باستثناء أذون الخزانة أجل عام
كتب – محمد سالم
سجلت الفائدة على أدوات الدين المحلية التى يطرحها البنك المركزى، نيابة عن وزارة المالية، تراجعاً جماعياً الأسبوع الماضى، باستثناء الطرح لآجل عام، والذى صعدت فائدته بنحو 50 نقطة أساس – كل 100 نقطة تعادل %1، تزامناً مع تحسن إقبال البنوك والمؤسسات المالية على الاكتتاب، ليسجل معدل تغطية عطاءات أذون الخزانة 2.6 مرة فى المتوسط، ارتفاعاً من 1.9 مرة فى الأسبوع السابق.
يأتي تراجع الفائدة رغم محاولات البنوك والمؤسسات المالية المختلفة زيادة العائد، عقب بدء تطبيق طريقة المعالجة الجديدة في حساب الضريبة المستحقة على إيرادات الاستثمار في أذون وسندات الخزانة المحلية.
وبدأت وزارة المالية فى احتساب الضريبة الجديدة على الأذون والسندات، مطلع الشهر الجارى، من خلال فصل الإيرادات والتكلفة الخاصة بالإستثمار فى هذا النشاط فى وعاء مستقل، وتتوقع الوزارة حصيلة بنحو 13 مليار جنيه من طريقة الحساب الجديدة، حسب تأكيد مصادر لـ«المال»، فى وقت سابق.
وذكر تقرير لشركة فاروس، مؤخراً، أن طريقة الحساب الجديدة قد تقلص صافى الدخل ببعض البنوك بنحو 10 إلى %40، كما أشار تقرير لوكالة التصنيف الائتمانى الدولية «فيتش» إلى أن تعديل طريقة الحساب ستضعف أرباح ورؤس أموال البنوك خلال الفترة المقبلة، موضحة أن التأثير سيكون طفيفاً حتى عام 2020، وقد تتجه البنوك لتحويل جزء من استثمارها فى أذون وسندات الخزانة، إلى تمويل القطاع الخاص.
وتراجع مؤشر الـ «AL MAL IR» الذى تعده الجريدة لقياس متوسط العائد على أذون الخزانة، بناء على أوزانها النسبية، ليسجل %17.66 فى تعاملات الأسبوع الماضى، مقابل %17.78 الأسبوع قبل الماضى، بفارق طفيف بلغ 12 نقطة أساس.
وشجع التراجع وزارة المالية على زيادة مستوى اقتراضها عبر عطاءات أذون الخزانة، ليصل إلى 41.18 مليار جنيه، ارتفاعاً من 35 ملياراً كانت قد أعلنت عنها، كما رفعت الاستدانة عبر السندات بنحو 1.7 مرة، لتصل إلى 3.4 مليار جنيه، بدلاً من 1.25 مليار، كانت قد أعلنت عنها.
وقال مسئول بقطاع الخزانة وإدارة الأموال لدى أحد البنوك، إن منحنى العائد على أدوات الدين المحلية يشهد حالة من التذبذب، موضحاً أن البنوك تحاول زيادة الفائدة لتقليص أثر العبء الضريبى الجديد، وفى المقابل تعمل وزارة المالية على استقرار العائد أو تراجعه لخفض تكلفة الدين، ولذا تقوم فى أحيان كثيرة بتقليص الاقتراض، أو إلغاء بعض الطروحات.
ورجح استمرار التذبذب الطفيف للعائد حتى اجتماع لجنة السياسات النقدية المقبل، لبحث أسعار الفائدة على الجنيه.
كانت اللجنة قد قررت فى اجتماعها الأخير، قبل شهر، خفض سعر الفائدة على الإيداع لليلة واحدة إلى %15.75 بدلاً %16.75، وسعر الفائدة على الإقراض لليلة واحدة إلى %16.75 من %17.75.
وأشار المركزى إلى أن القرار جاء بعد نشر بيانات تؤكد احتواء الضغوط التضخمية، موضحاً أنه يتسق مع تحقيق معدل تضخم %9 (+/- %3) خلال الربع الأخير من 2020 واستقرار الأسعار على المدى المتوسط.
وهبط تضخم أسعار المستهلكين إلى %12 فى ديسمبر، و%12.7 فى يناير، مقارنة مع %15.7 فى نوفمبر، فيما أعلن جهاز الإحصاء، الأسبوع قبل الماضى، عودة المعدل للزيادة مجدداً فى فبراير الماضى، ليصل إلى %14.3، كما زاد معدل التضخم الأساسى لدى البنك المركزى إلى %9.2 بدلاً من %8.56 بنهاية يناير.
