تفاوتت الآراء حول ما إذا كان نشاط التأمين على الحياة أو الممتلكات الأكثر تحملا لأزمة كورونا المستجد «كوفيد-19» أم لا؟ والأكثر قدرة على التعافى لاستكمال مسيرته، فهناك من تحيز لقطاعه متسلحا بالإجراءات الاحترازية والرقابية والتنظيمية، وهناك من راهن على الوعى الكبير الذى أحدثته الأزمة لصالح نشاطه فى الطبى وزيادة الطلب على تأمين حياة الأسرة أو العاملين بالشركات لكن الاتفاق كان على قدرة القطاع على امتصاص الصدمة والتعامل باحترافية مع الأزمة ومحاولة اكتساب الكثير من الخبرات الجديدة فى تجاوز العثرات التى تزداد يوما بعد يوم مع استمرار الوباء وتفاقم الوضع.
صابر: قرار التأمين على المسئوليات «مؤسسي» والأفراد تأثرت بالنشاطين
وقال مدحت صابر العضو المنتدب لشركة «أروب» للتأمينات العامة إن نشاط التأمين بالرغم من قدرته على امتصاص صدمة «كورونا» حتى الآن فإن تحمل كلا القطاعين –الحياة والممتلكات – اختلف من وقت لآخر فعلى سبيل المثال الحياة تعتمد على مدخلات الأفراد بشكل كبير من خلال منتجات التأمين الفردى التى تطرحها بخلاف التأمين على الممتلكات معظمه يكون وفقا لقرار جماعى من أصحاب المصلحة بالمؤسسة الراغبة فى التأمين أو تجديد التعاقد.
وأضاف أن التأمينات العامة يغلب عليها طابع القرار التنظيمى أى أن المؤسسة الراغبة فى التأمين تتخذ قرارا بالتأمين على أصولها أو أسطولها ضد الأخطار الأساسية كأولوية، أما نشاط تأمينات الحياة فتأثر سلبا بتراجع الطلب على الفردى.
وأشار إلى أنه من مزايا تأمينات الحياة التى جعلته يتعافى من أزمة كورونا بقوة هو تغطيته للوفاة من كورونا لذا زاد الإقبال على الطبى والحياة خلال الأزمة بشكل كبير خاصة الجماعى لكن مع الوقت سيتضح التأثر الإيجابى أو السلبى من خلال دخول الأفراد والمؤسسات ومحاولات تخفيض النفقات أو اكتساب مزايا بعينها للعاملين، بالإضافة إلى المطالبات التى يمكن أن تتكاثر إذا تفاقم الوضع.
وأوضح أن قطاع الممتلكات خاض معركة الصمود خاصة وأن التأمين ضد الوباء غير مغطى فى الوثائق سابقا، وتم استثناؤه فى اتفاقيات الإعادة صراحة مما أنقذ القطاع من سداد تعويضات ضخمة لكن حتى الآن فيما يتعلق بنمو النشاط نفسه فإن الأمور لم تتضح لأن الوباء مستمر ويتزايد.
وأكد أن الإجراءات التى اتخذتها الرقابة المالية والاتحاد المصرى للتأمين ساهما بشكل كبير فى صمود القطاعين فى وجه الجائحة بدءا من التشدد فى تطبيق الإجراءات الاحترازية والتباعد الاجتماعى والإسراع بخطط التحول الرقمى داخل الشركات والسماح بجدولة أقساط التأمين للعملاء وإتاحة الدفع الإلكترونى وإعادة النظر فى تسعير المنتجات تجنبا للخسارة من ناحية وعدم جنى هوامش ربح أكبر حتى لايتم إرهاق كاهل المؤمن له.
وقال إن شركات الحياة تتنافس حاليا على تغطية كورونا فى وثائقها التأمينية الأساسية وبدون ملحق منفصل، لافتا إلى أن الشركات التى ركزت فى الفترة الماضية والحالية على توفير التغطية ضد الوباء سواء فى الحياة أو الطبى ستحقق نتائج جيدة جدا العام المقبل لأنها سرعان ما امتصت التخوف الذى لدى العميل وجعلت سلامته من أولوياتها وقامت بتلبية احتياجاته وفقا للظرف العصيب الحالى والمنتظر استمراره معنا لفترة ليست قليلة.
الألفى: الأشخاص وتكوين الأموال الأسرع فى إدراك الأزمة وحلولها
من ناحيته، قال أيمن الألفى العضو المنتدب السابق لشركة المصرية الإماراتية لتأمينات الحياة إن كلا من نشاطى التأمين – الحياة أو التأمينات العامة – تعافى من تأثيرات جائحة “كورونا” نسبيا ولكن بدرجات متفاوتة.
وأضاف أنه يجب تحديد كلمة التعافى وما المقصود بها ؟ وهل هو تعافٍ من حيث الحفاظ على مستوى نشاط موزون ومعدل نمو معين؟ أو التعافى من حيث التعامل مع تأثيرات كورونا على النشاط من حيث المطالبات والتعويضات؟.
