تباطأت وتيرة نمو الودائع لدى لتسجل أقل مستوى منذ تعويم سعر الصرف فى3 نوفمبر 2016 بنحو %11.8 بنهاية شهر مارس الماضى مقابل معدل بلغ %41.6 فى ديسمبر 2016 و %43 فى يونيو 2017، تبعا لبيانات التقرير الإحصائى الشهرى الذى يصدره البنك المركزى المصرى.
وقال مصرفيون إن معدلات النمو الحالية فى الودائع منخفضة بعض الشئ لكنها تتوافق مع النسب العالمية، مشيرين إلى أن الطفرات التى تلت تعويم سعر الصرف تعود بشكل أساسى إلى قيام البنوك بطرح أوعية ادخار بفوائد مرتفعة ساهمت فى جذب أموال كثيرة من خارج القطاع المصرفى.
تحرير سعر الصرف
وأطلقت البنوك المحلية شهادات ادخار بعائد %20 لمدة 18 شهرا تزامنا مع قرار تحرير سعر الصرف، استحوذ بنكا الأهلى ومصر على النصيب الأكبر من هذه الشهادات بمبلغ 600 مليار جنيه كلفت البنكين 69 مليار جنيه خلال تلك الفترة حتى قررت وقفها فى 15 فبراير2018 عقب قرار لجنة السياسة النقدية خفض الفائدة.
و طرحت شهادة جديدة مدتها عام (12 شهر فقط) بدورية عائد ربع سنوية وبعائد سنوى17 %، والذى أوقفت البنوك العمل بها أيضا اعتبارا من 12 أبريل 2018 عقب ثانى خفض للفائدة خلال العام الماضى، حيث طرح بنكا الأهلى المصرى و مصر منذ ذلك التاريخ وحتى الآن شهادات ادخار بعائد متغير %17 لمدة ثلاث سنوات.
معدلات نمو الودائع خلال السنوات السابقة
وتراوحت معدلات نمو الودائع خلال السنوات الثلاث السابقة للتعويم منذ عام 2013 بين %16.8 و%22 بزيادة بين 5 و 11 نقطة مئوية عن النسبة المسجلة فى مارس 2019.
وأشار المصرفيون إلى مجموعة من الأسباب وراء تباطؤ نمو الإيداعات فى الوقت الحالى، يتصدرها ارتفاع الأسعار وتكلفة المعيشة على الأسر المصرية مما أدى إلى ضعف القدرة على الادخار مقارنة بفترة ما قبل تحرير سعر الصرف والبدء فى برنامج الإصلاح الاقتصادى.
والسبب الثانى يكمن فى اتجاه الفوائض المالية للاستفادة من زخم بعض أدوات الاستثمار الأخرى مثل الذهب الذى حقق طفرات سعرية قوية خلال الفترة الماضية، وكذلك العقارات والأراضى.
وأكد المصرفيون أن النسبة العالمية فى إجمالى الودائع شهريا تترواح ما بين 10 و 17 %، مشيرين إلى أن الودائع شهدت نموا خلال السنوات القليلة الماضية بسبب شهادات الـ %20 بالإضافة إلى شهادات قناة السويس الجديدة.
وأرجع أحمد عبد المجيد،مدير بإدارة الائتمان ببنك الاستثمار العربى، السبب الرئيسى وراء تباطؤ النمو فى ودائع القطاع المصرفى إلى مبادرة البنك المركزى للتمويل العقارى، والتى أطلقها عام 2014 وزاد الإقبال عليها فى السنوات الماضية، مما جعل البعض يلجأ إلى سحب أمواله من البنوك لشراء الوحدات السكنية بأسعار مميزة للغاية.
وقال إن الادخار فى العقار لايزال آمنا للغاية بالنسبة لجموع الشعب المصرى، بالإضافة إلى الاستثمار فى الذهب والذى يراه البعض فى الآونة الأخيرة أفضل بكثير من وضع الأموال فى خزائن البنوك.
وأكد أن المصريين لديهم رغبة دائمة فى الاستثمار فى الأدوات ذات العائد الأعلى حتى تدر عليهم عوائد كبيرة، مشيرا إلى أن شهادات الـ %20 التى طرحتها البنوك لقيت إقبالا كبيرا للغاية من المصريين الذين لجأوا بسرعة إلى الاستثمار فيها.
وحول النسبة العالمية للنمو فى الودائع شهريا، قدر “عبد المجيد” النسبة بأنها تتراوح ما بين 15 و %17، متوقعا عودة النمو فى الودائع خلال الشهور المقبلة بدافع من الاستقرار الذى سيحدث فى الأسعار وزيادة المرتبات والمعاشات.
