تشهد البورصة انخفاضا ملحوظا فى قيم التداولات على الأسهم بسبب اختفاء القوى الشرائية من السوق، رغم استقبالها لشركات جديدة فى 2022، وتحديدًا “مارسيليا المصرية الخليجية” للاستثمار العقاري، والتى انتقلت من التداول فى سوق الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى البورصة الرئيسية، وشركة “نهر الخير” للتنمية والاستثمار الزراعى والخدمات البيئية، والتى تعتبر أول شركة عاملة فى مشروع الـ1.5 مليون فدان تطرح حصة منها بالبورصة، وبلغت تلك الحصة %61 من إجمالى أسهم الشركة.
ورصدت “المال” انخفاضا فى المتوسط اليومى للتداول ليسجل نحو 780 مليون جنيه فى تعاملات يناير الجارى، مقارنة مع متوسط تخطى 1.3 مليار جنيه فى الشهورالـ 7 الأولى من 2021.
وسجلت السوق تداولات على الأسهم فى جلسات 1 – 26 يناير الحالى نحو 14 مليار جنيه بانخفاض كبير إذا تمت مقارنته بتداولات ديسمبرالماضى التى سجلت 42.3 مليار.
وتشير البيانات السابقة إلى أنه رغم دخول شركتين جديدتين إلى قائمة شركات السوق الرئيسى فإنها لم تستطع جذب سيولة، الأمر الذى يؤكد ضرورة وجود طروحات قوية ذات ثقل مالى وضمن القطاعات النشطة.
و أشار الخبراء إلى وضع حدود سعرية لبعض الأسهم عند %5 دون أن تكون هناك معايير واضحة معلومة للمتعاملين مما تسبب فى حالة عدم وضوح أثرت سلبًا على السوق، وذلك فى ظل أداء هابط للمؤشر الرئيسى «EGX30».
وأكدوا أهمية سن التعديلات التشريعية الخاصة بملف الضرائب على الأرباح الرأسمالية.
محمد فتح الله :غياب الطروحات الحكومية ضمن الأسباب
وقال محمد فتح الله، العضو المنتدب لشركة بلوم مصر للسمسرة، إن انخفاض قيم التداولات على الأسهم وقعت بفعل تخوفات المستثمرين.
والتى دفعت الأجانب لسحب استثماراتهم من مصر وإعادة ضخها فى أسواقهم، لحين تحقيق سعر عادل للصرف فى مصر، لإعادة ضخ استثمارتهم مجددًا.
وأشارإلى أن عدم تنفيذ تطلعات الحكومة بشأن طروحات شركاتها فى البورصة ساهم فى انخفاض السيولة، بعدما أصبح المستثمرون فى انتظار عروض محفزة من شركات جاذبة لتغنيهم عن الخسائر المحتملة فى السوق خلال الفترة الراهنة، خاصة عقب انفجار فقاعة أسهم المضاربات.
وأوضح أنه من الصعوبة فى الوقت الحالى وقف الخسائر التى حققتها البورصة إلا من خلال خلق مزيد من المحفزات القوية لاستعادة الاستثمارات الأجنبية المفقودة، إذ إن السوق المحلية لم تحقق نسب الأرباح التى حققتها الأسواق الناشئة المماثلة.
إيهاب السعيد: عدم صدور تعديلات الضرائب وتخوفات سعر الفائدة أثر على المتعاملين
من جهته، قال إيهاب السعيد، خبير سوق المال وعضو مجلس إدارة البورصة سابقًا، إن عدم صدور أى تعديلات تشريعية بشأن ضريبة الأرباح الرأسمالية المنفذة على مستثمرى البورصة، تسببت بقدر كبير فى إثارة التخوفات والتحفظات لديهم خلال عمليات التداول، فضلًا عن عدم وضوح الرؤية الاقتصادية، حيث إنه يتم العمل بالقرار الصادر عام 2014 حتى الآن، وهذا ما ألقى بظلاله على مؤشر السيولة، مطالبًا بالتسارع فى سن تلك التشريعات التى تحتاجها السوق.