ويرجح بعض المحللين أن تتسبب القراءة الأخيرة للتضخم فى تثبيط دورة التيسير النقدى من جانب البنك المركزى، وعلق محمد أبو باشا، نائب رئيس قطاع البحوث، محلل الاقتصاد الكلى بالمجموعة المالية هيرميس، فى ورقة بحثية قائلا: «نعتقد أن القراءة الأخيرة لمعدل التضخم قد تقلل فرصة خفض الفائدة مرة أخرى، حينما يجتمع المركزى فى وقت لاحق هذا الشهر».
وقال ألان سانديب، رئيس قسم البحوث بشركة النعيم للوساطة فى مذكرة بحثية، إن حدوث هذا التضخم غير المتوقع يضع حداً للتيسير النقدى فى الوقت الراهن.
وأرجع مسئول قطاع الخزانة تحسن معدل تغطية الطروحات إلى وضوح الرؤية بعض الشئ، فيما يتعلق بطريقة حساب الضريبة الجديدة، والتأكد من عدم التطبيق على الأرصدة القائمة بأثر رجعى.
وعادت السيولة بقوة للاستثمار فى أدوات الدين المحلية مع بداية العام الجديد 2019، ليتضاعف معدل تغطية الطروحات الحكومية من أذون الخزانة قصيرة الأجل إلى 2.6 مرة فى المتوسط خلال الأسبوع الأول من يناير، ثم 2.8 مرة فى الأسبوع الثانى، و3.5 مرة فى الأسبوع الثالث، لترتفع إلى 3.8 مرة فى الأسبوع الرابع، قبل أن تهبط إلى 2.4 مرة فى الأسبوع الخامس، ثم 1.6 مرة فى الأسبوع السادس.
وأضاف مسئول الخزانة، أن عودة الاستثتمارات الأجنبية مرة أخرى عقب انتهاء فترة أعياد الميلاد، وتسوية مراكزهم المالية للاستفادة من مستويات العائد المرتفعة حالياً، باعتبارها ثانى أعلى المعدلات فى الأسواق الناشئة، حسبما أشارت وكالة بلومبرج فى تحليل لها مؤخراً.
وحققت استثمارات الأجانب بأذون الخزانة الحكومية خلال يناير الماضى، ارتفاعًا للمرة الأولى منذ إبريل 2018، لتكسر موجة انخفاض استمرت 9 أشهر على التوالى، لتسجل 13.205 مليار دولار، مقابل 10.708 مليار دولار بنهاية ديسمبر، بزيادة 2.497 مليار دولار.
بينما قالت وزارة المالية فى بيان صدر الأسبوع قبل الماضى، إن إجمالى أرصدة الآجانب سواء فى أذون أو سندات الخزانة، سجلت خلال الشهر الماضى ما يزيد عن 15.8 مليار دولار.
وشهدت تعاملات سوق الدين، الأسبوع الماضى، ارتفاع متوسط الفائدة على أذون 357 يوماً، بمعدل 50 نقطة أساس تقريباً، مسجلاً %17.611 الأسبوع الماضى، مقابل %17.104 فى أخر طرح، تزامناً مع ارتفاع معدل تغطية الطرح إلى 3.7 مرة فى المتوسط، بدلاً 2.9 مرة فى السابق، وطلبت المؤسسات المختلفة الاكتتاب بقيمة 34.2 مليار جنيه تقريباً، ورغم ارتفاع العائد فإن وزارة المالية قامت بزيادة اقتراضها %51 من خلال العطاء، لتوافق على طلبات بقيمة 14 مليار جنيه مقابل 9.25 مليار قيمة العطاء المعلن.
وفى إطار تباين العائد، تراجع متوسط الفائدة على أذون 266 يوماً، بنحو 24 نقاط أساس، ليسجل %17.67 فى تعاملات الأسبوع الماضى، بدلاً من %17.91 فى آخر طرح، وزاد معدل تغطية العطاء إلى 1.9 مرة، بدلاً من 1.7 مرة فى آخر عطاء، وعرضت البنوك والمؤسسات المختلفة الاكتتاب بقيمة 16.2 مليار جنيه تقريباً، قبلت منها وزارة المالية 9.67 مليار، بزيادة 1.16 مليار جنيه عن مستهدف العطاء.
تراجع أيضاً متوسط عائد أذون أجل 182 يومًا، بنحو 10 نقاط أساس، ليصل إلى %17.745 خلال الأسبوع الماضى، مقابل %17.85 متوسط الفائدة على عطاء الأسبوع قبل الماضى، وزاد معدل تغطية البنوك والمؤسسات المختلفة للطرح بشكل كبير، ليصل إلى 3.17 مرة، بدلاً من 1.6 مرة متوسط معدل الطرح الأخير، وبلغت عروض البنوك والمؤسسات المختلفة للاكتتاب 27.7 مليار جنيه تقريباً، قبلت منها المالية 8.75 مليار جنيه، نفس القيمة المستهدفة.