أما عمرو عبد العال، رئيس قطاع التجزئة المصرفية والفروع بالبنك العربى الأفريقى الدولى سابقًا فقال إن السبب الرئيسى وراء التباطؤ فى الودائع هو ارتفاع الأسعار التى أدت بشكل أو بآخر إلى ارتفاع تكاليف المعيشة ككل والتى جعلت معظم المدخرين غير قادرين على الادخار مرة أخرى مثلما كان فى السابق.
وبسؤاله عن مدى جاذبية الفائدة على الودائع فى الوقت الحالى بالبنوك بالنسبة للعملاء، أكد أن الفائدة لاتزال جاذبة للغاية مقارنة بالأدوات الأخرى الأكثر مخاطرة، متوقعا حدوث تحسن كبير فى نسبة النمو فى الودائع خلال الشهور المقبلة بدافع التحسن المرتقب فى الاقتصاد .
وأوضح أن النسبة الطبيعة للنمو فى الودائع بشكل شهرى تتراوح ما بين 10 و%15، مشيرا إلى أن الطفرات التى حدثت فى النمو خلال السنوات الماضية كانت بسبب أحداث بعينها مثل شهادات قناة السويس الجديدة وقرار التعويم التاريخى.
وكان البنك المركزى، قد أعلن عن طرح شهادات قناة السويس فى سبتمبر 2014 بفائدة %12 لصالح الهيئة لتمويل المرحلة الأولى لحفر القناة بالتعاون مع بنوك الأهلى المصرى ومصر والقاهرة وقناة السويس، وجمعت الشهادات فى 8 أيام فقط 64 مليار جنيه من العملاء وتم إغلاقها بعد ذلك بعد جمع الحصيلة المستهدفة، كما قررت هيئة قناة السويس الجديدة، رفع الفائدة على شهادات استثمار قناة السويس من %12 إلى %15.5 بعد تحرير سعر الصرف.
فى حين وصف نائب رئيس قطاع التجزئة المصرفية بأحد البنوك العربية، الانخفاض فى نسبة النمو فى الودائع خلال الفترة ذاتها بالكبير، نظرا لأنه ليس من الطبيعى أن تنخفض النسبة فى ديسمبر 2016 من 41.6 % إلى %11.4 فى مارس الماضى لأنها أقل من النصف بكثير.
وكان البنك المركزى المصرى قد قرر فى 3 نوفمبر 2016 تعويم سعر صرف الجنيه ليتم تحديده وفقا لآليات العرض والطلب فى السوق، كما قرر رفع أسعار الفائدة 300 نقطة أساس فى خطوة تهدف إلى استعادة التوازن بأسواق العملة والسيطرة على التضخم الذى قد يحدث بسبب تحرير سعر صرف الجنيه.
وعدد نائب رئيس قطاع التجزئة المصرفية بأحد البنوك العربية الأسباب وراء التباطؤ إلى الظروف المعيشية الصعبة التى تعرض لها الجميع فى الفترة الأخيرة بسبب الارتفاعات فى الأسعار والتى كان آخرها رفع أسعار الوقود، مؤكدا أن أغلب العملاء لم يعد بمقدورهم الادخار، متوقعا أن تنخفض النسبة خلال الفترة المقبلة.
وكانت الحكومة المصرية قد أعلنت الجمعة الماضية، عن تطبيق زيادة جديدة فى أسعار الوقود والمنتجات النفطية، وفقا لخطة ترمى إلى رفع الدعم بصورة كلية عن مختلف أنواع المحروقات وصولا إلى السعر العالمى.
وتراوحت الزيادات من 16 إلى %30 إذ ارتفع سعر البنزين 92 أوكتين إلى ثمانية جنيهات (بنسبة 18.5 %)، والبنزين 80 أوكتين إلى 6.75 (حوالى 22.7 %)، والبنزين 95 أوكتين إلى تسعة جنيهات (حوالى 16.1 %)،كما زاد سعر السولار والكيروسين إلى 6.75 جنيه، بنسبة 22.7 % ويُذكر أن السولار هو الأكثر استخداما فى وسائل النقل الخاصة فى مصر، والتى يعتمد عليها أغلب المصريين.
وتضمن القرار أكبر زيادة فى سعر أسطوانات غاز، إذ زاد سعر الأسطوانة للاستهلاك المنزلى إلى 65 جنيها (بنسبة 30 %)، وزاد سعر أسطوانة الغاز التجارية إلى 130 جنيها (بنسبة 30 %). كما زاد سعر المازوت لصناعة الطوب ليصل سعر الطن إلى 4500 جنيه.