تثبيت الفائدة على الجنيه الخيار الأقرب لـ «المركزى»

فى اجتماع لجنة السياسة النقدية الخميس المقبل

تثبيت الفائدة على الجنيه الخيار الأقرب لـ «المركزى»
‫محمود الصباغ‬‎

‫محمود الصباغ‬‎

7:40 ص, الأحد, 12 سبتمبر 21

يعد تثبيت سعر العائد على الجنيه هو الخيار الأقرب للجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى المصرى المقرر أن تجتمع الخميس المقبل بشأن البحث فى مصير أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة «الكوريدور». 

وقال خبراء مصرفيون لـ «المال»  إن اتجاه «المركزى» لتثبيت أسعار الفائدة خلال اجتماع الخميس المقبل، يأتى مدفوعًا بحفاظه على أسعار العائد على الجنيه كعامل جذب لاستثمارات الأجانب فى المحافظ  الاستثمارية مقارنة مع الأسواق الناشئة الأخرى، إضافة إلى عدم وجود موجة تضخمية تدفعه لرفع الفائدة.

ويرى المحللون أن «المركزى» مستمر فى مسيرة الإبقاء على العائد حتى نهاية العام الجارى، كإجراء تحوطى يساعده فى مواجهة أى مخاطر ناتجة عن أزمة كورونا.

وقررت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزى المصرى فى أغسطس الماضى الإبقاء على سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى عند مستوى %8.25 و%9.25 و%8.75 على الترتيب، وكذلك الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند مستوى %8.75.

وقال البنك إن أسعار العائد الأساسية لدى البنك المركزى تعد مناسبة فى الوقت الحالى، وتتسق مع تحقيق معدل التضخم المستهدف والبالغ %7 (± 2 نقطة مئوية) فى المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2022 واستقرار الأسعار على المدى المتوسط.

وأعلن البنك المركزى، يوم الخميس الماضى عن تراجع التضخم الأساسى فى شهر أغسطس الماضى، على أساس سنوى إلى %4.5 من %4.6 فى يوليو 2021.

وقال فى البيان الشهرى عن التضخم الأساسى، إن الرقم القياسى الأساسى لأسعار المستهلكين – المعد من قبل البنك المركزي- سجل معدلًا شهريًا بلغ  %0.3 فى أغسطس 2021، مقابل معدل سالب بلغ %0.2 فى الشهر ذاته من العام الماضى، ومعدل شهرى بلغ %0.6 فى يوليو 2021.

وليد ناجى:  معدلات التضخم تدفع باتجاه الإبقاء على السعر الحالى

وأكد وليد ناجى نائب رئيس البنك العقارى أن المركزى لن يقدم على تغيير العائد على الجنيه خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية الخميس المقبل، بشكل خاص بعد الأرقام المعلنة الخميس الماضى عن معدلات التضخم، التى لاتزال ضمن النطاق المستهدف من «المركزى» وهو أقل من %7.

وأشار إلى أن سعر الدولار والعملات الرئيسية فى حالة من الاستقرار النسبى أمام الجنيه خلال الفترة الراهنة، حتى الأسواق العالمية تتعافى من تداعيات أزمة كورونا ومستقرة، لاسيما أن أسعار العائد بالأسواق الناشئة فى حالة من الثبات.

وعلى مستوى الموجة الرابعة من كورونا، قال إنه توجد حالة من الترقب العالمى لتداعيات الأزمة، مما يدفع صانعى ومتخذى القرار محليًا ودوليًا إلى التوجه لسياسة مالية ونقدية تحوطية، تمنح لهم الفرصة فى مواجهة أزمة ليست متوقعة.

وقالت الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، يوم الإثنين الماضى، إنه من المتوقع أن تصل ذروة الموجة الرابعة من كورونا فى النصف الثانى من سبتمبر وأول أكتوبر المقبل، وأن المتحور «دلتا بلس» موجود الآن فى أكثر من 160 دولة، وأكثر مشكلاته هى سرعة الانتشار، مؤكدة استعداد مصر للموجة الرابعة من خلال زيادة المخزون الإستراتيجى من الأكسجين إلى 3.3 مليون لتر.

