استطاعت البنوك المصرية تحقيق مستويات قوية فيما يتعلق بجودة الائتمان ومنح القروض خلال السنوات العشر الماضية، فقد سجلت محافظ الاقراض لدى القطاع المصرفى نمواً بأكثر من %331 فى الفترة من يونيو 2010 حتى نهاية مارس 2020، فيما لم تتجاوز نسبة الزيادة فى الديون المتعثرة %30 خلال نفس الفترة.
وطبقا لبيانات البنك المركزى المصرى، فإن حجم قروض البنوك ارتفع إلى ما يزيد على 2 تريليون جنيه بنهاية مارس الماضى بالمقارنة مع 631 مليار فى يونيو 2010، بزيادة بلغت 1.54 تريليون جنيه.
فى المقابل، ارتفعت قيمة الديون المتعثرة من 63 مليار جنيه الى 82.1 مليار خلال نفس الفترة، بفارق بلغ 19 مليار جنيه تقريبا.
٢١٫٤ مليار جنيه تكلفة تعزيز المخصصات منذ يونيو 2010
ووفرت البنوك تغطية قوية لهذه المديونيات الرديئة حيث بلغت نسبة المخصصات نحو %97.2 من محافظ القروض المتعثرة بنهاية مارس الماضى مقابل %92.5 عام 2010، وبلغت تكلفة البنوك لتعزيز المخصصات خلال العشر سنوات نحو 21.4 مليار جنيه.
وقال مسئولون بالبنوك إن التحسن القوى فى جودة الائتمان يعود بالأساس إلى مجموعة من العوامل يتصدرها التدريب الجيد وخلق كوادر مهنية فى مجال الائتمان والمخاطر لديها القدرة على إجراء الدراسات اللازمة للعملاء والقطاعات الاقتصادية المختلفة وبناء السيناريوهات المختلفة وكيفية التعامل معها، وكذلك طبيعة المبادرات المتواترة التى أطلقها البنك المركزى خلال السنوات الماضية بهدف التخلص من هذا الملف المزعج.
واستمرت مؤشرات جودة الائتمان فى التحسن خلال الربع الأول من العام الجارى حيث تراجعت نسبة الديون المتعثرة من إجمالى قروض القطاع المصرفى إلى %4.1 بنهاية مارس الماضي، بالمقارنة مع %4.2 فى ديسمبر ونحو %4.5 فى مارس 2019.
وسجلت القروض غير المنتظمة فى أكبر 10 بنوك مستوى 3.1 فى مارس الماضي، مقابل 3.3% فى ديسمبر السابق له.
بينما تراجعت نسبة القروض الرديئة فى البنوك الخمس الكبار بالقطاع المصرفى إلى %2.5 من إجمالى الإئتمان، مقابل %2.7 بنهاية ديسمبر 2019.
وعلى صعيد البنوك الخاصة، ارتفعت الديون المتعثر بشكل طفيف بأكبر بنك خاص فى مصر «التجارى الدولى CIB» إلى %4 فى مارس الماضي، مقابل %3.9 بنهاية 2019.
كما زادت الديون المتعثرة فى بنك SAIB لتصل إلى %3.9 فى مارس الماضى مقابل %3.7 ديسمبر، وفى بنك بلوم من 3.9 بنهاية 2019، إلى 4.1 نهاية الربع الأول من العام الجاري.
وتراجعت الديون الرديئة فى بنك التعمير والإسكان %2 دفعة واحدة خلال الثلاث أشهر الأولى من العام الجاري، لتصل إلى %7 نهاية ديسمبر الماضي، مقابل %9 فى ديسمبر 2019.
عبد العال: المصارف تمتلك كوادر قوية ومؤهلة للحفاظ على أموال المودعين
من جانبه، قال محمد عبدالعال، الخبير المصرفى، عضو مجلس إدارة بنك قناة السويس، إن إستراتيجية البنوك فى الفترة المقبلة تستهدف بشكل أساسى الحفاظ على جودة الأصول فى ظل التأثير السلبى لتداعيات كورونا على التدفقات النقدية للعملاء وبالتالى قدرتها على الوفاء بسداد أقساط تمويلاتها المختلفة.