وأشار إلى أنه بصفة عامة نجد أن تأمينات الحياة تعافت بصورة أسرع وبدرجة أكبر لعدة أسباب منها أن هذه الجائحة بالنسبة للأفراد العاديين مرتبطة ارتباطا وثيقا بالحياة والموت والعلاج وبالتالى فقد أدت إلى رفع درجة الوعى التأمينى أكثر بالنسبة للحياة وهو ما تسبب فى زيادة الإقبال عليها، خاصة وأن معظم شركات الأشخاص وتكوين الأموال أعلنت أنها تغطى الوفاة الناتجة عن تفشى فيروس “كورونا”.
وأوضح أن السبب الثانى التزام شركات “تأمينات الحياة” بدفع المطالبات الناشئة عن “كورونا” وهو ما أدى إلى زيادة مصداقية تلك الشركات لدى المؤمن عليهم، وكذلك على مستوى المجتمع ككل وبالتالى أصبحت هناك ثقة فى التزام شركات التأمين تجاه وضع المطالبات ومن ثم ازدياد الطلب على تأمينات الحياة.
وأكد أنه نتيجة للظروف الاقتصادية التى تأثرت بتلك الجائحة واضطراب الأعمال الذى شمل أكثر من قطاع قامت الدولة بتقديم عدة تيسيرات واتخذت حزمة إجراءات للتغلب على الآثار الاقتصادية لتلك الجائحة وفيها تيسير حصول الأفراد على قروض من البنوك لعمل مشروعات صغيرة ومتوسطة وبدء نشاطات تجارية أو إنتاجية للتغلب على الكساد الاقتصادى مما أدى إلى زيادة الطلب على تأمينات الحياة المرتبطة بتلك القروض.
ولفت إلى أنه لايجب أن نركن إلى تلك المؤشرات ونعتمد عليها اعتمادا كليا لأن الطريق لايزال غير واضح ولاتزال الجائحة لم يتم السيطرة عليها وتخفى الكثير مما لانعلمه.
وطالب بضرورة البدء فى وضع سيناريوهات التعامل مع تلك الأزمة إذا ماتدهورت الأوضاع أو أن الجائحة تطورت بصورة أكثر خطورة.
ورأى أنها لاتزال هناك مراحل كثيرة لتلك الجائحة لم تظهر بعد ويجب أن يكون الجزء الأكبر من أبحاثنا خلال الفترة القادمة يركز على توقع ماهو قادم والاستعداد له فنيا وإداريا وماليا خاصة وأن كورونا فى بدايتها.
فارس: المسئوليات تلقت ضربات موجعة بشكل أكبر منذ الموجة الأولى
من جانبه، قال وليد فارس رئيس قطاع الاكتتاب فى شركة طوكيو مارين جنرال تكافل مصر إن قطاع التأمين على الحياة كان الأكثر تحملا لمواجهة أزمة كورونا والأكثر تعافيا خلال الموجتين الأولى والثانية من الجائحة لعدة أسباب أبرزها التأمين البنكى بشتى أنواعه وتغطية الوفاة بكوفيد -19.
وأضاف أن الوباء ساهم فى زيادة الوعى التأمينى والإقبال على الطبى والحياة بخلاف الممتلكات التى ترتبط بحركة الاقتصاد لذا كان التأثر سريعا والتعافى بطيئا.
وأكد تأثر الممتلكات بالسلب منذ الوهلة الأولى عندما حدث الإغلاق فى مارس 2020 ثم توقف الكثير من المشروعات مما أثر على التأمين الهندسى وتوقف الطيران أصاب وثائق السفر بتراجع عنيف، علاوة على تأثر الحريق بقلة الطلب والتأمين البرى والبحرى وتوقف المرور لفترة خفض من أقساط التأمين الإجبارى والتكميلى على السيارات بشكل كبير للغاية.
وأوضح أن قطاع التأمين على الممتلكات فقد جزءا كبيرا من الأقساط التأمينية التى كانت تساهم فى قفزات نمو كبيرة بالنسبة له.
ولفت إلى أن القرارات الخاصة بالإجراءات الاحترازية التى اتخذها البنك المركزى بتأجيل سداد القروض والرقابة المالية بتأجيل سداد الأقساط التأمينية كانت صائبة لعدة أسباب أبرزها أنها أوضحت مدى قدرة نشاط التأمين على مساندة عملائه، وقدرته على امتصاص الصدمات بطبيعته المتحملة للخطر بالرغم من أنها أثرت على تراجع الأقساط لفترة إلا أن لها مردودا آخر وهو زيادة الطلب على التأمين فى الفترة المقبلة خاصة الحياة والطبى.
وأضاف أن مدى التحول الرقمى هو الذى سيرسم مؤشر استهلاك العميل للتأمين، فعلى سبيل المثال الشركة التى لديها نظام إلكترونى متطور ولديها استثمار فى الكوادر البشرية بها، خاصة إدارة المبيعات عبر تطوير أدوات المنتج أو الوسيط ستنمو لديها حصيلة الأقساط التأمينية بشكل كبير والعكس صحيح.