول ودية، والتطوير المستمر للبنية التكنولوجية لمساعدة إدارة التعويضات مع اهتمام الشركات بمراجعة حجم الاحتياطيات بصفة مستمرة.

وأشار إلى ضرورة إعداد تقارير دورية للإدارة العليا بشركات التأمين، مرتبطة بالتحديات أو الصعوبات التى لها علاقة بالتأخر فى صرف التعويضات، التى قد تؤدى إلى استياء العملاء وفقدان ثقتهم، ومن ثم ترسيخ الصورة الذهنية السلبية عن قطاع التأمين رغم عدم صحتها، مطالبا بضرورة استثمار العلاقات مع معيدى التأمين فى الخارج لحماية المراكز المالية لشركات التأمين، وتأثير ذلك على حقوق المساهمين، مع منح صلاحيات متدرجة فى صرف التعويضات للهياكل التنظيمة داخل الشركات للإسراع من وتيرتها من خلال لا مركزية القرار، بناء على حجم التعويض وجهة اتخاذ القرار نفسه.

وانتهى عبدالشهيد إلى ضرورة اهتمام شركات التأمين بتدريب العاملين فى إدارة التعويضات وحصولهم على أجور مناسبة تتوافق مع طبيعة عملهم والضغوط التى يتعرضون لها حتى لا يصبحوا لقمة سائغة لإغراءات بعض العملاء غير المستحقين لتعويضات، ومن الضرورى، انتقاء الكوادر القادرة على التعامل مع ملف التعويضات بما يتلاءم مع أهميته باعتباره العمود الفقرى لشركات التأمين.

من جهته أكد محمد إمام، مدير أول الاكتتاب بشركة «الإفريقية لإعادة التأمين» أن أبرز التحديات التى تواجه إدارة التعويضات فى التأمينات العامة مرتبط بالاكتتاب الجيد والتسعير السليم للأخطار وانتقاء الأخطار الجيدة من قبل الأجهزة الإنتاجية بجانب كفاءة الإدارة التنفيذية للشركة والتطوير التكنولوجى وتنمية الموارد البشرية وكفاءة إدارة أصول وموارد الشركة المالية.

وأضاف فى كلمته بالجلسة الثالثة، أن هناك أطرافا أخرى لها دور مهم فى إدارة التعويضات مثل مسئولى تقدير الأضرار، ومع ضرورة تمتعهم ببعض الخصال كالحيادية والكفاءة.

وأكد أن عملية صرف التعويضات يجب أن تتسم بالسرعة والسهولة مع حماية الشركات من حالات الاحتيال والغش للحفاظ على ثقة العملاء واستغلال التعويضات فى التسويق لسمعة الشركة وكفاءتها ووفائها بالتزاماتها تجاه العملاء.

وفى الجلسة الختامية التى أدارها إبراهيم عبدالشهيد، تطرق إلى التحديات التى يواجهها العاملون فى قطاع التأمين أثناء إدارة التعويضات، ولخصها فى 9 نقاط أبرزها عمليات النصب وتزوير التعويضات، إضافة إلى ندرة الكفاءات فى السوق، وعدم تمكن الشركات العاملة فى السوق – أو بعضها – من الوصول ببرامج الحاسب الآلى الخاصة بها بدرجة من الكفاءة التى تمكنها من إدارة التعويض فى أسرع وقت وبأعلى كفاءة ممكنة، دون الاعتماد الكلى على العامل البشرى.

ولفت إلى أن التحديات تشمل كذلك ما يرتبط بالسيولة والأحكام القانونية غير المتوقعة فى تأمينات المسئوليات، علاوة على عدم القدرة على السيطرة على مقدمى الخدمات مثل ورش الإصلاح أو الجهاز الإنتاجى بأسلوب يضمن الحيادية والشفافية الكاملة.

ماهر أبو الفضل

ماهر أبو الفضل

11:15 ص, الأحد, 11 مارس 18