وأشار إلى أن التحسن القوى فى جودة الائتمان يعود بالأساس إلى مجموعة من العوامل يتصدرها التدريب الجيد وخلق كوادر مهنية فى مجال الائتمان والمخاطر لديها القدرة على اجراء الدراسات اللازمة للعملاء والقطاعات الاقتصادية المختلفة وبناء السيناريوهات المختلفة وكيفية التعامل معها.
كذلك طبيعة المبادرات المتواترة التى أطلقها البنك المركزى خلال السنوات الماضية بهدف التخلص من هذا الملف المزعج، ومنها المبادرة الأخيرة لتسوية الديون أقل من 10 ملايين جنيه المستحقة على جميع الشركات وفقا للأرصدة القائمة فى ديسمبر 2019، بجانب المبادرة الخاصة بالقطاع السياحي.
كما لفت «عبد العال» إلى مبادرات الدعم الأخرى من «المركزى» للعملاء الأفراد والشركات ومنها تأجيل أقساط القروض لمدة 6 أشهر، مؤكدا أن التدخل السريع والحاسم من «المركزى» حال دون تفاقم الديون غير المنتظمة.
وكان «المركزى» قد أعلن منتصف مارس الماضى عن السماح بتأجيل جميع أقساط القروض على العملاء لمدة 6 أشهر. ومع انتهاء المدة أمس، وجه «المركزى» بضرورة قيام البنوك بإعادة هيكلة مديونيات العملاء بهدف الوصول إلى هيكل جديد للتسهيلات الائتمانية، يتناسب مع قدرتهم الحالية على السداد مع إيلاء عناية خاصة للعملاء الذين تأثر نشاطهم خلال الفترة السابقة، على أن يتم ذلك من خلال أحد البدائل، مثل زيادة مدة التسهيلات الممنوحة، أو إعادة هيكلة الأقساط المستحقة دون حساب أى غرامات، أو منح فترة سماح للشركات فى ضوء طبيعة أنشطتهم والتدفقات النقدية المستقبلية بما لا يؤثر على السيولة لديهم.
وأشار عضو مجلس إدارة بنك قناة السويس إلى أن تسويات المديونيات التى قام بها البنوك خلال الربع الأول من العام الجارى ساهمت بشكل كبير فى خفض الديون المتعثر بالقطاع المصرفي، مؤكدًا أن البنوك قطعت شوطًا كبيراً فى حل أزمة القروض غير المنتظمة.
كما توقع عبد العال أن تتراجع نسب التعثر فى القطاع المصرفى فى الفترة المقبلة، مدفوعًا بتحسن المؤشرات الاقتصادية الذى تشهده البلاد على المستوى القريب.
وأضاف أن تلك النسب الموجودة بالقطاع المصرفى تعكس التغيرات الموسمية من برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى تنتهجه الدولة فى الفترة القادمة.
محمد عبد المنعم: مبادرات «المركزي» عززت المحافظ الائتمانية فى مواجهة التعثر
وقال محمد عبدالمنعم، مدير قطاع الائتمان فى أحد البنوك الخاصة العاملة فى السوق المصرية، إن تراجع الديون المتعثرة يرجع إلى زيادة المحافظ الائتمان لدى البنوك الحكومية والخاصة خلال الربع الأول من العام الجاري.
وأشار خبير قطاع الائتمان إلى أن البنوك كانت تعمل على تعزيز محافظها الائتمانية بعملاء جيدين من ناحية السداد.
ولفت عبد المنعم إلى أن مبادرات البنك المركزى المصرى عملت على توسيع قاعدة المتعاملين مع القطاع المصرفي، وتعزيز محافظ الائتمان الخاصة بالبنوك وعلى رأسهم مبادرة دعم الصناعة، والتصنيع الزراعي، إضافة إلى قطاع المقاولات الذى تأثر بالأوضاع الراهنة الناجمة عن تداعيات فيروس كورونا.
كان البنك المركزى المصرى قد أصدر فى 17 ديسمبر 2019 مبادرة لدعم قطاع الصناعة بقيمة 100 مليار جنيه بسعر عائد %10 متناقص، قبل أن يعود بعد ذلك ويضيف إليها قطاع الزراعة وقطاع المقاولات ويخفض عائدها إلى %8 متناقص، فى إطار الإجراءات التى نفذها البنك المركزى لدعم قطاعات الاقتصاد فى مواجهة تداعيات فيروس كورونا.
