حدت المبادرات التى أطلقها البنك المركزى المصرى، منذ بداية جائحة فيروس كورونا، بالإضافة إلى المبادرات التمويلية التى سبقتها، من التأثيرات الكبيرة على معدلات توظيف القروض إلى الودائع فى خلال النصف الأول من 2020.
وأعلن البنك المركزى المصرى، عن 14 إجراًء وقرارًا تم اتخاذها للحد من تداعيات فيروس كورونا المستجد على الاقتصاد المصرى، من أبرزها تخفيض أسعار الفائدة الأساسية بنحو %3، وطرح مبادرات للتمويل العقارى والقطاع الخاص الصناعى والزراعى ودعم قطاع السياحة، ومبادرة تأجيل استحقاقات العملاء من الأفراد والشركات لمدة 6 أشهر، فضلا عن إعفاء البنوك لمدة عام من احتساب متطلب زيادة رأس المال بهدف مقابلة مخاطر التركز الائتمانى لأكبر 50 عميلًا.
وأظهر مسح أجرته «المال» على قوائم مالية لنحو 16 بنكًا أفصحت عن مؤشراتها المالية للنصف الأول من العام الجارى، أن نحو 11 بنكًا ارتفعت بها معدلات توظيف القروض إلى الودائع نهاية يونيو 2020 مقارنة بديسمبر 2020، بينما تراجعت معدلات التوظيف فى 5 بنوك فقط.
ويرى مصرفيون ومحللون تحدثوا لـ»المال» أن البنك المركزى كان له دور فعال عبر مبادراته التى بدء فى إطلاقها منذ ديسمبر الماضى، وحتى بالتزامن مع بداية الجائحة، للحد من التأثيرات السلبية للأزمة على القطاع المصرفى بشكل عام ومعدلات توظيف القروض إلى الودائع بشكل خاص.
وقالوا إنه بالرغم من الأزمة الراهنة إلا أن معدلات التوظيف بالقطاع المصرفى مازالت منخفضة، وإن انتعاشها يرتبط بزيادة الاستثمارات وتوسع الشركات فى السوق المصرية عقب الانتهاء من أزمة الجائحة.
ووفقًا لمؤشرات السلامة المالية للبنوك المنشورة من قبل البنك المركزى المصرى، فإن معدل توظيف القروض إلى الودائع بالجهاز المصرفى ارتفع إلى %45.9 نهاية مارس الماضى، مقابل %44.8 فى ديسمبر 2019، بينما سجل معدل توظيف القروض إلى الودائع فى أكبر 10 بنوك من حيث الأصول %44.1 نهاية مارس 2020.
عبدالعال: النسبة لم تتغير كثيرًا مقارنة بما قبل أزمة فيروس كورونا
ويرى محمد عبدالعال الخبير المصرفى، أنه على مستوى البنوك مازال هناك فائض فى السيولة؛ لأن نسبة توظيفات القروض إلى الودائع لا تزال تحت %65 وأنه طبقًا لمستهدافات النمو الاقتصادى لمصر، يتعين أن يصل معدل توظيف القروض إلى الودائع إلى %65 بالقطاع المصرفى المصرى.
وذكر عبدالعال، أن نسبة توظيف القروض للودائع لم تتغير كثيرًا مقارنة بما قبل أزمة فيروس كورونا، وأن الأزمة أعطتها فقط «نوعاً من الجمود»، مشيرًا إلى أنه يجب النظر إلى الأمر عقب تعافى الاقتصاد العالمى والمحلى خلال الفترة المقبلة.
وبحسب المسح، بلغ متوسط توظيف القروض إلى الودائع فى 16 بنكًا نحو %48.86 نهاية يونيو 2020.
وقال عبدالعال إن المبادرات التى أطلقها البنك المركزى ساعدت بشكل كبير فى الحد من التراجعات بمعدلات توظيف القروض إلى الودائع، وكانت مهمة فى ظل ظروف الجائحة، وإن تلك المبادرات ساعدت فى عبور الاقتصاد من أزمة كانت ستكون أسوأ، وأنها ساعدت فى تمويل بعض الأنشطة بشكل محدود أو التمويل الكامل للأنشطة فى ظل خفض تكاليف الاقتراض على المنشآت المقترضة.
وأوضح عبدالعال أن انتعاش الائتمان بالسوق المحلية، لا يرتبط فى الوقت الراهن بتوفير تمويلات للعملية الإنتاجية فقط، خاصة أن هناك ضعف بالقوة الشرائية، وأنه يجب أن يتم توفير تمويلات استهلاكية بفائدة صفرية للعملاء، والتى بدورها ستساعد العملية الإنتاجية.
أشار الخبير المصرفى إلى أنه يجب التوسع فى مبادرات تشجيع الاستهلاك المحلى، مثل مبادرة «ما يغلاش عليك»، مع تشجيع الاقتراض من القطاع المصرفى عبر تخفيف الإجراءات، قائلًا: «فى تصورى نحتاج إلى نظرة أكبر وأعمق لتنشيط الاستهلاك والذى بدوره يدعم الاقتراض الاستهلاكى والاقتراض الاستثمارى على حد سواء، على المدى المتوسط والطويل».
وحول تراجع معدلات التوظيف فى بعض البنوك، يقول عبدالعال إنه قد يكون هناك تراجعًا فى الملاءة المالية لبعض البنوك، مع زيارة نسب التركز لأكبر 50 عميلاً، وبالتالى لابد من معالجة درجة التركز وزيادة رأس المال، وذلك بجانب زيادة محفظة الودائع بنسبة أكبر من محفظة القروض، أو تراجع القروض مع زيادة أو استقرار الودائع.
