على مدار 3 جلسات متوالية، ناقش مؤتمر التقنين العقاري والشمول المالي، الذي نظمه اتحاد بنوك مصر بالتعاون مع اتحاد الصناعات المصرية، مشكلات التسجيل العقاري والتحديات الكامنة في هذا المجال، بالإضافة إلى دور المؤسسات المعنية في حلحلة هذه المعضلة، والعمل على وضع الإجراءات والتشريعات المنظمة للتقنين العقاري.
ناقش المؤتمر كذلك سبل تطوير منظومة التقنين العقاري كجزء من الشمول المالي ودوره في دعم وتنمية الاقتصاد المصري.
وتطرق كذلك إلى الإطار التشريعي والإصلاح المؤسسي، دور ريادة الأعمال والتكنولوجيا في فعالية وتطوير منظومة التقنين العقاري والشمول المالي.
شهد المؤتمر، مشاركة عدد واسع من الخبراء والمعنين من القطاعين المصرفي والعقاري؛ حيث ألقى محمد فريد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية الكلمة الافتتاحية للمؤتمر، تبعتها كلمة محمد الإتربي رئيس مجلس إدارة اتحاد بنوك مصر، واختتمت الكلمات الافتتاحية بكلمة طارق توفيق وكيل مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية.
البنوك وتعزيز الشمول المالي
وقال محمد الإتربي رئيس اتحاد بنوك مصر، في كلمته الافتتاحية، إن البنوك قامت بجهود كثيفة لتفعيل الشمول المالي والتحول إلى اقتصاد غير نقدي.
وذكر أن معدلات المتعاملين مع البنوك ارتفعت بمعدلات واضحة، إذ وصلت إلى 42.3 مليون عميل لمن هم فوق سن الـ 16 عامًا.
وأوضح أن معدلات الشمول المالي ارتفعت، خلال الفترة من 2016 إلى 2022، بنحو 147%، لافتًا إلى أن عدد السيدات اللاتي يملكن حسابات مصرفية وصلت إلى نحو 18.3 مليون سيدة، وهو ما يعكس المؤشرات القوية للشمول المالي في مصر.
إجراءات التقنين العقاري
تطرقت الجلسة الأولى، التي تحدث فيها زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء سابقًا والعضو المنتدب لشركة طيبة للاستشارات، وطارق شكري وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب، رئيس غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات، وأحمد درويش وزير التنمية المحلية الأسبق، إلى مشكلات التقنين العقاري في مصر، وكذلك المنافع التي يمكن أن تعود على الدولة من جراء تقنين هذه الثروة العقارية.
تطرق زياد بهاء الدين إلى الأهمية الاجتماعية والاقتصادية للتقنين العقاري، موضحًا أن هذه العملية تضمن للمواطن استقرار ملكيته لهذه الوحدة العقارية، وهو الأمر الذي يحفظ له أمواله ومدخراته، التي تتحول في النهاية إلى شراء العقارات.
ولفت إلى أن مكاسب التقنين العقاري لا تقتصر فقط على المواطن، وإنما يمكن للدولة الحصول على قدر كبير من هذه المكاسب من خلال هذه العملية.
أشار زياد بهاء الدين إلى أن التقنين العقاري يعمل على تحويل رأس المال الراكد إلى رأس مال نشط أو حي يمكن للدولة ككل الاستفادة منه، خاصة وأن الجزء الأكبر من الاقتصاد المصري غير رسمي.
على الجهة الأخرى كانت مداخلة أحمد درويش وزير التنمية المحلية الأسبق، أكثر عملية وبعيدة عن التنظير؛ إذ استعرض ثلاث دراسات حالة – والتي تمت بطريقة Mystery shopper – تطرقت الحالة الأولى إلى وحدة عقارية في شارع التحرير وغير مسجلة في الشهر العقاري، في حين أن العمارة كلها مسجلة، أما الحالة الثانية فكانت لأحد المحال التجارية في منطقة وسط البلد، وهي وحدة مباعة بعقد صحيح، ولكن إجراءات نقل الملكية تتطلب الكثير من الإجراءات، والحالة الثالثة كانت لوحدة عقارية في أحد التي تمتلك شركة حكومية جزءً منها.
واستعرض الوزير الأسبق خلال هذه الجولة بين الحالات الثلاثة الكثير من العقبات والعراقيل التي تعترض طريق أولئك الذين يريدون تسجيل وحداتهم في الشهر العقاري.