وأضاف محمد عبد المنعم أن تراجع أسعار الفائدة على الإقراض وزيادة النشاط الاقتصادي، وخفض تكلفة التمويل، دفع الشركات إلى زيادة نشاطها وافتتاح مصانع جديدة فى السوق المحلية، بعد أن تباطأت فى الفترة الأخيرة.
ويتوقع الخبير المصرفى أن تتحسن المؤشرات الاقتصادية فى مطلع عام 2021، ويتزامن حينها مع اتجاه المركزى المصرى لاستكمار مسيرة التيسير النقدى من خفض أسعار الفائدة على الإقراض وزيادة النشاط الاقتصادي، ما يقلل تكلفة التمويل، ويدفع الشركات إلى زيادة نشاطها فى السوق المحلية، بعد أن تباطأت فى الفترة الأخيرة عقب التدعيات الناتجة عن فيروس كورونا، كما يدفع إلى عودة الشركات إلى السوق المحلية مجددًا، ما يدفع عجلة النشاط الاقتصادي.
وقررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي، فى الأسبوع الأخير من الشهر الماضي، تثبيت أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض عند مستويات %9.25 و%10.25 على التوالي.
وقال محمد البيه، الخبير المصرفى، إن المؤشرات الاقتصادية الجيدة فى السوق المصرية خلال الربع الأول من العام قبل بدء أزمة كورونا فى مقدمتها توافر مصادر العملة الاجنبية من إيرادات السياحة وتحويلات المصريين من الخارج، أعطت انتعاشة قوية لقطاع الائتمان بكل القطاعات فى الربع الأول من العام.
وقال البنك المركزى فى مارس الماضى إن إيرادات السياحة المصرية، ارتفعت خلال الفترة من الربع الثانى من العام المالى 2018/2019 وحتى نهاية الربع الأول من 2019/2020 بقيمة بلغت نحو 1.9 مليار دولار لتسجل 12.9 مقابل 11 مليار دالولار نفس الفترة من العام المالى 2018/2019.
كما أظهرت بيانات حكومية، ارتفاع التحويلات الرسمية والتحويلات الخاصة بالعاملين بالخارج، وذلك خلال الربع الأول من العام المالى 2019/2020، مقارنة بنفس الفترة من العام المالى السابق له 2018/2019، حيث بلغ حجم التحويلات المصريين العاملين بالخارج نحو 6.7 مليار دولار، مقابل 5.9 مليار دولار خلال فترة المقارنة، بزيادة بلغت نحو 800 مليون دولار.
ويرى البيه أن نقطة التحول على الاقتصاد المحلى والعالمى الناجمة فى مارس الماضى نتيجة انتشار جاحة كورونا، وبشكل خاص مع تطبيق أليات التباعد المجتمعى وحظر التجوال، وهذا أثر على إيرادات الشركات والأفراد المقترضين، ودفع البنك المركزى لإطلاق مبادرة المتعثرين لتضميد جروح الشركات.
وأوضح أن الأزمة دفعت «المركزي» لتأجيل سداد قروض العملات لـ6 أشهر، لذا توقع أنه لن يحدث أى زيادة فى محافظ التعثر بالبنوك خلال الفترة الراهنة.
وفيما يخص القروض الجديد خلال الفترة الحالية التى تتزامن مع الأزمة، قال إن البنوك تحطاط بشكل كبير لمواجهة المخاطر الناجمة عن الفيروس المستجد.
وأشار إلى أن البنوك وضعت تقسيمة جديدة للقطاعات فى السوق، حيث وجدت أن قطاع المستلزمات الطبية شهد انفراجة كبيرة إضافة إلى قطاع الاتصالات والتكنولوجيا والتجارة الإلكترونية، كل هذا جعل البنوك تغير نظرتها للقطاعات على مستوى الاستعلام الائتمانى والضمانات على العميل وحتى على مخصصات القرض، وعلى أى القطاعات تركز فى الفترة الحالية.