تداعيات أمنية وسياسية تهز إدارة ترامب بعد فضيحة تسريبات «سيجنال»

الرئيس الأمريكي يقلل من خطورة التسريب والمعارضة تطالب بالتحقيق

تداعيات أمنية وسياسية تهز إدارة ترامب بعد فضيحة تسريبات «سيجنال»
عبد الحميد الطحاوي

عبد الحميد الطحاوي

6:34 م, الأربعاء, 26 مارس 25

في تطور غير مسبوق، أقر مستشار الأمن القومي الأمريكي، مايك والتز، بمسؤوليته الكاملة عن تسريب خطير عبر تطبيق المراسلة المشفر “سيجنال”، حيث تضمنت المحادثة معلومات حساسة عن ضربات عسكرية أمريكية وشيكة في اليمن، وتمت مناقشتها بحضور غير مقصود لأحد الصحفيين.

وقال والتز خلال مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” أمس الثلاثاء: “أتحمل المسؤولية كاملة، لقد أنشأت المجموعة بنفسي”، واصفًا الأمر بأنه “محرج للغاية”.

ترامب يقلل من خطورة التسريب والمعارضة تطالب بالتحقيق

على الرغم من الجدل الكبير، سعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومسؤولو الاستخبارات إلى التقليل من تداعيات التسريب، مؤكدين أنه لم يتم مشاركة أي معلومات سرية. لكن هذا لم يمنع أصواتًا من الحزبين الديمقراطي والجمهوري من المطالبة بإجراء تحقيق شامل، واصفين الحادث بأنه “خرق أمني جسيم” قد يعرض الأمن القومي الأمريكي للخطر.

وكشفت مجلة “ذا أتلانتك” أن رئيس تحريرها، جيفري غولدبرغ، تم إضافته إلى المحادثة بالخطأ، حيث تمكن من الاطلاع على خطط عسكرية تتضمن تفاصيل حول الأسلحة والأهداف والتوقيت المحدد للضربات قبل ساعتين من تنفيذها، لكنه امتنع عن نشر تلك التفاصيل في تقريره.

وخلال مقابلته مع “فوكس نيوز”، فشل والتز في تقديم تفسير واضح لكيفية حدوث هذا الخطأ، لكنه أكد أن رقم غولدبرغ لم يكن مسجلًا في هاتفه، مشيرًا إلى أنه طلب المساعدة من إيلون ماسك للتحقيق في الواقعة.

خلافات داخل الإدارة الأمريكية حول استغلال الضربات العسكرية اقتصاديًا

التسريب كشف أيضًا عن نقاش داخلي مثير للجدل داخل الإدارة الأمريكية، حيث أظهرت الرسائل المسربة أن المسؤولين بحثوا فرض رسوم على أوروبا مقابل حماية ممرات الشحن الاستراتيجية، تنفيذًا لتوجيهات ترامب. ووفقًا للرسائل، كتب والتز في 14 مارس: “عاجلًا أم آجلًا، ستضطر الولايات المتحدة لإعادة فتح هذه الممرات البحرية”، مضيفًا أن فريقه يعمل بالتنسيق مع وزارتي الدفاع والخارجية لتقدير التكلفة وتحميلها على الأوروبيين.

وأظهرت التسريبات ازدراءً واضحًا من بعض المسؤولين الأمريكيين لحلفائهم الأوروبيين، حيث أعرب نائب الرئيس جيه دي فانس عن استيائه من أن الضربات العسكرية ستعود بالفائدة على الأوروبيين بسبب اعتمادهم الكبير على تلك الممرات البحرية، قائلًا: “أكره أن ننقذ أوروبا مرة أخرى”. فيما رد وزير الدفاع بيت هيغسيث بعد دقائق: “أتفق معك تمامًا.. إنها مهزلة”.

وأثار التسريب صدمة كبيرة في الأوساط السياسية والأمنية الأمريكية، ودفع بمنظمة “أمريكان أوفرسايت” الرقابية إلى رفع دعوى قضائية ضد المسؤولين المشاركين في المحادثة، متهمة إياهم بانتهاك قانون السجلات الفيدرالية وقانون الإجراءات الإدارية، بسبب قيامهم بتفعيل ميزة حذف الرسائل تلقائيًا، وهو ما يتعارض مع متطلبات الأرشيف الوطني لحفظ الوثائق الحكومية.

كما أشار بعض خبراء الأمن القومي إلى أن استخدام تطبيق “سيغنال” في مناقشة أمور عسكرية حساسة يمثل “ثغرة عملياتية خطيرة”، بينما كشفت تقارير إعلامية أن وكالة الأمن القومي حذرت موظفيها الشهر الماضي من ثغرات أمنية في التطبيق.

وفي ظل تصاعد الضغوط، تعهد ترامب خلال حديثه مع قناة “نيوزماكس” بالنظر في استخدام الحكومة الأمريكية لتطبيق “سيغنال”، إلا أنه تمسك برأيه بأن الواقعة لم يكن لها “أي تأثير عملي”. ومع ذلك، اعتبر السيناتور الديمقراطي مارك وارنر، نائب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، أن الحادثة “تكشف عن استراتيجية أمن قومي متراخية وغير كفؤة تمامًا من قبل إدارة ترامب”.

وتأتي هذه الفضيحة في وقت حساس تمر به الولايات المتحدة، حيث يواجه البيت الأبيض تحديات كبرى على الصعيدين الداخلي والدولي، مما يضع مستقبل الإدارة الأمريكية تحت مزيد من التدقيق والجدل بشأن كيفية التعامل مع المعلومات الحساسة وأمنها.