وأشارت هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية إلى أن  النتائج المبدئية تستهدف تحقيق معدل نمو فى حدود %3.3 خلال العام المالى 2020/ 2021، موضحة أنه من المتوقع ارتفاع معدل النمو إلى %5.4 خلال العام المالى الجارى، بدعم النمو الكبير المتوقع فى مؤشرات أداء الربعين الأول والثانى.

وأضافت أن المؤشرات المبدئية تظهر أن معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى خلال الربع الأخير من العام المالى الماضى، حقق قفزة كبيرة؛ ليصل إلى نحو 7.7 % مقارنة مع حوالى – 1.7 % فى الفترة ذاتها من العام المالى السابق عليه.

وارتفعت تحويلات المصريين العاملين فى الخارج خلال الفترة من يوليو إلى مايو من السنة المالية 2020/ 2021 بنسبة %13‏ أو بقيمة 3.3 مليار دولار، لتسجل 28.5 مليار دولار خلال 11 شهرا مقابل نحو 25.2 مليار دولار خلال الفترة ذاتها من العام المالى السابق 2019/ 2020، بحسب أحدث بيانات صادرة عن البنك المركزى.

وأشار «ناجى» إلى أن استثمارات الأجنبى فى أدوات الدين تشهد نموا ملحوظًا خلال الفترة الأخيرة، وهذا يشير إلى أن معدلات الفائدة الراهنة لاتزال جاذبة للمستثمرين، إضافة إلى أن السوق المصرية تشهد حالة من الاستقرار. 

وأظهر أحدث التقارير الصادرة عن وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيف الائتمانى أن استثمارات الأجانب فى أذون وسندات الحكومة المصرية بالعملة المحلية ارتفعت إلى 33 مليار دولار، فى أوائل أغسطس الماضى. 

وأشارت الوكالة إلى أن الاستثمارات الأجنبية فى أدوات الدين المصرية شهدت ارتفاعاً متواصلا، بعد أن تراجعت إلى 10 مليارات دولار فى يونيو 2020 وأن المستوى الجديد الذى بلغته يعتبر أعلى من ذروة ما قبل الجائحة التى بلغت حوالى 28 مليار دولار فى فبراير 2020.

ولفتت إلى أن نظر لجنة السياسة النقدية لسعر الفائدة فى الوقت الراهن له أكثر من منظور، ففى حال الخفض يخفف عبء الدين عن الحكومة، إضافة إلى أنه يشجع الاستثمار، لكنه يؤثر بشكل كبير على القطاع العائلى الذى يشغل حيزا كبيرا من مدخرات القطاع المصرفى، لاسيما أنه يؤثر على التضخم.

واستحوذت ودائع القطاع العائلى على حصة %68.06 نهاية مايو الماضى، بقيمة 3.830 تريليون جنيه، حسب أحدث تقارير البنك المركزى.

وعلى مستوى ودائع القطاع المصرفى اتخذت مسارًا صاعدًا طوال الشهورالخمسة الأولى من العام الجارى، لترتفع خلال تلك الفترة بنسبة %8.3 بقيمة زيادة 432 مليار جنيه، لتصل إلى 5.62 تريليون بنهاية مايو، مقارنة مع 5.1 تريليون بنهاية عام 2020.

وحققت قروض القطاع المصرفى نموا يتجاوز %13 خلال الشهور الخمسة، بقيمة 327 مليار جنيه، لتصل إلى 2.7 تريليون نهاية مايو الماضى مقارنة مع 2.445 تريليون جنيه نهاية 2020، بحسب أحدث بيانات البنك المركزى.

وأشار إلى أن البنك المركزى يلعب دورًا كبيرًا فى دعم القطاعات التى تحتاج إلى الفائدة المخفضة على مستوى الأفراد والشركات، وذلك من خلال المبادرات بعوائد أقل بكثر من فائدة الكوريدور.

وأضاف «ناجى» أنه يميل إلى معدلات الفائدة المنخفضة التى تسير عليها بعض الدول المتقدمة مثل اليابان، إلا أن المعدلات التى تشهدها السوق المصرية، تناسب الوقت الراهن.

وأطلق البنك المركزى 11 مبادرة فى آخر عامين، كان أحدثها مبادرة بمبلغ 100 مليار جنيه للتمويل العقارى لمحدودى ومتوسطى الدخل بسعر عائد متناقص %3 وفترة سداد تصل إلى 30 عامًا.