ويرى أن ارتفاع الودائع فى عددًا من البنوك خلال النصف الأول من العام الجارى، بخلاف بنكى الأهلى ومصر يعد ظاهرة إيجابية خاصة فى ظل وجود الشهادات الادخارية ذات العائد الثابت عند %15 والتى يطرحها البنك الأهلى وبنك مصر.
وأضاف عبدالعال أن أسعار الفائدة الحالية نموذج جيد ولا تحتاج إلى زيادة أو نقص بعد أن خفضها البنك المركزى بنحو 300 نقطة أساس فى مارس الماضى، وأن أى خطوة للخفض فى الوقت الراهن لدعم الاقتراض لن تكون إيجابية، لا سيما وأن المركزى يسعى لجذب الاستثمار الأجنبى فى أدوات الدين الحكومية.
وخفض البنك المركزى المصرى، أسعار الفائدة الأساسية على الجنيه بنحو 300 نقطة أساس فى اجتماع طارئ مارس الماضى، لتصل إلى %9.25 للإيداع و%10.25 للإقراض، وأبقى البنك المركزى أسعار الفائدة دون تغيير خلال الأربعة اجتماعات الماضية للجنة السياسة النقدية، والتى كان آخرها فى شهر أغسطس.
متولي: ارتفاع المعدلات يعتمد على العودة الكاملة للنشاط ما يدعم زيادة الطلب على الإئتمان
ويرى طارق متولى الخبير المصرفى، أن معدلات توظيف القروض إلى الودائع بالقطاع المصرفى المصرى، منخفضة مقارنة بالمتوسطات الطبيعية والتى تتراوح بين 60 و %70.
وأضاف: بالنظر إلى نسبة %14 احتياطى قانون للبنوك و%20 سيولة متاحة، فإنه لابد وأن تكون معدلات التوظيف بالقطاع المصرفى المصرى فوق %60.
وقال متولى، إن ارتفاع معدلات توظيف القروض إلى الودائع بالبنوك المصرية، يعتمد على العودة الكاملة النشاط الاقتصادى وانتعاش الاستثمار والأسواق بجانب استمرار انخفاض أسعار الفائدة ما يدعم زيادة معدلات الطلب على الإئتمان.
وقال مسؤول بقطاع الائتمان بأحد البنوك الحكومية، إن الربع الأول من العام الجارى، كان له دور هام فى الحد من تراجع معدلات توظيف القروض إلى الودائع؛ مرجعًا ذلك إلى ارتفاع الائتمان خلال الثلاثة أشهر الأولى من العام بوتيرة جيدة.
وأفاد بأن مبادرات البنك المركزى حدت من تفاقم وضع توظيفات القروض، وذلك بالنظر إلى توقف النشاط الاقتصادى فى شهر مارس مع تفشى فيروس كورونا المستجد.
ووفقًا للمسح الذى جرى على القوائم المالية لنحو 16 بنكًا، تصدر بنك الإمارات دبى الوطنى مصر، قائمة البنوك من حيث أعلى معدل توظيف القروض إلى الودائع بنهاية يونيو 2020، بنسبة %71.8 مقارنة بنحو %68.73 فى ديسمبر 2019.
وبلغت محفظة قروض بنك الإمارات دبى الوطنى مصر نحو 33.4 مليار جنيه، ومحفظة الودائع نحو 46.48 مليار جنيه فى نهاية يونيو الماضى.
وبالرغم من تراجع المعدل من %73.77 فى ديسمبر 2019، جاء بنك QNB الأهلى مصر، فى المرتبة الثانية من حيث الأعلى توظيفًا للقروض إلى الودائع بنسبة %70.8 بنهاية يونيو الماضى، بمحفظة قروض تبلغ نحو 158.06 مليار جنيه نهاية يونيو الماضى، ومحفظة الودائع نحو 223.19 مليار جنيه.
وقفز مصرف أبوظبى الإسلامى مصر بمعدلات توظيف القروض إلى الودائع من %60.05 إلى %68.9 فى يونيو 2020.
وبنك الكويت الوطنى مصر، احتل المرتبة الرابعة بنسبة توظيف القروض إلى الودائع عند %68.16 بنهاية يونيو 2020، كما رتفع معدل توظيف القروض إلى الودائع لدى البنك الأهلى الكويتى طفيفًا ليصل إلى %67.45 بدلا من %66.18.
ووفقًا للمسح صعد بنك كريدى أجريكول بنسبة توظيف القروض للودائع إلى %63.5 مقابل %58.89 وبلغت محفظة قروض بنك كريدى أجريكول نهاية يونيو الماضى، نحو 25.86 مليار جنيه، بينما بلغت محفظة الودائع 40.72 مليار جنيه.
وبمعدل توظيف بلغ %51.7 فى نهاية يونيو الماضى، جاء بنك الإسكندرية مرتفعًا من %47.8 وبلغت محفظة ودائعه نحو 86.48 مليار جنيه، ومحفظة القروض 44.75 مليار جنيه نهاية يونيو 2020.
وانخفض معدل التوظيف لدى البنك التجارى الدولى من %39.19 فى ديسمبر إلى %37.42 فى يونيو الماضى. ويمتلك البنك التجارى الدولى، أكبر محفظة ودائع ضمن قائمة البنوك التى شملها المسح، تبلغ نحو 318.94 مليار جنيه، بينما تبلغ محفظة القروض 119.35 مليار جنيه.