حذر عدد من المصدرين الزراعيين ،والعاملين بالقطاع التصديرى من ظاهرة البيع بالعمولة بالخارج، تجنبا لتراجع عوائد التصدير للأسواق العالمية، وإرهاق الأجهزة الرقابية المشرفة على التصدير .
ويعد البيع بالعمولة، أو «الأجل» أو «الأمانة»، اتفاقاً عرفياً بين مصدرين مصريين ومستوردين أجانب ينص على إرسال الحاصلات المصرية بدون اتفاق قانونى ملزم بين الطرفين دون تحديد أسعار على أن يتم تأجيل سداد قيمة الشحنة إلى ما بعد بيعها .
وتعرض محصول الفراولة لانخفاض كبير فى سعر بيعه بالخارج وتحديدا فى المملكة العربية السعودية نتيجة لتلك الآلية فى التعامل ، حيث هبط سعر الكيلو من 70ريالا للمنتج المنافس إلى 10 ريالات للمصرى نتيجة زيادة معدلات التصدير بالعمولة .
أكد محسن البلتاجى رئيس جمعية تنمية وتصدير الحاصلات البساتية أن المنتج التصديرى المصرى يمتاز بجودته العالية ،لكنه يتعرض لانخفاض فى سعره وعوائد بيعه حاليا وذلك عقب دخول شرائح جديدة من المصدرين وزيادة كميات التصدير خاصة من الفواكه الرئيسية بما يعرف بنظام البيع بالعمولة.
وأشار البلتاجى إلى أنه رغم أن البيع بالعمولة يزيد التنافسية للمنتج المصرى بالخارج ويرفع حجم الإقبال عليه لانخفاض سعره مثلما حدث للعنب المصرى فى أوروبا ، إلا أن أضرار العمل بتلك الآلية تفوق عوائدها حيث انها تخفض من قيمة وسعر الشحنات التصديرية من المحاصيل المصرية رغم جودتها المرتفعة مقارنة بمثيلاتها العالمية .
وأضاف البلتاجى أن الدولة تسعى لتعظيم عوائد الصادرات من القطاعات المختلفة، وعلى رأسها الحاصلات الزراعية، لذلك لابد من القضاء على الممارسات الضارة التى تُصعب تنفيذ مساعى الدولة فى هذا الشأن وعلى رأسها البيع بالعمولة.
ولفت إلى أن التصدير وفقا لتلك الآلية يعنى غياب الحماية وعدم وجود أى ضوابط قانونية أو رسمية يمكنها تنظم الممارسات التصديرية، مما يضر بالعائدات السنوية والمعروض السلعى، هذا بخلاف تقليص القدرات التنافسية بالأسواق الخارجية على المدى البعيد.
زيدان: تربك السوق الداخلية.. والعنب والفراولة أبرز المتضررين
ومن جانبه أكد محمد زيدان مدير إدارة التسويق بالشركة المصرية الأوربية للتنمية الزراعية أن البيع بالعمولة يضعف التنافسية فى الأسواق المستقبلة لها، إذ يزداد عدد المصدرين للأسواق التى تقبل العمل بهذا النوع من التجارة.
وأوضح زيدان أنه وفقا لآلية البيع بالعمولة يتم تصدير كميات كبيرة تفوق حاجة السوق، مما يرفع المعروض ويخفض أسعاره مثلما حدث لمحصولى العنب والفراولة .
وأفاد زيدان أن البيع بالعمولة يؤدى إلى انخفاض سعر المنتج خارجيا وبالتالى تراجع أسعار بيع الفلاحين والمزارعين لمحاصيلهم، مما يربك أيضا حسابات الشركات أثناء إبرام التعاقدات الجديدة التى تتعامل بشكل قانونى .
ومن جانبه قال المهندس هانى الدالى رئيس شركة الصفوة للتنمية الزراعية إن البيع بالعمولة يحرم المستهلك المحلى من معروض سلعى أكبر بأسعار أقل، إذ يتم توجيه كميات أكبر من المحاصيل للأسواق الخارجية لا تستفيد منها السوق المحلية، دون أن تحقق العوائد المفترضة أو المستهدفة منها.
وأشار الدالى الى أن البيع بالعمولة قد يعرض الكثير من المصدرين لعمليات نصب فى الأسواق الخارجية التى تشتهر بقبول التعامل بهذه النوعية من آليات البيع،لعدم وجود أى قيود أو إجراءات قانونية لحماية المصدر ، مما يعرضه لخسارة مبالغ كبيرة تعود عليه وعلى والاقتصاد المصرى بالسلب.
وتابع الدالى أنه لا توجد أى قيود قانونية تمنع أو تحجم ممارسات البيع بالعمولة، وبالتالى ينتشر الأمر بمرور الوقت، وأغلب المصدرين الجدد الذين يدخلون السوق ينجذبون لهذا النظام، إذ لا يملكون الخبرة الكافية للحصول على مشترين مقننة أوضاعهم فى الأسواق التى يعملون بها.
وطالب عدد من المصدرين بوضع حد أدنى لأسعار المنتج التصديرى فى الخارج يتوافق مع الأسعار العالمية ، طبقا للشركات الملتزمة بالشكل القانونى للتصدير ،من خلال مراجعة أوراق التصدير والعائدات الموسمية للشركات بناء على الكميات المسجلة بالفعل فى قوائم الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات.
وأكدوا أنه إذا تم تطبيق الحد الأدنى من التسعير سُتجبر الشركات على عدم خفض الأسعار لزيادة مبيعاتها، وبالتالى تحافظ على قيمة السلعة المصرية بالخارج، وتحد من الإفراط فى تصديرها الذى يقلل المعروض بالسوق المحلية فى نفس الوقت.
«المجلس» يحذر أعضاءه منها لافتقادها الحماية القانونية وتأثيراتها السلبية
ووفقا للبيانات الرسمية الصادرة عن المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية، فإن الدول العربية وروسيا وهولندا وإيطاليا، والصين مؤخرا ، هى أبرز الأسواق التى تتعامل معها مصر بهذا النوع من اليات البيع والتصدير.
وتحصل الأسواق العربية سنويا على ما يقرب من 1.6 مليون طن من الحاصلات المصرية، بقيمة تتجاوز 720 مليون دولار، وتمثل تلك الكميات نحو %30 من إجمالى صادرات القطاع الزراعى البالغة 5.2 مليون طن، وتمثل قيمتها نحو %32.8 من العائدات الإجمالية لصادرات القطاع البالغة 2.2 مليار دولار.
وأكد الدكتور عادل الغندور رئيس شركة «سنتك» الزراعية أنه إذا تمت السيطرة على البيع بالعمولة يمكن أن ترتفع قيمة الصادرات للدول العربية وتنخفض الكميات فى الوقت نفسه.
وأضاف الغندور أن خفض الكميات المصدرة سيؤدى إلى تخفيف الضغط على الحجر الزراعى وتحسين جودة المنتج ، خاصة على مستوى الفحص والعينات والشحن، حال القضاء على تلك الممارسات.
وحذر المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية أعضاءه من آلية البيع بالعمولة، فى ظل عدم وجود صيغة قانونية تمنع هذه الممارسات خاصة مصدرى الفراولة التى انطلق موسمها قبل أيام ،ولتأثيرها السلبى على السوق المحلية.
ووصلت نسبة الصادرات بنظام العمولة إلى الأسواق العربية إلى نحو %50 من إجمالى الصادرات السنوية.