كما تراجع متوسط العائد على أذون 91 يوماً، بنحو 15 نقطة أساس، ليصل إلى %17.63 فى تعاملات الأسبوع الماضى، مقابل %17.78 الأسبوع قبل الماضى، وزادت تغطية البنوك والمؤسسات المالية والمستثمرين للطرح، لتسجل 1.7 مرة، مقابل 1.4 مرة متوسط الطرح قبل الأخير، وعرضت البنوك والمؤسسات المختلفة الاكتتاب بقيمة 14.3 مليار جنيه، قبلت منها المالية 8.75 مليار، وكانت قد طلبت الوزارة 8.5 مليار جنيه عبر العطاء.
على مستوى أدوات الدين طويلة الأجل، تراجع العائد على سندات الخزانة المحلية لآجل 5 و10 سنوات.
وتقلص العائد على السندات لآجل 5 سنوات بنحو 16 نقطة أساس، ليصل إلى %16.73 فى المتوسط، مقابل %16.89 فى آخر طرح، كما تراجع أيضاً آجل 10 سنوات بنحو 29 نقطة أساس، ليصل إلى %16.865 فى المتوسط، بدلاً من %17.157 فى آخر طرح.
ورفعت وزارة المالية مبيعاتها من الطرحين بنحو %51، لتبلغ 3.4 مليار جنيه، بدلاً من 1.25 مليار كانت مستهدفة.
وجمعت المالية 2.63 مليار جنيه من السندات لآجل 5 سنوات، بدلاً من 750 مليوناً كانت قد أعلنت عنها فى الطرح، كما بلغت مبيعاتها من السندات لآجل 10سنوات نحو 1.7 مليار جنيه، مقابل 500 مليون مستهدفة.
فى ذات السياق، رفعت وزارة المالية قيمة المستهدف من طروحات الدين للأسبوع الجارى، إلى مستوى 36.75 مليار جنيه، منها 1.75 ملياراً من السندات، والباقى من أذون الخزانة.
على صعيد إدارة السيولة، رفع البنك المركزى وتيرة سحب السيولة من البنوك عبر آليتى الودائع ثابتة ومتغيرة العائد، إلى 150 مليار جنيه، بدلاً من 105 مليارات فى الأسبوع قبل الماضي.
وفى مزاد الودائع الثابتة، طرح البنك المركزى مزاداً بقيمة 75 مليار جنيه لآجل 7 أيام، بفائدة %16.25، وعرضت البنوك الاكتتاب بقيمة 168.7 مليار جنيه تقريباً، قبل منها البنك المركزى 75 ملياراً، بنسبة تخصيص 44.45 لكل بنك.
وفى مزاد الودائع المرتبطة بالكوريدور، طرح البنك المركزى مزادا بقيمة 70 مليار جينه لآجل 56 يوماً، وعرضت البنوك ربط 81.5 مليار جنيه، قبل منها المركزى 75 مليار جنيه، بمعدل فائدة %16.25 و%16.27، ومتوسط %16.266.
ويستخدم البنك المركزى أدوات السوق المفتوحة للتحكم فى السيولة بالأسواق، ضمن أدواته للسيطرة على التضخم من ناحية، وكذلك توظيف فائض السيولة لدى البنوك، فى ظلِّ انخفاض معدل الائتمان.
وقام بتعديل آلية عمل الودائع متغيرة العائد، لتصبح مرتبطة بسعر فائدة الكوريدور، بحيث تتقاضى البنوك نسبة (Spread هامش فائدة ثابت) فوق سعر الإيداع بالبنك المركزى البالغ %17.75، وبالتالى فإن عائد ودائع السوق المفتوحة سيكون مرشحًا للصعود أو الهبوط، حسب تطور معدل الإيداع.
وتستهدف آلية الودائع المربوطة لدى البنك تخفيض حجم المعروض النقدى من الجنيه بالسوق المحلية من جهة، ومحاربة التضخم من جهة أخرى، بما يساعد على امتصاص فائض السيولة المتضخمة.
وأعاد «المركزى» تفعيل آلية الودائع المربوطة متغيرة العائد بآجال قصيرة، بالتزامن مع تحرير سعر الصرف، بهدف خفض المعروض النقدى من الجنيه.
وتفتح آلية الودائع المربوطة متغيرة العائد، مجالًا للبنوك لاستثمار ودائعها، خاصة بعد اتفاق «المالية» مع «المركزي» على تخفيض طروحات أذون وسندات الخزانة خلال الفترة المقبلة، فى إطار خطة تقليص عجز الموازنة.