منى بدير: المركزى سيختار عدم التحريك حتى نهاية 2021

من جانبها، قالت منى بدير ، محلل الاقتصاد الكلى فى بنك استثمار برايم، إنه فى ضوء استمرار التوقعات ببقاء معدلات التضخم فى مسارها التصاعدى حتى نهاية أكتوبر المقبل تبقى توقعاتنا بشأن قرار لجنة السياسة النقدية للبنك المركزى يميل نحو التثبيت فى الاجتماع المقبل، كما ترى أن «المركزى» سيختار الإبقاء عليها حتى نهاية 2021.

وأوضحت أن هذا التوقع يتسق مع جملة من العوامل المحلية والعالمية التى لاتزال ترجح كفة بقاء أسعار الفائدة  ثابتة دون تغيير فى العام الحالى، منها  تزايد احتمالية بدء الفيدرالى تخفيف حدة التيسير الكمى قبل نهاية العام فى مواجهة تزايد المخاوف من أن ينحرف التضخم عن المستهدفات طويلة الأجل، وأن يخرج عن سيطرة الفيدرالى وهو ما يغذى مخاوف تزايد ظروف التشديد النقدى العالمية وتأثيرها السلبى على تكلفة الاقتراض وتدفقات رءوس الأموال للأسواق الناشئة.

 وأشارت إلى استمرار ارتفاع تضخم أسعار مدخلات الإنتاج ليصل إلى أعلى مستوى له فى عامين، بالإضافة إلى ذلك عاودت أسعار الغذاء العالمية الارتفاع فى أغسطس بعد تراجع شهدته فى يوليو ويونيو، يدفع «المركزى» للتثبيت.

ولفتت إلى  استمرار أسعار تكاليف الشحن العالمى فى الارتفاع مع تزايد المخاوف من استمرارارتفاعها نتيجة الإغلاقات حول العالم للسيطرة على مخاطر المتحول «دلتا».

وأكدت أن تلك العوامل تغذى المزيد من الضغوط التضخمية خاصة مع وجود تأثير غير موات لسنة الأساس.

وأشارت إلى قيام العديد من البنوك المركزية فى الأسواق الناشئة بتشديد السياسة النقدية منذ آخر يوليو، متوقعة أن تشهد المزيد من الزيادات المطروحة فى العديد من الأسواق الناشئة خاصة فى أمريكا اللاتينية وأوروبا وفى كوريا الجنوبية.

وأكدت أنه فى ضوء هذه الضغوط التضخمية المتزايدة، يكون الشاغل الرئيسى للبنك المركزى هو كيفية الحفاظ على توقعات التضخم مرتكزة بشكل جيد حول مستهدف البنك، إضافة إلى التخفيف من تأثير تداعيات الجائحة على قوة النمو الاقتصادى، وتأثير التقليص التدريجى لشراء الأصول من قبل الاحتياطى الفيدرالى على ميول المستثمرين فى الأسواق المالية وتدفقات رأس المال.

رضوى السويفى: الحفاظ على المستوى الحالي يجذب استثمارات الأجانب فى المحافظ المحلية 

وتتوقع رضوى السويفى رئيسة قسم البحوث فى شركة الأهلى فاروس لتداول الأوراق المالية، اتجاه البنك المركزى المصرى إلى تثبيت العائد على الجنيه فى اجتماعه المقبل، مدفوعًا بارتفاع معدلات التضخم نسبيًا فى شهر أغسطس الماضى، إضافة إلى أن مستهدفات «المركزى» للخفض حتى %5 خلال العام الجارى، ليس هناك ضغوط تضخمية تدفعه لرفع العائد.

وأشارت إلى توقعات بخروج تدفقات استثمارات الأجانب بالمحافظ الاستثمارية من الأسواق الناشئة من بينها مصر، مما يدفع البنك المركزى المصرى إلى تحديد سعرتنافسى للعائد على الجنيه، مما يجذب المستثمرين إلى السوق المحلية.

وجذبت الأوراق المالية فى الأسواق الناشئة نحو 4.2 مليار دولار فى شهر أغسطس 2021 بحسب تقرير حديث لمعهد التمويل الدولى.

وخلال الشهر الماضى، ركزت الأسواق الناشئة على أن التقييمات من شأنها أن تبالغ فى رد فعلها على تناقص المناقشات من قبل الاحتياطى الفيدرالى، مما قد يؤثر على قدرة الأسواق فى جذب الاستثمار الأجنبى.