وأضاف أن السوق لم تشهد عوامل محفزة قوية تدفع المستثمرين للتوسع داخل السوق المحلية، خاصة فى ظل عدم الاستقرار الذى تشهده قيمة العملات عالميًا، وتحقيقها مستويات مبالغ فيها محليًا، مما يتسبب فى إعادة تقييم الأصول والبورصة، ويعزز انسحابات الأجانب من السوق المحلية.
وأوضح أن استقرار السوق المحلية يعد مهددًا بفعل التخوفات حول رفع معدلات الفائدة عالميًا نتيجة لارتفاع نسب التضخم، وهذا ما تسبب فى تراجع الأسواق الخارجية والسوق الأمريكية مما يُلقى بظلاله على الأسواق الناشئة مثل السوق المصرية، مؤكدًا أنه لا يصح أن تقدم الحكومة طروحات جديدة، لا يستطع حجم السيولة الحالى استيعابها.
ياسر المصري: أحجام السيولة تساهم فى نفور «الأجانب»
فى سياق مواز، كشف ياسر المصرى، العضو المنتدب لشركة العربى الأفريقى لتداول الأوراق المالية، عن التداولات الهائلة التى حققتها أسهم “زهراء المعادي” و”رواد السياحة” و”المجموعة المصرية العقارية” خلال الفترة الماضية، لافتًا إلى أنهم كانوا بمثابة المحرك الرئيسى للسوق، والذى أدى إلى ارتفاع ضخم فى السيولة على غير طبيعتها ليصل لمستويات 1.5 مليار جنيه.
وأضاف أن ما حدث حاليًا بمعاودة السيولة لمستوياته الطبيعية عند 500 مليون جنيه جاء بفعل إيقاف الأسهم السالف ذكرها، بسبب بعض التلاعبات.
وأشار إلى أن وضع حدود سعرية لتلك الأسهم بنسبة %5 خلال الجلسة الواحدة، أثار القلق لدى باقى المستثمرين من التداول على هذه الأوراق، وساهم فى تقلص أحجام التداول عليها مقارنة مع الفترة القليلة السابقة مما أدى إلى عودة مستويات السيولة إلى مستوياتها الراهنة.
وأوضح أن انخفاض مؤشر السيولة الذى تشهده السوق المحلية حاليًا يُنفر المستثمرين خاصة الأجانب، إذ أن السوق باتت لا تستطيع استيعاب تداولات قوية، مشددًا على احتياج السوق إلى بعض الإعفاءات على الشركات المقيدة كعوامل جاذبة للاستثمار داخل السوق المحلية، كما كان مطبقًا منذ 20 عامًا، إذ كانت الشركات الرابحة تعفى من الضرائب بنسبة تعادل %10 من إجمالى رأس مالها.
هشام حسن : لابد من عودة المؤسسات بقوة فى ظل عدم قدرة الأفراد على حمل السوق بمفردهم
وقال هشام حسن رئيس قسم الاستثمار فى شركة «إتش دي» لتداول الأوراق المالية، إن انحدار معدلات السيولة فى البورصة المصرية جاء بفعل الإيقافات غير المتوقعة أثناء الجلسة الواحدة لبعض الأسهم، ما أيقظ التخوفات لدى المستثمرين.
وأضاف أنه بجانب عدم الاستقرار الاقتصادى فى العالم والذى دفع الأجانب والعرب للبيع بقوة لم تستطع الفئات المصرية استيعابها، مشيرًا إلى مصادفة هذا الانخفاض فى السيولة لضعف طبيعى للمؤشر الثلاثينى الذى عجز عن تجاوز مستويات 12000 نقطة، مما ضاعف تأزم وضعية السوق.
وأوضح أن السوق تحتاج إلى تقديمات قوية لجذب المؤسسات الأجنبية والعربية، لأن فئة الأفراد لم تعد كافية لدعم السوق وإنقاذها، فيجب طمأنة الفئتين بعدم صدور أى قرارات مفاجئة، لاستعادة ثقتهم التى فقدوها فى السوق، والعمل على معاودة التدخلات القوية لدى المؤسسات تدريجيا.