التقط طارق شكري وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب، رئيس غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات، طرف الحديث، ليشير إلى الجانب التشريعي والقانوني في المسألة، بالإضافة إلى وجهة نظر القطاع الخاص لا سيما وأنه أحد المطورين العقاريين.
أشار شكري إلى أنه كان هناك مشروع قانون في مجلس النواب يقضي بعدم إتمام بيع أي وحدة إلا بعد تسجيلها في الشهر العقاري، موضحًا أن هذا الاقتراح غير عملي؛ إذ أن الشهر العقاري لا يملك القدرة التي تؤهل لتسجيل كل هذه العقارات الموجودة في مصر، والتي يزيد عددها عن 40 مليون وحدة عقارية، خلال مدة وجيزة.
رقمنة التقنين العقاري
ولعل أحد أبرز الجلسات في المؤتمر تلك التي أتت تحت عنوان «الأدوات المالية والتطبيقات الرقمية لفاعلية التقنين العقاري»، وتحدث فيها شريف سامي عضو مجلس إدارة البنك التجاري الدولي، الرئيس الأسبق لهيئة الرقابة المالية، وشهاب مرزبان الشريك الإداري والمؤسس المشارك لشركة Camel Ventures، وأيمن إسماعيل الأستاذ المساعد والرئيس الفخري لمركز عبد اللطيف جميل لريادة الأعمال بالجامعة الأمريكية.
تطرقت هذه الجلسة ليس إلى مشكلات التقنين العقاري سواءً من الناحية القانونية أو الإجرائية وإنما كذلك إلى التحديات التي يواجهها رواد الأعمال الراغبين في إطلاق مشروعات في هذا الصدد.
شهدت الجلسة مداخلة عدد من رواد الأعمال الذين كانت لهم تجربة في إطلاق شركات تعمل على حل هذه المشكلة، لكنهم واجهوا تحديات خاصة من الجهة القانونية.
لفت شهاب مرزبان الشريك الإداري والمؤسس المشارك لشركة Camel Ventures، إلى أن التمويل واحدًا من المشكلات التي تواجهها الشركات الناشئة عندما يتعلق الأمر بهذا المجال تحديدًا (أي التقنين العقاري).
إجراءات وتشريعات
على مسافة غير بعيدة من القاعة التي كانت تتحدث عن ريادة الأعمال واستخدام التكنولوجيا في التقنين العقاري، كانت هناك جلسة بعنوان «المؤسسات والقوانين والإجراءات المنظمة للتقنين العقاري» وأخرى حول «التقنين العقاري والتمكين الاقتصادي».
لم تفصح هاتان الجلستان عن الفجوة بين الواقع والمأمول فحسب، وإنما كذلك عن حجم الفرص التي تفوّت على الاقتصاد الوطني نظير إهدار ثروته العقارية.
ناقشت أولى هاتين الجلستين المعضلة القانونية التي تواجه التقنين العقاري في مصر، فيما تطرقت الأخرى إلى حجم الفرص، وسبل التمكين الاقتصادي التي يمكن الحصول عليها من خلال تيسير إجراءات التقنين العقاري.
توصيات ومخرجات
اختتمت فعاليات المؤتمر الشمول المالي والتقنين العقاري بجلسة ختامية تحدث فيها زياد بهاء الدين نائب رئيس مجلس الوزراء سابقًا، ومحمد هنو، رئيس جمعية رجال أعمال الإسكندرية، وهالة أبو السعد، وكل لجنة المشروعات المتوسطة والصغيرة بمجلس النواب، وأيمن اسماعيل، الرئيس الفخري لمركز عبد اللطيف جميل.
وجاءت أبرز توصيات المؤتمر على النحو التالي:
رقمنة إجراءات التسجيل العقاري، واعتماد آلية إلكترونية موحدة للربط بين جهات الدولة المختلفة.
التشديد على تسهيل كافة إجراءات التقاضي فيما يتعلق بقضايا إعلام الوراثة؛ رغبة في حماية حقوق ذوي الصلة، لا سيما المرأة وذوي القدرات الخاصة.
إدماج وتوحيد كافة الجهات القائمة على رسم الخرائط والرسم المساحي والشهر العقاري في هيئة واحدة، تنشأ خصيصًا بهدف تسجيل الثروة العقارية المصرية.
إنشاء محاكم أو دوائر متخصصة للفصل في قضايا المنازعات العقارية، بهدف سرعة إنهاء هذه القضايا والبت فيها.